
من المعتاد أصبح مشاهدة الأطفال وهم يتجولون في الشوارع في العراق، حاملين عبوات المشروبات والمياه أو العلكة، من اجل بيعها لراكبي السيارات وللمارّة, وهذه الظاهرة أضحت جزءاً من حياة العراقيين المعتادة في مقتبل العمر أطفال تخلّوا عن براءتهم ولعبهم، وغادرو الكتب المدرسية إلى غير عودة، كما تخلّوا عن طموحاتهم وأحلامهم من اجل معيشة اسرهم, وحالات عمالة الأطفال تزايدت بالعراق في السنين الاخيرة، ورغم ذلك لم تنل هذه الظاهرة اهتمام الحكومات المتعاقبة، ولم يتم وضع أي حلول لمعالجتها.
والعراق احد الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل في القانون رقم 5 لعام 1994، وعلى البروتوكولَين الملحقين بها، في القانون رقم 23 لعام 2007.
توعز مفوضية حقوق الإنسان في العراق اسباب انتشار هذه الظاهرة الى الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يمر بها البلد، كازدياد نسبة العائلات تحت خط الفقر صاحبها ترك الأطفال المدارس وان أغلب الحالات سُجلت في العوائل ذات الدخل المحدود، اضافة الى افتقار هذه الأُسر إلى دخل او مورد يعيلهم في معيشتهم، وكذلك أسباب استفحال هذه الظاهرة الزيادة الكبيرة في حالات الطلاق، وما تخلفه من آثار سلبية على وحدة الأُسَر وتماسكها واثرها على المجتمع برمته.
ومفوضية حقوق الإنسان شخصت هذه الظواهر من أجل وضع الحلول لها، مثل مشروع حماية الطفل وتبني السياسيات الوطنية لحماية الطفولة ، والقيام بوضع الأُطر القانونية والقضائية في التعامل مع هذه الظاهرة وكذلك منع اتجاه الأطفال للسوق العمالة، ووضع البدائل كإنشاء صندوق الأجيال القادر ايجاد موارد ثابتة للعوائل حتى لا يلتجؤون إلى العمل، وتعرضهم للاستغلال من قبل العصابات الإجرامية أو اختطافهم من اجل التسول والعمالة.
وبالرغم من وجود النصوص الدستورية الواردة في الدستور العراقي لعام 2005 ضمن المادتين 29 و30، وانضمام العراق الى اتفاقية حقوق الطفل، والتقدم الحاصل في إصدار جملة من القوانين المتعلقة بحماية حقوق الطفل كقانون منع تصنيع واستيراد ألعاب الأطفال المُحرِّضة على العنف وقانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لعام 2012وقانون انضمام العراق الى اتفاقية لاهاي الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل ، وقانون مناهضة العنف الأُسري في إقليم كردستان رقم 8 لعام 2011، الا ان المفوضية اشرت أن اتفاقية حقوق الطفل وبالأخص أحكام المادتين 4 و19 منها لم يتم العمل بها في العراق إلا بشكل جزئي في ظل عدم مواءمة غالبية التشريعات الوطنية والسياسات المُتّبعة مع بنود الاتفاقية.
وزارة التخطيط العراقية في احصائية لها أن نسبة التحاق الأطفال في الدراسة الابتدائية تبلغ 94%، وهذا يؤشر بوجود انخفاض في نسبة عزوف الأطفال عن المدرسة، أما نسبة عمالة الأطفال دون الخامسة عشرة فتبلغ 1.5 %. وأن منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة قدّرت حجم عمالة الأطفال في العراق بنحو المليون طفل، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تؤكد عدم وجود إحصائيات تقيس حجم هذه الظاهرة بدقة.
دور القانون في الحد من التسول
يتضمن القانون العراقي عقوبات تتعلق بجرم التسول، والمادة /390/ نصت على أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ثلاثة أشهر، كل شخص أتم الثامنة عشر من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه أو كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة اذا تصنع المتسول الإصابة بجروح أو عاهة أو استعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الخداع لكسب احسان الجمهور أو كشف عن جرح أو عاهة أو غيرها في الاستجداء“.
فيما يتعلق بالأطفال ممكن هم تحت السن القانوني، أوضحت المادة /390/ أنه إذا كان مرتكب هذه الأفعال لم يتم الثامنة عشرة من عمره، فأنه تطبق بشأنه أحكام مسؤولية الاحداث في حال ارتكاب الجريمة”
ونصت المادة / 392/ على أنه “يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا أو باحدى هاتين العقوبتين، كل من اغرى شخصا لم يتم الثامنة عشرة من عمره على التسول، وتكون العقوبة الحبس مدة لاتزيد على ستة أشهر والغرامة التي لا تزيد على مئة دينار أو إحدى هاتين العقوبتين اذا كان الجاني وليا أو وصيا أو مكلفا برعاية أو ملاحظة ذلك الشخص“.
المراجع
المفوضية العليا لحقوق الانسان في العرق https://ihchr.iq/
قانون العقوبات العراقي111لسنة 1969
منظمة اليونسيف في العراق https://www.unicef.orgh
وزارة التخطيط العراقية https://cosit.gov.iq/a