ان تحقيق الهوية الوطنية في العراق، يبدو قضية اشكالية ومثيرة للجدل وهي قضية شائكة في كثير من جوانبها حيث يتحدد وجودنا التاريخي والجغرافي بالوجود الثقافي الذي يحدد خصوصياتنا الثقافية والاجتماعية والحضارية التي تدل على وجدونا وتعلقنا بالبلد الذي ننتمي اليه والتي تدل على هويتنا وانتمائنا له ايضاً، لكن هناك العديد من المشاكل التي باتت تهدد هذا الوجود في الوقت الذي اصبحت فيه المجتمعات الغربية تروج لثقافتها وعاداتها وانماط حياتها السلوكية التي تعد مناقضة تماماً مع ثقافتنا العراقية.
حيث بدأت المجتمعات الغربية تروج لثقافتها عبر وسائل تكنولوجية ووسائل الاتصال الحديثة التي اجتاحت العالم اليوم بواسطة القوة الناعمة, والذي اصبحت مثل السرطان الذي لا يمكن التخلص منه بأي طريقة كانت, حيث غزت العقول وسيطرت عليها سيطرة تامة وأصبحت تشكل خطراً كبيراً على هويتنا الثقافية، وبصريح العبارة من خلال ملاحظتي لكل ما يحدث اليوم في المجتمعات العربية كافة وليس المجتمع العراقي فقط, انه من الصعوبة التميز بين هوية الفرد العربي من جميع النواحي سواء العادات والتقاليد وحتى المظهر الخارجي وطريقة التفكير وطريقة الكلام اي بدأت الهوية العراقية تنقرض تدريجياً.
ان تأصيل الهوية يعد من اهم سبل تشكيل الشخصية العراقية، ومن هنا فان الحفاظ على الهوية العراقية وبالأخص في ظل الظروف والتحولات العالمية الكبيرة التي تمثلت في انتشار اللغات العالمية مقابل اللغات المحلية وكذلك القيم العالمية مقابل القيم المحلية التي تحدث الآن والتي يستوجب غرس وتنمية الشعور بالهوية لدى افراد المجتمع العراقي.
ومن هنا صارت التحديات تفرض نفسها على مجتمعنا واصبحت تتطلب بلورة رؤية خاصة نستطيع من خلالها التمسك والحفاظ على هويتنا العراقية ووجودنا وحضارتنا، وفي الوقت ذاته نشهد الانفتاح على العالم للإفادة من نتائج المعرفة بجميع اشكالها دون ان نفقد شيئاً من هويتنا الثقافية العراقية.
ان هذا الصراع الثقافي يستدعي تظافر الجهود من المثقفين المهتمين في هذا الشأن وكذلك الدور الحكومي بجانبيه التشريعي المعطل حالياً, عبر تشريع القوانين اللازمة لحجب و مواجهة تلك الثقافات الدخيلة على مجتمعنا, او عبر الجانب التنفيذي المتمثل بوزارة الثقافة والتي تعتبر الجهة المعنية في ذلك.