شؤون اقليميةعراقيةمقالات

(( نحن وإيران نظرة في غباء العرب المركب ))

الدكتور عدنان هاشم

كانت العلاقات بين العرب عامة والعراق خاصة مع إيران هادئة نسبيا ويسودها السلام قبل نجاح الثورة الإسلامية في إيران، حيث كان الشاه الحليف القوي للغرب ويقيم علاقات وثيقة مع إسرائيل. وحتى أن صداما عقد معاهدة 1975 مع الشاه في مؤتمر الجزائر حول حقوق الجارين في مياه شط العرب وبعض الخلافات الحدودية. ولم نكن نسمع بالفرس المجوس حتى قامت الثورة الإسلامية في إيران ومنذ ذلك الحين والعرب يعتبرون إيران العدو اللدود المتربص بالأمة العربية رغم أن أول عمل لإيران بعد الثورة أنها أغلقت القنصلية الإسرائيلية في طهران واستقبلت ياسر عرفات كرئيس دولة لفلسطين، وازداد الشحن الطائفي والسياسي ضد هذه الدولة الجارة حتى صارت إيران العدو الأول للعرب في أذهانهم ونسوا أو تناسوا إسرائيل وعدوانها المستمر على شعبنا الشقيق في فلسطين وسوريا ولبنان. ثم صارت كل المناوشات الحربية بين إيران وإسرائيل والحصار الخانق على إيران والحرب الإعلامية المكثفة ضدها ليس إلا عبارة عن مسرحية في أذهان كثير من العرب الذين لم يتعبوا أنفسهم بسبب قلة الوعي ليطلعوا على بواطن الأمور كل على سعته. وهذا شيء مؤسف جدا فإيران دولة مسلمة ولنا معها تاريخ متداخل لعشرين قرن من الزمان عكس إسرائيل الدولة المصطنعة على أرضنا التي لم يتجاوز عمرها خمسا وسبعين عاما. يمكننا أن نكسب كثيرا من إقامة علاقات متزنة مع الجارة إيران والمنطق السليم يملي علينا أن “عدو عدوك صديقك” وأن كسر شوكة إيران هو ذل لكل المسلمين حيث أنها أكبر قوة في شرقنا الإسلامي، لذا نرى تركيز إسرائيل على حرب إيران إعلاميا واستخباراتيا واقتصاديا وعسكريا من خلال خبراتها الهدامة ومن خلال حلفائها في الغرب. وقد كتبت قبل بضع سنين مقالات بعنوان “إيران والبارانويا العربية” وقد نقحتها وأضفت عليها ما استجد من أحداث وأفكار أنشرها الآن في حلقات تحت عنوان ” نحن وإيران ” بدأت فيها منذ البدايات الأولى لعلاقة العرب والفرس إلى يومنا هذا محاولا أن أسلط الضوء على نقاط القوة والضعف والحقيقة والخيال في علاقاتنا وتصوراتنا عن إيران وشعبها عبر العصور بصورة مجملة ومركزة.
أرى أنني الرجل المناسب للكتابة في هذا الموضوع الحساس حيث أنني عربي النسب والهوى، فلا يمكن لأحد أن يتهمني أنني واحد من هؤلاء الفرس المتربصين بالعرب. وليس لي علاقة بإيران وشعبها من قريب أو بعيد ولا أنتمي إلى أي حزب سياسي أو إسلامي، ولا أستلم أي مدد مالي لتأييد هذا الطرف او ذاك، بل أنا طبيب متخصص قضيت ثلثي عمري في المهجر وقرابة الخمسين عاما في ممارسة الطب وكل ما يهمنى هو رفعة شعوبنا العربية والإسلامية وتقدمها وهي التي عانت الكثير عبر العصور، وأسأل الله أن يوفقني فيما أنوي فعله فليس لي إلا بضاعة مزجاة يسطرها قلمي وأرجو أن ينتفع بها القراء الأعزاء. ولا أدعي لنفسي القول الفصل بل أنا أرحب بكل التعليقات والاقتراحات التي تلقي مزيدا من الضوء على هذا الموضوع الحساس والخطير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى