إخبارية ثقافية عن شفقنا- قبل ايام نشرت صحيفة “شارلي ايبدو” الفرنسية الساخرة، رسوما مهينة لايران، الامر الذي اثار ازمة دبلوماسية بين طهران وباريس، والتي اخذت تتسع، لاسيما بعد ان اعتبر الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، ما اقدمت عليه الصحيفة الفرنسية يندرج في مجال “حرية التعبير”، وهي حرية لا يمكن للحكومة ان تقيدها.
من نافلة القول، ان الصحافة الحرة هي من اهم اركان الدول المتحضرة والتي تسعى لخدمة مواطنيها ومجتمعاتها، فمثل هذه الصحافة تكشف عن نقاط القوة والضعف في المجتمع والانظمة السياسية والاقتصادية في البلد، فالصحافة الحرة تكون عادة عونا للحكومات الساعية حقا لخدمة شعوبها، وحرية التعبير هي الاوكسجين التي تمد الصحافة بالحياة، وبدونها تتحول الصحافة الى بوق لخدمة الانظمة الدكتاتورية والفاسدة.
نحن في الشرق عادة ما نغبط الغربيين على صحافتهم الحرة وعلى حرية التعبير التي تتمع بها صحافتهم، فهم ينتقدون حتى رؤساء دولهم وكبار سياسييهم وعسكرييهم ، من دون خوف ولا وجل، ولا قلق من المطاردة، او السجن، او الطرد من الوظيفة.
لكن هل حقا ان حرية التعبير موجودة في الغرب، بالشكل الذي نتصوره نحن، بمعنى ان لا خطوط حمراء يمكن ان تحد من حرية التعبير التي تتمتع بها الصحافة الغربية؟.من المؤكد ، ان مثل هذه الحرية، كما نتصورها نحن، وكما يزعم الغرب وجودها لديه، ليست موجودة في الحقيقة، وهذا النفي ليس نابعا من تعصب او تجني على الغرب، بل هو مبني على تجربة تاريخية، يمكن الوقوف امامها وتلمسها.
فرنسا التي ترفع لواء حرية التعبير، وهي حرية منفلتة، لا تعترف بإي شيء مقدس، فهي تتهجم على الله والانبياء والكتب المقدسة والرموز الدينية والوطنية للشعوب، كما تجسد ذلك صحيفة “شارلي ايبدو”، التي نشرت عام 2015 رسوما مسيئة للنبي صلى الله عليه واله وسلم. فرنسا هذه تتحول الى اسوء من الانظمة الاستبدادية، عندما يتعلق الامر باسرائيل او بالمحرقة التي ارتكبتها النازية ضد اليهود ، فإي صحفي ، حاول ان يوجه نقدا لاسرائيل او يشكك في عدد قتلى المحرقة، سيكون مصيره السجن و الطرد، وهذا ما حدث للفيلسوف الفرنسي الكبير روجيه غاردوي.
فرنسا التي تدعي الدفاع عن الحرية وحقوق الانسان، تتحول الى دولة ديكتاتورية، عندما تفرض على التلميذات والطالبات والموظفات والعاملات في المدارس والجامعات والدوائر والمعامل، نوعية الثياب التي يجب أن يرتدين، وكل من تخالف ذلك فان مصيره الطرد.
فرنسا ، صاحبة التاريخ الاستعماري الدموي، والتي ازهقت ارواح الملايين من البشر في مستعمراتها، واجرت تجارب نووية فيها، مازالت ترفض تقديم اعتذار لضحاياها حتى اليوم، ولا يحق للصحافة الفرنسية ان تنتقد هذا التاريخ.
هذا هو حال جميع الدول الغربية دون استثناء، فقبل ايام حرمت “جامعة هارفارد” الرئيس التنفيذي السابق لمنظمة “رايتس ووتش” كينيث روث، من الحصول على زمالة في الجامعة، بسبب تقارير المنظمة التي تحدثت عن انتهاك اسرائيل لحقوق الانسان في فلسطين المحتلة، فالرجل اتهم بانه “يتحيز ضد إسرائيل”.
ترى اين هي حرية التعبير في الغرب اذا؟، من الواضح ان حرية التعبير، كما يفهمها الغرب، هو حرية تعبيره هو، ويرفض ان يعبر الاخرون عن رأي لا يرتضيه هو، فحرية التعبير في الغرب، هي ان تتهجم “شارلي ايبدو” على مقدسات الشعوب، وكن يحق لها تنتقد اسرائيل.
المصدر : مركز الإسلام الأصيل