العالم يتجه نحو ظهور قطب عالمي جديد بدل العالم الذي تشكل بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وهو عالم احادي القطب بزعامة الولايات المتحدة الامريكية والذي تمادى كثيرا في عجرفته وقسم العالم بين مؤيد له وصديق وبين اخر عدو له وهذا ظهر جليا بعد احداث 11 أيلول سبتمبر (استهداف أبراج التجارة العالمية عام 2001) فأصبحت تفرض العقوبات خارج مجلس الامن من قبلها ومن خلفها الدول التابعة لها واولهم دول حلف الشمال الأطلسي (الناتو) مثل الحصار والعقوبات على الجمهورية الإسلامية في ايران وعلى روسيا والصين وشخصيات من ابنان وهكذا، تتصرف وكان العالم لعبة بين ايديها.
لم تكتفي بذلك بل ذهبت الى اكثر من العقوبات فاحتلت دول دون تفويض من مجلس الامن مثل احتلال أفغانستان واحتلال العراق عام 2003 وكذلك تقوم بضربات في عمق دول أخرى بتفويض من قانون اقرته هي وكان بقية الدول هي ولايات تابعة لها مثل قانون (AUMF) بحجة تهديد الامن القومي الأمريكي.
هذه السياسة الأحادية القطبية انتجت الكثير من الدول التي تعرضت للعقوبات الامريكية مما جعلها تتجمع فيما بينها للتخلص او تخفيف تلك العقوبات ومنها ايران وكوريا وروسيا والصين وفنزويلا وغيرهم من الدول، التي تجمعت في تجمعات باسما مختلفة منها منظمة شانغهاي وتجمع بريكس، وغيرها من التجمعات.
ان العداء الغربي له دور في تشكيل تلك التجمعات فكلما زادت عقوباته، كلما كان التجمع اكثر سرعه واكثر تماسكا من الدول الأخرى، تلك التجمعات ماضية في تشكيل قطب عالمي موازي للقطب الغربي بزعامة أمريكا وحلف الناتو والمؤسسات التي تحكم العالم تحت مظلة الأمم المتحدة لكن تحت سيطرة أمريكا.
ان اهم حدث سارع وبشكل كبير في تعجيل ظهور القطب العالمي الثاني هي الحرب والاحداث الأوكرانية وحجم العقوبات الكبيرة الموجهة ضد روسيا ومنها التي طالت قطاعي المال والطاقة والتي اضطرتها الى استخدام البدائل مثل ترك نظام سويفت للتحويل المالي وترك التعامل بالدولار، بل ان روسيا طلبت من تجمع بريكس ان يكون لها عملة خلصة بالتجمع وهي بريكي وتكون بديل عن الدولار.
ان احداث أوكرانيا كانت واضحة في انحياز العالم بأكمله خصوصا أمريكا والاتحاد الأوروبي الى أوكرانيا، والعلاقة والمساعدات التي يتلقاها الرئيس الاوكراني منهم، وكذلك المساعدات التي تتلقاها أوكرانيا من إسرائيل بالذات.
هذا من جانب ومن جانب اخر هو ان الدول التي وقفت مع روسيا هي نفسها التي لها مواقف من الغرب وإسرائيل والتي تعرضت وعانت من عقوبات الغرب ومن ابرز تلك الدول هي الجمهورية الإسلامية في ايران وكوريا الشمالية وغيرهم.
ان ايران تمثل راس حربة في مواجهة الغرب وامريكا في المنطقة، وهي تمثل راس مجموعة المقاومة والممانعة ضد الغرب ومن أعضاء محور المقاومة والممانعة هو حزب الله اللبناني وانصار الله الحوثيين في اليمن، كما كان لإيران دور محوري ورئيسي مع الروس في الحفاظ على سوريا من السقوط بيد العناصر الإرهابية الداعشية.
احداث 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى) من قبل المقاومة في فلسطين والموقف البطولي لهم، رد الاسرائيل على العملية بجنون وقاموا بمجازر ومنها قصف المستشفيات ابتدأت بمستشفى المعمداني واليوم تم قصف مستشفى الشفاء بالإضافة الى الدور والمجمعات السكنية.
الدول التي وقفت مع أوكرانيا ضد الروس، هي نفسها من وقفت مع إسرائيل ضد الفلسطينيين، حتى من صرح خلاف ذلك هو حياء من الجماهير الغاضبة والتي هي للعلام فقط.
ان الدول التي وقفت مع روسيا في قضيتها مع أوكرانيا ومن تلك الدول هي محور المقاومة هي نفسها وقفت مع فلسطين، وكذلك روسيا والصين. وابرز المواقف الداعمة للفلسطينيين هو استخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار يعتبر احداث 7 أكتوبر هي عدوان من قبل حركة حماس وهس اعمال وحشية إرهابية وان لإسرائيل حق الدفاع عن النفس، لذلك ردت الدولتان القرار بالرفض في موقف واضح بالوقوف الى جانب محور المقاومة.
كما ان التصريحات الكثيرة ومن مختلف ممثل روسيا في مجلس الامن حينما رفض القرار الأمريكي وقال ان إسرائيل دولة احتلال ولا حق لها في الدفاع عن النفس، وكما انها استقبلت أعضاء من حماس في موسكو.
وخلاصة الامر ان الاحداث التي تجري في فلسطين هي جزء من الصراع الغربي والشرقي، بين المحور الغربي وبين المحور الشرقي (ومن ضمنه محور المقاومة) وان خسارة إسرائيل للحرب يعني كسر الإرادة الامريكية وحلف الناتو بالمنطقة وزيادة النفوذ للمحور الجديد المحور الشرقي، هذا بالنسبة لروسيا، اما بالنسبة للصين، ان أمريكا وحلفائها يعملون على تقويض المشاريع الصينية في منطقة غرب اسيا ومنه تلك المشاريع هو مشروع الحزام والطريق، والذي اقترح الرئيس الأمريكي طريق بديل عنه يبتدئ من الامارات وينتهي بإسرائيل، لذلك ان خسارة حماس يعني خسارة المحور الشرقي بأجمعه ومنها الصين وروسيا وايران والعكس يعني خسارة الغرب وحلفائها.
بالتالي ان الحرب هي وجودية بين محورين عالميين وبالتالي ان الناتج عنها سيشكل تحالفات وعالم جديد.