معهد بحثي أميركي يزعم .. تقدم “الإمبراطورية الأميركية” على جثة العراق !
وكالات – كتابات
اعتبر “معهد أبحاث السياسات الخارجية” الأميركي أن احتلال “العراق” كانت بالنسّبة إلى الأميركيين أكثر دموية مما كان متوقعًا، لكنها كانت بمثابة مغامرة إمبريالية بعيدة المدى، سيكون تأثيرها محدودًا على عرض القوة الأميركية في المستقبل، مشيرًا إلى أن فكرة: “تغيير النظام” في “طهران” صّارت مقبولة أكثر، وأن ذلك إن حدث، سيكون لها تأثير إيجابي على التقدم السياسي في “بغداد”.
وبعدما أشار التقرير؛ إلى أن الحقيقة التقليدية تتحدث عن نحو: 04 آلاف قتيل من الجنود رجالاً ونساءً، كشف أن هذا الرقم مجرد جزء من الحقيقة، إذ إن الرقم الحقيقي عندما تتم إضافة عدد المقاولين والمدنييّن الأميركيين الذين قُتلوا، فإن العدد يقترب من نحو: 08 آلاف قتيل، فيما أصيب عشرات الآلاف بجروح غّيرت حياتهم وعائلاتهم، كفقدان الأطراف أو العيون أو حروق الوجوه.
مئات الآلاف من القوى العاملة التي لا يهتم بها أحد في واشنطن !
وتابع التقرير الأميركي؛ أن العديد من المحاربين القدامىّ الذين أصيبوا بشكلٍ خطيرة، وهناك عشرات الآلاف منهم، وغالبيتهم ينتمون إلى الطبقة العاملة، والتي لا تتفاعل معها النخبة السياسية في “واشنطن”. وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن “العراق” نفسه شهد مقتل مئات الآلاف من الأشخاص.
وذكر التقرير أنه رغم أن حرب “العراق” تُعتبر أهم بكثير مما كان يُفترض من حيث الخسّائر الأميركية، إلا أنه ظهر إنها أقل أهمية من الناحية الجيوسياسية، موضحًا أن “العراق” كان بمثّابة مغامرة بعيدة المدى شبيهة بالمغامرة الإمبريالية التي انحرفت عن طريقها، رغم ما لدى “الولايات المتحدة” من موارد طبيعية واقتصادية وموقع جغرافي تحسّد عليه؛ بحسّب زعم المعهد الأميركي
تقدم “الإمبراطورية الأميركية” على جثة العراق..
وبرغم إشارة التقرير إلى أن مؤسسة الدفاع الأميركية ربما تكون قد تأخرت في التخطيط وإاقتناء الأسلحة اللازمة لردع “الصين”؛ بسبب عقد من مكافحة التمرد في الشرق الأوسط؛ (بما في ذلك أفغانستان)، إلا أنه اعتبر أن التقدم الأميركي في هذا المجال كان ثابتًا ويُثير الإعجاب.
وتابع تقرير المعهد الأميركي؛ أن ما سيكون مثيرًا بالنسّبة إلى المؤرخين مستقبلاً عندما ينظرون إلى الوراء؛ هو أنه برغم الأخطاء الفادحة في “العراق وفيتنام”، إلا أن “الإمبراطورية الأميركية”، تتقدم إلى الأمام، مشيرًا إلى أن أخطاء فادحة بهذا الحجم كهذه، كانت ستُصيب القوى الصغيرة والمتوسطة بالشلل، لكن ذلك لم يحدث مع “الولايات المتحدة”.
أزمة أوكرانيا أعادت شهوة الحرب لدى “واشنطن”..
وبعدما أشار إلى الإحباط الموجود في “واشنطن”، وإلى أن “الولايات المتحدة” عاشت نحو عقدين من الزمن في ظل الفشل العراقي، إلى أن قامت “روسيا” بعمليتها العسكرية في “أوكرانيا”، حيث أن هجوم “فلاديمير بوتين” على “أوكرانيا” أدى إلى تجّدد حُمى الحرب في “واشنطن”.
ولفت التقرير إلى أن المسألة لا تتعلق بأن دروس “العراق” قد تم تجاهلها، مشيرًا إلى أن هناك مجموعة من اليمين الجمهوري تشعر بأنه على “الولايات المتحدة” أن تكون أكثر حذرًا في “أوكرانيا”، لكن كثيرين في “واشنطن” يُريدون من إدارة “جو بايدن” إرسال المزيد من الأسلحة بشكلٍ أسّرع.
وتابع قائلاً إن قيام “البيت الأبيض” بإرسال أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات إلى “أوكرانيا”، دون المجازفة بحياة جندي أميركي، وفي ظل الحرص أيضًا على عدم السماح بتمدد الحرب، ربما يكون قد حقق التوازن بشكلٍ صحيح.
دروس احتلال العراق التي استوعبتها واشنطن..
ولهذا؛ اعتبر التقرير أنه في حال ظل الوضع قائمًا، فإن ذلك: “يعني أن دروس حرب العراق قد تم دمجها في عقلية السياسة الخارجية لواشنطن”.
وأضاف التقرير؛ أن النظرة إلى حرب “العراق” ستتغّير مجددًا في حال واجهت “إيران” اضطرابات، موضحًا أن تعبير تغيّير النظام لم يُعد كلمة قذرة فيما يتعلق بـ”طهران”، وأنه بالإمكان تصور انهيار “نظام الملالي” فيها في غضون سنوات قليلة.
وتابع مدعيًا إنه عندما يكون عدم الاستقرار العام في “العراق” والأداء السييء لديمقراطية “العراق”، لهما علاقة كبيرة بالتدخل الإيراني في شؤون “العراق”، فإن نظام حكم جديد في “طهران”، قد يؤدي إلى تحقق تقدم سياسي أكبر بكثير في “بغداد”.
أخيرًا؛ في حين أن حرب “فيتنام”، التي حدثت في عصر التجنيد الجماعي، غيرت أميركا وثقافتها، فإن حرب “العراق”، التي حدثت في عصر جيش المتطوعين بالكامل، غيرت “واشنطن” بشكلٍ أساس فقط. نجم صعود “دونالد ترامب”؛ بشكلٍ هامشي فقط؛ بسبب حرب “العراق”. (كان السبب الأكبر – ولكن ليس السبب الوحيد – هو الاضطراب في سوق العمل الناجم عن اندماج الصين في الاقتصاد العالمي). ساعدت “فيتنام” في ولادة موسيقى الروك، والسياسات الراديكالية، وفكرة أن الحكومة، التي حصلت على البلاد خلال فترة الكساد والحرب العالمية الثانية، وأرسلت رجلاً إلى القمر، لم يُعد من الممكن الوثوق بها بالكامل بعد الآن.
وفي حين لفت التقرير إلى التغيير الثقافي والسياسي الذي أحدثه حرب “فيتنام”؛ في داخل “أميركا”، اعتبر أن حرب “العراق”؛ على النقيض من ذلك، كانت آثارها الثقافية محدودة، لكنه أشار إلى أنها تسّببت في ظهور فصائل جديدة في “واشنطن”، وهو تغيّير يمكن أن تكون لها تداعيات عالمية.
وتابع قائلاً إن حرب “العراق” كانت السبب في انجراف عناصر من اليمين الجمهوري في “واشنطن” نحو الانعزالية الجديدة، وأن “العراق” كان هو الذي يُسّاعد، جزئيًا، في اتباع الرئيس “بايدن” سياسة الحذر في إرسال أسلحة إلى “أوكرانيا”، حتى لا يسمح بانتشار الحرب الأوكرانية إلى دول حلف الـ (ناتو). وأكد التقرير أن: “العراق سيظل حكاية تحذيرية لسنوات قادمة”.