جهاد التّبيين فريضة حتميّة وفوريّة مقابل تحريف الأعداء الحقائقَ
اعداد / مركز تبيين للتخطيط والدراسات الستراتيجية
في اليوم الذي حدثت فيه هذه الحركة التاريخية في الثامن من شباط/ فبراير تجاه الإمام [الخميني]، لو لم تُنشر تلك الصورة المنشورة لهذا الحدث، أي لو لم يتم هذا العمل التبييني، فلم يكن هذا الحدث ليُخلّد على هذا النحو، ولم يكن ليترك تأثيراً. سيكون حدثاً مثل عدد من الأحداث الأخرى التي تحدث وتُنسى. إنّ السبب في خلود هذه الحادثة وتأثيرها تلك الصورة الفنية نفسها التي تم نشرها. هذا هو التبيين. هذا هو التبليغ والتوضيح. ببركة عمل إعلامي محدود وصغير – لم تكن الإمكانات الإعلامية كما هي اليوم، بل كانت محدودة جدّاً – صارت خطوة مثل بيعة القوّة الجويّة في الثامن من شباط/ فبراير تاريخيةً، وصارت خالدة ومؤثّرةً وخطوةً تحوّليّة. هذه هي مسألة «الرواية الصحيحة».
مسألة «الرواية الصحيحة» هي أنّه مع توسع الإعلام قد ازدادت أهمية القضية بالقدر نفسه أيضاً. إذا ما قارنّا [الوضع] الحالي مع ذلك اليوم، فلا يمكننا أن نقول مئات المرات، بل ربما تغيّرت الأمور آلاف المرات وسط هذا الفضاء المجازي وهذه الأقمار الاصطناعية والأشياء الموجودة اليوم ولم تكن من قبل.
اليوم السياسة القاطعة لوسائل الإعلام المعادية للجمهورية الإسلامية وللإسلام هي تحريف الحقائق، وهم منشغلون [في ذلك].
إنّهم يعملون باستمرار على تحريفها، وبث الأكاذيب. يخلطون الأخبار المرتبطة بالجمهورية الإسلامية ويمزجونها بأنواع الأكاذيب شتى وأقسامها – الأكاذيب الاحترافيّة التي جلسوا وعملوا من أجلها وعوّلوا عليها – ويزينون ويجمّلون الوجه القبيح والفاسد لنظام الطاغوت ويتسترون على آلاف الجرائم والخيانات التي ارتكبوها.
كان «السافاك» في نظام الطاغوت مكاناً يجري فيه تنفيذ أنواع التعذيب المعتمدة جميعها لدى وكالات الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية. ربما جرى اختبار بعضها تجريبياً وتطبيق عدد منها، إذ إن كثيرين ممن عانوا من هذا التعذيب ما زالوا على قيد الحياة، وما زالت آثار هذا التعذيب على أجسادهم، ولا يزالون يتألمون. حتى أنهم يريدون تزيين وجه «السافاك» وتجميله، هذا الخبيث والقبيح والمليء بالجرائم، وإظهاره بطريقة مختلفة! فعنصر «السافاك» في ذلك اليوم، الذي ربما كان الاسم الأقبح في البلاد، يكتب مذكرات ويتحدث بطريقة كأن «السافاك» – مركز التعذيب والقمع وما شابه – كان لديه وجه مضيء ولامع.
في المقابل، وفي ما يخصّ الثورة، هم يشوهون قدر إمكانهم صورة الثورة، وصورة الإمام، ونشاط تلك السنوات الأربعين. يحاولون تشويه ذلك قدر الإمكان. لا تُشاهدون في هذه الإمبراطورية الإعلامية للغرب أيّ إشارة إلى التقدم ونقاط القوة إطلاقاً.
[إنّهم] يكتمون الحقائق. على العكس، إن كان هناك نقطة ضعف – هي موجودة بالطبع، فلا يوجد بلد ولا نظام بلا نقطة ضعف – يضخمون النقطة البسيطة مئات المرّات ويُظهرونها.
هذا عمل عجيب يحدث اليوم. ولهذا إنّ «جهاد التبيين» فريضة. «جهاد التبيين» فريضة حتميّة وفوريّة، وكل من يستطيع عليه ذلك. وسأشير لاحقاً إلى أن المسؤولين تقع عليهم المسؤولية أكثر هذا الصدد.
دكتاتوريّة القوى الغربيّة في مختلف المجالات بما في ذلك الإعلام
إن القوى الغربيّة معروفة بالدكتاتوريّة، أي هؤلاء أنفسهم الذين وفق ظنّهم ووفق ادعائهم يريدون مكافحة الدكتاتوريّات في العالم، هؤلاء أنفسهم الأكثر دكتاتوريّةً. وهم في المجالين السياسيّ والاقتصاديّ يُمارسون الدكتاتوريّة تجاه العالم أجمع. وقد أضافوا نوعاً على هذه الدكتاتوريّات، وذلك النوع هو الدكتاتوريّة الإعلاميّة. أي مثلاً أنتم لا تستطيعون ذكر اسم الشهيد سليماني في الفضاء المجازي لأنّهم يحذفونه. فهو بأيديهم طبعاً؛ مفتاح الفضاء المجازي بأيديهم، وهو تحت سيطرتهم. لا يتحمّلون اسم الشهيد سليماني ولا صورته. هكذا هي الحال اليوم. وهكذا كانت في السابق أيضاً. لقد كانت هذه الدكتاتوريّات في أمريكا نفسها أيضاً. كان المرحوم الحاج السيّد أحمد الخميني (رض) ينقل أن الإمام الخمينيّ أصدر نداءً – أظن أنه كان نداءً للحجّ – وكان مُفصّلاً.
قال السيّد أحمد: فكّرت مع نفسي وقلت حسناً فهؤلاء يدّعون وجود حريّة التعبير في أمريكا، فلننشر نداء الإمام في إحدى المطبوعات الأمريكيّة. قال: بعثت رسالة إلى أصدقائنا الذين كانوا هناك وقلت إنّني مستعدٌّ لدفع أيّ مبلغ مقابل هذا الأمر، كما يدفعون المال هناك لنشر بيان معيّن. قال: لم تقبل أيّ نشرية طباعة هذا النداء. يدّعون حريّة التعبير وتبيان الحقائق، ولم يقبلوا نشر بيان الإمام الخميني. ذاك الذي ألّف كتاباً حول وكر التجسس، وكتب عن تفاصيل وكر التجسس، وكان من الأشخاص الحاضرين هناك، يقول إنّ كلّ ناشرٍ اتصلنا به في أمريكا رفض طباعة هذا الكتاب، ولم يقبل ذلك أيّ ناشر، إلى أن ذهبنا إلى كندا في نهاية المطاف وهناك عثرنا على ناشر وافق على ذلك، ثمّ كادوا يجعلونه يندم.
توالت الاتصالات والتهديدات وأمثال هذه الأمور. كل هذه الأمور تعني الدكتاتوريّة الإعلاميّة. ثمّ يزعمون: إنّنا نؤيد حريّة التعبير! واليوم كل شيء وكل كلمة تتعارض مع السياسات الغربية أو لا تتوافق معها هي محظورة من النشر والتصوير. ثم يستخدمون هذه الفضاء إلى أقصى حد لتضخيم المشكلات في الجمهورية الإسلامية أو حول الإسلام، وحول المفاهيم الإسلامية ومعاني المعارف الإسلامية. إنهم يستخدمونه إلى أقصى حد لتدمير [هذه الأمور] وتشويهها. حسناً هذه حقيقة مريرة تجعل المهمّة على الجميع.
الشّرح لعناوين جهاد التّبيين في المجالات كافّة عبر المراكز والمنابر المختلفة
إن المسؤولين عن الإعلام هم المسؤولون بالدرجة الأولى، سواء أكانت وسائل الإعلام الوطنية أم وسائل الإعلام الأخرى المختلفة أم الفضاء المجازي، أم الصحافة، فمن واجب الجميع الدخول في هذا المجال، وأي شخص لديه مركز ومنبر للتحدث إلى الرأي العام في المجتمع عليه واجب في هذا الصدد. هناك الآلاف من الملاحم تحدث في البلاد. كم هي الأعمال العظيمة التي تمّ إنجازها في البلاد خلال هذه السنوات، خلال هذه العقود الأربعة! كم هي الأعمال الملحميّة التي تمّ إنجازها! حسناً، يجب بيان هذه [الأمور]، فالعدو يعمل على كتمانها ولا يسمح [بنشرها]. في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعمرانيّة والتعليمية والصحية والعلاجية، وفي الصناعة، في الصناعة! كانت مجموعة من الناشطين الصناعيين هنا في ذلك اليوم[13] يقدّمون تقارير. قدّم عدد قليل منهم تقارير. إلى جانب عرضهم التقارير، كان تُعرض تلك النشاطات هنا في هذه الحسينية. كانت مذهلة، مذهلة حقّاً. لا توجد أيّ أخبار عنها في المجموعة الإعلامية للبلاد؛ هذا شيء غريب جداً. يتمّ إنجاز كل هذا العمل، كل هذا العمل المهم، العمل المفيد، وكلها ملاحم. في مجالات البناء والدين والثقافة والدفاع والأمن… في مجالات الدفاع والأمن!
الآن بما أنّكم على دراية بقضايا القوة الجوية وتطوّرها، وقد أنتجتم وأنجزتم أعمالاً، أيّ منها انعكس بصورة صحيحة في المجتمع؟ حسناً، لدينا تقصير في العمل. في الحقيقة لدينا تقصير في هذه المجالات. والمجالات التي ذكرتها للتو، الاجتماعيّة والأنشطة الاقتصاديّة والعمرانية… كل هذا العمل العمراني في البلاد، أيّ واحد من هذه المواضيع يمكن أن يكون عنواناً لنشاط جهاد التبيين. ولا ينبغي السماح لبعض المشكلات – حسناً، البلد يعاني من مشكلات؛ هناك مشكلات اقتصادية، وهناك مشكلات معيشية – أن تغطّي هذه الملاحم وتخفيها عن أعين الناس. هذه المشكلات في مكانها ويجب بذل الجهود لمعالجتها، ولا شك في ذلك، لكن تلك الأعمال المهمّة والتقدّم المهم والإعمار المهم والأنشطة القيّمة في مختلف المجالات لا ينبغي نسيانها.
الحاجة إلى تحرّك مركّب ضد الهجوم المركّب لجبهة العدوّ
أن أعداءنا، جبهة العدو – لأن العدو جبهة؛ إنها جبهة ضخمة – تشنّ اليوم هجوماً مركّباً. إنّ هجوم العدو هجوم مركّب، أي له جانب اقتصادي وآخر سياسي وآخر أمني وآخر إعلامي، وهناك جانب دبلوماسي. لقدّ شنّ هجوماً جماعياً من الجهات كافّة. في المقابل نحن أيضاً يجب أن تكون حركتنا حركة مركّبة، وعلينا بذل الجهود من الاتجاهات كافّة. بالطبع علينا الدفاع لكن لا يمكننا دائماً البقاء في حالة دفاعيّة. يجب الالتفات إلى هذا الأمر.
يجب أن ندافع، لأن الدفاع أمر ضروري، لكن لا يمكن البقاء دائماً في حالة دفاعية. العدو يشنّ هجوماً، ونحن أيضاً يجب أن نشن هجوماً في مختلف المجالات بما في ذلك الإعلامية والاقتصاديّة والأمنية.
أهل الفكر في هذه المجالات هم معنيّون. [يتوجب] على أهل الفكر والمبادرة، خاصة المسؤولين، بذل الجهود في هذه المجالات التي يستطيعون كافّة. وإن شاء الله، مثلما تقدمت الجمهورية الإسلامية باقتدار خلافاً لإرادة العدو وخلافاً لتوقعات العدو الخائبة، وصارت – بحمد الله – أكثر قوة وثباتاً يوماً بعد يوم على مر أكثر من أربعة عقود، ستستمر هذه الحركة بالتوفيق الإلهي في المستقبل على نحو أفضل من ذي قبل، إن شاء الله. سنتقدّم وسيفشل العدو مرة أخرى لكن يجب أن يعرف كل واحد منا واجبه في كل مجال.