ثقافية

مختصر علاقة السياسة بالدين

  بقلم : الشيخ محمد الربيعي

نريد أن نعيش التقوى السياسية ، لأنّ السياسة ليست لعبةً يلعبها اللاعبون ، بل هي مسؤولية يتحملها الإنسان أمام قضايا مجتمعه و أمته .

و تبرز المسؤولية في حماية المجتمع و الأمة ، و تحقيق تقدمهما ، في الفهم العام للسياسة .

و على  ضوء ذلك ، يرفض الموقف السلبي ، أو التقليدي ، من السياسة. بتعبير آخر ، يرفض الغشّ و الخداع و الخيانة، لأنّ السياسة مندمجة بالأخلاق .

و متى خرجت السياسة عن الأخلاق ، خرجت عن الدين ، بما فيه من قيم روحية و أخلاقية و اجتماعية .

أكثر من ذلك ، العمل السياسي هو جزء من العمل في الدعوة إلى الإسلام ، لأنّ المسلم يعيش تجربته الإسلامية في حركته السياسية كما يعيش عقيدته في عبادته .

وما كانت هذه الأفكار لتطرح لولا شمولية الإسلام لقضايا الحياة كلّها ، بما فيها قضية الحكم و تحقيق العدل بين الناس .

الإسلام ، عقيدة و شريعة و نظام و منهج حياة ، و لا بدَّ من اعتماد منهج سياسي في دائرة صفاء الإسلام و نقائه و فاعليته ، وبما يضمن للحركة الإسلامية استقامتها الفكرية و العملية .

و لأنَّ كلَّ الرسالات السماوية جاءت من أجل أن يأخذ الناس بالعدل ، تبرز السياسة الحقّة في عدل الحاكم و عدل القانون ، فلا عدل بدون سياسة تكفل للناس أمنهم وحقوقهم .

إنّها ليست سياسة اللفّ و الدوران ، ولا سياسة اللعب على الحبال…

وإذا كان الدين عنصراً فاعلاً في حركة الثورة على الظلم في الداخل ، و على الاستكبار – الاستعمار في الخارج ، فإنّ السياسة ليست محايدةً بين الظلم و العدل ، و الساكت عن الحقّ هو شيطان أخرس .

و لأنّ الدين عنصر فاعل ، فإنّه ليس ( أفيون الشعوب ) ، بل منظومة قيمية تدفع إلى الصراع البنّاء ، لا إلى الصراع الهدّام .

الدين و الحال هذه يدفع إلى التجديد و الثورة .

إذاً، لا انفصال بين الدين و السياسة – و جوهرها العدل – ففي العبادة سياسة حقّة ، لأنّ كلمة ( الله أكبر ) تعني رفض كلّ ( الآلهة المتحكمين ) ، ليبقى التوحيد لله و حده سبحانه و تعالى .

حتى الصلاة ، تنطوي على تفسيرٍ سياسيِّ ، عندما تحرّض على مواجهة الطغاة و الظالمين .

أنّ مقولة الفصل بين السياسة و الدين جاءت من الغرب ، الذي عاش تجربةً فاشلةً في الدين ، عندما لم يلتفت ساسته إلى حلّ مشاكل مجتمعهم .

أنّ السياسة جزء من الدين ، استناداً الى دستور الاسلام القران الكريم   [ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَ أَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَ المِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ… ] ، أي بالعدل .

و هل يمكن أن يسود العدل بدون سياسة ؟

أمّا مسؤولية بسط العدل ، فإنهّا مسؤولية الجميع ، حكاماً و محكومين .

وعلى كلِّ إنسان في المجتمع أن يتحمّل مسؤوليته ، كبيراً كان أو صغيراً .

إنّه تفسير رحب لمعنى المسؤولية في المجتمع و الدولة .

من خلال هذا الفهم العام للعلاقة بين الدِّين و السياسة ، و خصوصاً بين الإسلام و السياسة ، يجري التطرق إلى قضايا سياسية أساسية تشكّل محور اهتمام العالم ، على تعدّد مجتمعاته و دوله ، فضلاً عن تعدّد الأفكار السياسية ، من هذه القضايا: الدولة و السلطة ، العدل و الحرية ، القوة و الثورة ، الشورى و الديموقراطية ، القيادة و الإدارة ، المجتمع السياسي و النظرية السياسية… و هي في مجملها ترتبط بالأخلاق ، و بما ترتّب من التزامات .

اللهم احفظ الاسلام و اهله

اللهم احفظ العراق و شعبه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى