دور الايرادات الضريبية في استدامة النمو الاقتصادي : العراق حالة دراسية للمدة (2004-2020)
إعداد - هاني مالك العسكري - مركز تبين للتخطيط والدراسات الستراتيجية
المستخلص
الواقع الاقتصادي في العراق يتطلب إعادة بناء الاقتصاد برؤية الخروج من المأزق الريعي، وذلك لما مر به من ازمات متتالية ومركبة القت بظلالها على تراجع جميع مؤشراته الاقتصادية . فمحاولات إعادة البناء الاقتصادي بعد عام (2003) لم تفلح في خلق نموذج اقتصادي تنموي مستدام, بل ان هذه السياسات عمقت من تشوهات الاقتصاد والاختلالات الهيكلية ، وذلك بسبب انتهاج سياسات غير ملائمة للنهوض بالاقتصاد العراقي وعدم وجود تخطيط واضح و مدروس من قبل واضعي السياسات الاقتصادية ناهيك عن ضعف المؤسسات الحكومية وعدم وضوح الفلسفة الاقتصادية للبلد . فمحاولات الانتقال من التخطيط المركزي إلى اقتصاد السوق لم يتم بشكل صحيح و هذا بدوره أدى إلى العديد من المشاكل و الأثار السلبية ومنها عدم وضوح السياسات الاقتصادية فيما يتعلق بالإيرادات السيادية مثل الضرائب بل جاء التركيز على الإيرادات النفطية وهي ايرادات خارجية لا تخضع لسيطرة الاقتصاد المحلي وتتميز بالتذبذب والتبعية للأسواق العالمية .
الكلمات المفتاحية : الايرادات الضريبية , النمو الاقتصادي , الاقتصاد العراقي.
AbstractThe economic reality in Iraq requires rebuilding its economy, due to the successive and complex crises it has gone through that have cast a shadow over the deterioration of infrastructure and basic facilities. Despite the attempts of economic reconstruction after a year (2003), the levels of economic development are still low and the country’s economy suffers from distortions, structural imbalances and fluctuating growth rates, due to the adoption of inappropriate policies for the advancement of the Iraqi economy and the lack of clear and thoughtful planning before Economic policy makers not to mention the weakness of government institutions and the lack of clarity of the economic philosophy of the country. Attempts to move from central planning to a market economy were not done properly, and this in turn led to many problems and negative effects, including the lack of clarity of economic policies with regard to sovereign revenues such as taxes. Rather, the focus came on oil revenues, which are external revenues that are not subject to the control of the local economy and are characterized by fluctuations. dependence on global marketsKeywords: tax revenues, economic growth, the Iraqi economy
المقدمة:
تؤدي المالية العامة دور محوري في تحقيق النمو ولاستقرار الاقتصادي لأي بلد , وان العلاقة بين الإيرادات العامة والنمو الاقتصادي هي من اكثر القضايا المهمة في الاقتصاد, فسياسة المالية العامة هي احد شقي السياسة الاقتصادية وعن طريقها يتم استخدام الإيرادات العامة لتحقيق أهداف الدولة وفقا للفلسفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وذلك من خلال الوظائف التي تقوم بها المالية العامة كتحسين الكفاءة الاقتصادية عبر إعادة تخصيص الموارد وإعادة توزيع الدخل والثروة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. إلا إن اعتماد الاقتصاد العراقي على الإيرادات النفطية بصورة شبه كلية يضعف مرونة أدوات السياسة المالية في الاستجابة لمتطلبات النمو والتنمية الاقتصادية ويعيق خطط التنمية وتنفيذ سياسات الإصلاح الاقتصادي , فالاقتصاد العراقي بحاجة ضرورية إلى إيجاد مصدر تمويل مستقر نظرا لضرورة تلبية متطلبات الإنفاق على البنية التحتية والاستثمار ورفع المستوى المعيشي للطبقات المحرومة من جهة. وضعف الجهود الحكومية في تعظيم الإيرادات غير النفطية لتوفير التمويل اللازم بعيدا عن تقلبات أسعار النفط من جهة أخرى.
أهمية البحث: الايرادات الضريبية بصورة خاصة والايرادات غير النفطية بصورة عامة هي ضرورة ملحة تمليها الأوضاع الاقتصادية الداخلية والخارجية التي يمر بها الاقتصاد العراقي من جهة وارتباطها بالنمو الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية من جهة اخرى . فانتهاج السبل والوسائل الملائمة والسياسات الاقتصادية المناسبة لتوسيع قاعدة الإيرادات العامة غير النفطية لغرض رفد الميزانية العامة بإيرادات أكثر استقرارا وغير مرتبطة بالتقلبات الخارجية للتقليل من الأحادية الاقتصادية ووسيلة فعالة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والوقوف أمام الصدمات الخارجية والداخلية ومنعها من تعطيل عملية النمو الاقتصادي.
مشكلة البحث: تطبع الاقتصاد العراقي والموازنة العامة على مورد واحد مرتبط بتقلبات السوق النفطية والازمات السياسية يعيق فرص البلد بتحقيق النمو والتنمية الاقتصادية .
هدف البحث: يهدف البحث الى تشخيص اهم الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد العراقي. وبيان مدى تأثر نمو الاقتصاد العراقي بالإيرادات غير النفطية وبالأخص الايرادات الضريبية.
فرضيات البحث: تطبع الاقتصاد العراقي على الايرادات النفطية واعتماد ناتجه المحلي الإجمالي بصورة شبه كلية على هذه الايرادات اضعف السياسات الاقتصادية في العراق من التفكير في مصادر الايرادات الاخرى .
المبحث الأول: الإطار الفكري للإيرادات العامة وتطورها.
أصبحت الدولة في ظل المجتمعات الحديثة تشارك بدور متزايد في النشاط الاقتصادي بما يتضمنه من تقديم خدمات اقتصادية واجتماعية كثيرة ومتنوعة بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف التي تؤدي في النهاية إلى زيادة وتعظيم دالة الرفاهية الاجتماعية للمجتمع، والمساعدة على وجود الظروف الملائمة التي تساعد في إحداث المزيد من التقدم في كافة القطاعات ويحتاج القيام بهذه الادوار الى مصادر تمويل .
وينظر إلى الإيرادات العامة على إنها جزء رئيس من مفهوم المالية العامة وأداة مهمة من أدوات المالية العامة بشقيها الإيرادي والإنفاقي التي يجب على الدولة القيام بها من خلال مجالسها النيابية، وكما عرفت كذلك بانها المصدر الذي تستمد الدولة منه الأموال بهدف تغطية احتياجاتها المتعددة وإشباع الحاجات العامة الضرورية للمجتمع، كما وتعرف بانها الأموال التي تحصل عليها الدولة من مصادر معينة والتي تحتاج اليها في مباشرتها النشاط المالي (مشكور، 2016: 53).
وقد تأتي الإيرادات العامة من مجموعة متنوعة من المصادر منها ما هو إيراد ضريبي تحصل عليه الدولة قصرا من الأفراد أو إيراد غير ضريبي تحصل عليه الدولة بمقتضى عقد كما هو الحال في إيراد الدومين الصناعي والتجاري فضلا عن وجود موارد تحصل عليه الدولة وفق مقابل كالإعانات والمنح التي تدفع لمصلحتها، وبسبب زيادة النفقات العامة أدى إلى تطور نظرية الإيرادات العامة وأغراضها مما أدى بالتالي إلى تطور محددات وضوابط الإيرادات العامة وهذا مما أدى إلى أن نظرية الإيرادات العامة لم تعد مقتصرة على عملية تمويل النفقات العامة كما كان ينادي بيه الفكر التقليدي بل أصبحت أداة رئيسية من أدوات التوجيه الاقتصادي والاجتماعي، كما أن قنوات الإيرادات العامة تطورت وتنوعت أساليبها واختلفت طبيعتها تبعا لنوع الخدمة العامة التي تؤديها الدولة وهدفها فيها وقد فتح هذا التعدد الباب واسعا أمام الفكر المالي لتقسيم الإيرادات العامة على التمييز بين أنواعها المختلفة إلى أقسام مختلفة هي الأخرى بحيث يضم كل منهما الموارد التي تتشابه بالطبيعة والخصائص (إبراهيم ، عبد القادر ، 2020: 105).
تعتبر الضرائب العامة الرئيس في تمويل الموازنة العامة ، فهي تهم القطاع العائلي وقطاع الأعمال والاقتصاد والاستثمارات ، والقطاع الحكومي فعلا صعيد القطاع العائلي فان الأفراد يهتمون بالضريبة لان لهم تأثير على مستوى معيشتهم وحجم ادخارهم وعلى عدد ساعات عملهم بالزيادة والنقصان ، أما على صعيد الأعمال والاستثمار فلها تأثير على حجم الأرباح ، وبالتالي على حجم الاستثمار وتوجيهه نحو مجال معين وكيفية الاستفادة من الحوافز التشجيعية في مجال الإعفاءات الضريبية وهي تهم القطاع الحكومي لان لها تأثير كبير على حجم الإيرادات العامة لتمويل النفقات العامة ، وعلى مدى تحقيق العدالة وتوزيع الدخل على أفراد المجتمع وتوجيه الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، (حمد ، 2021: 21).
وتُعرف الضريبة بأنها اقتطاع نقدي جبري بموجب قانون، بدون مقابل، بغرض تحقيق منافع عامة، أو أنها اقتطاع مالي تقوم به الدولة جبرا من ثروة الآخرين دون منفعةُ خاصة بغرض تحقيق منافع عامة، وبالتالي تكمن عناصر الضريبة فيما يلي:
أ- الضريبة التزام نقدي: يرجع نشأت الضريبة إنها مبلغ من النقود أي إنها خصم نقدي وهذا يعكس التطور الحاصل في شكل الضريبة التي ظهرت في بادئ الأمر في صورة أعمال إلزامية من جهة ومن جهة أخرى يبرز الطابع النقدي للمجتمعات المعاصرة، فضلاً عما تتصف به النقود من مزايا ويشمل الطابع النقدي للضريبة ثلاث جوانب تتصل بالوعاء، التصفية، ،والتحصيل ،فوعاء الضريبة غالباً ما يتكون من عناصر نقدية أو قابل للتقدير النقدي، وهذا لا يعني إنها لا يمكن فرض الضرائب على عناصر غير نقدية، فالضرائب نوعية كالضرائب على استهلاك التبغ والمنتجات البترولية في بعض الدول تتم احتسابها على أساس الحجم أو العدد وليس على أساس القيمة النقدية لها كأن يقال دينار واحد على كل برميل نفط مثلاً، أو كما هو على مشتقات التبغ مثلاً نصف دينار على كل علبة سجائر ،أما بالنسبة لتصفية الضريبة فغالباً ما تتطلب تحديد معدل حسابي يطبق على الوعاء المقدر نقديا أما بالنسبة للتحصيل فهي المرحلة التي يظهر فيها الطابع النقدي للضريبة واضحاً يتم تتحصل الضريبة نقداً سواء كان ذلك باستخدام النقود القانونية أو الشيكات المصرفية أو بطاقات الائتمان أو غيرها من وسائل الدفع النقدي (خصاونة،2014 :65).
ب-الضريبة تُفرض وتُدفع جبرا: تنفرد الدولة في أنها تضع الإطار التشريعي للضرائب دون استشارة دافع الضرائب، وتحديد الوعاء الضريبي، والنسبة المئوية، والمسؤول عن الدفع، وطريقة التحصيل، نتيجة لذلك، عندما يرفض الممول الدفع، تلجأ الدولة إلى التعويض للحصول عليها. (بانافع، علي، 2020: 92).
