خطاب نصر الله : لنْ ندعْ اسرائيل تنتصر . ماهي الدلالات ؟
السفير الدكتور جواد الهنداوي
كان سيد المقاومة في خطابه ،كعادته ، واضحاً و صريحاً وصادقاً . بدّدَ الغموض الذي أحاطَ بعملية طوفان الاقصى ، و دحضَ الاجتهادات و التفسيرات التي قيلتْ و كُتِبتْ في متبنياتها ، و أكّدَ على هويتها الفلسطينية ،بل الحمساويّة ( نسبة الى حماس ) ، وذكّرَ الجميع بأسباب الطوفان ! و ماقاله السيد هي شهادات للتاريخ و ذات ابعاد سياسية و قانونيّة .
أقولُ بأنَّ قلق و حيرة امريكا و اسرائيل اصبحا اكثر بعد سماعهما لخطاب السيد .لماذا ؟
ليس لاستخفاف السيد بتواجد الاساطيل البحرية و الجوية الامريكية و الغربية ! وليس لاستعداد الحزب لحرب طويلة و ثقته بالانتصار ! و انّما لما في الخطاب من مواقف و ابعاد استراتيجية .
لنتعرّف على الابعاد الاستراتيجية للخطاب .
أولاً : لم يعّرْ السيد في خطابه اهتمام لمواقف الدول العربية وغيرها ،ولم يأمل خيراً من المنظمات الاممية و الدولية و الاقليمية ، و انّما استدار تجاه الشعوب العربية او الشعب العربي في كل الاوطان ، وتجاه الرأي العام الدولي ، وتجاه حركات و فصائل المقاومة في العراق واليمن ولبنان وسوريّة . أرادَ السيد ان يوصل رسائل للجميع مفادها ،بأنَّ قضّية فلسطين لم تعّدْ قضيّة الامم المتحدة او الدول العربية ، وانما قضية حركات و فصائل المقاومة ، وقضية الشعوب العربية . قال السيد ،للذين يجيدون قراءة ما بين السطور ،بأنَّ شعب فلسطين و غّزة ، وفصائل و حركات و محور المقاومة هّمْ الذين يتحكمون بمصير فلسطين !
ثانياً : لم يجنحْ السيد في خطابه الى المهادنة و السلم ، ولم يعلنْ الحرب ، وتركَ الابواب مفتوحة للمنازلة ، وتوقيتها ( توقيت المنازلة ) ، وحسم أمرها مرتبطٌ بما يجري في غزّة ، وترك رسالة واضحة جداً مضمونها وهو ” لن ندعْ اسرائيل تنتصر” !
هذا هو مضمون الخطاب ، وهو التزام لمحور المقاومة ،صُرّحَ به على لسان السيد حسن نصر الله ، وهذا المضمون او الالتزام يعني وجود تنسيق وتواصل يومي فاعل و مؤثر بين قيادة حزب الله وغزّة !
” لن ندع اسرائيل تنتصر ” يعني باستعداد حزب الله الذهاب ابعد في المعركة مع العدو في شمال فلسطين ،حين تطلبُ منه المقاومة في غزّة ذلك .
ثالثاً: خاطبَ السيد امريكا و اعتبرها مسؤولة عن المجازر البشعة التي ترتكبها إسرائيل ، وهو مُحقْ جداً في ذلك . و اشادته بانخراط المقاومة في اليمن و في العراق وفي سوريّة ضد القواعد الامريكية تعني الرّدْ المناسب لجرائم الابادة التي تُرتَكبْ بحق الابرياء من المدنيين .
رابعاً: عملياً ،حزب الله و فصائل المقاومة في حرب مع اسرائيل و امريكا ، و وتيرة هذه الحرب تزداد باضطراد ، و مرهونة بتطورات القتال البري في غزّة ، لن تكْ ضرورة و لا فائدة من أنْ يعلن السيد في خطابه ، الحرب على اسرائيل .
أطّنُ بأنَّ قلق امريكا و اسرائيل اصبح ،بعد خطاب السيد ،اكثر مما كان قبلهِ .