المستشفيات الحكومية وسماسرة الطب، بين البائع والشارى دماء ممصوصة وجيوب منهوبة.!!
غيث العبيدي ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الاستراتيجية في البصرة.

قبل أكثر من شهر من تاريخ اليوم، مما يعني العودة إلى الوراء 30 يوماً، التاريخ الذي تعرضت فيه لحادث عرضي غير متوقع، أدى إلى إصابة بليغة في اليد، نقلت على أثرها فوراً إلى إحدى مستشفيات البصرة الحكومية، وبعد جمهرة البعض من كادر قسم الطوارئ لكوني من الحالات العاجلة، كنت اتوقع بأني أخضع لرقابة صارمة، أو طريقة مبالغ فيها بالرعاية الصحية، أو لربما هذه هي طريقتهم الشائعة للإهتمام بالمرضى.
البعض يصور الاصابة، والبعض الآخر يجري مكالمات هاتفية، والبعض يهمس في أذن بعض، إلى تقدم نحوي أحدهم وعلى مايبدوا كبيرهم، أو المسؤول فيهم، هكذا يبدوا، وأخبرني شخصياً لأني من ساعة الحادث حتى وصولي للمستشفى، أتمتع بكامل وعيي، لكون الجرح في يدي فقط دون سائر جسمي، فأخبرني بأنه لا يوجد دكتور اختصاص حالياً، وغداً الخميس عطلة رسمية أعلنها المحافظ لإرتفاع درجات الحرارة، ثم الجمعة والسبت عطلة رغم انف الجميع، فما عليك إلا الانتظار إلى يوم الاحد، وكأنه أراد أن يقول لي.. هل تمتلك القدرة على الأستمرار مع وضعك هذا بالرغم من وجود هذا الكم الهائل من الالم، أو تتحرر من عذابك الأن في مكان آخر ”المستشفيات الأهلية“
حينها فهمت أن كل تلك الجلبة والجمهرة والتصوير والمكالمات والهامس والمهموس ليست رعاية ولا علاقة لها بالاهتمام، بل هي عبارة عن سمسرة طبية بطرق إحتيالية غير قانونية، لبيع المرضى وأصحاب الحوادث بين كوادر اقسام الطوارئ في أغلب المستشفيات الحكومية، وبين الأطباء الذين يعملون في المستشفيات الأهلية، ضد رغبات المرضى، ويتصرفون بشكل مستقل عن المؤسسات الطبية، مما يجعلونك تستشعر بأن المستشفيات لديها فائض لمثل هكذا عمليات ولا وقت لديهم للأهتمام بالمرضى والمصابين، وتأكدت من ذلك بعد أن أقبل علي أكثر من طبيب أختصاص يعملون في مشافي أهليه مختلفة من الذين تلقوا الصور والاتصالات، وبفعل تأثيرات مصاصي الدماء وناهبي الجيوب ”سماسرة الطب“ دخلت لمشفى حكومي وخرجت من أخر أهلي، وكتب الله للجميع تمام الصحة ودوام العافية.