ثقافية

رسالة من كربلاء إلى الاقصى

  بقلم : الشيخ  الدكتورخيرالدين الهادي

على ضفاف بحر الأربعين, إذ القلوب بلغت الحناجر في وسط أهازيج أصحاب المواكب واصطفاف الزوار لتتكون صورة هي الأبهى من حيث أنها فريدة العصر ومعجزة بكل ما تضمَّنت من الثوابت والمتغيرات التي لا تستوعبها أحكام الفيزياء ولا يتعقلها منطق الحكماء لما فيها من اللطائف والكرامات وأقلُّها قدرة العرصات على استيعاب هذه الحشود المليونية التي جاءت لتلبي دعوة الحسين(عليه السلام) وتؤكد أنَّ ناعيته التي أطلقها في كربلاء وحيداً فريداً قد وصل إلى الأعماق وأنَّ الأمة أفاقت بعد غفلتها وسباتها فأولدت مؤتمرها الذي توسم بالدعوة إلى نصرة الأقصى السليبة.

لقد احتضنت كربلاء المقدسة بين أروقة العتبة الحسينية مؤتمر الأقصى الدولي بمشاركة أصحاب الضمائر الحية الذين يحملون معاني الانسانية ودلالات الإباء في إعلان كلمة حقٍ في وجه سلطانٍ جائر لا يعرف غير لغة القتل والدمار منذ وعد بلفور المشؤوم وإلى اللحظة التي نعيشها وسط صمت دولي وكأن منظمة حقوق الإنسان ولجان الأمم المتحدة منقادة بحسب رغبة الاستعمار الصهيوني فلم تعُد تبصر مشاهد القتل والتنكيل في صفوف المغتصَبين من قبل الغاصبين الآثمين الذين انفتحت شهيتهم لشرب المزيد من الدماء بعد أن استحكموا قبضتهم على القرارات الدولية.

إنَّ مؤتمر نداء الأقصى الذي انطلق من كربلاء المقدسة يؤكد قدرة الامَّة على النهوض من جديد فنحن أمَّة قد ننام ولكن لن نموت, وهذا التصدي من بوابة كربلاء المقدسة ينبئُ بأنّ الدماء التي سالت في كربلاء من أجل القضايا الإسلامية المصيرية لا تزال تفور وأنّ الصلة قائمة بين دعوة الحسين(عليه السلام) الذي بدأ بنفرٍ ومن ثَمَّ تأثر به أحرار العالم فهبوا لنصرته مجتمعين فتكوَّنت مسيرة الأربعين من مختلف الجنسيات والشخصيات؛ لتصبح ظاهرة لا تحجبها غربال الأعداء, وبين صيحة الأقصى التي انطلقت بعد شهادة الصغير (محمد الدرة) وتكللت النجاحات والانتصارات حتى اجتمع ممثلوا مختلف الدول والشخصيات العربية والإسلامية والأصدقاء من أحرار العالم في جوار سيد الشهداء (عليه السلام) وليعلنوا عن وقوفهم بتلك الكلمات التي أكدت أن عجلت التحرير تحركت ولنْ تتأخر بإذن الله.

إنَّ في مؤتمر نداء الأقصى رسائل متعددة استشعرتها الذائقة الاجتماعية ومن أهمها: أنَّ الأحبة في الأقصى ليسوا بمفردهم في مواجهة العدوان الصهيوني؛ بل يقف معهم أحرار العالم, وأمّا الرسالة الأخرى فقد كانت للشعوب ومفادها أنّ جرح الأقصى خرج من دائرة الرمزية إلى العقيدة فمن لم يستطع نصرة الأقصى ولو بكلمة فقد قصَّر مع ثوابته العقديّة التي لا غنى عنها, والرسالة الأخرى هي للغاصبين وفيها تحذير بأنَّ دوام الحال من المحال وأن هذه الأقوال التي وصلت إليكم عبر نافذة الاعلام ستنجز بأفعال تصبحون على شرارتها في القريب وليس هناك من مهرب للظالمين, وأما الرسالة المهمة أيضاً في مؤتمر نداء الأقصى فقد كان إلى الذين زاغوا عن الحق وأصبحوا قطيعا نحو التطبيع فقد أكد المؤتمر ضعفهم وقلة حيلتهم وأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم فالشعوب لا تخضع لإرادة السفهاء وأنّ المأخوذ ظلما سيُردُّ ولو بعد حين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى