بحوث ودراساتمقالات

الأزمات المركبة والأداء الاقتصادي في العراق مقاربة في تداعيات التأثير وتحديات التغير

إعداد : م.م هاني مالك العسكري - مركز تبيين للتخطيط والدراسات الستراتيجية

المستخلص

تعرض الاقتصاد العراقي خلال المدة (2014- 2020) الى ازمتين , حيث استولى التنظيم الارهابي على مساحات شاسعة من البلد وقد تزامن ذلك مع الهبوط الحاد لأسعار النفط , وقد اطلق على هذه المرحلة بالأزمة او الصدمة المزدوجة . وما ان تعافى الاقتصاد من هذه الازمة حتى تعرض الى ازمة ثلاثية متعدد الابعاد (سياسية – صحية – اقتصادية ) , انعكست على مجمل الأنشطة الاقتصادية  , فتراجعت معدلات النمو , وزاد عجز الموازنة للبلد , وتصاعد الدين العام الى مستويات قياسية , واثارت مخاوف كبيرة بشأن عملية استحصال الايرادات النفطية. وقد كشفت هذه الازمة عن هشاشة النظام الاقتصادي , والسياسي في البلد

الكلمات المفتاحية: الصدمات المزدوجة , الازمة المركبة , بنية الناتج المحلي الاجمالي , اسعار النفط , سياسات الاصلاح الاقتصادي .

المقدمة

             هناك مظهران مهمان لأحادية الاقتصاد العراقي , يتمثل الاول بالأحادية التقليدية التي تعني هيمنة قطاع النفط على الانشطة الاقتصادية الاخرى , بحيث اصبح النشاط الرئيس والمولد الاكبر للدخل في البلد , وهو امر واضح من خلال استمرار تعاظم اهمية قطاع النفط مقارنة مع بقية قطاعات الاقتصاد الانتاجية الاخرى , وبخاصة قطاعي الزراعة والصناعة .

فيما يتمثل المظهر الاخر لأحادية الاقتصاد في هيمنة القطاع العام على توليد الدخل الوطني , بوصفه المصدر الرئيس للدخل والمستوعب الاكبر لقوة العمل , هذه الهيمنة افرزت انماط معينة من النمو متأتية اساساً من القطاع النفطي على حساب معدلات نمو بسيطة في القطاعات الاقتصادية الانتاجية , وان هذه الانماط تعرضت في كثير من الاحيان الى الانهيار السريع والمفاجئ والتذبذب الشديد نتيجة الاعتماد المفرط على النفط , وزيادة حساسية الناتج المحلي الاجمالي للتقلبات الحاصلة في اسعار النفط ومعدلات الصادرات النفطية, واصبح الاقتصاد اكثر عرضة لهذه التقلبات مع استمرار موجات التذبذب والهبوط التي تشهدها اسواق النفط العالمية.

وهنا لابد ان يعي صناع القرار على ان التجارب السابقة والحالية بالنسبة للعراق اثبتت بان الاعتماد على نمو القطاع القائم على الايرادات النفطية في تنمية الاقتصاد الوطني غير مجدية, وهي ركيزة هشة , فارتباط التنمية الاقتصادية بما يتحقق من الايرادات النفطية المرتبطة بالأسعار العالمية يشكل عقبة كأداء امام جهود تحقيق التنمية , لأن الاقتصاد يتحرك ولكن ليس نتيجة سياسات تابعة للاقتصاد المحلي وانما نتيجة او انعكاس لعوامل خارجية تؤثر وتتحكم فيه اسعار النفط والصادرات النفطية

 مشكلة البحث:

هيمنة القطاع النفطي على الاقتصاد , وهيمنة الدولة على النشاط الاقتصادي ولد انماط من النمو الاقتصادي متأتية من نمو القطاع النفطي على حساب معدلات نمو بسيطة في القطاعات الانتاجية ,ان هذه الانماط من النمو تحمل في طياتها بذور الانهيار المفاجئ والسريع , لأن الاقتصاد يتحرك ولكن ليس نتيجة سياسات تابعة للاقتصاد المحلي وانما نتيجة او انعكاس لعوامل خارجية تؤثر وتتحكم فيه اسعار النفط والصادرات النفطية .

 أهمية البحث:

تبرز اهمية البحث من خلال طبيعة الاثار التي يمكن ان تتركها الازمات المزدوجة نتيجة تقلبات اسعار النفط في النمو والاستقرار الاقتصادي , عبر تأثيرها في سياسات الانفاق العام الذي يعد محرك النمو والاستقرار في الاقتصاد العراقي . وفي هذا السياق تبرز اهمية تفكيك العلاقة البنيوية بين النفط وسياسات الاقتصاد الكلي في الاقتصاد العراقي لأجل رسم سياسات قادرة على تقليص الاضرار وتعزيز الفرص التي يوفرها دفق الريع النفطي

        أهداف البحث:

يسعى البحث الى رصد الاثار السلبية التي خلفها الاتكال المفرط على ما يتحقق من الايرادات النفطية وما افرزته  من اختلالات على مستوى الاقتصاد المحلي ثم تكوين اطار منهجي ضمن جملة من المقاربات الاقتصادية تتمثل في تحديد الكيفية او المقومات الاساسية التي ينبغي ان تطبق بفاعلية في هذه المرحلة مستوعبة جوانب الاصلاح المالي والنقدي وسياسات اصلاح تدريجية تطال كافة القطاعات تؤسس بمرور الوقت الى فك الارتباط بنموذج النمو القائم على القطاع العام المرتبط بالقطاع النفطي .

 فرضية البحث:

الاعتماد على نمو القطاع القائم على الايرادات النفطية في تنمية الاقتصاد الوطني يخلف جملة من التحديات والاختلالات الهيكلية والتي تعيق فرص البلد في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة نظراً لتسلل ازمات الاقتصاد العالمي الى الاقتصاد المحلي عبر قنوات الاسعار والايرادات النفطية

  الحدود المكانية والزمانية للبحث:

اقتصرت الحدود المكانية للبحث على الاقتصاد العراقي، أما الحدود الزمانية للبحث فقد شملت المدة المحصورة بين ( 2014- 2020).

 اسلوب البحث:

لقد اعتمد البحث منهج الاستقراء عبر تحليل البيانات والجداول الاحصائية .

 

المبحث الاول // الصدمات المزدوجة في الاقتصاد العراقي للمدة (2014-2020)

 

لا شك في ان الاقتصاد العراقي يعد واحداً من اكثر الاقتصاديات النفطية اعتماداً على القطاع النفطي في تمويل الموازنة والاقتصاد , اذ تشكل الايرادات النفطية في الموازنة العامة قرابة (95%) , واكثر من نحو (55%) من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي , وحيث ان اسعار النفط الخام متقلبة كثيراً الامر الذي تسبب بوجود ازمات حقيقية للعراق , اثرت بنحو مباشر على الاقتصاد العراقي , اذ انه غالباً ما تنخفض اسعار النفط ونادراً ما ترتفع الى المستويات التي تطبع عليها الاقتصاد , وهو ما يؤثر على المصدر الرئيس في تمويل الموازنة وبالتالي سيحد من فاعلية الموازنة العامة والانفاق الحكومي في تحقيق اهداف النمو والاستقرار.

 

اولاً : الصدمة المزدوجة للمدة ( 2014- 2017).

  1. النفط والمالية العامة المسار والاتجاهات .

عصفت بالاقتصاد العراقي ازمة مزدوجة في نهاية عام 2014 حيث احتلت داعش ثلث ارض العراق , وانهيار اسعار النفط في السوق الدولية التي تهاوت الى (39.2) دولار للبرميل , وهو ما سبب ازمة حقيقية ادت الى حدوث عجز في الموازنة العامة , بسبب الانخفاض الحاد والمستمر للإيرادات النفطية , والتي انعكست على انخفاض الايرادات العامة من(97.478) مليار دولار عام 2013الى (45.722) مليار دولار عام 2016 . هذه الازمة الحقيقية ترتب عليها عدم وجود موازنة للبلد في هذا العام , الامر الذي تسبب بانكماش النمو الاقتصادي . ويبين الجدول (1) الهيكل المالي للموازنة العامة للمدة ( 2013- 2020)مليار دولار

الجدول (1)

هيكل الموازنة العراقية العامة للمدة (2013- 2020) مليار دولار

السنة 2013 2014 2015 2016 2017 2018 2019 2020
الايرادات

النفطية

92.902 81.624 58.051 37.199 54.682 64.300 78.117 89.185
الايرادات

الاخرى

4.576 8.902 2.912 8.523 10.306 12.069 9.857 11.236
الايرادات

العامة

97.478 90.526 57.291 45.722 64.988 76.369 87.974 100.421
النفقات

العامة

102.167 94.437 69.591 61.824 63.437 86.798 110.923 153.488
العجز/ الفائض (4.689) (6.792) (8.628) (10.637) 1.551 (10.429) (22.949) (53.067)

المصدر :-

  • وزارة التخطيط, الجهاز المركزي للإحصاء, مديرية الحسابات القومية .
  • وزارة المالية ,دائرة الموازنة العامة ,اعداد وسنوات مختلفة .
  • الارقام بين الاقواس تشير الى حالة العجز في الموازنة

تفصح لنا معطيات الجدول ( 1) مظهر الاحادية الشديدة في الاقتصاد العراقي, والتي تعني هيمنة القطاع النفطي على الانشطة الاقتصادية الاخرى , بحيث اصبحت الايرادات المتحققة من تصدير النفط الخام المحرك الحقيقي للاقتصاد وقاطرة النمو. ان هذا الاعتماد المفرط على الايرادات النفطية في رفد الموازنة العامة بالأموال قد انعكس بصورة سلبية على بيئة الاقتصاد العراقي , اذ ان الصدمة المزدوجة المتمثلة بالركود الاقتصادي , وانخفاض اسعار النفط العالمية , وارتفاع حجم الانفاق الحكومي على الحرب مع تنظيم داعش ادت الى اختلال الموازنة وحصول حالة العجز فيها  والذي بلغ (10.637) مليار دولار عام 2016. و بعد ان تحسنت الاسعار في عام 2017 حققت الموازنة فائضاً مالياً بنحو (1.551) مليار دولار , إلا ان هذه الفوائض في ضل الخطط الانفاقية غير المخطط لها ذهبت هدراً ولم تستثمر في عمليات التنمية الاقتصادية في البلد .

وفي هذا السياق سجلت المالية العامة عجزاً كبيرا وصل الى نحو 14.3%من GDP في عام 2015 , بسبب هبوط اسعار النفط بالرغم من اجراءات التقشف التي تم اتخاذها , الى جانب الانفاق العسكري المتزايد من جراء الحرب مع داعش , كما وقد وصل عجز الحساب الجاري الى نحو 6.4% GDP , اذ بلغ 26 ترليون دينار عراقي , وجرى تمويل هذا العجز داخلياً بقيمة 16.6 ترليون دينار عراقي , فضلاً عن اصدار سندات للاكتتاب طرحت للجمهور بقيمة 5ترليون دينار , في حين كان التمويل الخارجي بصورة قروض من المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي , 2016, 7).

ان التحسن الملحوظ في اسعار النفط للمدة (2017- 2019) انعكس بنحو مهم على واقع الايرادات العامة لتبلغ قرابة (100) مليار دولار عام 2020 وبسبب السياسات غير المدروسة ذات الطبيعة التشغيلية والمتمثلة بالتعينات وزيادة اجور ورواتب موظفي بعض الوزارات ومحاباة البقاء في المناصب السيادية , فما كان من الحكومة إلا ان رفعت من حجم النفقات العامة لتبلغ (153.488) مليار دولار عام 2020 وهو ما ادى الى وجود عجز في الموازنة وصل قرابة (53) مليار دولار وهو عجز لم يشهده العراق مسبقاً .

  1. الانشطة الاقتصادية المكونة لـ GDP. ومظلة الريع النفطي.

تركت الازمة المزدوجة في العام 2014 ازمة التنظيم الارهابي وانخفاض اسعار النفط اثاراً كبيرة على الاقتصاد العراقي , اذ وصف هذا العام بانه العام الاسوأ في تاريخ الاقتصاد العراقي اذ عمقت من مشكلاته المتفاقمة , حيث تسببت بانكماش الناتج المحلي وتدمير البنى التحتية والاصول , وتعطيل التجارة , وتوقف الاستثمارات لانعدام الثقة لدى المستثمرين , كما ان عدم اقرار الموازنة كان له الاثر الكبير على كافة القطاعات سواء من ناحية تعطيل الخطة الخمسية ( 2013-2017) ,وتوقف عملية التنمية , فضلا عن التلكؤ في تنفيذ المشاريع الخدمية والاستثمارية ( التقرير الاقتصادي السنوي , 2014, 15).  وتبعاً لذلك شهدت جميع الانشطة الاقتصادية المكونة للناتج تدهورا ملحوظا , كما يوضحه الجدول (2). وما ان بدأت ملامح الازمة تظهر بوضوح مع بداية عام 2015 بتدهور اسعار النفط واستيلاء التنظيم الارهابي على مساحات شاسعة من البلد وما خلفه من اضرار في البنية التحتية والتي تطلبت مزيد من التمويل لتوفير الاحتياجات الاساسية  ,وفي ضل الانخفاض الحاصل في اسعار النفط الخام وانحسار موارد التمويل انخفض الناتج المحلي وتراجعت ادوار قطاعي الصناعة والزراعة , فقد انخفضت نسبة مساهمتهما من(6.9% , 3.1%) عام 2014 على التولي  ( الى (1.4% و 0.9%) على التوالي لعام 2018 .في حين شهدت قطاعات تجارة الجملة والمفرد والنقل والمواصلات وخدمات التنمية الاجتماعية ارتفاعات ملموسة . وهو ما يعكس هشاشة واختلال الـ GDP واعتماده على القطاع النفطي .

جدول (2) مساهمة الانشطة الاقتصادية في GDP للمدة (2014- 2019). بالأسعار الثابتة

الانشطة الاقتصادية الزراعة والغابات والصيد النفط الخام الصناعة التحويلية الكهرباء  والماء البناء والتشييد النقل والمواصلات تجارة الجملة والمفرد المال والتامين خدمات التنمية الاجتماعية
2013 6.6 41.5 3.0 2.1 6.8 2.7 6.5 12.6 17.6
2014 6.9 43.7 3.1 2.5 5.9 2.7 6.4 12.8 16.0
2015 3.0 59.9 0.9 1.2 3.1 6.1 7.7 6.8 11.2
2016 3.0 62.5 0.8 1.1 3.8 5.3 7.7 6.6 9.6
2017 2.2 61.4 1.0 1.2 5.0 7.8 7.3 4.6 9.4
2018 1.4 63.7 0.9 1.0 2.2 8.9 7.1 5.2 9.5
2019 2.8 62.2 1.0 1.1 3.3 8.2 7.0 5.1 9.2

المصدر عمل الباحث بالاعتماد على , البنك المركزي العراقي , التقرير الاقتصادي السنوي للسنوات (2014-2019)

 

  ثانيا: الصدمة المزدوجة الثانية (2020) صدمة ثلاثية متعددة الابعاد .

 

بعد ان بدأ الاقتصاد العراقي يتعافى تدريجياَ من ازمته المزدوجة (2014- 2016) نتيجة التحسن الملحوظ في اسعار النفط والتي لامست حاجز 60 دولار للبرميل عام 2019 وبداية عام 2020 , إلا ان هذه التحسن النسبي اصطدم بأزمة ثلاثية متعددة الابعاد صحية واقتصادية وسياسية , السياسية تمثلت باستقالة حكومة عادل عبد المهدي دون اقرار موازنة للبلد الامر ,الذي انعكس على سوء الاوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر وعدم وجود فرص للعمل مما ولد ازمة سياسية اجتماعية . في حين تمثلت الازمة الصحية بظهور جائحة كورونا التي تحولت الى وباء عالمي في بداية عام 2020 وانتقاله الى العراق وتفشيه في مناطق متفرقة من البلد, وفي ظل عدم توفر بنية تحتية صحية مناسبة للسيطرة على المرض والحد من تداعياته ولد ذلك حالة من الهلع بين الناس .

اما الازمة الاقتصادية فقد تمثلت بتوقف حركة العالم بصورة مهولة بسبب انتشار الوباء مسببة انخفاضا في اسعار النفط , اذ فقد سعر البرميل من قيمته بما يزيد على 50% لتسقط اسعار النفط من (65.1) دولار للبرميل خلال شهر يناير من العام 2020 الى (17.7) دولار للبرميل خلال شهر ابريل . والشكل الاتي يوضح المعدلات الشهرية لأسعار النفط الخام .

 

الشكل (1) المعدلات الشهرية لأسعار النفط الخام خلال العام 2020

المصدر من عمل الباحث بالاعتماد على اوابك , النشرة الشهرية صادرة عن منظمة الاقطار العربية المصدرة للبترول , اعداد مختلفة , 2020.

هذا السقوط الكبير والمفاجئ لأسعار النفط في الاسواق الدولية , ادى الى ارباك اوضاع المالية العامة في البلد والتي تعد قاطرة النمو ومحرك النشاط الاقتصادي , اذا اصبح تمويل الانفاق العام الممول بالإيرادات النفطية يواجه تحديات وصعوبات كبيرة , اذ كشف تشديد اوضاع المالية العامة عن مواطن ضعف كبيرة في البنية المالية للاقتصاد , واتساع عجز المالية العامة , وتدهور مؤشرات الاقتصاد الكلي . اذا انخفضت الايرادات النفطية من (6.1) مليار دولار في كانون الثاني الى (1.5) مليار دولار في نيسان بحسب بيانات وزارة النفط العراقية . ينظر الشكل الاتي

الشكل (2) عوائد الصادرات النفطية الشهرية لعام 2020 مليار دولار

المصدر عمل الباحث : بالاعتماد على بيانات وزارة النفط العراقية .

المبحث الثاني // اداء الاقتصاد العراقي في ظل الازمة المركبة

لا يمكن عزل التنمية الاقتصادية في العراق عن النفط بوصف الإيرادات النفطية هي الممول الرئيس للأنشطة الإقتصادية المختلفة، وبالتالي فهي المحرك الأساسي لنمو الأنشطة الاقتصادية الأخرى (غير النفطية) ، لأن الخطط التنموية في العراق قد اعتمدت في تمويلها على الإيرادات النفطية، الأمر الذي نتج عنه العديد من التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية.  يولد النموذج التنموي القائم على الايرادات النفطية في تمويل الموازنة والاقتصاد جملة من التحديات والاختلالات الهيكلية التي تعيق فرص البلد في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ,وتزيد من تسلل مخاطر الاقتصاد العالمي الى البلد عبر قناة الايراد النفطي. وللوقوف على اداء الاقتصاد العراقي وتطوره خلال الازمة المركبة لعام 2020 نستعرض الجدول الاتي .

جدول ( 3) الناتج المحلي الاجمالي للفصول الثلاثة لسنة 2020 مقارنة بالفصل الاول والرابع لعام 2019 بالأسعار الثابتة مليون دينار سنة الاساس ( 2007) .

الانشطة الاقتصادية 2020 2019 التغير للفصل الثالث 2020 عن
الفصل الاول الفصل الثاني الفصل الثالث الفصل الاول الفصل الرابع 2019 الفصل الاول 2019 الفصل الرابع
القيمة المضافة القيمة المضافة القيمة المضافة القيمة المضافة القيمة المضافة    
الزراعة والغابات 1,299,671.9 2,843,032.3 2,193,196.3 967,737.8 1,330,639.5 55.8 39.3
التعدين والمقالع 32,491,840.0 29,606,431.5 26,532,310.9 32,497,294.2 33,478,710.6 22.4- 26.1-
النفط الخام 32,457,017.7 29,568,343.1 26,493,235.4 32,461,028.9 33,388,140.2 22.5- 26.0-
الانواع الاخرى من التعدين 34,822.3 38,088.4 39.075.5 36,265.3 90,750.4 7.1 132.2-
الصناعة التحويلة 420,196.9 404,968.5 765,237.2 428,436.2 586,150.0 44.0 23.4
الكهرباء والماء 498,378.0 717,178.1 742,967.0 477,081.6 555,039.0 35.7 25.2
البناء والتشيد 926,148.4 1,013,109.5 1,009,668.6 964,280.4 2,409,363.2 4.4 138.6-
النقل والمواصلات والخزن 3,500,726.4 2,702,524.6 3,543,487.3 4,019,955.2 4,460,332.4 13.4- 25.8-
تجارة الجملة والمفرد والفنادق 3,311,489.0 3,287,653.5 3,696,323.1 3,743,815.7 3,744,752.7 1.2- 1.3-
المال والتامين وخدمات العقارات 2,392,909.1 2,300,642.6 2,643,201.4 2,656,108.5 2,776,524.5 0.4- 5.0-
البنوك والتامين 526,623.5 436,550.0 521,182.7 625,280.0 696,268.1 19.9- 33.5-
ملكية دور السكن 1,866,276.6 1,864,092.6 2,122,018.7 2,030,828.5 2,080,256.4 4.2- 1.9
خدمات التنمية الاجتماعية 4,475,061.0 4,452,679.2 4,805,713.1 4,513,903.7 5,150,893.1 6.0 13.3-
الحكومة العامة 3,453,046.1 3,552,862.6 3,634,028.7 3,425,955.7 4,018,403.1 5.9 10.5-
الخدمات الشخصية 1,022,014.9 899,816.6 1,171,684.4 1,087,984.0 1,132,490.0 7.1 3.3
الناتج المحلي الاجمالي 48,988,262.3 47,050,137.5 45,600,111.6 49,870,349.9 54,048,882.2 9.3- 18.5-
الناتج المحلي الاجمالي عدا النفط 16,531,247.6 17,481,794.4 19,106,876.2 17,409,321.0 20,660,742.0 8.8 8.1-

المصدر عمل الباحث بالاعتماد على وزارة التخطيط , الجهاز المركزي للإحصاء, مديرية الحسابات القومية .

بالنظر للجدول (3) اعلاه نجد ان اغلب الانشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الاجمالي في الفصل الثالث من العام 2020 قد حققت نمواً سالباً مقارنة بالفصلين الاول والرابع لعام 2019 , فعند مقارنة النمو الحاصل في الانشطة المكونة للناتج خلال الفصل الثالث مع الفصل الرابع لعام 2019 , نجد ان هناك اربعة انشطة فقط حققت نمو موجب , وهي الزراعة , الصناعة التحويلية , الكهرباء والماء , والخدمات الشخصية , اذ بلغت معدلات نموها ( 39.3% , 23.4%, 25.2%, 3.3%) على التوالي .

اما على مستوى الناتج المحلي الاجمالي فقد انخفض الناتج للفصل الثالث لعام 2020 عن الفصل الاول لعام 2019 بنسبة ( 9.3%) وبنسبة ( 18.5%) عن الفصل الرابع لعام 2019. كما وانخفض الناتج غير النفطي بنسبة (8.1%) عن الفصل الربع لعام 2019 . تفصح لنا معطيات الجدول السابق عن تطبع الاقتصاد العراقي على نموذج نمو فريد , اذا تكون النفقات الحكومية الممولة بالإيراد النفطي محركاً لمعظم قطاعات الاقتصاد الوطني , حيث يلاحظ ان اغلب الانشطة المكونة للناتج المحلي الاجمالي للفصول الثلاث لعام 2020 تتكل على المورد النفطي , الامر الذي ولد في الاقتصاد العراقي تلازماً محكماً بين حركة القطاع النفطي والقطاعات غير النفطية .

 كشف انحسار تدفق الايرادات النفطية خلال الازمة المزدوجة لعام 2020عن عمق الاختلال الهيكلي الذي يعاني منه الاقتصاد العراقي , واخذ مأزق الاقتصاد يتسع مع صعوبة تدبير موارد بديلة خارج القطاع النفطي , واصبح سعر النفط يتحكم في مسار الناتج المحلي وميزان المدفوعات والمالية العامة , كون الاقتصاد يعتمد على الصادرات النفطية فقط والتي تشكل نحو 60% من الناتج المحلي وبنحو 95 من الموارد المالية للبلد , وقد شهد الناتج المحلي الاجمالي تدهورا ملموسا خلال الفصول الثلاث من العام 2020 مقارنة مع الفصل الرابع من العام 2019. وتبعاً لذلك تراجع الناتج المحلي من دون النفط تراجعاً ملحوظاً بلغ ما يقرب (8.1%-). اما بخصوص معدلات النمو الموجبة المتحققة خلال الفصلين الاول والثاني من العام 2020 , فقد كانت اكثر من نصفها من الانشطة الخدمية . الامر الذي يعكس هشاشة واختلال بنية الناتج والمساهمات المتواضعة للأنشطة الاقتصادية الاخرى, وان تحليلها يبين الاعتماد الكلي على الصادرات النفطية والايرادات المتأتية, منها حيث احتل نشاط النفط الخام المرتبة الاولى من حيث الاهمية بنسبة مساهمة بلغت .57.77% يليه نشاط خدمات التنمية الاجتماعية بنسبة (10.46%)  وبالمرتبة الثالثة جاء نشاط الحكومة العامة بنسبة مساهمة (10.91%) .وهو ما يكشف عنه الجدول الاتي.

 

جدول (4 ) الاهمية النسبية للأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الاجمالي للفصول الثلاث من العام 2020 بالأسعار الثابتة

الانشطة الاقتصادية

 

2020
الفصل الاول الفصل الثاني الفصل الثالث
الاهمية النسبية الاهمية النسبية الاهمية النسبية
الزراعة والغابات والصيد 2.64 6.01 4.77
التعدين والمقالع 65.87 62.55 57.77
النفط الخام 65.80 62.47 57.68
الانواع الاخرى من التعدين 0.07 0.08 0.09
الصناعة التحويلة 0.85 0.86 1.67
الكهرباء والماء 1.01 1.51 1.62
البناء والتشيد 1.90 2.14 2.20
النقل والمواصلات والخزن 7.10 5.71 7.71
تجارة الجملة والمفرد والفنادق 6.71 6.95 8.05
المال والتامين وخدمات العقارات 4.85 4.86 5.75
البنوك والتامين 1.07 0.92 1.13
ملكية دور السكن 3.78 3.94 4.62
خدمات التنمية الاجتماعية 9.07 9.41 10.46
الحكومة العامة 7.00 7.51 7.91
الخدمات الشخصية 2.07 1.90 2.55
المجموع حسب الانشطة 100 100 100

المصدر : وزارة التخطيط , الجهاز المركزي للإحصاء, مديرية الحسابات القومية .

 

المبحث الثالث : مقاربات الاصلاح والسياسات المطلوبة.

 ان التعويل على تعافي اسعار النفط في الاسواق العالمية لتوفير التمويل اللازم للموازنة والاقتصاد يشكل ركيزة هشة تهدد مجمل الانشطة الاقتصادية في العراق خصوصا مع ارهاصات الاقتصاد العالمي . ومن شان استمرار الهبوط السعري لأسعار النفط ان يضاعف الاعباء على كاهل الاقتصاد الوطني بالتزامن مع اعباء داخلية متعددة اهمها الاضطراب الامني والسياسي إلا ان اعتماد سياسات حصيفة قد تحول التحديات الى فرص لإعادة هيكلة الاقتصاد والانسلاخ عن النموذج الريعي في النمو لصالح تنويع القاعدة الانتاجية وتعزيز النمو والاستقرار الاقتصادي المستدام . وهنا الابد من التذكير قبل الاشارة الى السياسات المطلوبة بان نجاح هذه السياسات يعتمد على أرداة وجدية الاحزاب الحاكمة في الشروع بعملية اصلاح الاقتصاد العراقي.

اولا: اصلاح دور السياسة المالية.

يفتقر الاقتصاد العراقي الى سياسة مالية بالمعنى الحقيقي اذا تم اختزال خطوات وزارة المالية في اعداد ورسم السياسة المالية على تقيد الايرادات العامة في سجلات محاسبية واعادة تخصيص النفقات حسب احتياجات الوزارات والهيئات غير المرتبطة بوزارة ويتم تقدير الأنفاق في هذه الوزارات على اساس حصة كل وزارة في الموازنة في السنة السابقة مع الاخذ بالحسبان التغيرات التي حصلت في الايرادات العامة والتي ترتبط بحصيلة الصادرات النفطية واسعار النفط وبعد ان تحصل وزارة المالية على هذه الايرادات تحول الى البنك المركزي لتنقيدها بصورة تكاد ان تكون الية .وحسب هذه الالية تغيب البرامج والخطط الاقتصادية في الموازنة العامة واتكال معظم فقراتها على اتجاه اسعار النفط الخام في السوق الدولية على حساب غياب الاستراتيجية المالية المطلوبة لتحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي المستدام ( محمود محمد داغر , شاكر حمود صلال ,2018, 2). هذه الحقائق تلزم اعادة النظر بأعداد الموازنة لصالح تفعيل السياسات والبرامج الاقتصادية وهذا يتم من خلال الاتي

  1. من الضروري ان تتضمن الموازنة العامة برامج اقتصادية تحاكي واقع الاقتصاد العراقي وطبيعة الازمات التي اخذت تعصف به بسبب احادية المورد تؤسس هذه البرامج لنمط جديد في ادارة الموارد النفطية تستهدف تحفيز النمو في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والنهوض بالقطاع الخاص وفك ارتباط النمو في هذه القطاعات بما يوفره القطاع النفطي من إيرادات.
  2. اصلاح بنية المالية العامة وبالخصوص ضبط الانفاق الحكومي واصلاح النظام الضريبي بتيني جملة من القوانين التي تسهم في زيادة وتوسيع الاوعية الضريبية وتحديد اسعار جديدة للضرائب تنسجم والمقدرة التكليفية للمواطن مع الاخذ بنظر الاعتبار عدم اثقال كاهل المواطن في الطبقات الفقيرة والمتوسطة والعمل على اعادة هيكلة الصناعات المملوكة للدولة والتحول التدريجي نحو القطاع الخاص اذا يكشف الواقع ان دعم وتمويل هذه الصناعات لم يحسن من ادائها الاقتصادي فما زالت الموازنة تعيل الكثير من مؤسسات القطاع العام وهي غارقة بالديون والخسائر فضلا عن ذلك لابد من تفعيل القطاعات غير النفطية لتنويع مصادر الايرادات العامة (مظهر محمد صالح, 2020, 9).
  3. لابد من اعادة النظر بهيكل الاقتصاد العراقي القائم على النفط وابعاد قطاعات الاقتصاد المحلي من الاتكال على التدفقات التي يوفرها القطاع الخارجي ووضع الية لتحفيز ودعم النمو الذاتي للقطاع  الخاص بعيدا عن مؤسسات الدولة  كما يتطلب الامر تفعيل الايرادات غير النفطية والحد من الهدر والاسراف الذي يلازم الانفاق العام عبر اعتماد مبدا العائد الكلفة في الأنفاق لضمان الترشيد والضبط المالي كما يجب ان تتضمن الموازنة العامة خطط وسياسات للتنمية والاصلاح الاقتصادي وزيادة الرقابة والشفافية على الاداء المالي للحكومة (صندوق النقد الدولي, 2017, 15).

     ثانياً: تفعيل ادوات السياسة النقدية .

من اجل اعادة الفاعلية لأدوات السياسة النقدية ومنحها مزيداً من الاستقلال الحقيقي وتوجيه بوصلتها نحو تحقيق الاهداف المرغوبة لابد من الاخذ بالاتي (علي محسن اسماعيل, 2017, 7).

  1. ضرورة تحقيق الاستقرار المالي والنقدي الامثل عن طريق تقليص العجز غير النفطي وتعظيم الايرادات المحلية وضبط النفقات المحلية , ووضع سقف محدد للنفقات التشغيلية.
  2. التكيف مع اسعار النفط المنخفضة عبر اعداد الموازنة العامة للدولة على اساس سعر محدد ومتحفظ للنفط المصدر , نظراً لتراجع التوقعات حول تعافي قريب للأسعار.
  3. تحديد سقف محدد وضيق لمقدار عجز الموازنة العامة سنوياً وممارسة رقابة فعالة على تنفيذها وادارة فعالة للاحتياطي النقدي للخزينة .
  4. ادارة الدين العام وضبطه بما يحقق استدامة الوضع المالي مع الاخذ بالحسبان عدم توفر موارد اضافية ومصادر للدين العام خلال السنوات المقبلة.
  5. احتساب الاثار المحتملة على الاحتياطيات الاجنبية عند اعداد الموازنة العامة لتبقى بمستوى الكفاية وعدم تعريضها لمخاطر الانخفاض الحاد .
  6. استمرار البنك المركزي بمبادراته بدعم القطاعات الحقيقية عبر الاقراض الزراعي والصناعي والاسكاني لتحفيز القطاعات غير النفطية وامتصاص جزء من زخم الركود الاقتصادي في البلد
  7. الحد من تراكم ديون القطاع الخاص المحلي والاجنبي المنفذ للمشاريع الحكومية لما يولده ذلك من مناخ غير مستقر وغير امن للعمل والاستثمار في العراق .
  8. اهمية اشراك البنك المركزي في اعداد الموازنات السنوية من اجل رفع الضغط عن احتياطي البنك ومواجهة التحديات المالية والنقدية .
  9. لأجل الحفاظ على الاستقرار النقدي ينبغي تقنين حجم الاستيرادات والسيطرة على المنافذ الحدودية وتشجيع الاستثمار الاجنبي وتحفيزه وتوفير الظروف المناسبة لنموه فظلاً عن بسط الاستقرار سياسياً وامنياً واجتماعياً وقانونياً للحيلولة دون هجرة الاموال للخارج .

ثالثاً: تفعيل خطط التنمية الاقتصادية .

لابد ان يتنبه واضعي السياسة الاقتصادية واصحاب القرار في هذا البلد الى خطورة الاعتماد المفرط على ما يوفره القطاع النفطي من ايرادات مرتبطة بأسعار السوق الدولية للنفط الخام ذات الطابع المتقلب والتي كرست من عمق الاختلالات الهيكلية وعززت من احادية الاقتصاد العراقي , لابد من وجود سياسة اقتصادية فعالة تجنح الى تصحيح الانحراف التنموي الذي خلفه الاتكال المفرط على النفط الخام . وفي هذا السياق استوعبت خطة التنمية الثالثة ( 2018-2022) معظم التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي كالتحدي الامني ومحدودية الموارد والعجز عن تمويل المشاريع الاستثمارية وشيوع ظاهرة الفساد الاداري والمالي والتحديات المؤسساتية . وقد اعتمدت الخطة على مجموعة اهداف عامة وواسعة منها ترسيخ الحكم الرشيد والشراكة بين القطاع العام والخاص وتوفير بيئة استثمارية ملائمة واصلاح القطاع المصرف وتبني سياسات التنمية المستدامة وحماية البيئة وتامين حقوق الاجيال فضلا عن التمكين المجتمعي وتكافؤ الفرص (وزارة التخطيط,2019 , 12 ).  ان نجاح هذه الخطة في تحقيق الأهداف التي تضمنتها لا يمكن ان يكتب لها النجاح اذا لم تكن هناك الية تعالج المشاكل التي رافقت الخطط التنموية السابقة مستوعبة اهم جوانب القصور فيها وخصوصا فيما يتعلق بمراحل التنفيذ والمراقبة.

رابعاً: حوكمة مؤسسات الدولة.

ان هيمنة الاحزاب السياسية على عملية صنع القرار الاقتصادي في البلد بما يتوافق مع برامجها السياسية ومصالحها الانتخابية وعلى حساب تحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي لابد من ان تتوفر مظلة رقابية دولية على اداء الحكومة ومؤسساتها لتجنب العراق الانزلاق نحو الهاوية وتصحيح الانحراف الذي تسلل لكافة مؤسسات الدولة بسبب المحسوبية والفساد وفي هذا المجال يمكن الاستفادة من الحزم والمساعدات المالية والفنية التي يقدمها صندوق النقد الدولي وبذلك يمكن ان تساعد حزم الاصلاح هذه في تصميم اطار اقتصادي جديد يتناسب مع واقع الاقتصاد العراقي اذا يمكن ان يوفر برنامج اصلاح المالية العامة املا في تصحيح خطط وبرامج الموازنة العامة بما يخدم التوازن الاقتصادي في البلد عبر تحفيز قطاعات الاقتصاد المختلفة ودعم الفئات محدودة الدخل وتفعيل منافذ تحصيل الايرادات المالية البديلة للنفط لتساهم في رفد الموازنة وهذا يتم عبر الاصلاح الضريبي واصلاح السوق المالية من اجل امتصاص الفوائض المالية لدى الجمهور وتحويلها لقنوات استثمارية بدلا من تبديدها في انماط استهلاكية,  وفي هذا السياق يهدف برنامج الاصلاح الاقتصادي العراقي الذي يدعمه استعداد الاتفاق الائتماني برعاية صندوق النقد الدولي الى معالجة احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة والوصول بالإنفاق الى مستوى يتناسب مع انخفاض اسعار النفط وضمان استمرارية الدين العام في حدود يمكن تحملها. ويرى خبراء صندوق النقد الدولي انه يتعين على الحكومات العراقية وعلى مستوى الموازنة العامة ان تجري او تقوم بعملية التصحيح المالي عبر خفض الانفاق الرأسمالي غير الكفوء مع حماية الانفاق الاجتماعي وينبغي ان تتم بالتدريج عملية التصحيح المالي عن طريق زيادة الايرادات غير النفطية وتخفيض الانفاق الجاري واصلاح قطاع الكهرباء ودعم المؤسسات المملوكة للدولة لإفساح المجال امام انفاق استثماري اكبر واكثر فاعلية بما يدعم تحقيق النمو الاقتصادي.

اما بالنسبة لإجراءات دعم استقرار القطاع المالي فيتم ذلك عبر تعزيز الاطار القانوني للبنك المركزي واعادة هيكلة البنوك المملوكة للدولة والغاء قيود الصرف مع استقرار اسعار الصرف دون احداث تغير كونها تمثل ركيزة اساسية لاستقرار الاقتصاد ومقاومة الضغوط التضخمية  (صندوق النقد الدولي , 2016, 1-2).

خامساً: تفعيل اليات القضاء على الفساد الاداري والمالي.

ينبغي على الحكومات القادمة التي ستفرزها الانتخابات المقبلة ان تضع عملية الاصلاح الاقتصادي والقضاء على الفاسد الاداري والمالي في سلم اولوياتها لأن هذه الظاهرة التي اصبحت تتزايد باستمرار في اغلب مؤسسات الدولة تعد من اكثر ازمات الاقتصاد العراقي وسببا رئيسيا في هدر المال العام وتبديد ايرادات الخزينة العامة , وهذا يعيق التنمية ويضعف أداء القطاعات الاقتصادية ويقوض النمو الاقتصادي في البلد وفي هذا المجال يمكن انتهاج جملة من السياسات والاجراءات التي يمكن تقوض هذه الظاهرة .

  1. دعم انظمة الحوكمة الالكترونية حيث تعد هذه الانظمة من الوسائل المتطورة في مكافحة الفساد وتطوير سير الاجراءات الحكومية وتمكين اكبر عدد من الموظفين من حيازة المعلومات ,ان مثل هذه التكنلوجيا كالأنترنت والاتصالات تساعد في الانطلاق نحو شفافية اكبر وفساد اداري اقل , كونها تحد من بعض الممارسات الاجتهادية التي تولد الفساد , فهي مدخل للكشف عن حلات الفساد من خلال الاحتفاظ بمعلومات مفصلة بشأن الصفقات المالية مما يمكن من ملاحقة المفسدين ومتابعتهم والربط بينهم وبين تصرفاتهم واعمالهم الموحية الى الفساد ,فضلا عن ذلك انها تساعد المواطنين على كشف الفساد والاعتراض على السياسات الاقتصادية الخاطئة وغير الرشيد في ادارة المشاريع بما يخدم تصحيح المسار في تحقيق اهداف التنمية (علي المولوي, 2018, 23).
  2. انشاء مرجعية موحدة لأبرام وتنفيذ العقود الحكومية اذ تعاني الدولة العراقية من الفوضى في هذا المجال , اذ ان لكل وزارة او جهة غير مرتبطة بوزارة صلاحية التعاقد واحالة المشاريع ومتابعة تنفيذها مع اشراف يسير وغير مباشر لوزارة التخطيط وهو ما ادى الى وجود عدد كبير من المشاريع المتلكئة وغير المجدية , لذا فان الحد من فساد العقود الحكومية يتطلب انشاء مرجعية موحدة لأبرام وتنفيذ العقود الحكومية ومتابعة تنفيذها على ان تكون خاضعة لمجلس ادارة مرتبط برئيس الوزراء مباشرة , وتكون الية عمل هذه المرجعية هي استلام طلبات الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والجامعات وغيرها من المؤسسات الحكومية بشان المشاريع المراد انجازها , واعداد خطة تعاقدات موحدة وشاملة لكل طلبات العقود هذه ولسقف زمني محدد ( سنة فأكثر ) مع توحيد العقود المتناظرة بعقد موحد على المستوى الوطني , وتتولى هذه المرجعية جميع الاجراءات من قبيل تحديد المواصفات والاعلان والتعاقد والاشراف على التنفيذ وصولاً الى استلام المشروع بنحو متكامل وتسليمه الى الجهة ذات العلاقة على ان تنشر هذه الاجراءات على شبكة المعلومات الدولية لضمان شفافية التعاقد والسرعة بالإنجاز (علي المولوي, 2018, 17).
  3. تفعيل الدور الرقابي لمجلس الوزراء فعلى الرغم من تعدد المنظومات الرقابية في العراق سواء تلك المرتبطة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية او المستقلة التي تعمل تحت اشراف مجلس الوزراء إلا ان تعدد هذه الجهات لم يحد من ممارسات الفساد الذي ضرب كل مفاصل الدولة واجهزتها والذي بات يهدد الامن الوطني والسبب هو في البنية الهيكلية لهذه الجهات الرقابية , فمكتب المفتش العام لوزارة ما مثلا يكون مرتبطاً بالوزير كأي تشكيلات التدقيق والرقابة الداخلية الاخرى , وهنا لا يمكن اتخاذ اي اجراء لمكافحة الفساد إلا بموافقة الوزير فضلا عن سلطة الوزير على موظفي مكتب المفتش العام فبأماكنه نقل الموظفين من والى المكتب , وعليه فمن اجل تفعيل الدور الرقابي لرئيس مجلس الوزراء كونه المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة , وتمكين مكتب المفتش العام من اداء مهامه بكل استقلالية لابد من ربط منظومة المفتشين العموميين برئيس مجلس الوزراء ليشكل رقابة ادارية لاحقة على الوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة بإكمالها بما فيها الوزير ويكون اداة رقابية في تشخيص مواطن الخلل وشبهات الفساد في هذه الوزارات والهيئات , الامر الذي يستدعي قيام مجلس النواب بتشريع قانون مكاتب المفتشين العموميين على ان يتضمن ربطها برئيس مجلس الوزراء وبما يناظر العمل القطاعي لديوان الرقابة المالية الاتحادية (غزوان رفيق عويد, 2018, 3).
  4. اعادة النظر بالحاصنة الوظيفية التي يمارسها رؤساء الدوار في حماية موظفيهم والتي اصبحت حجر عثرة في طريق الجهود الرامية الى محاسبة هؤلاء الموظفين فالحصانة الوظيفية ضرورة لتوفير الحماية القانونية للموظفين ضد الدعاوي الكيدية ولكن يجب ان لا تستغل لحماية المفسدين من الموظفين اذا لابد ان يتحقق التوازن بين ضرورة خضوع الموظفين لسيادة القانون ومسائلتهم عن الجرائم التي يرتكبونها كالرشى والاختلاس وبين توفير الحماية للموظفين النزيهين.
  5. فتح ملفات الفساد السابقة والحالية وبأشراف لجنة علياء من القضاة المختصين والمعروفين بالنزاهة للتحقيق فيها ومحاكمة المفسدين مع وضع سقف زمني لحسم القضايا الرقابية وكشف الفساد والاعلان عنها طبقا للقانون بوسائل مختلفة تشتمل على الندوات والاعلانات والتحقيقات مع المتهمين وغيرها من البرامج الهادفة الى تطويق هذه الظاهرة والتعريف بمرتكبيها (هيثم عبد الله سلمان, 2018, 13).

