ثقافية

زمن المأسسة … وأزمة المؤسسة !

بقلم : حسين الذكر

يقال ان المعلم ارسطو اول من وضع علم التصنيف ومنه فتح باب الإحصاء بعد ان توغل في الحدائق يصنف الحيوانات او الاحياء غير الإنسانية بطريقة أخرى تمهد لغزو ثقافة الاخر .. تحت عنوان كل السبل مشرعة من اجل سيادة الانسان .. ذلك الكائن الذي ما زال غريبا على الأرض برغم مرور كذا من القرون والعصور غير المحددة  .. حتى قيل فيه : ( اتحسب نفسك جرما صغيرا وفيك انطوى العالم الأكبر ) .

أولا استطلع البيئة .. ثم فرق بين الانسان وغيره من شركاء المحنة الأرضية .. ولمقتضيات الحاجة ام الاختراع … اخذ يحدد ملامح من يطير ومن يمشي منها .. ثم فرق بين المفترس والاليف .. بعد ذاك حدد بيئة كل في البحر والبر والجو .. على طريق التخصص والتدقيق والشرح والتفسير … بحثا عن فائدة الانسان أولا ومن ثم الغوص عمقا وشرق وغربا .. فكل السبل ينبغي ان تكون مشرعة لادراك فحوى سر الخليقة والبحث عن مشتركاتها لبلوغ الحقيقة الكبرى .. كهدف اسمى ودليل تمام الوعي .

من هو المحلل : –

على طريقة الشهيد د . علي شريعتي : سنجد ان ذلك الذي يجمع ويحصي المعلومات التاريخية التي يحصل عليها باجتهاد شخصي تخصصي او عبر وسائل تقنية فانه ليس مؤرخا .. فهذا جامع للمعلومات وله افضلية ذلك .. لكن من يقرا النتائج ويقارن بينها ويتتبع علاقتها وتاثيرات كل منها ويحدد المشتركات ويفض الاشتباك الاشتباهي بينها ويضع العلاجات الناجعة … هو ليس الصيدلي ولا المحلل ولا حتى الطبيب غير المختص .. بل هو المجتهد المطلع على الحقائق الإنسانية اغلبها ان لم يكن كلها ان استطاع لذلك سبيلا .

في السياسة :

سيما في عهد الانفلات والغاء الكفاءات والشهادات والتخصصات.. أصبحت السبل مشرعة لادارك العنوان أي عنوان كان .. فملايين العراقيين والعرب … اصبحوا في ظل نعمة الفيس بوك ومواقع التواصل يحملون عنوان صحفي واعلامي .. وذلك ليس تجني .. بل ينطبق تماما على الممارسة وكل التعريفات العربية القديمة للصحفي التي ما زالت تتحدث عن ذلك الشخص العامل في مجال نقل وتداول ونشر المعلومات الصحفية دون ان يكون له مورد عيش غير ذلك المنفذ ..

بالتأكيد فان غزير المعلومات والاخبار السياسية المنقولة عبر وسائل الاعلام يعد مثقفا وربما مثقف جدا في الاخبار السياسية . ولكنه ليس عالم بفنون السياسة .. فضلا عن كونه ليس محلالا استراتيجيا  .. الا بحدود التحليل الضيق او بالأحرى تفسر الاحداث وإمكانية ربطها مع بعض والحديث عنها بمنحى معين وقد يفيد لاخبار العامة فيه كمادة خام يمكن ان تلوكها الالسن وتتداولها الناس ..

اما سير الاحداث السياسية الكبرى ووضع خارطة طرقها المتوقعة على المستوى الاستراتيجي .. فهي عصية على من يعتاش على المهنة او يبحث عن عنوان شهرة ورفعة اجتماعية … فالوعي لا يمت صلة للخبز والكرسي .. وأنواع الشبق الاجتماعي المتعارف .. انه يابى ان يكون كذلك .. فعادة ما يؤدي افتقاد التمييز وضياع بوصلة الاس المتعالي توقع في حضيض التوافه المعتادة ..

ربما شطح قلمي قليلا وانحرف او بالأحرى خلط بين الاخلاق والعمل بمعنى تحري الخبر وكشف مسارته المستقبلية .. وذلك صحيح بنسب ما .. مع اني اعتقد يقينا بان الاخلاق اهم دافع في بلوغ هدف العمل سيما الكبير والإنساني والعقيدي منه ..

لا نقع في أي إشكالية ولا نريد المناورة وصناعة الاثارة او تقليل الشأن .. فقط لنبلغ انفسنا ونحسن اعداد ذاتنا بتحري ذلك ونفرق بين العقل المدرك المصنوع وفقا منهجيات علمية او عبر مهارات إبداعية متوارثة .. اذ ان العملية برمتها لا تخرج عن التفريق بين مجالين من عمل ارتزاقي للعيش .. وآخر واسع متشعب دقيق جدا واستراتجي يتعلق في الوعي العام والتخصصي والمزج والاختمار العقلي المحظ مع تحري التوفيق من السماء في ذلك لبلوغ وقراءة قادم يمكن ان نحدد ملامحه ونسير باتجاهه ونتدارك اخطاره .. وفق قاعدة إلاسلام الرائعة التي جاد بها الامام علي بن ابي طالب : ( عليكم بتقوى الله وتدبير أمور دنياكم ) ..

قد يطول المقام وربما يفتح باب لا يسد في جدلية ليست بيزنطينية .. ولكن نحذر من تحويل التجمعات الانتخابية او المهنية الى عناوين متخصصة سيما في التخصص الدقيق ..

ملاحظة أخرى مهمة : لا نقصد منع اوتخطئة تلك التجمعات بل فوائدها اكثر من ضررها .. شريطة ان توظف بشكل صحيح وتقاد بعين واعية .. وان يتطور وينمى أصحاب العقول منها في دورات مكثفة وعبر احدث تقنيات التحليل التخصصي الدقيق للوقوف على محض العقل التحليلي الاستراتيجي والتكتيكي منه ..

والله ولي التوفيق وهو من وراء القصد  .. !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى