
ان المؤثرات التي من شانها ان ترفع او تخفض أسعار النفط العالمية من خلال زيادة الطلب على النفط كثيرة لكن أهمها هي (الاحداث السياسية العالمية واهمها الحروب وخصوصا في مناطق انتاج النفط وكذلك التطور العالمي في مجال الطاقة المتجددة وخصوصا في صناعة السيارات حيث ان استهلاك قطاع النقل بنسبة 38٪، وكان استهلاك قطاع الصناعة بنسبة 27٪ وقطاع المنازل بنسبة 21٪ وبالتالي يمثل الحجر الدائر الطلب على النفط.
ان المؤثر الأكبر وكما تم توضيحه انفا، وهو الاحداث السياسية ، نرى ان الوضع العالمي غير مستقر وان الحروب الواقعة ومنها الحرب الروسية الأوكرانية قد لا تنتهي قريبا وربما تتصاعد لان مؤشرات استمرار الحرب لازالت موجودة وهي استمرار تدفق المساعدات الأوروبية بمختلف أنواعها مستمرة الى اوكرانية ، كما ان العقوبات الامريكية الأخيرة على روسيا والتي فُرضت مؤخرًا في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2025، تستهدف بشكل أساسي قطاع الطاقة الروسي وشبكات الالتفاف العالمية، مع منح استثناءات لبعض الحلفاء وشملت :
• استهداف شركات النفط الكبرى: فرضت الولايات المتحدة عقوبات مباشرة على شركتي النفط الروسيتين الكبيرتين “روسنفت” و”لوك أويل”، بالإضافة إلى العشرات من الشركات التابعة لهما. وستدخل هذه العقوبات حيز التنفيذ الكامل في 21 نوفمبر 2025.
• تهديد بالعقوبات الثانوية: هددت وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات ثانوية على أي مؤسسات مالية أجنبية تتعامل مع الكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات، مما قد يؤثر على البنوك التي تسهل مبيعات النفط الروسي إلى دول مثل الصين والهند وتركيا.
• إعفاء المجر: في خطوة لافتة، منحت الولايات المتحدة المجر إعفاءً لمدة عام واحد من العقوبات المتعلقة بشراء النفط والغاز الروسي، بعد ضغط من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.
• استهداف شبكات التهرب من العقوبات: في وقت سابق من عام 2024، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على نحو 400 فرد وكيان (منها شركات في الهند والصين وسويسرا وتركيا) متهمة إياهم بتمكين روسيا من التهرب من العقوبات السابقة وشراء مواد عسكرية.
وهذا يعني التقليل من وصول النفط الروسي الى الأسواق العالمية (المستهلكين) وبمعنى اخر ان المعروض من النفط الخام سيقل وبالتالي قد يرفع أسعار النفط قليلا.
قرارات أوبك وتأثيرها :
قررت مجموعة “أوبك+” (التي تضم أعضاء أوبك وحلفاءها) التالي:
1- زيادة إنتاجها النفطي بشكل طفيف ومؤقت في شهر ديسمبر 2025، وافقت ثماني دول أعضاء في التحالف على تعديل طوعي للإنتاج بزيادة قدرها 137 ألف برميل يومياً اعتباراً من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
2- تعليق أي زيادات إضافية خلال الربع الأول من عام 2026، حيث اتفقت الدول على تجميد الزيادات في الإنتاج خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2026 لتجنب حدوث فائض في المعروض العالمي من النفط الخام
وبالتالي فان منظمة الدول للمنتجة للنفط والمتحالفين معها لا يوجد في خططها وعلى الأقل الخطط المعلنة زيادة كبيرة او تخفيض في المدة القادمة وبالتالي انها على اقل تقدير غير مؤثرة في حال عدم حصول حدث عالمي يستوجب تدخلها كما فعلت في أيام جائحة كورونا عندما قررت تخفض انتاجها.
المؤثر الثاني وهو كبير هو تقدم الصناعة في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة، وخصوصا وكما وضحنا سلفا في مجال صناعة السيارات (قطاع النقل) وما له من تأثير على معدل الطلب العالمي على النفط الخام حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يؤدي الانتشار المتسارع للمركبات الكهربائية إلى إزاحة حوالي 5.4 مليون برميل يومياً من الطلب العالمي على النفط بحلول عام 2030، وهذا يعني تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط الخام، وقد بدأ هذا التأثير يظهر في اقتصادات كبرى مثل الصين، حيث يواجه سعر خام برنت خطر الانخفاض بسبب ثبات الطلب على النفط في الصين نتيجة لنمو السيارات الكهربائية.
لكن رغم التوجه الكبير على نحو التسارع في اعتماد السيارات الكهربائية، إلا أن الطلب على النفط استمر في الارتفاع في الربع الثاني من عام 2024، مما يسلط الضوء على أن التحول الكامل بعيداً عن الوقود الأحفوري لا يزال يواجه تحديات ويستغرق وقتاً طويلاً.
وهذا يعني ان التهديد كبير ستواجهه الحكومة القادمة للأربع سنوات ولغاية عام 2030 من حيث ان الإيرادات النفطية ستقل لان الطلب العالمي سيتقلص أيضا للأسباب المذكورة أعلاه مع العرض ان العراق يعتمد في موازنته العامة الاتحادية وبشكل كبير وقد يصل بحدود 90 % على الإيرادات النفطية بسبب عدم تفعيل أي قطاع اخر غير النفطي، وبالتالي التحديات كثيرة فيما يخص النفطية واهمها:
1- مثلما قلنا ان الطلب يتجه نحو الانخفاض وقد تم توضيحه.
2- ان حجم التعيينات كبيرة جدا والتي للأسف تكون لا على أساس خطة يتم اعدادها من وزارة التخطيط بل تتم التعيينات لأغراض انتخابية فقط. وهذا تحدي كبير جدا لان الموازنة ستكون معظمها تشغيلية ، حيث ان حجم الرواتب شهريا هو 8 تريليون دينار عراقي.
3- الزيادة الكبيرة التي حصلت في مجال الرعاية الاجتماعية وهذا الامر فيه إيجابية وأخرى سلبية، الإيجابية هي إيصال مساعدة مالية لعوائل لا تملك وسيلة دخل للاسرة لكن السلبية هي ان هذا الامر مؤشر سلبي على الفشل الاقتصادي في ادخال هؤلاء في عمل (قطاع خاص او عام).
ومن خلال ما تقدم نلاحظ ان التحديات مصيرية قد تصل لحد العجز في دفع رواتب الموظفين وبالتالي نوصي الحكومة القادمة بالتالي:-
1 – ضرورة التركيز على الإصلاح الهيكلي وتنويع مصادر الدخل، للحد من الاعتماد على النفط ومواجهة التحديات المالية والاجتماعية.
أ – على سبيل المثال ، الاستثمار في الزراعة والصناعة والسياحة وأكرر (الاستثمار) أي ان الدولة لا تدفع أي دينار واحد من خزينتها وهي مطالبه فقط بتسهيل الإجراءات واستبعاد الفاسدين الذي يعرقلون الاستثمار بغية ابتزازهم لأخذ الرشوة.
ب – دعم القطاع الخاص: تقديم حوافز وتسهيلات لإنشاء وتشغيل المشاريع الخاصة، مما يخلق فرص عمل ويقلل الاعتماد على القطاع العام.
ج – وضع خطة للإصلاح وعلى اقل تقدير خطة رباعية (اربع سنوات) تراجع سنويا لتقييمها.
د – العمل على استغلال الإيرادات النفطية في تطور بقية القطاعات.
2 – إصلاح الرواتب والمعاشات: يمثل الإنفاق على الرواتب والمعاشات عبئًا كبيرًا على الموازنة، حيث يستهلك حوالي 60% منها. ويتم ذلك عبر:-
أ – إيقاف التعيينات التي تكون لأغراض انتخابية وتعيينات أخرى لأقارب المسؤولين خارج الضوابط والتعليمات.
ب – تنفيذ برامج تقاعد مبكر للراغبين، خاصة في القطاعات التي تعاني من فائض في الموظفين.
ج – تشجيع المشاريع الخاصة من خلال وضع برامج تشجع الشباب نحو القطاع الخاص.
د – تفعيل قانون العمل والضمان الاجتماعي من خلال الزام المحلات والشركات والمدارس الاهلية والجامعات الاهلية والمولات والمطاعم وغيرها بدفع ضريبة الدخل للعاملين معها لضمان حصول العاملين معهم على راتب تقاعدي لهم بعد اكمال المدة القانونية.
3 – ان الافة العظمى التي يعاني منها العراق هو الفساد بكل انواعه ولذلك قد يكون هذا الموضوع هو الأول والمقدم على بقية الاهتمامات الأخرى للحكومة القادمة وان نجاح او فشل أي حكومة يكون بما عملته في هذا المجال، ويكون بالتالي:-
أ – تعزيز الشفافية: يجب اتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة الفساد في جميع مؤسسات الدولة، وتعزيز الرقابة المالية وان يكون كل ايراد او مصروف في كل قطاعات الدولة ومؤسساتها منشور ومتاح للمواطن قبل غيرة لمعرفة كيف تتصرف الحكومة بأمواله.
ب – تطبيق القانون: تفعيل القوانين المتعلقة بالفساد، ومحاسبة المتورطين فيه، واسترجاع الأموال المنهوبة. وان اهم قانون او مبدا (من اين لك هذا) حيث ان المواطن البسيط يلاحظ ان الحارس او المرافق او الموظف الذي يعمل مع المسؤول ، يعاني من فرط بالتضخم المالي ناهيك عن المسؤول الذي يتباهى امام الكاميرات بقصرة وسياراته الفارهة دون أي حساب.
4 – تفعيل صندوق الأجيال او الصندوق السيادي يتمتع باستقلالية تامة عن الحكومة وله شخصية معنوية مستقله عن طريق تشريع خاص.
أ – تشريع قانون للصندوق: يجب أن يستند الصندوق إلى تشريع قانوني صريح يحدد أهدافه، آليات عمله، وهيكله التنظيمي لضمان عدم استغلاله.
ب – الاستقلالية والحوكمة: لابد من أن يتمتع الصندوق باستقلالية إدارية ومالية عن التدخلات السياسية، وأن يخضع لإشراف مجلس إدارة يضم كفاءات تكنوقراطية مختصة.
ج – الشفافية والرقابة: يجب وضع ضوابط واضحة للرقابة المالية والإفصاح عن المعلومات، مع مراجعات دورية لضمان عدم وجود فساد
د – إيرادات النفط: يمكن تخصيص نسبة ثابتة من إيرادات النفط لصالح الصندوق، خاصة في أوقات ارتفاع الأسعار، كآلية للتحوط ضد تقلبات السوق.
هـ – يجب أن يحدد الصندوق بوضوح الأولويات الاستثمارية، مثل التركيز على مشاريع البنية التحتية، قطاع الصناعة، اجبار الشركات الاستثمارية العاملة في النفط على الاقتراض من الصندوق السيادي بدل البنوك العالمية الأخرى.
و – ان تكون من صلاحية الصندوق هو الاستثمار الداخلي وكما وضحنا ذلك وكذلك الخارجي في الأسواق العالمية لتقليل المخاطر وزيادة العوائد، مع التركيز على استثمارات طويلة الأجل.
ز – له الامكانية للشراكة مع القطاع الخاص والعام وذلك لتعزيز النمو الاقتصادي في العراق.




