
لم يكن الجهاد طارئًا على الشيعة في العراق، ولم يكن الشعب العراقي يتقبل الإرهاب والإذلال والاستعمار الغربي وغيره، إذ إنَّ الشيعة على طول التاريخ هم مجاهدون أفذاذ، كيف لا وإمامهم الحسين (عليه السلام)، الذي رسم النصر بالدماء على السيف بالطف
(كأنَّكَ أيقَظتَ جرحَ العراق
فَتَيَّارُهُ كلُّهُ في دَمي!
ألَستَ الذي قالَ للباترات
خُذيني… وللنَّفسِ لا تُهزَمي؟
وطافَ بأولادِهِ والسيوف
عليهم سوارٌ على مِعصَمِ
فَضَجَّتْ بأضْلُعِهِ الكبرياء
وصاحَ على موتِهِ: أقدِمِ!)
كيف لا وإمامهم علي (عليه السلام)، الذي جندل فرسان العُرْب والعجم!
(يا مَن لهُ في أَرض قَلبي مَنزلٌ
نِعمَ المراد الرَّحب والمستربَعُ
أَهواكَ حتى في حَشاشَة مُهجتي
نارٌ تَشبُّ على هواكَ وتَلذعُ
وتَكادُ نَفسي أَن تَذوب صَبابَةً
خُلقًا وطبعًا لا كمن يَتطبعُ)
كان مخطط المعسكر الأميركي، إسقاط الدولة العراقية وتقسيمها، ومنح إدارتها صوريًّا لأراذل الأرض، والمتحكم الحقيقي هو أميركا، لتنهب الثروات، وتمسخ هوية الشعب العراقي، وتحول العراق إلى قواعد عسكرية إستراتيجية للعدوان على دول غرب آسيا، وأولها الجمهورية الإسلامية؛ لذلك هجم على العراق الإرهاب الدولي (الأميركي – الوهابي)، الذي تخطط له أميركا، ويموله نظام آل سعود وآل زايد ونظام الأردن… وكانت الخيانة في صفوف بعض القيادات السنية ظاهرة، مثل محافظ نينوى (أثيل النجيفي) وغيره، فأسرع رئيس الوزراء في حينها الزعيم (نوري المالكي)، بإصدار أمر تشكيل الحشد الشعبي، وتوفير الدعم اللوجستي اللازم له.
فتوى المرجعية الدينية آية الله السيستاني (دام ظله)
كان الثقل الأكبر لتحشيد رجال الحشد الشعبي، وتطوع مئات الآلاف في سويعات؛ لفتوى (الجهاد الكفائي) لمرجعنا المفدى سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله)، لأنَّ الفتوى المباركة، كانت درعًا يحمي مشروعية الدولة العراقية أحرج أميركا والأمم المتحدة، لأنَّ دولًا مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا… كانت مستعدة للاعتراف بما يسمى (خلافة الدولة الإسلامية) بعد سيطرتها على أي شبر من أرض العراق، لكن! فتوى المرجعية الدينية مزقت تلك الأماني وأخرست ما يسمى (المجتمع العربي – الدولي)، وعززت العزم والإرادة في قلوب المقاتلين.
حلفاء العراق وأصدقاؤه
أول من هبَّ لنصرة العراق، هو قائد فيلق القدس في الحرس الثوري للجمهورية الإسلامية، الفريق الشهيد قاسم سليماني (رضوان الله عليه)، بتوجيه الولي الفقيه الإمام الخامنئي (دام ظله)، وبعده سماحة السيد حسن نصر الله (أعزه الله)، إذ زود الشهيدَ سليماني بمئة وعشرين قائد عمليات من حزب الله (ضباط)، فتكاملت القيادة بوجود القائد الشهيد أبو مهدي المهندس (رضوان الله عليه)، ووجود الثقل النوعي للفصائل العراقية، والمقاتلين الأبطال من الجمهورية الإسلامية، وما قدمته العائلة العراقية من دعم لوجستي للمقاتلين، وأرتال المساعدات… حتى تحقق النصر المؤزر، وخابت أميركا وخسئت.
الحفاظ على مكتسبات النصر
إنَّ استمرار الحفاظ على مكتسبات النصر، أصعب من تحقيق النصر نفسه وأكثر أهمية، ومن هذه المكتسبات، هي الحفاظ على مؤسسة المرجعية الدينية والحوزة العلمية، والشعائر الحسينية، والثقافة الإسلامية، والحكم، ومواجهة الحرب التركيبية؛ حتى الارتقاء من مستوى الدفاع إلى الهجوم، لأنَّ اختراق الغرب النيوليبرالي لثقافة المجتمعات الإسلامية، وخصوصًا المجتمع العراقي، يعادل نصرًا مضاعفًا للإرهاب الأميركي الدولي -لا سمح الله-، ومن مكتسبات النصر كذلك تطوير مؤسسة الحشد الشعبي، وردع الدبلوماسية الغربية الفالتة، وهزيمة المشاريع الأميركية المختصة بنشر الفاحشة وتقنينها في العراق، وتحويلها إلى واقع!