شؤون اقليمية

سمو أو انحطاط

بقلم : عبدالملك سام

 

جماعة “داعش” الأمريكية تهاجم مواقع للجيش السوري وحزب الله في سوريا نصرة للقضية “الإسرائيلية”، فيما مرتزقة السعودية والإمارات في اليمن يهاجمون مواقع للجيش اليمني في الحديدة دفاعا عن “إسرائيل”!! أظن الصورة باتت أكثر وضوحا لنا جميعا، ولم يعد هناك شك في حقيقة المواقف.. إيمان صريح، وكفر صريح.. فما موقع كل واحد منا من هذين الطرفين؟!

 

هذا الذي يحدث هو بعض نتائج عملية (طوفان الأقصى) وما جرى بعدها من الأحداث، فالله هو القادر على نصر عباده المؤمنين، ولكن شاءت إرادته وسننه ألا يصل جنوده إلى مرحلة النصر إلا بعد إجراء الغربلة ليمتاز ويبين الخبيث من الطيب، وبهذا تقوم الحجة فلا يضل من ضل إلا عن بينة، ولا تبقى للضالين حجة عندما يجتمع الناس في يوم الحساب تمهيدا للقصاص.

 

لا حجة لأحد أن يقول بعد هذا بأنه لم يكن يعلم، أو أن الأمور اختلطت عليه بعد هذه الشواهد الواضحة، أليس كذلك؟! ألم نشاهد المظاهرات المنددة بالجرائم الصهيونية تخرج في العالم كله إلا في بعض الدول العربية التي تحكمها أنظمة عميلة وخائنة؟! ولا عذر للشعوب العربية التي ستعتذر بالقمع لأن بعض المظاهرات قد خرجت في ظل قوانين أصدرتها حكوماتها تجرم مناصرة فلسطين كما حدث في فرنسا والمانيا، ولكن أستطاع المتظاهرون أن يفرضوا على هذه الحكومات تعديل هذه القوانين بقوة موقف الحق.

 

ماذا عن المقاطعة الإقتصادية؟! لا تقولوا لي بأن أنظمة العمالة أستطاعت أن تفرض على مواطنيها شراء السلع الأمريكية و”الإسرائيلية” التي تدعم المجرمين بالقوة، أو أنها كلفت شرطيا يرافق كل مواطن للسوق لمعرفة ماذا يشتري بماله؟! اقتصاد مصر ومصانعها وشركاتها – مثلا – أنتعشت بسبب مقاطعة الناس للسلع التي تدعم كيان العدو والاقبال على المنتجات المحلية! فعلى الأقل هذا نشاط بسيط تمارسه بحرية يعتبر من ضمن موقفك مع الحق الذي ستسأل عنه بصفتك إنسان وعربي ومسلم، وفي نفس الوقت أنت بهذا تدعم أقتصاد بلدك! موقف شريف ومحق لا لبس فيه.

 

قضية فلسطين – كما قلنا سابقا – خافضة رافعة، وكما سترفع أشخاص شرفاء وتخفض آخرين إلى أحط مستوى، فإنها سترفع شعوبا وتخفض شعوبا أخرى.. هناك شعوب ستعاني أكثر من معاناة غزة مستقبلا، ولن تجد هذه الشعوب من ينصرها لأنها خذلت فلسطين وهي تستطيع أن تقف موقفا يشرفها في الدنيا والآخرة! وإلا قولوا لي ماذا حدث للشعوب العربية مثلا حين تفرجت وسكتت يوم تم غزو الكويت، وما تبع ذلك بعدها من غزو وأحتلال للعراق؟!

 

هذا مثل قريب فقط من عشرات الأمثلة الواضحة كانت نتائجها علينا المزيد من الأزمات والحروب والمصائب، ولا يزال الدرس محتاجا لمن يتعلم منه! فإلى متى؟! فإذا أردنا أن يتركنا الأعداء في حالنا، وأن يقل الفقر والجهل والمرض في بلداننا، وأن نتخلص من الأزمات والغلاء والصراعات، فيجب علينا أن نترك مقاعد المتفرجين الخرس، وأن يكون لنا موقف مشرف أمام شعوبنا وأبنائنا وأنفسنا، وبالطبع أمام الله بالدرجة الأولى.. لننجو.. لنسعد.. لنحيا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى