هناك حقيقة واضحة في المجتمعات الخليجية بعدم وجود مساواة بين مواطني مجلس التعاون، بعد معارضتي لنظام البعث، جمعتني الظروف مع مواطنيين كثيرين رأيتهم بالسعودية والكويت يطلقون عليهم تسمية البدون، عندما تحدثت معهم، كنت اظنهم ناس من مخلوقات جنوب شرق آسيوية، وإذا بغالبية هؤلاء البدون من أصل القبائل العربية العريقة من شمر وعنزة، والبدور، وال غزي أحفاد زعيم العرب وكريمهم حاتم الطائي.
بعد وصولي لاجئا للدنمارك، وجدت مئات الأشخاص يتحدثون لغة عربية بلهجة كويتية، أتذكر في أول ساعة وطأة قدمي أرض مملكة الدنمارك، أخترت العيش بمدينة صغيرة بالجزيرة الثالثة يولاند، تم استقبالي من مترجم وموظفة في مكتب مساعدة اللاجئين، وتم نقلي إلى المدينة المخصصة، وجدت موظفين وموظفات بانتظاري، وتم صرف مستحقاتي كمقيم، وتم ايصالي إلى شقة سكن مؤقت، بعد ساعة من وصولي، باب الشقة طرق، فتحت الباب وجدت طفل عمره ١٢ سنة سلم وقال لي انت عربي، قلت له نعم، قال لي والدي بعثني إليك، نحن نسكن هنا، ونحن نرشدك كيف تشتري الطعام الاسلامي، سألت هذا الطفل من اي بلد، قال لي كويتي كوردي.
ذهبت في جولة خارج منزل السكن وجدت الكثير وجوههم عربية، سألتهم قالوا لي، نحن مسلمين من العراق، عند تجوالي بشوارع المدينة وجدت عشرات الشباب والرجال، قالوا لي نحن من عشيرة البدور والبعض من عشيرة الصريفات الشمرية، والبعض قال لي نحن من عشيرة الفضول، ووجدت بعض آخر قالوا لي نحن أكراد، يجيدون اللغة الكوردية.
بعد اخضاعي لقانون الدمج بالمجتمع الدنماركي، تم ارسالي إلى مدرسة دنماركية لتعليم اللغة، كانت بجنبي زميلة عراقية كوردية تربطني مع عاىلتها من الاخوة والاخوات علاقة أخوية، قلت لها لأول مرة اعرف في الكويت أكراد، وهي أيضا كانت متعجبة، من وجود أكراد لاجئين من دولة الكويت.
بعد بحثي عن قضية ملف البدون بالكويت ودول الخليج، وجدت أن دول الخليج تطلق عليهم تسمية البدون لأسباب مذهبية، لكون غالبية هؤلاء من عشائر عربية مذهبهم شيعي جعفري، واتخذت دول الخليج ومنها الكويت والسعودية والإمارات اتباع أساليب قذر، في منح الجنسية للأشخاص الذين يغيرون مذهبهم من المذهب الشيعي إلى المذهب السني على سبيل المثال الإخواني التكفيري وليد الطبطبائي رغم انه من أصول إيرانية تم منحه الجنسية الكويتية وأصبح عربي أصيل لكونه غير مذهبه من المذهب الشيعي إلى السني الوهابي، جميع فئة البدون بدولة الكويت، عاشوا في الكويت منذ الحرب العالمية الأولى وقبل إعلان استقلال دولة الكويت في عقود طويلة من الزمان، بعد سقوط نظام البعث، كنت اسافر للعراق اما عن طريق إيران أو الكويت، بسبب سيطرة تنظيمات شركاؤنا بالوطن السنة العرب على طريق سوريا والاردن، سافرت للعراق مرتين عن طريق دولة الكويت، عند عودتي من العراق لمطار الكويت، بالحدود يتم اخذ فيزا ويتم ملء استمارات، أعطيت الموظف جوازي الدنماركي، كتب في حقل الاستمارة المخصص لمنح تأشيرة الدخول، الجنسية التي يحملها كتب( بدون)، قلت له اخي هذا جوازي دنماركي ومكتوب الجنسية دنماركي فأنت في أي حق تكتب امامي بدون، المهم قال لي انا موظف انفذ ما تريده وزارة الداخلية الكويتية.
الكويت لايمكن مقارنتها بالسعودية، لديهم هامش للحرية، يوجد لدى الكويت مجلس الأمة الكويتي أي البرلمان يتم انتخابه من قبل الشعب، لكن أمير الكويت هو الذي ينصب رئيس حكومة من عائلته ولاقيمة للنواب في انتخاب شخصية أو تحالف حزبي فائز إن وجد تحالف حزبي في تسمية رئيس وزراء من النواب الفائزين أو من قيادات تياراتهم لتشكيل الحكومة.
لكن رغم ذلك يوجد نواب في مجلس الامة، بعضهم يطلق تصريحات وبعضهم يطلق مقترحات معينة، منها قبل عدة أيام وجه عدد من نواب مجلس الأمة الكويتي، مقترح يطالب بمساواة البدون بمواطني مجلس التعاون، هذه الدعوة الإنسانية قوبلت برفض شديد من وسائل الإعلام الخليجية بشكل عام والكويتية بشكل خاص، قرأت مقالات تنتقد النواب الذين طالبوا بمساواة البدون مع المواطنين في دول الخليج، أحد الكتاب الكويتيين كتب مقال في اسم لا مساواة بين أبناء مجلس التعاون الخليج وبين البدون، قرأت الكثير من المقالات والتغريدات يقول كاتبيها، لا يمكن المساواة في الحقوق المدنية مابين مواطني مجلس التعاون والبدون، ووصفوا هذه المطالب في الغير منطقية البتة، بحجة واهية تكشف عنصرية هؤلاء بالقول، أن المواطنين في مجلس التعاون مثبتة أصولهم في بلدانهم، وبالتالي يختلفون عن مدعي المطالبة بالجنسية الكويتية الذين يخفون أصولهم عن جهات الدولة الرسمية طمعاً في الحصول على الجنسية الكويتية وامتيازات حامليها.
هذه كذبة كبرى، جميع هؤلاء مولدون هم وآباءهم واجدادهم في الكويت قبل أكثر من قرن من الزمان، ولايملكون اي جنسية أخرى على الاطلاق.
احد الكتاب الكويتيين نشر مقال بصحيفة كويتية، يقول ، (إن هذه الدعوة لا يمكن قبولها البتة من نواب أوصلهم الشارع الكويتي ليكونوا هاجسه الزائد على مكتسباته ومقدراته، لأن فيها إساءة صريحة لمواطني مجلس التعاون الخليجي بمساواتهم مع من لا يعادلهم حقوقاً وعدالة، وفيها أيضاً خروجاً عن ميثاق مجلس التعاون الخليجي الذي يمنح الامتيازات المحددة لكل من ينتسب إليه انتماءً وأصالة).
كلمات بقمة العنصرية والشوفينية القذرة والنتنة، ويضيف هذا الكاتب الفاقد للضمير الإنساني والاخلاقي مهددا النواب الذين طالبوا بحقوق المساواة بالقول ( نقول لمن اقترح أو في نيته التكسب على حساب الوطن، رحمة بهذا الوطن، وكفاكم تدخلاً في صلاحيات الجهاز المركزي وإظهاره كالمنتقص من حقوق هذه الفئة، فقد سئم الجميع هذه المناورات والمقترحات النيابية التي تقلق الشارع الكويتي وتصرفه عن قضاياه الأخرى التي يجب أن تعطى الأولوية القصوى).
من المؤسف أن البيئة الثقافية المجتمعية تقف مواقف حيوانية متوحشة تجاه جزء كبير من ابناء دول الخليج الذين تعرضوا للظلم والاضطهاد بحرمانهم من حق الحصول على الجنسية، ومن المؤسف نقرأ مقالات لكتاب خليجيين يدعون الثقافة والإنسانية يقولون ان على الحكومات الخليجية إعطاء ابناء البدون طعام وملبس فقط دون منحهم حقهم الإنساني والاخلاقي والوطني في حصولهم على الجنسية، يفترض في مواطني دول الخليج من فئة البدون والذين تجنس الكثير منهم جناسي أوروبية وامريكية وكندية واسترالية تشكيل لجان تذهب إلى برلمانات الاتحاد الأوروبي وإلى الحكومات الأمريكية والكندية والاسترالية لإصدار قرارات تطلب من دول الخليج بمنح البدون جناسي وإنهاء ملف ظلمهم، من المؤسف، تنشر الصحف الخليجية مقالات عنصرية وبكل وقاحة يقولون، بالعلن، لا مساواة البتة بين مواطني دول مجلس التعاون بما يحملون من إثباتات رسمية صادرة لهوياتهم عن دولهم، وبين فئة من لم تثبت لها هوية من البدون….، مواقف ساقطة وظالمة وعنصرية وطائفية وشوفينية، بفضل اتعاب ابناء البدون وتضحياتهم وعملهم في سلك الشرطة والجيش في دولة الكويت يتم حفظ الأمن والاستقرار، بل تعرفت على كاتب وصحفي من فئة البدون من قبيلة البدور العراقية حدثني عندما قام صدام الجرذ في غزو دولة الكويت، كان ضابط صف في بطرية دفاع جوي كويتي، أسقط اربع طائرات هيلوكوبتر سمتية عراقية، النتيجة طرد من الكويت ووصل لاجئا إلى السويد والآن حصل على الجنسية السويدية، بينما البلد الذي ولد به وقاتل من أجله وهي دولة الكويت تم حرمانه من حقه الحصول على جنسية كويتية، ولكي اكون صريح وصادق في قولي مضطر اذكر اسم هذا الأخ وهو الكاتب والصحفي عبدالعزيز الهرموش البدري، في وقت هرب أمير الكويت وحكومته كان عبدالعزيز الهرموش يقاتل للدفاع عن دولة الكويت.