الخبر الابيض .. توسع الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية وانعكاساتها المستقبلية على الحضارة الغربية المعاصرة !!
غيث العبيدي !! ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الستراتيجية في البصرة
توسعت عدوى المظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية ، لتشمل الأراضي الأمريكية طولا وعرضا ، المنددة بالحرب الإسرائيلية على غزة ، واشتدت التوترات بين الطلبة المحتجين وبين الشرطة الأمريكية ، وبالرغم من سلمية تلك التظاهرات الا أنها شهدت اشتباكات واعتقالات للكثير من الأساتذة الجامعيين والطلبة المحتجين•
فيا ترى ماذا يريد المتظاهرون ؟
بالرغم من أن مطالب المتظاهرين تختلف من جامعة لأخرى ومن حرم لاخر إلا أن الجميع اتفقوا على ما يلي …
1 . وقف الحرب التي تشنها اسرائيل على غزة •
2 . قطع الاستثمارات المالية الداعمة للجهد العسكري الاسرائيلي والذي استفادت منه اسرائيل كثيرا في هذه الحرب •
3 . قطع العلاقات الأكاديمية بين الجامعات الأمريكية والجامعات الإسرائيلية •
4 . فيما ذهبت بعض المطالب إلى قطع العلاقات بشكل نهائي مع إسرائيل •
اختلفت اراء وتنبؤات المحللين والأكاديميين وكل من كتب حول تلك المظاهرات ، فبعضهم ذهب مع انها زوبعة فنجان وحماسة مؤقته للشباب ، فيما قال البعض الآخر أنها ستطول وتتوسع حتى تتحقق مطالب المتظاهرين •
الإشارات الملتقطة من خلال متابعة المظاهرات ومراقبة مطالبهم ، توحي بأن الانظمة السياسية في الولايات الامريكية ، ورئاسة الجامعات ، ليس بمقدورهم تحقيقها لأسباب تتعلق بأوضاع اكبر من كلاهما كثيرا !! فأما أن تذعن لمطالب المتظاهرين المؤيدين لفلسطين ، أو تدعم تدمير اسرائيل ، فمن هو الفارس السياسي وحامي الضغائن الاكاديمي الذي يستطيع تحقيقها !! فأحلى الخيارين مر وغير مخصص لا للمضغ ولا للغرغرة •
إذا الأمر يتطلب توسيع دائرة الضوء ، وتضمين الأفكار والتصورات التى ضربت الحضارة الغربية المعاصرة ، والانعكاسات المستقبلية المترتبة عليها ، ورسم المؤشرات والحركات وتحديد بعض معالمها ، والى أي مدى ستذهب ، وفي اي حقلا ستصب •
مسيرة الحضارة الغربية المعاصرة عاشت أزمات كثيرة ، بعضها مؤثر وبعضها تجذر ، ليست مرحلية ولا حلول بالأفق ، ويمكن أن نقول إن مايحدث حاليا في الغرب وفي أمريكا بالاخص ، تشخيص للعلل ومحاولة لإنقاذها من أجواء الكوارث والأزمات السياسية والنفسية والبيئية والمجتمعية ، ويمكن أن نطلق عليها حركات تجديدية ، علما أن هناك تحالفات طلابية مستقلة ، تعمل على استنهاض الهمم لإنقاذ مايمكن إنقاذه ، تحديدا بعد صدور الكثير من الارهاصات المبشرة بنهاية العالم •
الحداثة والعلم والتطور التكنولوجي المثير للدهشة ، وما رافقه من نقل سريع للخبر والصوت والصورة ، أكد للمجتمعات الغربية وبما لا يقبل الشك أمرين لا ثالث لهما ..
الاول ..امريكا والغرب بصورة عامة ليست كما أوهمتهم بها الروايات والكتب والأحداث وثقاتها الاوائل ، بأنها الإمبراطورية الطيبة الوحيدة بالعالم ، بل إنها ظاهرة مرضية فتكت بالمجتمعات الإنسانية الغربية والشرقية على حد سواء •
الثاني .. الشرق هو النمط المادي الاستهلاكي للارواح البشرية والسلع الاستهلاكية وأنه المكان الوحيد الذين يصدرون له الحروب والموت والابادات الجماعية ، وان الحضارة الغربية المرتكزة على هكذا استهلاك قابلة للزوال •
وفي هذا السياق فإن هالات الهلع وفق ماحدث وسيحدث حتما ، دعت الأوساط الفكرية والثقافية والمتمايز عليهم ، وردات الفعل العنيفة لدى النخب الفكرية التي ستحدث لاحقا جراء الوقوف الحقيقي على البقع السوداء في حضارتهم المعاصرة ، سيرجح كفة من ولد التاريخ على أيديهم ( الشرقيون ) ، أو على أقل تقدير ستتوازن مع كفة من نضج التاريخ على أيديهم ( الغربيون ) وقد تكون موازنة الحضارة الغربية القادمة موازنة قلقة للغاية ، تماما كرجل واقف في قارب والبحر هائج ، فإما أن يسقط فتأكله وحوش البحر ، او يجلس ويحمد الرب على نعمة السلامة •