ت-الضريبة تفرض من قبل الدولة: لا يمكن فرض الضريبة أو تغييرها أو إلغاؤها إلا بموجب القانون، لا يجوز تحصيل سوى الضرائب التي تسمح بها السلطات المختصة من قبل الإدارة الضريبية التي تتولى إدارة السلطة العامة، كما نشير بالنسبة للعنصرين السابقين للضريبة يدلان على أن المكلـف عنـدما يتأخر عن دفع الضريبة، أو يمتنع بدفعها، بمعنى إذا حاول التهرب يتعرض عقوبات محددة قانونا
ث-الضريبة تفرض وفقا للمقدرة التكليفية للمكلفين: إن المقدرة التكليفية تعني الأخذ بالاعتبار المقدرة التكليفية المادية للأشخاص، فالضريبة هي طريقة لتقسيم الأعباء العامة بين الأفراد وفق قدرتهم التكليفية، وهذا ما ناد بـه آدم سميث من خلال قاعدة العدالة أي أن يساهم كل أعضاء المجتمع في تحمل أعباء الدولة تبعا لمقدرتهم النسبية على الدفع، (جمام ،2010، 16)
ج-الضريبة فريضة بلا مقابل: وذلك تأكيدا لبعد فكرة الضريبة عن العقد أو الثمن وإقامتها على أسس من التضامن الاجتماعي وفقا للايدلوجية السائدة في المجتمع، على نحو يمكن الدولة من التدخل لتحقيق تنمية متوازنة للاقتصاد القومي، تكفل الاستقرار الاقتصادي من ناحية، وعدالة توزيع الدخل القومي من ناحية أخرى، (البطريق، ب ت، 51)
المبحث الثاني: النمو الاقتصادي و الإيرادات الضريبية علاقة التلازم والارتباط
اولا : النمو الاقتصادي المفهوم والانواع:
تمهيد:
يعد النمو الاقتصادي من المفاهيم والأفكار الاقتصادية التي تشغل أفكار الاقتصاديين لغرض بلوغه باعتباره من الأهداف المهمة لجميع البلدان باختلاف تطورها ‘ والنمو الاقتصادي هو المعيار الذي يتم بواسطته تصنيف الدول المتخلفة من الدول المتقدمة ‘ كما يحاول الأفراد إيجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية الدائمة والمتمثلة بمحاولة إشباع حاجاتهم المتزايدة وغير المحدودة من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة والتي تمتاز بالندرة ‘ وبهذا يسعى الأفراد للسيطرة على الطبيعة ومواردها المحدودة وزيادة كفاءة استغلالهم لهذه الموارد بما يلبي الجزء الأكبر من حاجاتهم المتزايدة بشكل مستمر
ويعرف النمو الاقتصادي بأنه ارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي أو إجمالي الناتج القومي ينتج عنه زيادة في نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيقي (بن ساحة، 2008، 4). في حين عرف على انه يمثل المقدار الذي يتم فيه استخدام الطاقة الإنتاجية لمختلف القطاعات الاقتصادية، فكلما زاد معدل استغلال الطاقة الإنتاجية، ارتفعت وتيرة النمو الاقتصادي والعكس صحيح (مختار،2009، 43-44). ويُعرَّف النمو الاقتصادي، وفقًا للخبير الاقتصادي الأمريكي سايمون كوزنتس، بأنه ارتفاع طويل الأجل في قدرة السكان على الحصول على منتجات اقتصادية أكثر تنوعًا، تساهم التكنولوجيا المتقدمة، والتكيف المؤسسي، والفلسفة المطلوبة في توسيع هذه الإمكانات (نصر، 2003، 4-5). وفقًا للبنك الدولي، يتم تقييم التغييرات السنوية في الناتج المحلي من خلال إجمالي القيمة المضافة التي حصل عليها جميع المنتجين المقيمين في الاقتصاد، باستثناء ضرائب المنتجات وأي إعانات غير مدرجة في قيمة البنود (البنك الدولي،2010 ،21).
ومن هذه المفاهيم الخاصة بالنمو يمكن الخروج بجملة من الاستنتاجات لعل اهمها الاتي: –
1-التركيز على النمو طويل المدى أولاً، ثم على المدى الطويل، وليس النمو العابر.
2-وجود قابلية مؤسسية وأيديولوجية للتكيف، مما يدل على دور النظام المؤسسي في عملية النمو، (خشيب، 2007 ،5).
تركز التعريفات الأخرى على جانبين من جوانب النمو الاقتصادي:
أ -نمو الناتج المحلي الإجمالي المفرط، وبالتالي النمو الدوري الذي يحدث في ظل الظروف العادية، لا تعتبر نموا اقتصاديا.
ب -أن تكون الزيادة حقيقية وليست نقدية، ولكي تكون حقيقية، يجب القضاء على تأثير التضخم، ومن ثم لا يوجد نمو اقتصادي حتى يتجاوز معدل النمو في الدخل القومي معدل التضخم (حمداني، 4،2008)
وفقًا (لجوزيف شوم بيتر)، يشير النمو إلى التغيير البطيء بمرور الوقت الذي يحدث أثناء الزيادة التدريجية والمستمرة في معدل النمو السكاني ومعدل نمو المدخرات، ويختلف هذا التعريف عن غيره من حيث أنه يركز على التغيير البطيء بدلاً من الزيادة المستمرة، عندما يتعلق الأمر بالنمو الاقتصادي، فإن الادخار أمر لا بد منه (حمداني،2008، 6).
وهناك عدت أنواع للنمو (أبو شعبان، 2016، 17).
أولا: النمو التلقائي: يتحقق النمو التلقائي من قوى السوق العفوية، أي بدون تخطيط علمي مسبق، بحيث يكون دور الدولة مساعداً ومكملاً للسوق وليس ضرورياً، ويتسم النمو التلقائي بالثبات والبطء، هذا النمط هو الحالة الأساسية التي تحدد معظم الدول الناشئة، على الرغم من حقيقة أنها مرت بصدمات شديدة قصيرة المدى بسبب الدورات الاقتصادية في بعض الأحيان.
ثانيا: النمو العابر: يحدث نتيجة عوامل طارئة مؤقتة تتلاشى بسرعة، وغالباً ما تكون خارجية، وعندما تتلاشى هذه العوامل يتلاشى هذا النمو معها، ويتسم هذا النمو العابر بعدم الاستقرار والاستمرارية، وهذا النمط هو الوضع العام في معظم البلدان النامية.
ثالثا: النمو المخطط: يحدث نتيجة عملية التخطيط الشامل للاقتصاد الوطني، حيث ينمو الاقتصاد على أساس خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويرتبط النمو ارتباطًا وثيقًا بقدرة المخططين وواقعية الخطط، المقدمة، وفعالية المتابعة والتنفيذ، كما يؤخذ في الاعتبار هذا النمو، إنها ذاتية الحركة ولها خاصية الاستمرارية، وهذا النمط هو السيناريو العام الذي ميز معظم الدول الاشتراكية والسابقة، مع حكم الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج الأساسية والتخطيط المركزي الشامل الذي يوفر الأساس لهذا التوسع.
رابعا: النمو الاقتصادي الموسع: يتمثل هذا النوع من النمو في كون نمو الدخل يتم بنفس معدل نمو السكان أي إن الدخل الفردي ساكن.
خامسا: النمو الاقتصادي المكثف: يتمثل هذا النوع من النمو في كون نمو الدخل يفوق نمو السكان وبالتالي يرتفع الدخل الفردي، (مكيد،2020، 128).
ثانيا: علاقة النمو بالإيرادات الضريبية
يعد النظام الضريبي (tax system) أحد أهم أدوات السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تحقيق أهداف المجتمع سواء في الدول المتقدمة أم في الدول النامية ووسيلة من الوسائل التي تساعد في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها؛ وكيف ما كان النظام الاقتصادي أو السياسي الذي يحكمه، لذلك فإن مثل هذا التشريع (النظام الضريبي) يجب أن يأتي تعبيرا عن فلسفة الحكم والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية فيه.
لذلك تختلف أهداف النظام الضريبي في الدول المتقدمة عن أهداف النظام الضريبي في الدول النامية، فهو يهدف في الأولى إلى تحقيق معدلات نمو مستمرة للحفاظ على مستوى الدخل المرتفع والقضاء على البطالة من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والعدالة في توزيع العبء الضريبي، أما في الدول النامية فهو إضافة إلى تحقيق الأهداف السابقة يهدف إلى بناء التنمية الشاملة وزيادة مستوى التصنيع نظراً لتخلف هياكلها الاقتصادية وبنيتها الأساسية (الحلاق، 2018، 15).
مخطط (1)
علاقة الضرائب بالنمو والتنمية الاقتصادية
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على صندوق النقد الدولي ، 2016، 20).
إن التفاعل بين القدرة الضريبية، والقدرة القانونية، وقدرة الإدارة العامة هو ما يحدد قدرة الدولة توفر القدرة الضريبية للحكومة إيرادات كافية لتمويل أنشطتها، وتلعب دورا مثمرا في الاقتصاد تمكن القدرة القانونية الحكومة من تأمين الأنظمة التي تدعم المنافسة وحماية حقوق الملكية وتنفيذ العقود تشير قدرة الإدارة العامة إلى فعالية الحكومة وكفاءة استخدام الأموال العامة، فالقدرة الضريبية تعتمد، ليس فقط على القانون الضريبي وكيفية تنفيذه، بل أيضا على الامتثال الضريبي، فكلما ازدادت فعالية الحكومة ومصداقيتها، كلما ازدادت شرعيتها وكلما ازدادت أيضا درجة الامتثال الضريبي ومن دون الامتثال إلى مراقبة مفرطة أو إجراءات عقابية (صندوق النقد الدولي،2016، 21)
المبحث الثالث: الايرادات الضريبية ونسبة اسهامها في تمويل الموازنة العامة والانعكاس على الناتج المحلي الاجمالي في العراق
المطلب الأول: تحليل مسار الإيرادات الضريبية وأهميتها:
تعتبر الإيرادات الضريبية المصدر الثاني في تمويل الإيرادات العامة في العراق بعد الإيرادات النفطية وقد شهدت حصيلة هذه الإيرادات بالقيم المطلقة تزايدا لمعظم المدة المدروسة. إذ بلغت ما مقداره (109.87) مليار دينار في عام 2004، ثم وصلت عام 2009 إلى (2821.32) مليار دينار وبمعدل نمو موجب بلغ (244.2) ويرجع سبب هذه الزيادة إلى انتهاء العمليات الحربية ورفع الحضر عن كافة المنافذ الحدودية مما فتح الباب على مصراعيه أمام حركة الاستيراد وبشكل كبير. لكنها تراجعت خلال الأعوام 2010,2011)) إلى نصف ما حققته في العام 2009 (1292.10) و (1491.29) مليار دينار على التوالي ويرجع سبب هذا الانخفاض إلى تأثر الاقتصاد العراقي بتداعيات الأزمة المالية العالمية وذلك من خلال تراجع أسعار النفط عالميا. لتعاود الارتفاع مرة أخرى في عام 2012اذ بلغت حوالي (2135.11) مليار دينار. وكما موضح في الجدول رقم ((1 أدناه. وترجع سبب هذا التحسن في الإيرادات الضريبية إلى حالة الانتعاش التي تعيشها السوق المحلية بسبب حالة الاستقرار الاقتصادي وزيادة مستوى الإنفاق العام، فضلا عن تعاظم القوى الشرائية لدى الجمهور كانت وراء زيادة الإيرادات الضريبية نتيجة لارتفاع الضرائب غير المباشرة المفروضة على الأنشطة التجارية خاصة الاستيرادات.
أما في الأعوام 2014 و 2015 قد انخفضت لإيرادات الضريبية ولعل السبب في هذا الانخفاض يعود إلى تعرض الاقتصاد العراقي إلى صدمتين مزدوجتين ,الأولى ناتجة عن هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية , والثانية الانهيار الأمني الذي أصاب البلد في منتصف عام 2014 وخروج ما يقرب ثلث مساحته عن سيطرة الدولة المركزية, فضلا عن توقف الحركة التجارية وتعطيل معظم المنافذ الحدودية في تلك المناطق الأمر الذي تسبب في إيقاف الضرائب الغير مباشرة المفروضة على الاستيرادات السلعية مما تسبب بانخفاض حصيلة الإيرادات الضريبية في عامي 2014,2015 إذ حققت الإيرادات الضريبية بالقيم المطلقة انخفاضا بلغ (1552.82) و (1068.12) مليار دينار على التوالي وبمعدل نمو سالب بلغ ( 36%- ) و ( 31%-) على التوالي.
ومن تفحص بيانات الجدول رقم (1) يلاحظ إن الإيرادات الضريبية وصلت إلى اعلى مستوى لها خلال المدة (2020-2004) لتبلغ قرابة (5686.20) مليار دينار في العام2018 .
الجدول (1)
الإيرادات الضريبية ونسبتها إلى الإيرادات العامة في العراق للمدة (2020-2004) مليار دينار
السنوات | الإيرادات العامة(1)
|
الإيرادات الضريبية(2)
|
نسبة2/1 % | معدل نمو (2) |
2004 | 22703.95 | 109.87 | 0.48 | 144.1 |
2005 | 27469.93 | 336.46 | 1.22 | 206.2 |
2006 | 33257.99 | 400.83 | 1.20 | 19.1 |
2007 | 43381.88 | 969.48 | 2.23 | 141.8 |
2008 | 67033.28 | 819.48 | 1.22 | -15.4 |
2009 | 46737.33 | 2821.32 | 6.03 | 244.2 |
2010 | 59172.19 | 1292.10 | 2.18 | -54.2 |
2011 | 86947.39 | 1491.29 | 1.71 | 15.4 |
2012 | 97175.36 | 2135.11 | 2.19 | 49.8 |
2013 | 92402.65 | 2335.11 | 2.52 | 9.3 |
2014 | 86809.41 | 1552.82 | 1.78 | -36.6 |
2015 | 44927.32 | 1068.12 | 2.37 | -31.2 |
2016 | 54409.27 | 3861.89 | 7.10 | 261.5 |
2017 | 79011.42 | 3451.50 | 5.90 | -10.6 |
2018 | 106569.8 | 5686.20 | 5.30 | 64.7 |
2019 | 107567.0 | 4014.50 | 3.70 | -29.3 |
2020 | 63199.7 | 4718.20 | 7.40 | 17.5 |
المصدر: الأعمدة (4،3) من عمل الباحث، أما (2،1) من المصادر الأتية:
1-التقرير الاقتصادي السنوي للبنك المركزي العراقي سنوات متفرقة.
2-قانون الموازنة العامة الاتحادية سنوات متفرقة، منشورات جريدة الوقائع العراقية.
ومن بيانات الجدول أعلاه يلاحظ إن معدل نمو الإيرادات الضريبية اثنا مدة الدراسة شهد تذبذباً ملحوظاً حيث ارتفع بنسبة كبير خلال عامي 2004 و2005 تجاوزت ما مقداره (144%) و(206.2%) على التوالي.
إن هذا الارتفاع في معدل نمو الإيرادات الضريبية يمكن تفسيره بارتفاع حجم الاستيراد بالمقارنة بالسنوات السابقة لها لكن بعد هذه السنوات يلاحظ انخفاض معدل نموها وحققت معدلات نمو سالبة لمعظم هذه السنوات إذ بلغ اعلى معدل نمو سالب لها في العام 2010 لتحقق (54.2%-) ثم عاودت الارتفاع حتى ناهز معدل نموها خلال السنوات اللاحقة إذ بلغ (261.2%) في عام 2016.
إن ارتفاع حجم الإيرادات الضريبية المبينة في الجدول أعلاه لا ينفي أهميتها النسبية إلى إجمالي الإيرادات العامة والتي ما زالت ضعيفة جدا ولا تتسم بالاستقرار إذ سجلت نحو (0.48%) عام 2004 وعلى الرغم من ارتفاعها النسبي خلال السنوات اللاحقة لكنها لم تتجاوز حدود (7%) طيلة المدة (2004-2020). وكما يصور ذلك الشكل (5)
الشكل (1)
الإيرادات الضريبية ونسبتها إلى الإيرادات العامة في العراق للمدة
(2020-2004)
المصدر: عمل الباحث بالاعتماد على بيانات الجدول (1)
المطلب الثاني: تحليل المكونات الرئيسية للإيرادات الضريبية:
يوضح الجدول رقم (2) أدناه المكونات الرئيسية للإيرادات الضريبية من خلال إسهام نسبة هذه الإيرادات من إجمالي الإيرادات الضريبية ومن قراءة معطيات الجدول يلاحظ عليها أنها اتسمت بعدم الاستقرار أثناء سنوات الدراسة. والجدول أدناه يوضح ذلك
الجدول (2) مكونات الايرادات الضريبة في العراق للمدة (2004-2020) مليار دينار.
السنوات | إيرادات الضرائب المباشرة
(1) |
الإيرادات ألجمركية
(2) |
الإيرادات الضريبية
(3) |
نسبة 1/3%
(4) |
نسبة2/3 %
(5) |
2004 | 27.85 | 82.020 | 109.87 | 0.26 | 0.74 |
2005 | 218.28 | 118.176 | 336.46 | 0.65 | 0.35 |
2006 | 181.79 | 219.032 | 400.83 | 0.46 | 0.54 |
2007 | 740.40 | 229.076 | 969.48 | 0.77 | 0.23 |
2008 | 442.94 | 376.539 | 819.48 | 0.56 | 0.44 |
2009 | 2230.6 | 590.688 | 2821.32 | 0.79 | 0.21 |
2010 | 726.38 | 565.718 | 1292.10 | 0.56 | 0.44 |
2011 | 1054.4 | 436.814 | 1491.29 | 0.71 | 0.29 |
2012 | 1617.2 | 517.865 | 2135.11 | 0.76 | 0.24 |
2013 | 1450.4 | 884.708 | 2335.11 | 0.62 | 0.38 |
2014 | 1122.1 | 430.685 | 1552.82 | 0.72 | 0.28 |
2015 | 761.62 | 306.507 | 1068.12 | 0.71 | 0.29 |
2016 | 3229.5 | 632.384 | 3861.89 | 0.84 | 0.16 |
2017 | 1686.9 | 1764.507 | 3451.50 | 0.49 | 0.51 |
2018 | 3425.0 | 2261.109 | 5686.20 | 0.60 | 0.40 |
2019 | 2389.0 | 1625.505 | 4014.50 | 0.59 | 0.41 |
2020 | 3316.0 | 1402.136 | 4718.20 | 0.70 | 0.30 |
المصدر: الأعمدة (4و5و6) من إعداد الباحث وباقي الأعمدة من المصادر التالية
1-عماد محمد علي وزيد كريم الشافعي. تقييم أداء الواقع الضريبي في العراق للمدة (2003-2016) جامعة بغداد. كلية الإدارة والاقتصاد.قسم الاقتصاد. بحث منشور. مجلة الدنانير العدد الثامن عشر. 2020.
3-التقرير الاقتصادي السنوي للبنك المركزي العراقي سنوات متفرقة
4-قانون الموازنة العامة الاتحادية 2017، جريدة الوقائع العراقية، العدد (4430)
أما فيما يخص الضرائب المباشرة نجد إنها وصلت إلى اقصى قيمة لها طيلة سنوات المدة المدروسة إذ حققت ما يقارب (3229.5) مليار دينار في عام 2016 وشكلت اعلى نسبة مساهمة في العام إذ بلغت (0.84%). وعلى الرغم من إن هذه الضرائب بدأت بصورة ملحوظة منذ عام 2005 مسجلة ما نسبته (0.65%). من إجمالي الإيرادات الضريبية إلا إن إسهامها النسبي اخذ بالتذبذب حيث سجلت هذه الضرائب ما نسبته (0.26%) كحد أدنى عام 2004 و0.84% كحد اعلى عام 2016. وكما يصور ذلك الشكل(6) أدناه.
وفيما يخص فقرة الضرائب الجمركية يلاحظ إنها تشكل المصدر الثاني للإيرادات الضريبية في العراق من حيث الأهمية بعد الضرائب المباشرة وقد شهدت حصيلة الضرائب الجمركية تزايد بالقيم المطلقة أثناء مدة الدراسة (2020-2004) إذ بلغت ما مقداره (82.020) مليار دينار وبنسبة مساهمة في مجمل الإيرادات الضريبية ((0.74 في عام (2004) لتشكل إلى اعلى مستوى من المساهمات في الإيرادات الضريبية طوال فترة الدراسة ومن ثم استمرت الحصيلة بالتزايد للسنوات (2013-2004) حيث بلغت ما قيمته (884.708) وبنسبة مساهمة في الإيرادات الضريبية (0.38) لكنها تراجعت الحصيلة إلى النصف تقريبا في عام (2014) حيث بلغت قيمتها ((430.685مليار دينار بسبب تردي الوضع الأمني وسيطرة عصابات داعش الإجرامية على ثلث العراق إضافة إلى انخفاض أسعار النفط عالميا مما كان له الأثر البالغ على الوضع الاقتصادي في داخل العراق.
لتعاود الارتفاع مرة أخرى وبشكل ملحوظ في عام (2017) لتشكل (1764.507) مليار دينار وبسبب إعلان انتهاء العمليات العسكرية وتحرير كافة الأراضي من العصابات الإجرامية ومن ثم وصلت إلى اعلى قيمة من الضرائب الجمركية خلال مدة الدراسة في عام (2018) حيث بلغت ما قيمته ((2261.109 مليار دينار.
لقد شهدت نسبة مساهمة الضرائب الجمركية في مجمل الإيرادات الضريبية أثناء مدة الدراسة تذبذبا ملحوظا كما مبين في الجدول (2) إذ ارتفعت بنسبة كبيرة في عام (2004) تجاوزت ما مقداره (0.74) على الرغم تحديد مقدار الضريبة الجمركية في سنة (2020-2004) أبان حكومة الانتداب ‘ ومن ثم فان هذا الارتفاع في معدل مساهمتها يمكن تفسيره بارتفاع حجم الاستيرادات بالمقارنة بالسنوات السابقة لها بسبب استخدام سياسة السوق المفتوحة ‘ لكن نسبة المساهمة تذبذبت صعودا ونزولا بعد عام (2004) حتى وصلت إلى ادنى نسبة مساهمة في عام (2006) وبنسبة (0.16) وذلك بسبب توقف استيفاء الضرائب على الإنتاج.
إن انخفاض حجم الضرائب الجمركية بالقيم المطلقة والمبينة أنفا لا ينفي أهميتها النسبية إلى إجمالي الإيرادات الضريبية رغم إنها ضعيفة جدا (لاحظ الشكل رقم 6) فضلا عن كونها غير مستقرة ‘على الرغم من تجميدها في عام (2003) فضلا عن تواضع نسبتها للسنوات اللاحقة من فترة الدراسة ولاسيما بعد تلعيق الضرائب الجمركية واعتماد ضريبة الإعمار بدلا عنها التي حددت بنسبة (5%) من قبل حكومة الانتداب ‘وان التحسن بعدها قد لا يفسر حصول زيادة في حصيلة الضريب بل بسبب الانفتاح الاقتصادي وانفتاح الأسواق العالمية واستخدام (سياسة الإغراق) حيث إغراق السوق العراقية بمختلف أنواع البضائع والسلع منخفضة التكلفة التي أدت إلى إغلاق اغلب المصانع العراقية وعدم إمكانيتها من منافسها السلع المستوردة ‘ الأمر الذي يؤكد ضعف الدور التمويلي للضرائب الجمركية في مجمل الإيرادات الضريبية والإيرادات العامة ‘ إن انخفاض نسبة مساهمة إيرادات الضريبة الجمركية في تكوين الإيرادات الضريبية كما مبين سابقا يؤكد القصور الواضح في النظام الضريبي من جهة ‘ فضلا عن الحاجة الضرورية والمهمة لإعادة تأهيله ومنحه المرونة الكافية واللازمة للتكيف مع المتغيرات المستمرة التي شهدها الاقتصاد العراقي والعالمي على مدى العقود الأخيرة واتجاهاتها المستقبلية من جهة أخرى وذلك لغرض تعزيز التنويع في الإيرادات الضريبية.
الشكل (2)
الإسهام النسبي لمكونات الرئيسية للإيرادات الضريبية في العراق للمدة (2004–2020)
المصدر: عمل الباحث بالاعتماد على بيانات الجدول (2).
المطلب الثالث: تحليل مساهمة الايرادات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي للمدة (2004-2020).
تضم الموازنة العامة في العراق تشكيلة واسعة من مصادر الإيرادات سواء الإيرادات النفطية أو إيرادات الدولة السيادية المتأتية من فرض الضرائب والرسوم أو تلك التي يحققها القطاع العام كإيرادات لمخرجاته السلعية أو الخدمية. إلا إن استقراء واقع إيرادات الموازنة العامة في العراق وللمدة المدروسة من خلال الجدول (12) يأشر الاختلال الهيكلي الكبير في جانب الإيرادات العامة وهناك تباين واضح من حيث نسبة الإسهام أو مصدر التمويل. إن خاصية الاقتصاد العراقي المعتمدة على المصدر الريعي في تمويل الموازنة والاقتصاد انعكست بشكل كبير على بنية هذه الموازنة، إذا ينكشف تمويل الموازنة العامة على إيرادات النفط بنسب تتراوح بين (80 إلى 90%) مع انحسار ومحدودية الإيرادات الآخر كما يصور ذلك
الجدول (3)
تطور الإيرادات العامة والإيرادات غير النفطية والضريبية في العراق للمدة (2004-2020)
السنوات | الإيرادات العامة | الإيرادات غير النفطية | الإيرادات الضريبية | الناتج المحلي الإجمالي | نسبة الإيرادات العامة إلى GDP | نسبة الإيرادات غير النفطية إلى GDP | نسبة الإيرادات الضريبية إلى GDP |
2004 | 22703.95 | 3637.2 | 109.87 | 532353587 | 42.2 | 6.7 | 1.8 |
2005 | 27469.93 | 9818.1 | 336.46 | 735335986 | 37.2 | 13.3 | 4.5 |
2006 | 33257.99 | 2147.5 | 400.83 | 955879548 | 34.7 | 2.1 | 4.1 |
2007 | 43381.88 | 1801.2 | 969.48 | 1114558134 | 38.8 | 1.6 | 8.6 |
2008 | 67033.28 | 3051.1 | 819.48 | 1570260616 | 42.6 | 1.9 | 5.2 |
2009 | 46737.33 | 3490.6 | 2821.32 | 1306432004 | 35.7 | 2.6 | 2.1 |
2010 | 59172.19 | 3254.8 | 1292.10 | 1620645655 | 36.6 | 1.9 | 7.9 |
2011 | 86947.39 | 1536.0 | 1491.29 | 2173271074 | 40.0 | 0.6 | 6.8 |
2012 | 97175.36 | 2546.1 | 2135.11 | 2542254907 | 38.2 | 0.9 | 8.3 |
2013 | 92402.65 | 8313.2 | 2335.11 | 2735875292 | 33.8 | 3.0 | 8.5 |
2014 | 86809.41 | 8537.6 | 1552.82 | 2663326551 | 32.5 | 3.1 | 5.8 |
2015 | 44927.32 | 15158 | 1068.12 | 1946809718 | 23.0 | 7.7 | 2.3 |
2016 | 54409.27 | 10142 | 3861.89 | 1969241417 | 27.6 | 5.1 | 1.9 |
2017 | 79011.42 | 11061 | 3451.50 | 2216657095 | 35.6 | 4.9 | 1.5 |
2018 | 106569.8 | 10950 | 5686.20 | 2689188740 | 39.6 | 3.7 | 2.1 |
2019 | 107567.0 | 8350.7 | 4014.50 | 2778848694 | 38.6 | 3.0 | 1.4 |
2020 | 63199.7 | 8751.2 | 4718.20 | 1987743254 | 31.7 | 4.1 | 2.3 |
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على
– بيانات وزارة التخطيط العراقية ‘قسم الإحصاء ‘الحسابات القومية للسنوات (2004-2020).
– البنك المركزي العراقي ‘دائرة الإحصاء والأبحاث ‘التقرير الاقتصادي السنوي ‘سنوات متفرقة.
– قانون الموازنة العامة الاتحادية، جريدة الوقائع العراقية سنوات متفرقة.
يصور لنا الجدول أعلاه الأهمية الكبيرة التي تشكلها سياسة الإيرادات العامة في الاقتصاد العراقي من اجل دفع عجلة النمو الاقتصادي، إذ يتبين إن نسبة إجمالي الإيرادات العامة إلى (GDP) بلغت اقصى حد لها وهو (42.6%) عام 2008 وذلك بسبب الارتفاع غير المسبوق الحاصل في الإيرادات النفطية بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. وبالرغم من انخفاضها إلى (35%) خلال العام 2009 بسبب انخفاض الإيرادات النفطية عاودت الارتفاع لتحافظ بعدها نسبة إجمالي الإيرادات العامة إلى الناتج على استقرارها للمدة (2010-2014) ويعزى هذا الاستقرار إلى التحسن الملحوظ في أسعار النفط والزيادات المتحققة في جانبي الإيرادات غير النفطية والضريبية وكما يفصح عن ذلك الشكل (3).
أما خلال عامي 2015 و2016 فقد شهدت كل من نسبة مساهمة إجمالي الإيرادات العامة ونسبة إسهام الإيرادات النفطية وغير النفطية سلسلة من الانخفاضات لتسجل أدنى حد لها 23% خلال العام 2015 ‘كما وانخفضت نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي من 5.8 عام 2014 إلى 2.3 عام 2015 وعلى الرغم من التحسن والزيادات التي حققتها نسبة مساهمة الإيرادات العامة الناتج المحلي للمدة 2017-2020 لكن يلاحظ تراجع نسبة إسهام الإيرادات الغير النفطية والإيرادات الضريبية. وعليه إن الإيرادات النفطية غطت الجزء الأكبر من مساهمة إجمالي الإيرادات العامة في الناتج المحلي الإجمالي وباعتبار إن الإيرادات النفطية ترتبط أساسا بتقلبات أسعار النفط العالمية فانه لا يمكن اعتمادها في رسم السياسة الاقتصادية للدولة والتأثير في مستوى النشاط الاقتصادي لرفع معدلات النمو وبالتالي فلتدخل يكون عن طريق رفع نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية.
من خلال الجدول أعلاه يمكن تأشير ملاحظة مهمة تعكس الطبيعة الريعية للاقتصاد العراقي وهي إن الإيرادات غير النفطية تتناسب عكسيا مع الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي وطرديا وهذا ما يفصح عنه الجدول والشكل إذ إن الزيادات المتحققة في الناتج المحلي الإجمالي يقابلها حتما انخفاض في نسبة إسهام الإيرادات غير النفطية وهذا بسبب الاتكال على المورد الريعي في تحريك مختلف قطاعات الاقتصاد القومي
الشكل(3)
نسبة إسهام الإيرادات العامة والإيرادات الضريبية وغير الضريبية في الناتج المحلي الإجمالي في العراق للمدة (2004-2020)
المصدر: عمل الباحث بالاعتماد على بيانات الجدول(3)
تفصح معطيات الشكل أعلاه عن النسبة الضئيلة لمساهمة الإيرادات الضريبية في تمويل الإيرادات العامة انخفاض العبء الضريبي في الاقتصاد العراقي التي تعتبر الجزء الأكبر من الإيرادات غير النفطية كما هو واضح أيضا الضعف في العلاقة بين النمو الاقتصادي والإيرادات غير النفطية بسبب انخفاض نسبة المساهمة والدعم لإجمالي الإيرادات العامة وهو ما يدل على ريعية الاقتصاد العراقي.
الاستنتاجات:
- مازال الاقتصاد العراقي يعاني من آثار الحروب التي مر بها البلد، والتي انعكست بضعف البنى التحتية واختلال الهيكل الإنتاجي، عدم الاستقرار في معدلات النمو الاقتصادي، تدني مستوى الخدمات والرعاية الصحية ومستويات التعليم.
- أن أهم مخاطر اعتماد الإيرادات العامة للدولة على مصدر واحد وهو النفط وبشكل أساسي، تتمثل في تقلبات حاده في حصيلتها نتيجة لتغيرات الأسعار العالمية للنفط وبالتالي زيادة عجز الموازنة العامة، فضلاً عن وجود النفط والاعتماد عليه كمصدر أساسي لتمويل الموازنة العامة يؤدي إلى تراجع أهمية النسبية لمساهمة الإيرادات الأخرى لاسيما ذلك أن تراجع كمية الإنتاج لأي سبب داخلي سوف يزيد من مشكلة قلة الإيرادات العامة غير النفطية.
- بلغت اعلى مساهمة للإيرادات الضريبية في تكوين الناتج المحلي الإجمالي 8.6% وهي منخفضة جدا ويرجع السبب في ذلك إلى الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة، وداخل الإدارات الضريبية على وجهَ الخصوص، والتي تشجع على دفع الرشى بدل من أداء الضرائب المستحقة للدولة، كذلك عدم السيطرة على المنافذ الحدودية مما يحرم العراق من إيرادات كبيرة.
التوصيات:
في ضوء الاستنتاجات التي توصل إليها الباحث يمكن صياغة وطرح التوصيات الآتية:
- العمل على تنويع مصادر الإيرادات العامة الأخرى غير النفطية والعمل على زيادة موارد الدولة السيادية عبر اتخاذ إجراءات جادة تأخذ على عاتقها العمل على رفع كفاءة الأنظمة الضريبية ونطاق الضريبة على وفق مناهج متطورة وحديثة مع الأخذ بنظر الاعتبار مبدأ (العدالة الاجتماعية) عند فرض الضريبة، وهذا يتم بواسطة إخضاع أصحاب الدخول المرتفعة إلى ضرائب استثنائية وكذلك زيادة الضرائب والرسوم الجمركية على أنواع الاستهلاك الكمالي والترفي، فضلاً عن تفعيل وسائل لمعالجة التهرب الضريبي والنشاطات الاقتصادية غير الرسمية وعدم التعارض مع أهداف النمو الاقتصادي.
- السيطرة على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية وذلك من اجل السيطرة على الإيرادات الجمركية.
- استخدام أنظمة الكترونية تسهم بشكل كبير في تحسين فعالية الأداء الجمركي مما يوفر بيئة عمل لقطاعات التصديرية وتوفير إيرادات غير نفطية أكثر لدولة مع رفد الإيرادات العامة.
- رفع نسبة مساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى غير النفطية في الضرائب وذلك من خلال توجيه الاستثمار في هذه القطاعات والذي بدوره يؤدي إلى توسيع قاعدة الجباية الضريبية وزيادة حصيلة الضرائب وتنويع مصادر الإيرادات العامة غير النفطية.
المصادر:
- التقرير الاقتصادي السنوي للبنك المركزي العراقي للسنوات( 2004-2020)
- التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي ،2017
- جلال خشيب ، نظريات النمو الاقتصادي ، دار الالوكي للنشر ، 2007.
- جمهورية العراق ‘ قانون الموازنة الاتحادية ‘ منشورات جريدة الوقائع العراقية ‘ للسنوات (2004-2020)
- خالد عبد الحفيظ محمد حمد ، اثر الإيرادات الضريبية على بعض المتغيرات الاقتصادية الكلية في السودان للمدة (1985-2010) ، الناشر المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية ، المانيا –برلين ، 2021.
- رباب خليل إبراهيم ، بان صلاح عبد القادر ، اثر الخصخصة على الإيرادات العامة لموازنة الدولة ، مجلة العلوم القانونية ، كلية القانون جامعة بغداد ،العدد (1) ، 2020 . بحث منشور
- رنان مختار ، علاقة التجارة الخارجية بالفقر وتوزيع المداخيل ، دار الأمل للطباعة والنشر ، الجزائر ، الطبعة الأولى ، 2011.
- سعود جايد مشكور وعقيل حميد جابر الحلو، المالية العامة والتشريع المالي في العراق ،مطبعة العالمية ، الطبعة الأولى ، 2016 .
- علي مكيد ، محددات النمو الاقتصادي في الجزائر دراسة قياسية للفترة (1990-2018) ، ملخص رسالة ماجستير منشور ، جامعة المدية ، الجزائر ، 2020.
- عماد محمد علي وزيد كريم الشافعي. تقييم أداء الواقع الضريبي في العراق للمدة (2003-2016) جامعة بغداد. كلية الإدارة والاقتصاد. قسم الاقتصاد. بحث منشور. مجلة الدنانير العدد الثامن عشر. 2020نبيل الحيدري ‘ إلى ماذا يهدف إغراق الأسواق بالسلع الرديئة ومديونية العراق في ازدياد ‘ تقرير منشور على شبكة الأنترنت على الموقع (https://www.radiosawa.com/shenoraayak/2020/10/08/) 2020.
- محمد الحلاق ، التشريع الضريبي ، الجامعة الافتراضية السورية للنشر ، 2018.
- محمد خصاونة ، المالية العامة النظرية والتطبيق ، دار المناهج للنشر والتوزيع ، عمان الأردن ، الطبعة الأولى ، 2014.
- محمد سلمان سلامة ، الإدارة المالية العامة ، دار المعتز للنشر والتوزيع ، عمان الأردن ،الطبعة الأولى ، 2015 .
- محمود جمام ، النظام الضريبي وأثارة على التنمية الاقتصادية دراسة حالة الجزائر ، أطروحة دكتوراه منشورة ، جامعة محمود منتوري قسطنطينية الجزائر ، 2010.
- محي الدين حمداني ، حدود التنمية المستدامة في الاستجابة لتحديات الحاضر والمستقبل ، أطروحة دكتوراه منشورة ، جامعة الجزائر ، 2008.
- مصطفى بن ساحة ، اثر تنمية الصادرات غير النفطية على النمو الاقتصادي في الجزائر ، دراسة حالة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، رسالة ماجستير منشورة ، معهد العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ، الجزائر ،2008-2009.
- نسرين رياض شنشول ‘الإصلاح الضريبي في العراق ، بحث منشور المجلة السياسية والدولية، المجلة الأكاديمية العراقية المجلة الدولية والسياسية، 2017، المجلد، العدد 35-36، الصفحات 753-796
- همام وائل محمد أبو شعبان ، اثر التمويل الخارجي على النمو الاقتصادي دراسة تطبيقية لدول عربية ، رسالة ماجستير منشورة ، الجامعة الإسلامية ، غزة، 2016.
- وحيد بن عبد الله الرحمن بانافع ، عبد العزيز عبد المجيد علي السياسة المالية بين أولويات النمو ومتطلبات العدالة ، مكتبة الملك فهد الوطنية ،السعودية الرياض ، 2020 .
- وزارة التخطيط العراقية ‘قسم الإحصاء ‘الحسابات القومية للسنوات (2004-2020)
- يونس احمد البطريق ، المالية العامة ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ، 1984