الجميع يتكلم اليوم عن إسرائيل بأنها ليست في مستواها أبدا، وأنا أقولها وبثقة: إسرائيل لن تعود لمستواها أبدا أبدا؛ فبعد أن كانت تهدد بإحتلال دول بأكملها، فهاهي اليوم عاجزة عن مواجهة حركة الجهاد لوحدها، وكلنا رأينا إسرائيل وهي تتحايل على حركة حماس حتى لا تدخل المعركة مع الجهاد، ورغم كل ما فعلته وأعدته إلا أنها في الاخير وافقت على شروط حركة الجهاد لتنال هدنة بعد جهد مظني ، وهاهي اليوم تقف حائرة بعد أن ضاعت جهود واشنطن في إيجاد حل لتركيع طهران لتملي عليها ترك القضية الفلسطينية.
لقد دخلت إسرائيل في الجولة الأخيرة وهي تظن أن الأمر لن يأخذ منها مدة الذهاب والعودة، وبالطبع كانت تتوقع أنها كالعادة ستسفك المزيد من الدماء وترحل دون خسارة تذكر سوى بعض “المقذوفات” ذات التأثير المحدود، وأن الفلسطينيين سيهرعون للوسيط المصري لإيقاف نزيف الدم الفلسطيني.. هذا ما توقعته، وما توقعه الكثيرون منا أيضا، ولكنهم لحسن الحظ كانوا مخطئين، فهذه الجولة كانت كافية لتغيير كافة المعادلات السابقة من ناحية الكم والكيف، وإيذانا بشكل جديد للمواجهة مع إسرائيل التي أصبحت أكثر عجزا وضعفا عن ذي قبل.
وحدهم قادة محور المقاومة كانوا يبتسمون في إجتماعاتهم، فهم قد أدركوا المأزق الوجودي الذي يمر به كيان العدو، وبالعودة إلى تصريحاتهم – ولو تلك التي أدلوا بها قبل عدة سنوات – سنجد أنهم لمحوا وتحدثوا عن بداية نهاية إسرائيل، بل أنني أتذكر السيد حسن نصر الله (حفظه الله) وهو يقول في أحدى خطاباته بأن إسرائيل بدأت تزول، بل وقال أن هذا الكلام على ضمانته ومسؤوليته! اليوم بات كل شيء واضح، أليس كذلك؟! لقد تخطت حركة الجهاد كل الخطوط الحمراء الإسرائيلية، فماذا حدث؟!
لك أن تتخيل اليوم موقف الأنظمة العميلة التي سارعت للانبطاح تحت أقدام الصهاينة، وعجلت في عقد أتفاقيات الإستسلام تحت مبرر “التطبيع”! وجميعنا يعرف أن هذا لا يمكن أن يسمى تطبيعا؛ فقد تبرأ هؤلاء الأنذال من قضية القدس، وتشفوا بالدم الفلسطيني المراق بشكل متواصل، بل وشارك بعضهم في قصف غزة جنبا لجنب مع الإسرائيلي الحقير المجرم، وتواطأ بعضهم بإرسال الأموال والوفود سرا وعلانية إلى كيان العدو ليعلنوا الولاء والطاعة، وتسابقوا على لقب النظام الأكثر إنبطاحا، وأنطلقت بعض الأبواق الحقيرة لتنظر عن قرابة اليهود مع العرب، بينما لم يرعوا قرابة الأخوة والدم مع أخواننا الفلسطينيين!
يا فرحة لم تتم! ولن تتم، فهؤلاء المنبطحين من أشباه الرجال كشفوا وجوههم وتواطئهم في الوقت الحرج، فحين أفتضح أمرهم للمقاومة أكتشف الفلسطينيون من الذي تآمر عليهم لعشرات السنين، ومن الذي كان يخترق صفوفهم ويثير الفتنة فيما بينهم، ويتجسس عليهم ويكشف ضهورهم للعدو، لذلك فلا خوف على المقاومة اليوم، فقط ليدركوا – خاصة حماس – أن مشروع “فرق تسد” مازال قائما، وليحذروا من المدسوسين بينهم والذين يعملون لحساب عواصم عربية خائنة، وليدركوا أنه متى سقطت حركة الجهاد، فإن دور حماس سيأتي تاليا!
بعيدا عن رأي وسائل إعلام الإنبطاح التي ما عادت تعنينا، هنالك اليوم في قلب إسرائيل خبراء ووسائل إعلام تؤكد أن إسرائيل هزمت في الجولة الأخيرة، وتنعي الزمن الذي كانت تتبجح فيه إسرائيل بأنها القوة الأولى في المنطقة، بل ويتسائل هؤلاء عن نتائج صعود قوة وقدرات حركة الجهاد، وعن كيف سيكون وضع إسرائيل التي بات واضحا أنها فقدت قوتها، في حال تورطت في معركة جديدة تشارك فيها حماس وحزب الله؟! إسرائيل تتلاشى، وكلما تورطت في مواجهة جديدة تدرك هذه الحقيقة أكثر، ولو أردنا الدقة فإن إسرائيل وكل أنظمة الخيانة تواجه الخريف، وسيحل عليها الشتاء عما قريب، والعاقبة للمتقين.
يا قدس، زمن الهزائم ولى، وجاء زمن الانتصارات.. لقد من الله علينا بأن جئنا في زمن الثأر، ولم نعاني طويلا كأبآئنا في زمن الإنكسارات والخيانة والهزيمة.. لقد جئنا في زمن انكشاف الحقائق، وآن لنا أن نتحرك لنمحوا زمن العار من تاريخنا وإلى الأبد.