لقد تعرضت بغداد لخطر لا مثيل له منذ سقوطها على يد المغول عام 1258. فقد كان داعش عام 2014 على أطراف المدينة. الجيش انكسر والجنود المهزومون كانوا يعودون الى بيوتهم عبر كردستان بالدشاديش.
أبو محمد العدناني كان واضحا فقد أعلن بيوم “الفتح” انشقاق البلاد طائفيا وإنه سيتحرك لهدم “النجف الأشرك وكربلاء المنجسة” أما “الخليفة” أبو بكر البغدادي فقد كان يقول “إن الروافض أمةٌ مخذولة” وهو سيصل الى البصرة “وإن البصرة بصرتنا”
صديق من الناصرية قال إن ابنتي تسألني ماذا سيحدث لها وهل سيبيعونها في السوق؟ وهل سيحتفظ بها مالكها أم سيبيعها من جديد؟ لماذا نحن شيعة يا أبي؟
لم تكن هناك ذرة ثقة بالجيش فقد قام الدواعش بعد عام كامل باحتلال الرمادي بعد الموصل وصاروا يسيطرون على ثلث مساحة العراق. بثوا الرعب في النفوس ونشروا تسجيلا لمجزرة سبايكر.
1700 شاب منتسب للقوة الجوية تم إعدامهم على دكة دجلة في محافظة صلاح الدين. شباب بعمر الزهور يذبحون بلا ضمير “رصاصة بالرأس ودفعة الى دجلة” حتى صارت الدكة لزجة وتسمع صوت الجزم تلتصق بالدم وتتقدم نحو الضحية الجديدة.
شاهدت فتى يائسا يريد أن ينجو ولا نجاة لا تذبحوني “أنا سني” فطلبوا منه الصلاة فأخطأ وصلى صلاة الشيعة فوضعوا رصاصة برأسه.
لماذا يستعينون بسليماني؟
طائفة مسالمة طيبة معظمهم مزارعون عاطفيون. هذا النوع من القسوة المفرطة لا يفهمونه.قساة الى درجة أنهم لا يحزنون حتى على أنفسهم. يضحكون “ها ها ها ها” مع البشير شو على أنقاض الموصل.
لا يستطيع الشيعة التعامل مع هذا النوع من القسوة. اكبر من طاقتهم. يحتاجون الى سليماني وخبراء ايران. لأن فيها خبرات ادارية عظيمة وتعرف التعامل مع خطر مخيف كهذا.
إن الجيش الذي ينكسر تباعا في الموصل والرمادي لماذا لا ينكسر ببغداد؟ في تلك اللحظة الصعبة قدم السيد السيستاني الفتوى والجنرال سليماني قام بتفاصيل السلاح والمعسكرات والتدريب والقيادة، وتأمين العتاد وحركة الغذاء والمؤونة.
تأخرت اميركا عمدا بالتدخل، ورفضت السعودية طلب الوزير جون كيري “وزير الخارجية الأميركي الأسبق” بإرسال قوات برية لحماية العراق من داعش وأعلن الوزير ذلك بجلسة استجواب في الكونغرس. بالمقابل تدفق السلاح الايراني الى العراق فورا.
هذا الحدث عام 2014 وليس قبل الهجرة ولا قبل الميلاد.
في الأيام السود الحاسمة من تاريخ العراق لم يكن هناك سوى سليماني بعد أن انهارت الثقة بالجيش المهزوم أمام عدو مرعب ودموي.
كان منظر الجنرال سليماني على الجبهات وهو معفر بالتراب يبعث في العراقيين الأمل. العجائز الخائفات في كربلاء كن يدعُنَّ له بأيد مفتوحة بالحناء، بنات المدارس ببغداد كن ينمن بطمأنينة وهن يَرَين ابتسامته بين المتطوعين، الفتيات الخائفات من البيع في النجف كن يرفعن رؤوسهن وترتفع مهورهن بهذا المحارب العلوي الأسطوري :
“يَرْقَى الجبالَ مَصَاعِبَاً تَرْقَـى بـهِ
ويَعَافُ للمُتَحَدِّرينَ سُهولا”