سياسيةشؤون اقليميةعراقية

“المالكي ورؤيته لتموضع العراق عالميا”

✍️ماجد الشويلي

‏رغم أن الرؤية التي قدمها السيد نوري المالكي لمستقبل العراق لم تأخذ صداها الاعلامي الذي تستحق نظرا لانشغال الإعلام الرسمي وغير الرسمي باصداء زيارة السيد رئيس الوزراء محمد أشياع السوداني إلى واشنطن ، والاستعدادات الكبيرة لاستقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد .
وكان السيد نوري المالكي قد دعا إلى تشكيل محور يبدأ من طهران وينتهي بالمغرب في ظل تداعى وتهالك النظام العالمي الجديد وقرب انهياره بعد أن افتضح أمره بعجزه عن إيقاف حرب الإبادة التي يشنها الكيان الغاصب مدعوما من الغرب على شعب غزة.
وليكن معلوماً منذ البداية أن الغاية من الكتابة بهذا الشأن ليست للاطراء على أحد وإنما للوقوف على كنه وتلمس استشرافات الدعوة المهمة التي اطلقها المالكي.
ولو أنها صدرت من أي زعيم آخرى على هذا النحو لكنا قد اوليناها الاهتمام ذاته .
نعم كونها صدرت من السيد نوري المالكي فهذا يمنحها قيمة اعتبارية اخرى .
وسنحاول هنا تثبيت أهم ما يمكن سبره منها

‏🔳لم يعد خافيا على احد أن العالم يشهد مخاضا عسيرا لولاده النظام العالمي الجديد وأن من أبلغ تجليات هذا المخاض هو الحرب الروسية الاوكرانية و تداعيات طوفان الأقصى بكل أبعاده ، والتنافس الاقتصادي المحموم بين الصين وأمريكا
ومن جملة ما افرزه هذا المخاض هو الافول التدريجي للقطبية الاحادية التي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة والصعود المتنامي لقوى الشرق وفي مقدمتها الجمهورية الإسلامية في إيران كقوة عظمة في المنطقة.

‏🔳لقد ساهم طوفان الأقصى وتجسيد مفهوم وحدة الساحات بين قوى المقاومة في المنطقة وتحديدا مع دخول اليمن وتحكمها بخطوط الملاحة في البحر الأحمر و تعزيزها لصمود محور الشرق وترجيح كفة تغلبه على محور الغرب والولايات المتحدة.
الى درجة أنهم بدأوا يتحدثون عن هزيمتهم امام القوى الصاعد شرقا.

‏🔳إن من جمله ما تركه طوفان الأقصى من تداعيات هو توجيهه ضربة قاصمة لمشروع التطبيع والإبراهيمية الجديدة وإرباك حسابات الولايات المتحدة في المنطقة بشكل كبير.

‏🔳تداعيات تحكم اليمن بخطوط الملاحة في البحر الأحمر نجم عنها تدهور اقتصادي كبير لمنظومة الدول المطبعة في المنطقة وبالأخص مصر والأردن لذا فإن النظرة لانفتاح العراق على هذه الدول له قراءة أخرى نأتي عليها بعد قليل!

‏🔳إن من الضروري جدا الإشارة إلى التكامل الاقتصادي بين المنظومة المطبعة والكيان الغاصب على أنه هو الذي أمد اسرائيل بالقدرة على المطاولة والاستمرار بارتكاب مجازره البشعة بحق الشعب الفلسطيني.

‏🔳تركيا من الدول المحوريه في حلف الناتو ، وكانت ولا زالت تمثل ركيزة أساسية لحفظ مصالح الغرب و الولايات المتحدة في المنطقة و الحيلولة دون صعود المحور الشرقي وتغلبه على الغرب ،
ولا زالت تركيا ((تلعب على الحبلين)).

‏🔳بلحاظ ما تقدم يبرز هذا التساؤل الكبير هل نظر السيد المالكي لانفتاح العراق على الولايات المتحدة و المنظومة العربية المطبعة وتركيا على بتوجس. أم ماذا ؟
‏ولعلنا لو فصلنا بمعطيات هذه الزيارة قد نقف على معالم استشراف السيد المالكي بهذا الشأن على النحوي الآتي؛

‏🔳انفتاح العراق بهذا النحو على الولايات المتحدة في ظل ما تعيشه من تحديات ‏داخلية وخارجية وإرباك واضح بإدارة ملفات المنطقة يمثل طوق نجاة وتعزيز لمكانة أمريكا الدولية و مدها بسبل الاستمرار في هيمنتها على المنطقة والعالم.

‏🔳إن العراق حتى ولو لم يساهم في ترجيح كفة الولايات المتحدة على صعيد النظام العالمي الا أنه دون شك ومن خلال إنفتاحه على أمريكا والمنظومة العربية وتركيا بهذا الوقت وهذا الشكل قد ساهم بعرقلة صعود محور الشرق وتدشين مرحلة تعدد الأقطاب في النظام العالمي الجديد على اقل التقادير،
نظرا لأهمية المنطقة ‏في تحديد موازين القوى العالمية ولما تزخر به من ثروات وموقع جيوسياسي مميز

‏🔳الاتفاقيات الاقتصادية بين العراق والدول المطبعة اعادت خنق القضية الفلسطينية جغرافيا من جديد .
بعد أن ساهم طوفان الأقصى ووحدة ساحات المقاومة بإخراجها من هذا الطوق ، وقد يكون انفتاح العراق على محيطه العربي عاملا مساعدا في تعجيل انخراط السعودية بمشروع التطبيق

‏🔳على اقل التقادير يمثل الانفتاح العراقي على المنظومة العربية بهذا النحو تعزيزا لرؤية جو بايدن بما يعرف (بحل الدولتين) وهو الحل الذي تتبناه الحكومة العراقية ويرفضه

الشعب الفلسطيني محور المقاومة في المنطقة

‏🔳التوجه العراقي الجديد من شأنه أن نسف الأمل بأن يكون العراق فاعلاً دوليا لصالح المحور الشرقي أو أن يكون فاعلا في تقويض الوجود الصهيوني في المنطقة
هذا ان لم يكن قد ساهم بنحو غير مباشر ولا مقصود بتعزيز بقائه

‏🔳التوجه الكبير نحو الولايات المتحدة والمنظومة العربية وتركيا مخالف لما هو معلن عن الإطار التنسيقي والحكومة العراقية بالنأي عن سياسة المحاور
🔳 نحن لسنا ضد الانفتاح ولكن ‏لسنا مع أن يأخذ هذا الانفتاح منحى الانضمام للمحور الغربي وأمريكا ،
ولذا أكدنا على ضرورة إقامة علاقات متوازنة بين الشرق والغرب على الاقل لكي يحفظ العراق مكانته الدولية اللائقة به.

‏🔳الإقبال العراقي الملفت تجاه الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة له انعكاسات أمنية داخلية مؤثرة على وجود الحشد الشعبي وفصائل المقاومة وسوف تمتد هذه التداعيات مستقبلا إلى التأثير على طبيعة العلاقة مع الجمهورية الإسلامية و الاتحاد الوطني الكردستاني

‏🔳بالنظر إلى حجم المشاريع التي أبرمها العراق مع الولايات المتحدة وشركائها وعمق الشراكه الاقتصادية بينهم سيتضاءل هامش قدرة العراق على الاستدارة نحو الشرق خلافا لمنظومة الدول العربية القادرة على المناورة والتي وضعت لها قدما مع المحور الشرقي ‏تحسبا للتحولات الكبرى التي قد تغير موازين القوى العالمية لصالح الشرق
‏وهناك طلبات سعودية ومصرية بالإنضمام إلى منظمة (بريكس) وحتى منظمة (شانغهاي) في حين لم يعد بوسع العراق المبادرة لمثل هذه الطلبات مستقبلا وهذا ما يعبر عنه (بالتكبيل الاقتصادي)

‏🔳يمكن لنا ان نستشف من حديث السيد نوري المالكي أن المنطقة مقبلة على تصعيد كبير من شأنه إعادة رسم خارطة موازين القوى من جديد.
الأمر الذي يستلزم استحضار كافة لوازم هذه التحولات الكبرى ، وبروز قوة سياسية متماسكة قادرة على تحمل أعباء هذه التموضع الجديد للعراق في المنظومة العالمية بعيدا عن هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى