ثقافيةعراقية

المرأة العراقية، شاهدةٌ وشهيدة..

بقلم : كوثر العزاوي

في بادئ الأمر لابد أن نعرف، أن الأسلام يؤهّل المرأة ليكون لها  كالرجل دورًا مهمًّا في جميع الأمور، فكما يؤدي الرجل أدوارًا  مهمة، فالمرأة أيضًا تمتلك القدرة لتأدية مثل هذه الأدوار، وبهذا التكليف الذي هو بمثابة التشريف والتكريم، فأنّ عليها أي المرأة، سيّما المسلمة المؤمنة أن تكون إنسانة بكلّ أبعادها السامية، ولا تكون مجرّد أنثى تتحرك بأنوثتها لتُسقطَ إنسانيّتها، أن تكون إنسانة مع الله ومع النّاس، إنسانة بالمعنى الروحي والعقلي، إنسانة رسالية تفكّر في الرسالة لا في الذات والعيش الرغيد حتى تكون محطّ أنظار الرجال، أو مجرد أداة يصل من خلالها إلى مآربه.

 

فهي تستطيع بوصفها إنسانة أن تؤدي مهمّتها بحقيقةِ ما أولاها الله “عزوجل” من مواهب وهِبات، فهي الجزء الأهمّ من المجتمع  بخصوصيتها الإنسانية لا الأنثوية،

سيما وأن الإسلام قد أناط بالمرأة دورًا تربويًا مهمًّا، كما لايريد لها دفن طاقاتها وماحَباها الله من جميل المظهر والجوهر، هذا إذا ماأدركت هي حقيقة تكليفها المنوط بها، فهي العنصر المؤثرجدًا في المجتمع فالجيل صناعتها، فإن كانت صالحة تسبّبت بصلاح المجتمع من خلال الأجواء التي ستحكم هذا المجتمع ببركة عفتها والتزامها بأحكام الشريعة الغراء وقوانين السماء، فالمرأة العفيفة الصالحة، وجودها ومظهرها قدوة ومثال عمليّ، فهي القادرة على خلقِ أجواءٍ صافية نقية يتميز به المجتمع بما أفاض الله عليها من جواهر ثمينة، والعكس إذا كانت المرأة فاسدة جاهلة، فإنها تكون عرضة للاستغفال مما تسبب بفساد المجتمع ليعطي طابعًا سيئًا يجرّ إلى الانحراف محدِثًا خللًا في المنظومة الأسرية التي هي نواة المجتمع!

 

ومن هنا، اعتُبِر دور المرأة غاية في الحساسية كما وصفها احد العلماء بقوله: {المرأة إما نور من الأنوار الإلهية في المجتمع، أو سهمٌ من سِهام الانحراف والفساد}! ومن هذا المنطلق الخطير والمهم، لابد من دعم المرأة وإسنادها للقيام بمهمتها بعد أن تُدرك معرفة ذاتها ودورها الرساليّ على المستوى التربوي والتبليغي والعملي، وعدم تعطيل طاقاتها الخلّاقة المساهِمة في البناء والارتقاء حتى تكون موضع فخر واعتزاز، ولافرق بين النساء من حيث العمر مادمنَ يمارسن دورهنّ الفاعل في المجالات الثقافية والاقتصادية والتربوية في كل مرافق الدولة كالرجال أو أفضل، سعيًا في تحقيق رفعة الإسلام وسمو الأهداف المنطلِقة من قيم السماء، ولعل أجمل ماوَردَ بحقها على لسان احد العارفين حين قال: {المرأة كالقرآن كلاهما يصنع الحياة والمرأة  هي من تربّي الإنسان }!

يالها من عبارة!! تختصر وتبين خطورة الدور وأهميته في المجتمع، إذ أنها المدرسة والمُلهِمة التي تُخرّج إنسانًا معطاءًا يحقق الهدف  الحقيقي من الخِلْقة والوجود، ليسير بإلهامٍ ودَفعٍ منها بالأتجاه السليم الذي يمثّل القيم الإنسانية العليا،

 

والجدير بالذكر، ونحن نستذكر يوم المرأة، لابد أن نقدّمَ الإنموذج والمثال لشريحة من النساء العراقيات ممن انتهجن نهج فاطمة الزهراء وابنتها زينب”عليهما السلام”

في حقبة مظلمة، شهدت حملات واسعة من الاعتقالات في الوسط النسوي الجامعي وغيره في عموم العراق، حتى فاقت الأعداد حدّ التصوّر من حملة الشهادات ذوات الكفاءة والالتزام الديني والفكر العقائدي، فمضى الآلاف من النساء بمختلف الأعمار في جوّ قمعيّ ارهابيّ، بين إعدام وسجن بعد تعرضهنّ لأقسى صنوف التعذيب الذي لم يخطر حتى على بال المغول والتتار! ثم تغييبهنّ في دهاليز دوائر الرعب الصدامية، فلم يُعرَف لهنّ مصيرًا إلّا بعد سقوط النظام الدموي، حيث تم العثور على رفاتِ البعض منهنّ في مقابر جماعية في مشاهد مهولة!!، والأعم الأغلب بقينَ مفقودات الأثر إلى يومنا هذا! في الوقت الذي مَنّ الله على القسم الآخر من النساء ذوات الشرف المعلّى بالحرية والخلاص بعد قضاء أجمل سنوات العمر في غياهب السجون ليُكملنَ الطريق ولم يَبرَحنَ حتى يبلغنَ الهدف، ثابتات على النهج القويم ومابدّلنَ ولاوَهَنّ.. وكل واحدة كالنخلة الشامخة عطاءً وجمالًا وظِلال، وإذا استحضرنا المرأة الشهيدة، فذلك يعني الخلود والتوسّع في عالم الأحياء حضور رغم الغياب، ومصدر إلهام لاستمرار النهج والثورة، إنه عطاء المرأة الرسالية المنبثق من عمق تربيتها الروحية والعقائدية وقد شهدت يومًا عصيبًا شاهدًا عليها، عندما أبصرت السجن واحة، والجامعة في يديها أساور فخرٍ وبهاء!! كما كلّ سجيناتِ العقيدة، ممّن حملنَ مشعل مقارعة البعث العميل، إذ عُرِفنَ بتميّزهنّ الفكري الوقّاد من حيث العلم والثقافة، والبصيرة والأخلاق، والعطاء والأقدام، والتقوى والثبات حتى آخر نفس أزهَقتْهُ سياط الجلادين وأدوات القمع القاتلة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى