شؤون اقليمية

بعد التحالف الاستراتيجي “الصيني-الروسي” .. رعب أميركي من مواجهة بكين وموسكو معًا !

متابعات / مركز تبيين للدراسات الستراتيجية

بعد زيارة الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، الأخيرة لـ”موسكو”، يبدو أن “الصين” و”روسيا” تستحضران التحالف المناهض للغرب، الذي طالما تخشاه “الولايات المتحدة”. وفي لحظة حرجة من العملية الروسية العسكرية في” أوكرانيا” وظهور “بكين”؛ كقوة عظمى، يمتد تأثيرها الآن إلى ما هو أبعد بكثير من “آسيا”، تُراقب “أميركا” بقلق شدّيد تطور العلاقات بين “موسكو” و”بكين”، وتُفكر بالأخطار المسّتقبلية، خاصة العسكرية لهذا التحالف.

وتخيل سيناريو اهتزاز العالم بالحرب من “الهاديء” حتى “الأطلسي”، بعد عام أو عامين أو ثلاثة من الآن، قد لا تكون مسّتبعدة؛ حيث لم تواجه “الولايات المتحدة”؛ خلال عقود، مثل هذه الاحتمالات من المواجهة العسكرية على المدى القريب في عدة مسّارح منفصلة، كما قال خبراء أميركيون من “معهد المشروع الأميركي لأبحاث السياسة العامة”؛ العام الماضي.

ويتحّد “شي” و”بوتين” بشأن أولوية جوهرية في السياسة الخارجية، وهي تقويض النظام العالمي الذي شاركت فيه “أميركا”؛ “الاتحاد السوفياتي”، بعد الحرب العالمية الثانية؛ قبل أن تنفرد به لاحقًا، ووجوب إعادة تشّكيله، وكسّر الهيمنة الأميركية على العالم. لكن إذا حدثت المواجهة، لماذا لا يمكن لـ”أميركا” مواجهة “روسيا” و”الصين” معًا ؟

رئيس أركان الجيش الأميركي: مواجهة “روسيا” و”الصين” معًا ستكون صعبة جدًا..

يقول رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش، الجنرال “مارك ميلي”، إن “الولايات المتحدة”: “يجب أن تبقى أقوى دولة على وجه الأرض إذا أريد للسلام أن يستمر بين الولايات المتحدة والصين وروسيا”، حسّب تعبيره.

وقال “ميلي”؛ إن “الولايات المتحدة” تواجه لأول مرة قوتين نوويتين رئيسيتين، تتنافس مصالحهما الأمنية الوطنية الحيوية مع “الولايات المتحدة”، ولدى كل من “الصين” و”روسيا” الوسائل لتهديد الأمن القومي لـ”الولايات المتحدة”.

لكن “ميلي” أشار، خلال جلسة استماع أمام “الكونغرس”؛ يوم الأربعاء 29 آذار/مارس، إلى أن الحرب مع “موسكو” و”بكين”: “ليست حتمّية”.

وقال إن خوض “الولايات المتحدة” حربًا مع “روسيا” و”الصين”؛ في وقتٍ واحد، سيكون صعبًا للغاية، مشيرًا إلى أن: “الصين وروسيا وإيران” ستكون مشكلة لـ”الولايات المتحدة”: “لسنوات عديدة مقبلة”؛ حيث تعمل البلدان الثلاثة بشكلٍ وثيق.

أزمة الذخيرة تُقلق “أميركا”..

في الوقت نفسه؛ يُحذّر رئيس هيئة الأركان من أنّه إذا اندلعت حرب بين “الولايات المتحدة” وأيّ قوة كبرى أخرى في العالم – مثل “روسيا” و”الصين” – فإنّ هذا النزاع سيسّتنفد مخزونات هائلة من الذخيرة، مشدّدًا على وجوب الاستعداد لمثل هذا السيناريو.

ومنذ بدأت القوات الروسية عمليتها العسكرية في “أوكرانيا”؛ في 24 شباط/فبراير 2022، أطلق الجيشان، الأوكراني والروسي، كميات هائلة من ذخائر المدفعية، ما أثار مخاوف بشأن الكميات المتوفرة لدى “الولايات المتحدة” بعدما زوّدت “واشنطن”؛ “كييف”، بكميات كبيرة من القذائف.

خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في “مجلس الشيوخ”؛ قال الجنرال “ميلي”، إنّ: “الدرس الكبير المسّتفاد من أوكرانيا هو معدّلات الاستهلاك الهائلة للذخائر التقليدية في ما هو فعليًا حرب إقليمية محدودة”.

وأضاف: “إذا حصلت حرب قوى عظمى بين الولايات المتحدة وروسيا أو بين الولايات المتحدة والصين، فستكون نسّب الاستهلاك هذه استثنائية”. وتابع: “أمامنا طريق طويل للتأكّد من أنّ مخزوناتنا ستكون جاهزة لحالات الطواريء الحقيقية”.

كيف تسّتفيد “روسيا” و”الصين” من استّنزاف “أميركا” في الحرب الأوكرانية ؟

يقول تقرير لشبكة (CNN) الأميركية؛ إنه لا يمكن لنزاع الاستنزاف المُرهق أن ينزف القوة البشرية العسكرية الأوكرانية فحسّب، بل يمكن أن يختبر أيضًا تصميم “الولايات المتحدة” والدول المتحالفة على مواصلة تمويل مقاومة “كييف”، وفتح هذا النوع من الانقسّامات السياسية الغربية بشأن الحرب التي ظهرت بالفعل في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للجمهوريين.

وإذا ظلت “واشنطن” مُلتزمة بشدة في “أوكرانيا” واستنّفدت مخزونها من الذخيرة والأسلحة، فقد تكون أقل تركيزًا على ما قد يكون صراعًا قادمًا محتملاً مع “الصين” في “آسيا”، وأن ما يحصل الآن: “من شأنه أن يُناسّب بكين على ما يرام”.

لكن “أميركا” ترى أنه في الوقت الذي يدعم فيه؛ “شي جين بينغ”، “بوتين”؛ دبلوماسيًا وعسكريًا، فإنه لا ينبغي على الغرب التراجع عن دعمه لـ”أوكرانيا” ماليًا وعسكريًا ودبلوماسيًا، وهذا موضع لا تُحسّد عليه “واشنطن”.

“كابوس جيوسياسي” لأميركا في آسيا..

يُحدد “جون كيربي”؛ منسّق “مجلس الأمن القومي” للاتصالات الاستراتيجية، المخاطر الاستراتيجية بالنسّبة لـ”الولايات المتحدة”؛ في مقابلة مع (سي. إن. إن)، بأن “الصين” و”روسيا” تُريدان تغيّير قواعد اللعبة في العالم، والحد من تأثيرنا في جميع أنحاء العالم، هم مستاؤون حقًا من هيمنة “الولايات المتحدة” والغرب فيما يتعلق بالكثير من الشؤون العالمية.

ولطالما شغلت فكرة التحالف الاستراتيجي بين “روسيا” و”الصين”؛ صانعي السياسة الأميركيين، وعملت “أميركا” منذ سبعينيات القرن الماضي؛ جزئيًا على تقسّيم “جمهورية الصين الشعبية” و”الاتحاد السوفياتي”. وبعد الحرب الباردة، كان يُنظر إلى “روسيا” على أنها أقل تهديدًا لـ”الولايات المتحدة”، حتى جاء “بوتين” وجعل العقدين الماضيين أصعب على “واشنطن”.

وكان الدبلوماسي “جورج كينان”، أحد أكثر مهندسي سياسة الحرب الباردة في “الولايات المتحدة”، وصاحب سياسة احتواء “الاتحاد السوفياتي”، قد حذر قبل وفاته من أن توسّع الـ (ناتو) في مناطق “الاتحاد السوفياتي” سابقًا ودول حلف (وارسو) السابقة، قد يدفع “روسيا” إلى أحضان “بكين”.

وفي يومياته؛ في 04 كانون ثان/يناير 1997، توقع “كينان” أن ترد “موسكو” كما لو كانت ضحية، وتُزيد عسّكرة مجتمعها ومحيطها و”تطور علاقات أوثق بكثير مع جيرانها في الشرق، ولا سيما إيران والصين، بهدف تشكيل قوة الكتلة العسكرية المعادية للغرب كثقل موازن لحلف شمال الأطلسي؛ الذي يضغط من أجل الهيمنة على العالم”.

واقتربت كل من “الصين” و”روسيا”؛ مؤخرًا، من “إيران” – العدو اللدود الآخر لـ”الولايات المتحدة”، وقد تتطور عسكريًا بشكلٍ سّريع لتشكل قوة مناوئة لـ”أميركا” والغرب في الشرق، وهو ما يمكن اعتباره أميركيًا كابوسًا استراتيجيًا في الشرق، قد يصعب السّيطرة عليه أو مواجهته بسّهولة مستقبلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى