
هل من إحتواء أم أن الإنفجار قادم من بيروت إلى طهران
.يعيش الشرق الأوسط خريفاً شديد التوتر، حيث تتقاطع خطوط النار من بيروت إلى طهران، ومن البادية السورية إلى البحر الكاريبي. المشهد معقّد، لكنه يدور حول سؤال واحد: هل يبقى التوتر مضبوطاً تحت سقف الحرب المحدودة، أم أنه سينفجر على نحوٍ لا يمكن التحكم به؟
نبدأ من لبنان والكيان الغاصب حيث الجبهة مشتعلة من طرف واحد وليست تحت السيطرة؟!
في لبنان، يعود النقاش حول سلاح حزب الله إلى الواجهة، وسط رفض قاطع من الحزب لأي تسوية تُقيد قدراته العسكرية. في الوقت التي رفعت إسرائيل من مستوى الجاهزية عبر تعزيز قدرات الرصد وإطلاق أقمار استطلاعية جديدة. النتيجة حتى الآن هي استمرار تل أبيب في إرسال الرسائل النارية الى حزب الله عبر ضربات محدودة، ودراسة ردود محسوبة، وإسرائيل تفكر في القيام باغتيالات موضعية، لكنها خائفه من أي حادث خارج المألوف يتسبب بسقوط ضحايا مدنيين بأعداد كبيرة أو استهداف قيادات بارز ة مجدداً قد يدفع الجبهة إلى انفجار واسع. ورغم ذلك، يبقى الاحتمال الأكبر أن تستمر الرسائل الغير مضبوطة ضمن إطار “الردع المتبادل”، خاصة أن الحرب الشاملة لا تخدم أيّاً من الطرفين في هذه المرحلة.
أما على جبهة إيران، إسرائيل، وواشنطن ولعبة الردع الصاروخي والنووي؟ فإن جولات الضربات المتبادلة في الصيف أكدت حصول حرب شاملة بين إسرائيل وإيران، لأن العلاقة بين طهران وتل أبيب وواشنطن عادت إلى مزيج معقد من التصعيد وعدم الاحتواء.
.فتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول مستويات التخصيب الإيرانية أثارت قلقاً إسرائيلياً، بينما أبقت الولايات المتحدة قواتها وحاملاتها على أهبة الاستعداد في الخليج وشرق المتوسط. إلا أنّ حرباً إقليمية واسعة تبدو غير مرجحة. فجميع الأطراف يدركون أن الكلفة ستكون هائلة، لكن الأقرب إلى الواقع هو استمرار “حرب الظل”: هجمات سيبرانية، ضربات بحرية محدودة، وتصعيد قصير يمكن احتواؤه بسرعة.
أما على جبهة العراق وسوريا إن الذي جرى هذه الليلة ولا زال مستمراً يؤكد بقاء الحدود على تماسّ دائم بين البلدين؟ فعلى الحدود السورية العراقية، يواصل “الحشد الشعبي” تعزيز وجوده لمواجهة بقايا التنظيمات المتشددة، فيما تبقى طرق الإمداد هدفاً دائماً لهجمات جوية أو طائرات مسيّرة. هذه الساحة مرشحة لمزيد من الاشتباكات الصغيرة، لكنها لن تتحول إلى مواجهة استراتيجية كبرى إلا إذا توسعت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية بشكل غير مسبوق،
في موازاة ما يحصل في الشرق الأوسط فإن الذي يجري بين واشنطن وفنزويلا،،، هو استنزاف على جبهة جانبية حيث تتحرك الولايات المتحدة عسكرياً قرب فنزويلا، ونفذت ضربات بحرية محدودة ضد قوارب متهمة بالتهريب!!! هذه التطورات تبدو بعيدة جغرافياً، لكنها تستهلك جزءاً من انتباه واشنطن وقدرتها على التركيز الكامل على الشرق الأوسط، الأمر الذي يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى قراراتها.
في إسرائيل حسابات نتنياهو الداخلية مختلفه، حيث يجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه في مأزق داخلي. ناتج عن ضغوط قضائية، واحتجاجات، وانقسامات سياسية متزايدة تجعله ميالاً إلى خطوات عسكرية محسوبة تعزز صورة الردع. لكنه في الوقت نفسه يتجنب الحرب الكبرى التي قد تضع حكومته واقتصاد بلاده على المحك.
ما هي السيناريوهات المتوقعه حتى مطلع 2026 حسب تقديري؟
استمرار الاشتباكات المضبوطة في لبنان والتوتر النووي مع إيران ضمن حدود “حرب الظل”.
تصعيد قصير (باحتمال متوسط) اندلاع
.جولة ضربة بضربة تستمر لأيام أو أسابيع في حال وقوع حدث مفصلي كإغتيال أو هجوم على بنية استراتيجية في إيران.
.حصول تهدئة مشروطة ( وهذا احتمال ضعيف) أو إجراء صفقة أوسع تشمل لبنان وإيران، برعاية أميركية أوروبية عربية، تقود إلى هدنة طويلة وترتيبات اقتصادية وأمنية جديدة.
إذاً الشرق الأوسط يقف على خط تماس دقيق: اشتباكات مستمرة لكن مضبوطة، رسائل نارية بلا حرب شاملة، وردع متبادل يحاول كل طرف أن يحافظ على ميزانه دون الانزلاق إلى المجهول. من بيروت إلى طهران، ومن حدود العراق إلى مياه الخليج، يبدو الخريف الحالي مرشحاً لأن يكون مرحلة “التوتر المضبوط”. لكن التاريخ في هذه المنطقة علّم العالم أن حادثاً واحداً قد يكسر السقف، ويحوّل السيطرة إلى انفجار.