تعني الطائفية بشكل عام، إعلان الفرد أو المجتمع أو الدولة الانتماء لطائفة معينة، تصريحاً أو تلميحاً. والطائفة تعني مجتمع المذهب وتنظيم الجماعة الإنسانية التي تنتمي الى المذهب، في حين أن المذهب هو عبارة عن عقائد وفقه، وليست جماعة بشرية، أي أن الطائفة ليس المذهب نفسه. وبذلك؛ فإن الشيعة طائفة والسنة طائفة والكاثوليك طائفة والارثذوكس طائفة، أما التشيع والتسنن والكاثوليكية والارثذوكسية فهي مذاهب وليست طوائف. والانتماء للمذهب هو انتماء تلقائي للطائفة، وهو انتماء طبيعي لا مفر منه، وقد ظل السنة والشيعة لقرون طويلة يصفون أنفسهم بالطائفة، كما كان الشيعة يطلقون على فقيهم الأكبر لقب شيخ الطائفة أو مرجع الطائفة الشيعية أو زعيم الطائفة الشيعية. إلّا أن هذا الانتماء الطبيعي التلقائي للطائفة، فيه وجهان سلبي وإيجابي، أي أن هناك طائفية سلبية وطائفية إيجابية.
تتمثل معايير الطائفية الإيجابية الفطرية الطبيعية، في حب ابن الطائفة لطائفته والولاء لعقيدتها المذهبية، وممارسة طقوسها الاجتماعية الدينية، والدفاع عنها وعن رموزها، والعمل على تقويتها ونمائها، وانتزاع حقوقها وحرياتها المذهبية والاجتماعية والسياسية، دون التعرض للطوائف الأخرى وسلبها حقوقها وحرياتها، بأي نحو كان، وصولاً الى التعايش الحقيقي والتعاون والتعاضد والتكافل مع أبناء الطوائف الأخرى في إطار الوطن الواحد والدولة الواحدة، من أجل بنائهما ونمائهما والدفاع عنهما. أي أن الطائفية الإيجابية هنا، تقود الطائفة الى التعامل الإيجابي البناء مع الطوائف الأُخر، من منطلق وحدة الدين ووحدة الوطن، وعلى قاعدة المساواة والتكافؤ في الحقوق والواجبات الدينية والسياسية والمدنية بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد.
أما الطائفية السلبية؛ فهي التعصب للطائفة بالباطل، على حساب الطوائف الأُخر وحقوقها وحرياتها المذهبية والاجتماعية والسياسية، وازدراء العقائد والطقوس الاجتماعية المذهبية للطوائف الأُخر، ومحاولة مصادرة الدولة وسلطتها لحساب الطائفة، وممارسة التمييز الطائفي ضد أبناء الطوائف الأُخر، بكل الوسائل غير المشروعة، بما في ذلك العنف والإرهاب.
وهناك فرق جوهري بين الطائفية والمذهبية؛ فالطائفي لا يشترط فيه أن يكون متديناً أو ملتزماً بعقائد الدين والمذهب، إنما هو ينتمي انتماءً وراثياً واجتماعياً وإنسانياً للطائفة ولمجتمع المذهب. أما المذهبي؛ فهو المتدين الملتزم بعقائد المذهب وعباداته الدينية. وفي هذا السياق؛ هناك طائفي غير مذهبي، لكنه متعصب طائفياً ويمارس الطائفية السلبية، وهناك مذهبي يمارس الطائفية الإيجابية، وهو حق طبيعي ومشروع.