بحوث ودراسات

الخمينية وإستراتيجية التحول في المجتمع الإسلامي

الدكتورة جويده غانم / الجزائر

( بمن سأنفذ هذه الثورة ؟! .. ليتني كنت من رجال الدين الرئيس الراحل.جمال الناصر
* مقدمة :
لم تفارق الإشارة الاسترجاعية إلى فقه الخمينية والتجديد ، عبر الحوزة العلمية التي نطقت بأصول العرفان ، وأبواب الفقه وحلقات الفلسفة ومحطات علوم القرآن ، إلى منطق الذهنيات ومواجهة الآخر النضالية ، إلى الحفاظ على الهويات ، واستنكار العدو وتواجده في الأراضي الإسلامية ، خاصة المقدسة منها ، وإعلان الصرخة المدوية الإسلام هو الحل التي عمت كل العالم ، لتتجه النظرية الانقلابية في نسقها ومبدئها ومستقبلها إلى كافة الشعوب المضطهدة ، عبر تبني أطروحاتها الثورية كل العالم تقريبا ، من انتفاضة الأقصى ، إلى أطروحات شيغفارا التحررية ، إلى أطروحات فرانز فانون التمردية ، إلى الثورات المسلحة ، إلى أساليب الانقلابية الخمينية الثائرة المجددة ، باعتبار المواجهة العلنية عنوانا للذات وترسميها ، قصد الإجابة عن حقيقة وجود الإنسان ، في هذا العلم ، وإعلان تميزه عن الآخرين .
لم تكن الثورة الخمينية بمعزل عن الأحداث العالمية ، كما لم تكن بمعزل عن متغيرات العالم الإسلامي ، كما أنها لم تكن بمعزل عن أحقية الفرد في استغلاله الخاص للإمكانيات الوطنية المقدرة له ، قصد امتلاكه للغة السيادة المطلقة التي أدت إلى قلب مجالات الشعار والعناوين ، إلى نوع من إحلال المطالب المشروعة للشعوب المضطهدة ، كالحق في العيش الكريم ، وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية ، ورفع التميز المطلق بين أبناء الشعب الواحد ، وأخرجوا من أرضنا أيها المحتلون ، فلسطين لنا والموت لأمريكا وإسرائيل ، أبرز ما ميز الانقلابية بصفة عامة في العالم والخمينية بصفة خاصة .
ما من شيء ، قد دفع بآليات وتكتيكات الغرب إلى تطوير أدواته لفهم هذا الانقلاب ، لكن محاولاته باءت بالفشل ، وإن كان يخترق المجال من لحظة إلى أخرى ، لكن أصيب بحال من التشويش الذهني والموقعي والاستراتيجي اتجاه صحوة الخمينية وحماسها ، وما رافقه من رهبة تحولت من خطاب فرد إلى خطاب جماعة ، إلى خطاب خارطة جغرافية لا تنفصل تقعيداتها تخرج عن لغة الشرع والوحي ، الذي لا يستبعد أي تأصيل إنساني لمحتوى الظاهرة الإنسانية .
غير أن محاولات تبريد الخمينية (سيحجب الرؤية الثاقبة التي نحاول استعادتها ، فيصبح الفصل بين نظام الغرب الذي يواجهنا في قلب مكاننا وتاريخنا وثقافتنا الرمزية وبين أداته الإسرائيلية أمرا ممكنا ) .
وبالتوجه إلى إحياء فقه المقومة ، في شكلها العقلاني المستنير والحداثي في حد ذاته ستنزاح الإرادات الغربية إلى مكان الانزياح ، حيث يتعنون فيما وراء الخارطة الجغرافية والتاريخية ، بمفاهيم التسلط والقهر والاكتيال بمكيالين أهم ما تم نسخه في الذاكرة الجماعية والذاكرة العالمية ، ليؤكد تاريخنا مرة أخرى:
تتالي منطق الحماس وإحياء الخمينية ، في أي منطق يتموقع ؟ وكيف لها أن تحقق استراتيجية التحول من وضع إلى وضع ، ومن موقع إلى موقع ؟
أوّلاً – الانقلابية في الحركة والتحول :
حينما يكتب التاريخ فإننا نصر دائما على ذكر إرادات الترشيد العقلي لجميع الوقائع والأحداث التي انطوى عليها ، حيث يقتضي منا مراجعة الذات والزمان والمكان والقدرة والمواجهة والاستطاعة ، فيصبح أمر الاسترجاع والاستدراك والاسترجاع ضرورة حتمية تنشدها مصلحة الأمة ، ومن ثم فإن العمل التصحيح المناط حول توجهات غايات العمل الإسلامي لا بد له من مراجعات ، تكيفت حسب مواقف الأشخاص الذين كانوا متميزين جدا في درجة التنظيم وإقرار اللوائح وتنظيمها ، حيث تمتد معالمها إلى المبدأ السياسي والفقهي ، سواء كان قبليا أو بعديا لمستوى نجاح التجربة الانقلابية .
الظاهرة الإسلامية والدولة الإسلامية ، والصراع مع توجهات العلمانية ، التي أغرقت العالم الإسلامي في قبالة العدو الأمريكي والصهيوني وانهيار سلطة الدفاع لدى الشعوب الإسلامية ، جعل من هذا الوضع السعي في البحث عن مرشد يحررها من عقد الظلم والآلام والاضطهاد الكلي والمسح العام لمظاهر التعسف والاحتقار ، وبالتالي تولد عن هاته الدفاع ومحاولة البحث عن المشروعية الجماهيرية والسياسية لأحداث التغيير المواقف حركات اتسمت بالتوجه الإسلامي قصد رد مفعول الهجمة الشرسة من طرف الهيئات ومن طرف السلطة المستبدة التي يدعمها العدو بجميع إمكاناته وبرامجه.
إن المشكلة واحدة ، والألم واحد ، والصور لهاته الحركات متعددة ومتفاوتة ، ذلك حسب حجم المأساة وفاعلية الكوارث المترتبة عن الاحتقان غير المشروع لمطالب الجماعات التي هي بالضرورة مطالب المجتمع ، ومن ثم فإن حالة الوعي للقضية الإسلامية لا بد لها من مراجعة لجميع مقولاتها النظرية والتخريجية الموضوعية الواقعية .
شغلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، أهم أحداث الصراع التغيري ، جسدها الإمام الخميني ، التي انتهلت من مشروعه الحركي العديد من الحركات الإسلامية في العالم ، خطته التغيرية واستراتيجياتها البنائية ، في إقامة ، أو تأسيس شعار الدولة الإسلامية ، حيث انفتحت نظريته عن إمكانات جديدة للحراك السياسي والدفاع عن جميع المصوغات الاجتهادية ، سواء كانت شرعية أم علمية أصبحت فيما بعد من اهم الوسائل الضرورية واللازمة لتجديد المجتمع ، ولمواجهة السلطة المستبدة ، ولمواجهة الكيان المحتل ، كونه لا يفهم إلا بالحركات وعلى حركية المجتمع الإنسانية مترابطة ومتواصلة عبر الزمن يعمق في نفوسنا وعقولنا الوعي التاريخي الذي يتموقع في جدلية خاصة ، تجعله لا ينفصل عن خطابات الأفراد الكارزميين ومصالح الجماعة ، ومصالح الأمة ، وفي هذا يقر محمد محفوظ : (أن التعامل مع التاريخ كوحدة إنسانية مترابطة ، ومتواصلة عبر الزمن ، يعمق في نفوسنا وعقولنا الوعي التاريخي الذي يزيل الالتباسات ، ويعري بذور الخلل الكامن في الجسد الاجتماعي ، ويقضي على ما يمكن تسميته بالوعي الطفولي للتاريخ فتعميق الوعي التاريخي شرط ضروري للنمو والتقدم) .
إن الثورة الخمينية قد خلقت جملة من الصياغات والتحفيزات التي مكنت العالم الإسلامي من تعديل مواقفه الضمنية اتجاه الذات واتجاه العدو ، عبر مناهج بديلة وجديدة ، على مستوى المواجهة والقيادة والبديل والمستقبل ، وهذا ما دفع إلى إعلان حركة تصحيحية التي أعلنتها قيادات الخمينية ، من حيث أنها تشكل قاعدة النقد الذاتي ، باعتباره أداة صلبة ومرنة في الوقت نفسه ، قصد إقرار مشروع اليقظة ، وبناء المجتمع المتماسك (ذلك أن إتيانهم من طرق الأدب والحكمة العارية عن الصيغة الدين يحوج المصلح غلى بناء جديد ليس عنده من مواده شيء ، ولا يسهل عليه أن يجد من عماله أحدا ، وإذا كان الدين كافلا بتهذيب الأخلاق ومصالح الأعمال وحمل النفوس على طلب السعادة من أبوابها لأهله من الثقة به ما بيناه وهو حاضر لديهم والعناء في إرجاعهم إليه أخف من إحداث ما لا إلمام لهم به ، فلم العدول عنه غلى غيره ) .
هكذا فإن تجاوز الحوار في موضوع تطبيق الشريعة الإسلامية والحاكمية الإلهية كان من المفروض ألا يناقش فيه لان الصراع داخل المنظومات اللغوية والسياسية ، ما هي في حقيقة الأمر إلا تلاعبا بالعقل البشري ومرجعيته ، خاصة في إطار المنظومة الإدراكية الإسلامية ، حيث يحاول المخطط الغربي استبعاد مكان الظاهرة ، التي قد تكون مرجعا لاحتقان كثير من المواقف ، خاصة المدرجة ضمن خانة العمل الإسلامي ، وانبثاق تلك الديكتاتورية التي تخشاها على نفسها وعلى مصالحها ولقد خاطب الإمام الخميني العلم الإسلامي بصرخته المدوية قائلا: (أيها المستضعفون الرازحون تحت ظلم الظالمين ، انهضوا واتحدوا ودافعوا عن سلامتكم ومقدراتكم ، ولا تخشوا ضجيج الأقوياء ، فإن هذا القرن بإذن الله، انتصار المستضعفين على المستكبرين ، وانتصار الحق على الباطل) .
كما أن المعرفة الاستنسابية التاريخية لكل مجالات الخطاب الإسلامي ، يشكل ماهية المعرفة التاريخية الشرعية حيث تكون مفردة خطاب إلا استنساخا لها واستكمالا لفاعليته التأسيسية ، كما أنه استجماع لكل البدايات والنهايات ، في نقطة واحدة ومركزية دائمة ومتحولة مع تحولات الذهنيات والأحداث ، هي بداية الخطاب ، وهذا ما تعكسه لنا .
ثانياً – الاستراتيجية المعرفية وكسب الرهان :
انطلقت الثورة الخمينية بدعوى من الهيئات العلمية والمراجع الدينية المستندة للمعتقد التشيع وغدا التغيير ضرورة ملحة اتجاه أذناب العلمانية ، وتطورت تطورا كبيرا لما صاحب فلسفة التغيير من رؤية جديدة ربطت اليقظة الإسلامية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، بنظرية المقاومة المشروعة التي كانت داخلية للتحرر من الأوضاع الفاسدة التي لامست العديد من الجوانب وكانت ريادية مشروعة لمناهضة النظام العلماني وسياسة التغريب حيث عززتها المطالب الشعبية ، وجميع الشرائح الاجتماعية ولم تكن يحصل هذا التغيير حتى اكتملت معرفة حقائق الإنسان المدافع عن حقوقه باعتباره :
1- فردا يطلب الحرية وهي مقصده الأسمى في هذا الوجود الذي سيمنح تحقيق كل احتياجاته ورغباته ، من لقمة العيش وقواعد للتحرير إلى التركيز على اللياقة الخلقية والفضيلة ، وإقرار المساواة ، وهذا العقل لا يستقيل عن إرادة الفطرة الإنسانية التي خلق عليها ، والتي معرفته لطبيعة القوانين ، سواء أخلاقية ، سياسية ، دينية ، والتي يمكن إن يكون العقل الموجه الفعلي لبناء الفلا تلغيه
2- معرفته لطبيعة القوانين ، سواء أخلاقية ، سياسية أو دينية والتي يمكن أن يكون العقل الموجه الفعلي لبناء من الوجود ، إذا ما فقد خصائصها ومميزاتها ، بشرط أن ينم قدراته وإراداته لتغيير وضعه ، والتي لا تخرج بدورها عن إرادات الدين ومطالبه الاستقامة
3- استجلاء حقائق الإيمان من خلال دفع الشبهات عن عقيدة التوحيد والإقرار بمحدودية هذا العقل ، الذي خرج في الكثير من الأحيان عن أصوليته ، كما أن عجز عن تحقيق كل ما يريده الإنسان من أسئلة واستفسارات ، وبالتالي ، تحقيق المفهوم الإسلامي ، لكل ما هو ملزم داخل إطاره .
4- عندما يتمكن هذا الإنسان من معرفة نفسه ، فإن هاته البنائية الوظيفية قد تحوله إلى معرفة المحيطين به ، ومن ثم كسب منطق جديد في الفهم والتجاوز ، إذا ما استبد بهذا الإنسان ، فإن متغيراتها ، وهذا ما يؤدي إلى كمال الرؤية في المواجهة أو نقصانها والتي تدعوا إلى إحلال مجتمع فاضل لا يرج عن نطاقات القولبة الإسلامية التي عكستها الثورية الإيرانية وفقا لالتزامات نظرية ولاية الفقيه التي يمتد نسقها العام التاريخي ، إلى الجنوب اللبناني ، التي نادي بها الشهيد محمد بن مكي الجزيني ، حيث جعل من جزين مركزا لنشر دعوته ، كما جعل من نائب الإمام ، فلسفة خاصة ، تستند إلى رؤية واجتهاد ، بحكم أن السيادة الإسلامية في ضوء تواجد ولاية الفقيه ، لا يحتاج إلى إثبات ، أو استدلال وفي هذا الأمر يؤكد ، الفيض الكاشاني ما يلي 🙁 فوجوب الجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتعاون على البر والتقوى ، والإفتاء ، والحكم بين الناس بالحق ، وإقامة الحدود والتعزيزات ، وسائر السياسات الدينية ، من ضروريات الدين ، وهو القطب الأعظم في الدين ، والمهم الذي بعث الله له النبيين ، ولو تركت لعطلت النبوة ، واضمحلت الديانة ، وعمت الفتنة ، وفشت الضلال ، وشاعت الجهالة ، وخربت البلاد ، وهلك العباد ، ونعوذ بالله من ذلك) .
ولما كانت الأحداث السياسية الخاصة بالمنطقة وبالعالم ، فإن الاستنكار الذي قدمته الهيئات الغربية للمشروع الثوري ، يقتضي ، عدم قبول هذا الغرب لفقه الصحوة التي هددت جميع امتيازاته ، ومصالحه ، وهذا ما دفعه ، إلى مساندة القوى العميلة قصد المحافظة على تموقعه الذي سمح له مرة أخرى بإدراك معاني المرجعية ، ومعاني التجربة الإسلامية ، حيث ابتدأت مخابره البحثية ومؤسساته الإعلامية من مراجعة الإسلام ومفاهيمه ، ومراجعة في ضوئه الفلسفة الخمينية ، وتأثيراتها الخطابية على العالم ، وعلى المجتمع الإسلامي بالخصوص ، الذي استجاب لمعالم دعوته المباركة .
ثالثا – المجتمع الإسلامي وفقه العودة :
كانت مناهضة الخميني للأوضاع التي فرضتها الطبقة العلمانية الدور الكبير في تغيير وجهات النظر داخل إيران وخارجها ، وإذا كانت الأنظمة السابقة تسعى إلى تحقيق الرفاهية الفوضوية ، فإن في استجلاء النظرة الخمينية ، نلتمس بعض التحفيز لإنشاء مجتمع إسلامي ، مطلبه الرفاهية والالتزام اللتان لا تخرجان عن إطار الشريعة الإسلامية. ولذا اكتست الثورة الإيرانية بعدان :
أ- البعد الأول داخلي إصلاحي: تعلق بشؤون البلاد ، وإعادة هيكلة نظمها ، على أسس إسلامية ، يتم ، بمقتضاها تعميم حكم الشريعة الإسلامية في جميع الميادين باعتبار هذه الثورة ، ثورة خمينية ضد الشاه ، وثورة الإسلام ، ضد العلمانية الاستبدادية ، وضد قوات الاحتلال، وضد القيم البالية والمعايير المشوهة .
ب- البعد الثاني خارجي : تجلى في تصدير الثورة الإسلامية إلى كل دول العالم الإسلامي ، هذه الاستراتيجية الخارجية لمفهوم الثورة ، سواء كانت سلبية في بعض عناصرها ، أو في بعض تعاملاتها مع الأطراف الإقليمية المجاورة ، إلا أنها ركزت واعتمدت على الوعي ، بإيديولوجية الغرب المحتل الذي ركز على الدور الاقتصادي ، ثم على الدور الديني ، في محاولته المتكررة للقضاء على الإسلام أو تشويهه .
لنطرح مرة أخرى سؤالا جوهريا متجددا بتجدد إشكالاته : ما سر خلاف إيران مع المنظومة الغربية ماضيا وحاضرا ؟
الجواب أن الإسلام في عهد الشاه محمد رضا بهلوي ليس هو الإسلام في عهد مصدق وليس هو الإسلام في عهد الخميني ، كون هذا الأخير بني نظريته على منطق التجنيد الاقتلاعي لكل المتربسات الذهنية التي عبرت آنذاك عن جاهلية الذات وجاهلية الموضوع ، وقد سعت الحركات إسلامية على إتباع نهج الخمينية وأعلنت في مبادئها على تنظيف المجتمع من رواسب الذل والاستعباد وكان لحركته الإحيائية الدور الملهم لتجاوز نظم التقليد في العمل والتفكير ، لم يكن الإسلام الذي جددته ، كما هو عند المؤسسات التقليدية ، التي ظلت واقفة على حفظ المتون فقط والتعليق السطحي على الحواشي والتهميشات ، ولكنها جعلت من الإسلام حركة تنويرية ، يراد منها استطلاع معالم وآفاق العالم الداخلي والخارجي ،
كما اشتملت قيادة هذا المجتمع على صفوة الكوادر ، لأن طبيعة التأسيس للثورة المناهضة ، كان الغرض منها هو عرض جميع المشكلات ، التي تجاوبت معها جميع التشكيلات الطبقية واتخذت من مسلكها عقلانية مرنة تحتكم إلى مبدأ الشورى والحاكمية الإلهية التي تدعو في ظلال مبانيها الربانية الغيبية عالمية الإسلام .
ومن بين الأوليات التي ميزت هذه الصحوة هو التصدي للتغريب بجميع أشكاله وتنظيماته لأن الأحداث في بعض الأحيان اتخذت طابع التجريد في الزمنية لكن مكانتها كانت تتعلق بحماية الجسد والعرض والشرف التي هي في أساس القاعدة الإنسانية عناوين الإنسان الصالح والسوي فبسقوط الدولة العثمانية ومبايعة أتاتورك لعلمانية تركيا وانتكاسة فلسطين ، تذبذب الخطاب الإسلامي نتيجة لرؤيته القاصرة في إقامة الدولة الإسلامية والمطالبة بالحقوق الخاصة والعامة ، حيث وهن في تلك الفترة ترشيد العقل الكلي الذي لم يضع في حسبانه كل التغيرات التي يفرضها الوضع الداخلي والخارجي .
وهكذا استوت عليه قيم الجاهلية الغربية في كل النظم تقريبا ولم تساند الشعوب والإسلامية ولم يجد قادتها المجددون إلا الصبر والعزيمة والتؤدة والذود عن الشرف وعن الوطن ومصالحه ، وبما أن الطبقات الاجتماعية أصبحت تنادي بضرورة تطبيق الشريعة دون أي إقصاء للقوميات والعرقيات المختلفة ، فإنه يتعين على خطاب الصحوة أن يعيد قراءة ومراجعة أنشطته وقضاياه ، ما جعل اليد حسن البنا يقول :(… والمصلح الإسلامي إن رضي لنفسه أن يكون فقيها مرشدا يقرر الأحكام ويرتل التعاليم ، ويسرد الفروع والأصول ، وترك أهل التنفيذ يشرعون لأمة ما لم يأذن به الله ، ويحملونها بقوة التنفيذ على مخافة أوامره ، فإن النتيجة طبيعية أن صوت المصلح سيكون صرخة في واد ونفخة في رماد (…) ، وأما الحال كما نرى التشريع الإسلامي الفعلي في واد والتشريع التنفيذي في واد آخر) .
ومن ثم فإن سبل الانتقال من الأوضاع الرافضة بما يحتويه من مشكلات وتناقضات قد يطرح عدة اعتبارات لقراءة المشروع الثوري التجديدي مستقبلا ، تنتظم إليه كل الشرائح الاجتماعية ، في تكريسها قيما جديدا نحو مراقبة الحاضر والتفاعل معه والاستبشار بالمستقبل والتواني في تطويره ، باحترام حق الاختلاف التي لا تستطيع أي تجربة أن تتجاوزه أو تلغيه ، وهذا هو المشكل الأساس والقاعدي الذي يتوجب على فقه الصحوة مراعاته وإدراكه ؛ لأن الفاعلية الإسلامية آنذاك وقعت في مأزقين ، مأزق التركيبات الأصولية ، ومأزق النماذج المستوردة ، بالإضافة إلى التعدد والتنوع الطائفي الذي جعل من شعار الإسلام هو الحل يقف على عتبة المناقضة والمخاتلة ، ويتعثر عندما يستذكر هذه الطائفيات ، ويعيد المجتمع ذاته طرح التساؤل التالي : هل الإسلام هو الحل ؟
ولا شك أن هذه المستجدات قد منحت الحركة الإسلامية تفاعلا ايجابيا طيلة السنوات الماضية ، وإن كان مبدأ السلبية يتخللها منحين إلى حين ، نتيجة لمواصفة التغيير الاجتماعي الناقصة التي ظلت حبيسة الأحلام والأمنيات نتيجة لتلك الضبابية المتضمنة أخل الرؤية ، وانكسار في النظرية من حيث الإيديولوجية السطحية التي امتزجت بغياب النظرة التكاملية لجميع الظروف المحيطة ، ومحتوى العمل التنسيقي للقوى المسيطرة .
وتبعا لهذا الأمر ، فإن الاسترشاد الخميني لا ينكر نيتها في تطبيق قاعدة الاستخلاف الإلهي الذي يعيد للإنسان تكريمه الحقيقي ووجودها الأصيل لا الزائف ؛ لأن الأمة الإسلامية قد سقطت في مخالب الجاهلية الأولى ، ومن أشد أعراضها : ( الاستعمار والحزبية والربا والشركات الأجنبية والإلحاد والإباحية وفوضى التعليم والتشريع واليأس والشح والخنوثة والجبن والإعجاب بالخصم إعجابا يدعو إلى تقليده في كل ما صدر عنه وبخاصة في سيئات أعماله ، إن داءً واحدا من هذه الأدواء يكفي لقتل أمم متظاهرة ، فكيف وقد تفشت جميعا في كل امة واحدة ؟ ) .
كما أشار إلى ذلك الإمام الخميني ، على أن الإسلام قد قدم قوانين إلهية أوحى بها إلى نبينا الأكرم ، غطت الإنسان من الولادة إلى مشارف القيادة والمسؤولية ، ثم انطلقت السنن الإلهية من شؤون العباد إلى شؤون الاقتصاد والمال ، ثم عبرت كل السياجات الإقليمية والجغرافية ، لتعلن أحقية المرجع الديني ودوره في إيقاظ الأمة وحمايتها ، ولا يتسنى هذا الأمر إلا إذا رجعنا إلى :
رابعاً – قاعدة الاستقطاب والالتفاف حول المرجع :
إن التحليل السيميائي لمستويات التجربة التغيرية في خطابات الخمينية قد خلق سياقات دفاعية ، من معنويات التعبئة الجهادية ضد الواقع وضد المحتل ، وإذا كانت الجاهلية فلسفة قوة وعنف فإن في تحييدها عن مستوى الإدراك العقلي والفعلي ، بالنسبة لأوامر التصحيح والتبليغ قد يقتضي إعادة مراجعة جميع المناهج في ظل الرؤية التكاملية لمبدأ التطبيق الفعلي للمشروع ، إن الذي يهدف أساسا إلى توعية المجتمع في ظل المحافظة على أنساقه وتعدديته.
فالسلام في الإسلام لا يمكنه أن يخرج عن الإطار السالف الذكر وأسسه الميتافيزيقية ، كالألوهية والتوحيد ؛ لأن الجو العام لمعارك التدفق الإصلاحي كان ينبني آرائه على عوامل الانتصار أسسه السياسية كالحرية والعدل المساواة ، وأسسه الاجتماعية ، كالتعاون والتكافل التوازن ، وسعى المشروع في جملته إلى مكافحة المظاهر التالية 🙁 الاستعمار ، والحزبية ، والربا ، والشركات الأجنبية ، والإلحاد ، والإباحية ، وفوضى التعليم والتشريع ، واليأس ، والشح ، والخنوثة ، والجبن، والإعجاب بالخصم إعجاباً يدعو إلى تقليده في كل ما صدر عنه وبخاصة في سيئات أعماله ، وإن داءً واحداً مِن هذه الأدواء يكفي لقتل أمم متظاهرة ، فكيف وقد تفشت جميعا في كل أمة على حده) .
وبما أن مخيال الحكومة الإسلامية قد نازع المشروعية السياسية في الحكم فإن لهذه النسقية الجديدة الدور الفعال في التفاف الجماهير حول مبادئها وقواعدها ، وفقا لنمط الارتباط والتحقق بمبدأ التآزر والتعاون.
والملاحظ لتحركات الخميني أنه كان قريبا من الزعيم الإسلامي آية الله كاشاني الذي دوى صوته جميع أنحاء العالم قائلا 🙁 أيها الكلاب الإنجليز .. اتركوا لنا بترولنا ، واخرجوا من بلادنا ) ، كما كان الخميني الدعامة الرئيسة لثورة رشيد علي الكيلاني في العراق سنة 1941رفقة الحاج أمين الحسيني مفتي القدس الشريف ، وعندما قلّ صدى الثورة الكيلانية اتجها القادة إلى إيران لتدارس الأوضاع التي تعيشها البلدان الإسلامية .
ويعتقد الكثيرون من جمهور علماء الشيعة أن الزعامة كانت مقسمة بين العراق وإيران في زعامتين :
أ- زعامة الإمام الخميني الذي تتبعه الأغلبية من مسلمي الهند وأفغانستان وكازاخستان والمناطق المجاورة لإيران ، والتتبع لهذا المرجع قوامه الثورة وفقه الانقلاب على كل مظاهر الفساد التي روجها النظام الفاسق المستبد .
ب- زعامة الإمام الخوني أبي القاسم ، المتواجد بالعراق ، وكانت دعوته ومرجعيته تمتاز بالهدوء والسكينة ومواجهة العدو بالطرق السلمية ، محاولا قدر الإمكان ، الابتعاد عن المواجهة العلنية والابتعاد قدر الإمكان من صلابة المواقف السياسية المعكرة ، كذلك العسكرية الطاحنة التي عرقلت فقه الصحوة الإسلامية ، كلما امتدت صيحاتها ، ما أدى إلى خروج شعارات الموت لأمريكا ، والموت لإسرائيل التي ظلت كقاعدة إستراتيجية لكسب المزيد من التأييد سواء لإيران ، وللمناطق القريبة من فلسطين والبعيد ة منها كذلك ، وفي هذا الصدد يشير الإمام الخميني أن ( الحكومة الإسلامية لا تشبه الحكومات الحالية المعروفة ؛ فليست هي حكومة مطلقة يستبد فيها رئيس دولة برأيه عابثا بأموال الناس ورقابهم … كما أن الحكومة الإسلامية ليس مطلقة ؛ وإنما هي دستورية ، ولكن لا بالمعنى الدستوري المتعارف الذي يتمثل في نظام البرلماني أو المجالس الشعبية ؛ إنما هي دستورية بمعنى أن القائمين يقيدون بمجموعة الشروط والقواعد المبنية في القرآن والسنة ) .
كل ذلك حفاظا على المجتمع وقدراته البسيطة في الحياة ؛ لأن الحرب في اعتقاده سيكون الهالك الأول هي الطبقات الضعيفة في المجتمع الذي استوعب حقيقة الأنظمة الدكتاتورية سواء كانوا تكرمان أم أكرادا ، لتصبح الأمة الإسلامية أحزابا وشيعا سهلت لإسرائيل وللقوى الغربية أن تنفذ مخططاتها بنظرية فرد تسد .
ويقر الإمام الخميني في هذا الصدد ما يلي:( إن هناك أمرا يحيرني وهو أن الدول الإسلامية تشخ الداء وتعلم أن للأجانب الدور الكبير في إشاعة التفرقة وهو ضعفهم ، وهم يرون أن دولة كإسرائيل تقف في مقابل المسلمين الذين لو اتحدوا واجتمعوا وصب كل واحد منهم دلوا من الماء على إسرائيل لغرقها الماء ، ولكن مع ذلك عاجزون أمامها ) .
ويؤكد هذا النص أن الثورة الإسلامية قد سعت إلى توحيد المسلم مع شخصيته ، ومع نظرته إلى واجبه المقدس الذي يتجلى في حفظه لأعراض المسلمين وحفظه للدين وللمال ولجسد الوطن الذي يعد أهم عنصر تبنى عليه الاستراتيجيات والمخططات العالمية ؛ رفضا لجاهلية القرن لفكر الطواغيت الذي مشتركا في مظاهره سائر البلدان الإسلامية عبر إيديولوجية خاصة طرحتها فلسفة المقاومة التي دعمها الإمام من فقه التاريخ الحسيني الكربلائي ومن تجربة سيدنا محمد الأكرم ، ومن نضال أبطال الإصلاح والتجديد كالأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا ومحمد خان ومحمد إقبال اللاهوري .
كما أن الدعوة إلى استخدام القوة يجب التنبيه إلى أخذ الحسبان للأسئلة التالية :
هل أوصى الإسلام بالقوة في كل ظروف وأحوال الاستبداد والاحتلال ؟
هل القوة شعار الصحوة فعلا وشعار لم الشمل أكيدا وتصيح الأوضاع أبدا ؟
وهل فلسفة القوة باعتبارها أساس القاعدة الإسلامية الانقلابية حيث يكون تطبيقها في البداية أم في النهاية ؟
ما أساس اختلاف هذه البدايات والنهايات في مجال التصعيد الانقلابي ؟
وأين ينتهي مسار الانقلاب في تصفية الظروف والأحوال قصد الاعتلاء بمصالح الأمة ؟
وفي الجانب اليساري الذي تبنى الطرح الانقلابي لكن برؤية مغايرة يرى الدكتور أبو الخير أن الإخفاقات والهزائم التي لاحقت الحركات الثورية اليسارية بفعل مخططاتها ، وبفعل اختراق الامبريالية لبرامجها ، فإن الأمر كان مهيأً ومناسباً لصعود التيارات الدينية إلى سدة الحكم والسلطة في الجزائر والعراق مرورا بمصر وسوريا والأردن ، والتي مهدت بدورها إلى تأصيل الحكومة الإسلامية وبنائها .
ولكن الحقيقة التي لا بد أن نوضحها أن الدعوة إلى امتلاك النموذج الإسلامي لم يرقَ إلى مستور رفع الشعارات المرفوعة ، وإن كان لتعبئتها الدور الكبير في تثبيت مواقف إيران من الوجهة السياسية والعالمية ، لكن الأوضاع الداخلية فيما بعد لم تكن في صالحها ؛ لأن دخولها في معترك صراع الحريات سيضيع إيران من جميع الجهات ، وإن لم يكن هذا الأمر واضحا أشد الوضوح إلا أن الشارع الإيراني نجده قد تمفصل إلى مفصلين :
المفصل الأول : إصلاحي يقر بأولوية الفارسية ثم الاسم ، ثم الغرب .
المفصل الثاني : محتفظي ، يقر بأولوية الإسلام ، فالفارسية ، فالغرب .
ولا شك أن هذه التناقضات قد تدفع الإسلام في إيران واقع التجربة الإسلامية ؛ لأن نجاحها اليوم وفي المستقبل مرتهن بتفعيل آلياتها التكاملية ، ولا يتم هذا الأمر إلا باحتواء جميع الأفراد داخل النسق الإسلامي ، حيث نضع في الحسبان تراجع التخطيط التمديدي لمستقبل الانقلابية ، نتيجة للفراغ المتقوقع في الآفاق الذهنية والبناءات الروحية التي نتجت عن تقيد منهجية النقد الذاتي دون وضع حسابات قد تكون لصالحها مرة وقد تكون ضدها مرة أخرى
والمتأمل لهذه القضية أن الصحوة بصفتها العامة يجب أن تسترشد إلى العقلانية المرنة والعقلانية النقدية المتضحة على كافة الشرائع الاجتماعية ، حيث تضع في حسبانها كل الاختلالات التي ستؤهلها فعلا للحياة وكبديل للحضارة ، وإذا كان عمل الخمينية قد حقق نتائج مبهرة في السبعينات فهل ستحققها في الأيام المستقبلية ؟
هذا ما نعمل لكشفه وقراءته في ظل المتغيرات القطرية والعالمية المنفصلة والمتصلة فيما بين العوالم التقنية ( السلاح النووي ) ، وفيما بين امتلاك الأقاليم ( القدس والذهب الأسود ) .
وإذا كانت الثورة الإيرانية قد عملت على تطويق العلمانية المتطرفة المستبدة والإقرار بالمبدأ الثوري فإن الأمر الذي نجده عند الحركات الإسلامية الأخرى ما هو تقليد لتلك الترسبات التي تستشعر الإرهاق كلما دعا الأمر إلى إعادة قراءة وواقعية الخطاب الإسلامي الذي لم تتضح معالمه نتيجة لسياسة الإقصاء التي لا تعترف بمكان المغايرة ، حيث أبعدها كل البعد عن هموم الناس ومشاكلهم ، هذا ما أدى إلى فشل التجربة الإسلامية وانزوائها في حلقات نقاشية مفرغة أرجعت المجتمع والخطاب الإسلامي إلى جاهلية جديدة ، بينت أهم قيود الإسلام السياسي آنذاك الذي تناسى البنية الاجتماعية والاقتصادية رغم تنظيرات كبار الفكر ورجال الدين الإسلامي كباقر الصدر وغيره .
وإذا كان تصدير الثورة لغايات قومية تحالفيه – حتى وإن لم نخرجها من طابعها الديني – فهل تستطيع الصحوة الإسلامية أن تتجاوز تضخيم مبدأ القوة والعمل بإقراراتها الضمنية التي لا تقبل فيها المناقشة ؟ مع العلم أن نجاحها مرتبط بعلاقة الذات والآخر لا على إطار المرجعية ولا على إطار القدرة السياسية ، وإذا ما أرادت أن تحقق استراتيجية الوضوح التاريخي والوعي به والوضوح المقصدي الذي ينطبق أيضا على حال الخمينية .
إن العالمية الإسلامية لا تتحقق بالخطوط العريضة المتشابكة – حسب ما تريده بعض الأطراف الإسلامية – إلا إذا كان النقد الذاتي مشرحا لجميع الخطوط الذي وضعتها الحركة العامة ، وقد استنزفت طاقات وأموال وجهود كبيرة في سبيله ، لكنها في كل مرة تبوء قواعدها بالفشل والهزيمة لعدم امتلاكها الرؤية التركيبة العامة التي تشجع السلطة والمجتمع مهما كانت تشكيلاته وتركيباته ومطالبه الحقوقية ، سواء كانت سياسية أو تمثيلية ومهما كانت شدة المعارض والاختلاف والتعدد .
إن تحقيق مشروع الخمينية إذا أريد له الاستمرارية يجب أن يراعي كل الشروط الموضوعية التي تؤهله إلى إنجاز ثورة إسلامية مجددا تحيل الظلم والاستبداد إلى دائرة الاستبعاد وتحقق فعلا العالمية الإسلامية ، وتجمع العالم الإسلامي وحدة المصير والمآل عليه أن تطور في خطاب الصحوة وفقه الحركة ، ستلزم منها فقه معنى التغيير والثورة وتحسن أساليب المقاومة ؛ فالمجال الزمني الحتمي لقوى الوعي في حد ذاته هو إعادة استشعار لتلك الترسبات المخالف الأنماط الوجودية الفكرية السائدة التي ستستحضر إعادة قراءة صناعة الإنسان الجديد في مجتمع جديد الذي سيتجاوز قواعد الاستئصال الإبداعي والسياسي والإعلامي ، ومن ثم سيكون تحويل جديد في شبكة العلاقات المفاهيمية لمختلف القوى التي ستسترشد نحو وضمن عملية الانقلاب قصد اختراق الاضطهاد المؤسسي.
* المدرج الانقلابي للنظرية الخمينية :
عملت الصحوة في العالم الإسلامي عمل التحير ، وعمل الاسترشاد ، الذي شنته مدافع آيات الله على قوى الاستبداد وقوى الغرب المحتل ، ولم تكن المرجعية متساهلة مع هذا الأمر ؛ بل اعتبرته أحد الأساليب التي سيتم بها اختراق العالم الإسلامي مستقبلا لذلك عجلت بالثورة التي كانت مدفوعة إلى تحرير من نوع آخر وجديد تقاذفته الشعوب فيما بينها لتنتصر إلى الحق والعدل وتطبيق الشريعة .
كل ذلك لأجل إرساء قواعد شورية إسلامية بديلة عن تلك النظم اللا دينية المتطرفة لغرض التغيير الاجتماعي والسياسي وحتى الثقافي ؛ لدعم سلطة المجتمع وتقوية بنيانه في جميع تركيباته الاثنية ، لغرض إعادة تأسيس دولة ، أو أمة عالمية إسلامية ، تقوم شروطها على الصحوة والحكمة الشورية .
وكان منطق هذه التجربة فقه الحوزة العلمية التي ابتكرت قواعدها المعرفية على المنطق والعرفان والفلسفة ودروس الفقه وعلوم القرآن ، لذلك شغل المتن الحوزوي لحظة استغراق علمي كشفي جواني تحددت معالمه في تعاقب الخبرات التكوينية المختلفة التي نفذ بها المشروع الانقلابي داخل إيران وخارجها لينطلق العمل الثوري إلى الواجهة باعتبارها الحل الأخير .
كما أعطى هذا التحرك مفهوما جديدا للشخص (Person) باعتباره القائد الذي تكمن من أن ينحت لنفسه قيما سلوكية بمقياس وأهداف أمته ، فقد استطاع أن يحدث الانقلاب الإنساني المرجو على العقد والرواسب الحضارية المنصرمة ، حتى على النموذج الفردي في أعماقه عبر فتح مجلات الذات عن ضدها بإصلاح الأوضاع الداخلية وتصحيح المفاهيم الاجتماعية والسياسية .
كما يمكن فتحها عن ضد ضدها ، ألا وهو الاحتكام للمطالب الانسانية العالمية خاصة المضطهدة منها ؛ لأن مفهوم الثورة ليس فقط الاندفاع نحو تغيير الوضع بأي طريقة ؛ بل الثورة هي قمة الوعي في تأني لنشر وتصدير مبادئها الإنسانية ؛ لأنها لا تخص العالم الإسلامي بل تتجاوزه ، إذا ما احترمنا شروط هذه العالمية التي هي 🙁 هدفنا الأسمى وغايتنا العظمى وختام الحلقات في سلسلة الإصلاح ، والدنيا سائرة إلى ذلك لا محالة ، فهذا التجمع في الأمم والأجناس والشعوب ، وتداخل الضعفاء بعضهم بعض ليكتسبوا بهذا التدخل قوه وانضمام المفترقين ليحددوا في هذا الانضمام أسس الوحدة ) .
وكذلك إذا احترمت خصائص كل دولة قطرية ، وليتحدد ضمنها منهجية العمل الإسلامي الانقلابي الذي يتقولب ضمن بؤر للوعي التي تعمل بدورها على ترشيد للعناصر التالية :
أولا : الجذر التأسيسي: ويكون الفعل التغيري أو التصحيحي مثبتا ضمن معايير الإدراك الحقيقي لفلسفة التجربة التغيرية فقه الصحوة ؛ لأن القاعدة الأساسية في منطق الاستقراء المفاهيمي لخطاب فقه القدوة السياسية ستلزم ربطه بالجانب الديني لا لشيء سوى تقوية وتصفية الإرادات عبر عامل التعبئة وتنشيط وحماس المعنويات ( ومن هذه المبادئ تخرج الحياة الإسلامية بمختلف فروعها ، كما ترون في الشجرة أن البذر يكون الجذر ، والجذر يكون الجذع والجذع يكون الأغصان ، والأغصان تكون الأوراق ، حتى تكون الشجرة باسقة ممتدة ، ولكن مع امتدادها وبسوقها تظل كل ورقة منها ترتبط ارتباطا وثيقا ) .
وقد ساهم رواد الإصلاح على خلق طرق جديدة في بعث الحركة الفكرية والتربوية والاجتماعية التي أعادت للفرد المسلم حقيقة الوعي وحقيقة الحركة التاريخية الذي يعتبر فيها نقطة تمركزه ووجوده ، وهذا ما دعى إليه الإسلام على لسان نبيه الأكرم ؛ لكون أن جميع الفلسفات الثورية التحررية كان مسندها الدين بالدرجة الأساس الذي يروم ضمنيا نحو :
ثانياً : منطق الالتزام : الذي هو الشرط الأساسي في انكشاف الصحوة على كافة الطبقات الاجتماعية باعتبار الدين لكل الطبقات ، مما كانت صبغته ، والالتزام بقواعده تجعل الإنسان يتمرد على العبثية والإفساد تغييرا لأنماطها المتكررة من خلال فلسفة خاصة الجهاد والزجر .
وكون أن الإسلام انقلابيّاً ومنهجيته انقلابية فمساره إذن هو تأسيس بنيان جديد وفقا للفكرة المنطقية لتكامل المفهوم وقاعدة الماصدق التي ينضوي فيها ركن الجهاد في غايته الانقلابية ، بحكم أن الفساد القومي يمكن معالجته عبر الفلسفة ، وكذلك عبر إعادة النظر في المتضمن الخاص والعام لاستراتيجية المواجهة التي تتركز على :
ثالثاً : تتالي الحركة : وتتجلى في التطهير المجتمعي للقيم والأخلاق والنظرة إلى الذات وإلى الآخر عبر هذه المفارقات التي اصطنعها التغريب ومؤسسات العلمانية المستبدة، والقيام بتصديرها إلى العالم الإسلامي ، عبر مثقفيها البرجوازيين ، وعبر مؤسساتها السياسية والاقتصادية والثقافية ، وفي هذا الصدد يرد الإمام الخميني على أولئك الذين يقولون أنه لا حكومة في الاسلام وأنها مبهمة منغلقة تفتقد لصلاحيات تطبيقها وتنفيذه في الواقع على أن 🙁 الثورة الإسلامية في انبعاثها كانت تسعى لتوحيد المسلم مع شخصته ونظريته ورفض الجاهلية القائمة ولفكر الطواغيت الذين صنعوا التناقض والأزمة في حياة الفرد … والعملية التغيرية التي سيتم بها التوحيد تنتظم في قضيتين هما وجهان لنفس العملة ؛ فالإيديولوجية الإسلامية كمنهج رباني تتضمن حلولا لكل مشاكل المجتمع المعاصر) .
فالإسلام ليس له مؤسسات حكومية ولا تشريع منظم يسهر على حماية المجتمع وتوجيهه ؛ بل هو أحكام مبعثرة في سلسلة من الالتزامات المقيدة القامعة لحرية الفرد .
إذن ، فالحركة في معناها الخميني هو تتالي مفاهيم المقاومة وإثبات الذات وتطبيق الشريعة وتحويل التاريخ وإعادة توجيهه نحو القيم السامية التي ترتبط بالشخص ، كونه محور التجربة الثورية الانقلابية ومحرك العجلة التاريخية ، ما يجعله ينظر إلى وجوده مستقبلا من حيث تكتلات القوى المتنازعة التي تريد أن تختصر الزمان وتعجل بهوس قيامي ، حيث يتحقق تاريخها عند لحظات انتصارها ، وهذا ما ركز عليه الخميني في إعادة قراءة :
رابعاً : واقع التجاوز : فبالنسبة للغرب فإن مقولته في الملة غير ناضجة ، وبالتالي فهي غير يافعة وغير مكتملة كذلك ، وتقليده والأخذ بمقولته قد تنجر عنه تبعات ، كما أن شروط إمكان الحوار تظل ضئيلة ؛ لكونه الأقوى ، فهو الذي يحدد ويفعل الأنساق هذا الحوار، وكونه أيضا يستشف وجوده من اللا ملة ، وبالتالي لا يرى أي علاقة أو دالة تربطه بوجودنا ووجود الآخرين ، حيث تتصعد لغة الخطاب ولغة إثبات الذات عبر معنى جديد للحضور : ألا وهو فلسفة الشهادة ، أي من يحضر في معنى حضور الشهود ويستشهد لأجل الخروج من الزمن الهاوي إلى الزمان المكانوي أين تتحدد وتتوضح وتتأكد مطالب الأنا أمام التاريخ الإنساني فيعلن أن الديمومة الزمنية لمفهوم ماصدق الاستشهاد هو الحياة ، التي يتجاوز فيها معنى الزمان الكمي للحركة التاريخية العالمية ، كون أن المنهج الحركي ( الذي ليس فقط من صميم الواقع الثوري ولكنه من صميم النظرة الذهنية التي تريد أن تفهم هذا الواقع ، وهو وحده الذي لا يجعل من الخطأ نتيجة نهائية ، كما لا يجعل من الصواب وعاءً برجوازيّاً كامل الصيغة ، ونحن عندما نتخلى عن هذا المنهج الحركي في أسلوب وعينا لثورتنا إنما نتحول بصورة حتمية إلى أبطال منتفخي الصدور بادعاء قيادة التاريخ ، وفي الوقت نفسه نتابع تجاهله الكامل) … هذا ما يحدده مفهوم الشخص التاريخي ، أو فلسفة القائد الكاريزمي الذي يرتفع إلى مستوى الحاجات التاريخية والوجودية الكبرى الذي يعمل من أجل واجبه لتحقيق النصر بالوصول إلى ما يبتغيه ، ولكنه ينظر إلى النصر والنجاح من خلال أدائه ومسؤوليته تجاه واجبه الشرعي ، لذا فهو يتجه إلى طريق التغيير ليحقق خارطة طريق جديدة في النضال والوعي والترشيد عبر المنافذ التالية :
– كعرض بنيان الدولة لتحديد العقل السلطاني المملوكي من العقائد الجامدة ، وبالتالي إخضاعه لمنطق النقد والتقييم .
– انتصاره للحريات الإنسانية مهما كان شكلها من الاستبداد .
– ولأمر مبدأ الشورى ضد الاحتكار وقيم الاستغلال الفردية الرأسمالية .
– وللوحدة القطرية والوطنية ضد التجزئة .
– وللعدالة ضد الإجحاف الاجتماعي القهري من طرف قوات القمع القضائي والبوليسي .
– ولاستقلال الأجهزة بكل سلطاتها ، وللتنمية ضد التبعية .
– ولنشر روح التضامن الاجتماعي ضد أشكال الفئوية والطائفية .
كل هذا الأمر لضرب صيرورة النهج الرأسمالي الاحتلالي أو السوبر إمبريالي التي تتصاعد وتتزايد بشكل آخر ، فتتآكل ضمنها الحدود وتذوب ضمنها الهويات عبر قراصنة :
– الداعين إلى حرب وقائية تكون سابقة لمجريات الأحداث ومجريات ردود الأفعال .
– الداعين إلى نهاية التاريخ وصدمة المستقبل .
– الداعين إلى إسقاط الأنظمة الإسلامية كالنظام الإيراني والنظام الجزائري ، والنظام المقاوم كحزب الله اللبناني ، ونحن الآن وفي هذه اللحظات نشهد سقوط باقي الأنظمة واحدة تلوى الأخرى.
– العمل على تشويه الإنسان عبر نظريته الكيوسية ، وجعله معوقا لا يضاهي ولا يتقارب إطلاقا مع الإنسان السوبر الإنسان البطل الغربي.
وإذا كانت الخمينية مشروع شخص ثم مشروع جماعة ثم مشروع دولة فمشروع أمة فإنها قد نحتت لهذا الشخص مفهوما جديدا للانقلابية ، حتى أصبح مفهومه تشتغل عليه مفاهيم الشخص الانقلابي ، الشخص الثوري والتغيري والتصحيحي الثائر على قوانين الشاه وقوانين المستبدين في العالم ( كون التاريخ لا تصنعه الصدف ولا مكائد الاستعمار ، ولكن ما تصنعه الشعوب ذاتها في أوطانها ) .
وهكذا فالخمينية عملت على تأسيس فلسفة خاصة في الحياة ، كما تسعى إلى استمرارها في شتى جوانبها الإيديولوجية ؛ لأنها حركة في التحول (conversion) وصورة في العيش الكريم على حسب ما تطرحه من أدوار فعالة ، وأن تحقق الدور المناط الذي ترقبه الحركة الانقلابية .
وإذا كانت مختلف الشرائح الاجتماعية قد ساندت التغير وانضمت الحركة الانقلابية لصلح الخمينية فإن ذلك الأمر نتيجة للإحساس عميق بحجم المسؤولية التاريخية التي سوف تلقى على عاتقها ، وإذا ما أريد لخطاب الخمينية أن يستمر عليها أن تدرج جيدا :
1- وضعها من حيث شرائح المجتمع الذي تفجرت فيه الثورة .
2- وضعها من حيث تصدير الخطاب الانقلابي وكيفياته للعالم الإسلامي .
3- ووضعها من حيث مواجهة النظام العالمي ، وآليات اشتغاله في المنطقة مهما كان حجم الصراع
4- وعبر مقدرتها على المواصلة في الشعار الذي اختلقته – الإسلام الذي هو الحل – في ظل التعدد الطائفي الديني والاثني .
5- ومن حيث علاقتها الجيوسياسية مع المناطق الصديقة المجاورة .
6- ومن حيث عمق جدواها وعدم احتكار المرجعية والتداول السلمي على كرسي المشيخة ( ولاية الفقيه ) .
7- ومن حيث وجهها المرآوي ناظرا ومنظورا إليه ، سواء من طرف العدو الأكبر أمريكا وإسرائيل ، أو باقي الشعوب المساندة لفلسفة الثورة والتحرير .
8- ومن حيث وضعها الذي يطرحه التساؤل الدائم والذي يتكرر دوريّاً عندما تزداد حدة المواجهة والضغوطات الخارجية على إيران وعلى المنطقة ، مستقبل إيران إلى أين ؟ ، دون أن نضيق على هذا التساؤل بقضية المؤامرة السوداء ؛ لأنها أضيق نطاقاً وأقل أهمية أمام الاستراتيجيات والمخططات الكبرى التي تتبناها الدول العظمى ؛ فهي الأخطر ، وهذا ما يجب أن تركز عليه وتشتغل فيه ، هذا لا يعني أننا نبرئ العدو من جرمه ؛ بل دراسته بعين موضوعية واحترافية تستند إلى الحكمة العقلانية العلمية كون أن ( المكر يأتي بداية من جانب الأقوياء الذين ستطيعون شراء النفوس المريضة واختراق الطرف الآخر والتلاعب في صفوفه ) .
وهذا ما سيميز حال الخمينية من جديد عبر إحلال مفهوم جديد للمقاومة ( لأن الامبريالية بعد كل حساب فعل من أفعال العنف الجغرافي الذي يتم عن طريق فعلي لاستكشاف كل فساد في العالم وتخطيطه وإخضاعه أخيرا للسيطرة ) .
غير أن محاولات المقاومة الشرعية ستفتح الباب واسعا تجاه حركة التغيير لمسار الشخص ومسار الوعي ؛ لأن الانتفاضة في مجال التقعيد التاريخي ما هو إلا إزاحات لتلك الترسبات التي نستشعر وجودها في حياتنا كلما ازداد خطر التهديد العلمي بقوته الرادعة واستراتيجيته الموزعة بشكل دائري مغلق في المنطقة ، وعليه فإن فقه المقاومة يستلزم منا إعادة الاعتبار إلى تأصيل المفهوم الحقيقي لمعنى الانقلابية ومعنى المقاومة ومعنى الاستشهاد ومعنى الخطاب الموجه في صيغته الحالية إلى ذواتنا أولا ، وإلى إنجازاتنا ثانيا ، حيث نتساءل : ماذا حققنا بعد سلسلة الثورات الفائتة ؟ وهل أدركنا الطريق الصحيح ؟ وإن أخطأنا ما هي طرق الاستدراك والاسترجاع في ذلك الأمر ؟
* خاتمة :
إن الفلسفة الانقلابية التي جاءت رواد التجديد الحضاري ستسمح مرة أخرى إلى القوى الناشط في مجال العمل الإسلامي أن تعاد قراءته بمقتضى العصر الحالي الذي لا يخرج في مفهومه وقضاياه وأحداثه عن الماضي إلا بقليل، كونه يعاد بطرق خاصة تستحضر في ذلك لغة العصر وراهنية التصرف تجاه لغة الحدث التي تميزت بالهجوم أكثر من الدفاع الواعي للتاريخ ولقيم الحركة والتحول .
إن الانقلابية ليست مفهوما سلبيا كما يفهم منه في الوهلة الأولى ؛ وإنما في أساسه هو مفهوم مرتبط بمسالك القيم ودرجات الوعي وخطوات النهج ، وإذا كان الغرب قد واجهها بلغة هجومية لاغية لفلسفتها الوجودية – خاصة تجاه ولاية الفقيه وقضايا التجديد السياسي والنهضوي – فإن لغة الخمينية لن تسمح للغرب مرة أخرى إعادة نصب الفخ للإطاحة بالمشاريع الثورية ، ومن ثم علينا أن نستدرك قيم مواجهات الغرب عبر ما عبر عنه الخميني .
– تكريس نظرية علاقة السلطة بالمثقف في إطار ما نصت عليه نظرية ولاية الفقيه وما استند للشرع ولرسالة الوحي المحمدي الذي عبر عنه في أزكى تجلياته دستور المدينة الذي يهيئ لنا الصورة الذهنية للسعي نحو تحقيق العالمية الإسلامية عبر إدراك معنى التجاوز
– تحقيق الوحدة الإنسانية في ضوء ما نصت عليه الديانة الإسلامية في وحدتها ، لا في تشتتها وتفرقها ، وقد أكد الخميني ضرورة التوحد بين أبناء الوطن الواحد ، وأكد مرارا وتكرارا على نبذ الطائفية باعتبارها أساسا للتفرق ، وباعتبار الوحدة أساسا للتكامل والاستجماع والتكتل ضد شياطين الأرض أمريكا وإسرائيل .
– مقاومة إسرائيل والصهيونية وكل القوى المدعمة لها ، حيث أن مشروع الخمينية سيسهل عزلها عن كل العالم ، ويتم ذلك عبر إحياء يوم القدس العالمي ، ومساندة المقاومة الموجودة على أراضيها ، والتذكير بتاريخها القدسي ، وتبيان جرائمها في كل العالم ، وفي مقابل هذا الأمر تبيان عجزها وخوفها من المصير القادم إن لم تعترف بأخطائها واغتصابها .
– تسليط الضوء على جميع القوى المطلقة والمدرجة في خانة العمل الإسلامي داخل جميع الحركات الإسلامية ، وتوجيه سياق خطابها نحو صيانة المجتمع والاهتمام بانشغالاته عبر منافذ فقه الصحوة ، وترويضه بفلسفة النقد وبفلسفة فقه المحافظة على المصلحة الوطنية ، وجعله قرآنيا بالدرجة الأساس ، حتى يتزكى روحيا ويدرك حقيقة وجوده وعلاقاته مع ذاته ومع ربه ومع غيره .
وهكذا يتكون المجتمع الفاضل الذي يهيئ الأرضية اللازمة لخوض معارك التجديد والتغيير المدرج في جدول أعمال المشاريع الانقلابية وخاصة الخمينية منها.
********
* قائمة المصادر :
1- روح الله الخميني : الحكومة الإسلامية ، كتاب مصور ، مكتبة الإسكندرية .
2- روح الله الخميني : القضية الفلسطينية ، دار الوسيلة لطباعة والنشر ، بيروت .
* قائمة المراجع :
3- أبو الأعلى المودودي : النظرية السياسية ، دار الفكر ، سوريا.
4- إدوارد سعيد : الثقافة والإمبريالية ، ترجمة كمال أبو ديب ، دار الآداب ، بيروت .
5- عبد المجيد النجار : الإشهاد الحضاري ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت .
6- عبد الحميد الغزالي : حول أساسيات المشروع الإسلامي ، دار الطليعة ، بيروت .
7- عبد الهادي الفضلى : في انتظار الإمام ، دار الأندلس للطباعة والنشر ، بيروت .
8- عبد الله العروي : الإيديولوجيات المركز الثقافي العربي ، المغرب ، لبنان .
9- علاء ظاهر : الاستراتيجيات العالمية المعاصرة ، دار بلال ، بيروت.
10- علي أبو الخير : إيران من الثورة إلى الدولة ، مركز دراسات العراق .
11- مالك بن نبي : بين الرشاد والتيه ، دار الفكر ، دمشق .
12- محمد محفوظ : الفكر الإسلامي المعاصر ورهانات الفكر ، (م .ث .ع) المغرب ، لبنان .
13- محمد عمارة : الصحوة الإسلامية التحدي الحضاري ، دار الشروق ، القاهرة .
14- مطاع الصفدي : مصير الإيديولوجيات (الثورة في التجربة) ، دار الطليعة ، بيروت .
15- منير شفيق : في الحداثة الخطاب الحداثي ، (م.ث.ق) ، المغرب ، بيروت .
16- الإمام الخميني كما يراه خامينئي على صراط الحق ، دار المحجة البيضاء ، دار الرسول الأكرم ، بيروت ، لبنان .
* المجلات :
17- أحمد ثابت : الغرب والجماعات الإسلامية ، مجلة الاجتهاد الإسلامية ، بيروت ، لبنان .
18- نظير جاهل : أوهام الديمقراطية ، مركز الدراسات الاستراتيجية للبحوث والتوثيق بيروت ، لبنان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى