شؤون اقليمية

لماذا رفعت أمريكا أسعار الفائدة رغم أزمة البنوك؟

رصد ومتابعة / مركز تبيين للتخطيط والدراسات الستراتيجية

قام مجلس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأمريكي) برفع أسعار الفائدة للمرة التاسعة على التوالي منذ بداية 2022، وتلته البنوك المركزية العالمية بنفس الخطوة التي أثارت تساؤلات عن دواعي البنك الأمريكي لذلك رغم الضغوط المصرفية والأزمة التي تواجه البنوك.

 

ويأتي رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار 0.25% إلى 5% بغرض كبح التضخم المرتفع والذي لم يتمكن البنك الفدرالي من إعادته إلى مستواه المستهدف عند 2%، مما سيجعل أكثر تكلفة للأشخاص الذين يسعون للحصول على قروض سيارات أو قروض تمويل عقاري، أو من يستدينون على بطاقات الائتمان الخاصة بهم.

 

هذا القرار جاء بالتزامن مع أزمة البنوك التي تلت انهيار بنك وادي السيليكون، رغم مطالبات المراقبين وخبراء الاقتصاد بوقف رفع أسعار الفائدة بشكل مؤقت حتى تهدأ تداعيات انهيار بنكي وادي السيليكون و”سيغنتشر” أيضاً، وحتى يتم حل مسألة سحب المودعين لودائعهم بكثرة من البنوك.

 

تداعيات حادة للرفع الجديد:

 

فترة صعبة يمر بها كبار المستثمرين في “وول ستريت”، حيث كانوا مراهنين على بدء موجة خفض للفائدة، وبالتالي تراجع تكلفة القروض والأموال والإنتاج، وإعادة فتح البنوك أبوابها مرة أخرى أمام المقترضين والمستثمرين.

 

وانخفضت البورصات الأوروبية والأمريكية، وبعد ساعات من قرار الفدرالي الأمريكي، أكد “سيتي بنك”، أكبر بنك في العالم، على خفض تصنيف البنوك الأوروبية، وحذّر من أن أزمة الثقة المستمرة في قطاع البنوك قد تحد من شهية المخاطرة وتقلل من تدفق الائتمان، وهو ما يعني التشدد في منح الأموال والقروض من قبل تلك البنوك تجاه عملائها.

 

مبرر رفع الفائدة :

 

يوم الثلاثاء الماضي، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين في شهادة لها أمام مجلس الشيوخ “إن عمليات السحب الكبيرة من البنوك الإقليمية استقرت، وإن النظام المصرفي الأمريكي سليم ومرن”.

 

وربما شجعت التصريحات الرسمية “المطمْئنة” على رفع الفائدة لكبح أسعار المستهلكين التي تستمر في الارتفاع، حيث بلغ التضخم السنوي في فبراير الماضي 6%، لكنه يبقى أقل من المعدل المسجل في يونيو 2022 البالغ 9.1%، وأعلى من المعدل المستهدف بنسبة 4%.

 

من ناحية أخرى يعمل بنك الاحتياطي الفدرالي على تحقيق موسع في إخفاقات البنوك، ولم يمانع رئيس البنك، جيروم باول، مشاركة جهات مستقلة في التحقيقات أو إجراء تحقيقات مستقلة، كما أنه سبق وأكد أن البنك لن يتحول إلى سياسة خفض معدلات الفائدة هذا العام.

 

ومن المقرر أن يقدم البنك تقريراً إلى الكونغرس الأمريكي بحلول الأول من مايو 2023.

 

هذا وتتصاعد المخاوف من الركود الاقتصادي، في حين يأمل البنك الفدرالي في أن تكون البنوك أكثر تحفظاً بشأن تقديم القروض بعد انهيار البنكين الأمريكيين، وهو ما سيؤدي إلى تشديد شروط الائتمان للقروض الشخصية والشركات، والتأثير على النشاط الاقتصادي والتوظيف، مما قد يسهم -وفقاً للسياسات الأخيرة- في ضبط معدلات التضخم.

 

ويؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، ويترك الولايات المتحدة أيضاً عرضة لخطر دفع الاقتصاد إلى الركود، بحسب التقارير.

 

ورغم ذلك يستبعد صانعو السياسة في بنك الاحتياطي الفدرالي حدوثَ ركود، وسط توقعات بأن ينمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.4% هذا العام.

 

بنوك أخرى رفعت الفائدة :

 

سارعت البنوك المركزية العالمية إلى رفع سعر الفائدة في أوروبا و بريطانيا و سويسرا ومنطقة الخليج، ومن المتوقع أن تسير بنوك أخرى على خطى الفدرالي عندما تجتمع لجان السياسة النقدية بها خلال الأيام المقبلة.

 

رفع بنك إنجلترا المركزي سعر الفائدة الرئيسي على الجنيه الإسترليني بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.25%، للمرة الـ11 على التوالي منذ ديسمبر 2021، وهو أعلى مستوى للفائدة منذ عام 2008 في محاولة لكبح التضخم الذي زاد تدهور الظروف المعيشية والأوضاع المالية للأسر.

 

من جانبه قام بنك سويسرا المركزي برفع سعر الفائدة القياسي بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 1.5%، ليكون الرفع الرابع على التوالي وسط أزمة التضخم الاقتصادي ومخاوف القطاع المصرفي.

 

أما البنك المركزي الأوروبي فقد قام منذ نحو أسبوع برفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس لتصل إلى 3.5%، متمسكاً بسياسته في مكافحة التضخم المرتفع رغم اضطراب الأسواق المالية العالمية بسبب إفلاس البنوك الأمريكية. وكان ذلك الرفع هو السادس على التوالي لسعر الفائدة في منطقة اليورو.

 

كما رفعت بنوك أخرى الفائدة، بما فيها البنوك المركزية الخليجية في السعودية و قطر و الإمارات و البحرين وسلطنة عمان، حيث ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي، باستثناء الكويت التي تربط عملتها بسلة عملات من بينها الدولار.

 

 

https://alasrmag.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى