لقد اصبح واضحا ان اسرائيل في حالة من التخبط والارتباك ‘ خاصة بعد ان اجتاحت الصواريخ الايرانية حدود الكيان الصهيوني ومناطقه ‘ مما جعل المشهد اكثر ارتباكا مما كان عليه . الان بدأت اسرائيل تدفع الثمن لانها اخطأت في حساباتها الاستراتيجية حينما فكرت بتدمير غزة وقتل الاطفال والنساء وتهجير السكان . اعتقد العدو خطئا ان القضاء على حماس مسألة سهلة ونزهة عابرة ‘ واذا بهم يغرقون في حرب مفتوحة اصبح عمرها الان اكثر من عام . لقد قلبت احداث غزة الاولويات حينما اصبح الامر لاحقا غزة ولبنان والان جاء الدور على ايران . اسرائيل التي خاضت حرب استنزاف طويلة تفكر الان بقطع خطوط التواصل بين ايران والمقاومة لذلك هم يبحثون عن شركاء اخرين لتوجيه ضربة الى ايران . هذا ما طالب به نتنياهو ووزرائه واحدهم قال لدينا رسائل من بعض الحكام العرب تطالبنا بحل حاسم وسريع . اعتقدت اسرائيل انها ستعيد الرهائن بقوة السلاح والتفوق العسكري وقد فشلوا في ذلك فشلا ذريعا . لقد تجاوزت اسرائيل كل المطالبات والقرارات الدولية بضرورة وقف الحرب . لكنها تمادت ولم تتوقف عند ذلك حينما قتلت إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ( وهو الضيف لدى الجمهورية الاسلامية الايرانية ) ثم تآمرت على حزب الله في لبنان من خلال اختراق اجهزة الاتصال الحديثة التي كانوا يستعملونها ( والتي اعتقد البعض انها كاملة السرية ) . في الوقت الذي كانت اسرائيل تطور خبرات ضباطها الالكترونية والدعائية من خلال نشر الدعايات والاكاذيب على نحو لا يتوقعه احد . ولعل جريمة قتل العشرات من المواطنين من خلال تفجير اجهزة البيجر هو دليل على تلك الاساليب الملتوية التي اتصف بها العدو عبر تاريخه في المنطقة . ثم وصلنا لمرحلة الخرق الامني لحزب الله وتصفية الكثير من قياداته الامنية وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله . لم يعد التفكير التقليدي للحرب الكلاسيكية ينفع مع تطور الاستخبارات العسكرية التي تعتمد على قراءة الواقع وفهم عقلية العدو وطريقة تفكيره واساليبه في الرد والاستفزازات . لقد تغيرت عناصر الحرب الحديثة مع تغير وتطور التكنلوجيا من خلال اساليب التصفية والقتل والاغتيال عن بعد هذه هي فتنة العصر وليس امامنا سوى ان نطور ادواتنا العلمية من خلال البحث العلمي .
علينا ان نفهم كيف يفكر عدونا ( او كما لو اننا العدو كما قال رئيس مجلس الامن القومي السابق علي شمخاني )‘ اسرائيل تحارب وتفكر بطرق متوازية عبر جمع المعلومات وتنسيقها تنسيقا زمنيا وهم لا يحاربون الان بطريقة تقليدية عبر الاندفاع غير المدروس او بالخطط القديمة او بالتراشق بالسلاح وانما يستخدمون اساليب التكنلوجيا الحديثة . مع ذلك فأن محور المقاومة خيب توقعات اسرائيل من خلال صمود جبهات المحور في كل من غزة ولبنان واليمن والعراق كمواقف مشرفة وشجاعة فجاءت العاصفة والصفعة الايرانية التي كسرت جبروت وقوة اسرائيل واطاحت باستعراضاتهم الاعلامية واوهامهم حين شطحت بهم الاحلام الى الاعتقاد بانهم سيرسمون شرق اوسط جديد على مقاسهم كما صرح بذلك نتنياهو في اكثر من مناسبة . لقد كسر الهجوم الايراني الطوق الذي فرضته وسائل الدعاية العربية والغربية ضد المقاومة . على العالم الان ان يعترف ان المقاومة اللبنانية ليست جماعات ارهابية ولكنهم صوت لشعب حر يدافع عن ارضه وكرامته وتاريخه ومستقبله . الضربة الايرانية غيرت موازين العالم بما في ذلك العالم العربي الذي يفترض ان يتماسك بمسؤولية من اجل استعادة قوته ووحدته وارادته لدعم القضية الفلسطينية في اقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . ان الصمود الذي حققه اهل غزة وتماسك حزب الله لهو دليل على ان الامة قوية ومنيعة من الداخل وصامدة . الصراع طويل لكن هذا هو قدرنا ‘ الطريق ليس سهلا امام اجيالنا القادمة التي يجب ان نترك لها ارثا من الفخر والايمان بقضيتنا العادلة .