سادساً: اصلاح الادارة المالية العامة وتحقيق الاستدامة المالية .

تعد شفافية الموازنة العامة ركيزة اساسية في حوكمة الادارة المالية ورفع كفاءة الاداء العام ومحاربة الفساد المالي والاداري الذي تسلل لمعظم فقرات الموازنة العامة في العراق . إذ يعاني العراق من ضعف ملحوظ في مستويات الشفافية والافصاح بحسب منظمات دولية متخصصة وحقق نسب متدنية جداً في هذا المجال  اذا ما تزل المؤسسات الحكومية لا تعلن عن الكيفية التي يدار بها التمويل والمشتريات العامة وهذا يمثل احد اهم التحديات التي تمنع من تتبع الانفاق عبر المراحل المختلفة لدورة الموازنة العامة وكثيرا ما  تفتقر الوزارات المختصة والمؤسسات التابعة الى بيانات موثوقة بشأن توافر الاموال وعدم القدرة على ربطها بالنفقات, ان تعزيز الادارة المالية العامة هو امر حاسم في بناء شرعية الدولة , فضلا عن ضمان المساءلة والكفاءة في ادارة الموارد العامة ( وزارة التخطيط, 2019, 28). مما يتطلب الشروع في تعزيز شفافية الموازنة عبر الجوانب الآتية  (كمال البصري, 2015).

  • اصدار تقرير ما قبل الموازنة (استراتيجية الموازنة) والذي يتضمن عرض اهداف السياسات الاقتصادية والضريبية للحكومة على المدى المتوسط والبعيد يوضح توقعات الايرادات والنفقات والعجز او الفائض والدين العام (ويجب ان ينشر هذا التقرير قبل شهر على الاقل من تقديم مشروع الموازنة ).
  • اصدار التقارير الشهرية:- إذ تظهر هذه التقارير مدى التقدم في تطبيق الموازنة والتي يجب ان تصدر في غضون ( ثلاثة اسابيع ) من نهاية كل شهر ويجب مقارنة الارقام بما هو متوقع من ايرادات ونفقات شهرية , كما ويجب ان تتضمن التقارير معلومات مفصلة عن النشاط الاقراضي للحكومة .
  • اصدار تقرير منتصف العام: الهدف منه تقديم فكرة شاملة عن تنفيذ الموازنة وادائها للسنة الجارية ويجب ات يصدر في غضون ستة اسابيع من نهاية النصف الاول من السنة المالية متضمناً مناقشة شاملة للموجودات والمطلوبات المالية للحكومة والموجودات غير المالية ومخصصات رواتب المتقاعدين والطوارئ.
  • اصدار تقرير نهاية العام :- فهو وثيقة المساءلة الاساسية للحكومة ويجب ان يخضع للتدقيق من قبل اعلى مؤسسة في مجال تدقيق الحسابات وان يصدر في غضون ستة اشهر قبل نهاية السنة المالية كما ويجب ان يظهر التقرير مدى الالتزام بمستوى الإيرادات والنفقات التي اقرها البرلمان في الموازنة واي تعديل على الموازنة الاصلية خلال العام وان يقدم على الصيغة المطابقة تماماً لصيغة تقديم الموازنة .

 

سابعاً: زيادة كفاءة القطاع النفطي.

يكتسب القطاع النفطي اهمية كبيرة في الاقتصاد العراقي , اذا تعد الايرادات المستحصلة من هذا القطاع المصدر الرئيس لعائدات البلد من العملة الاجنبية وتمارس مدفوعاته تأثيرا بالغ الاهمية على مختلف قطاعات الاقتصاد المحلي فضلا عن دوره في تمويل الموازنة العامة وتؤشر البيانات والدراسات المتاحة ان القطاع النفطي سيواصل الصدارة في الاقتصاد العراقي كمصدر للتنمية والتمويل لكافة القطاعات الانتاجية والخدمية (سلام عبد الرحمن عبد العباس, 2017, 46). إلا ان انتاج العراق من النفط الخام لا يظهر اتساع احتياطه النفطي ففي عام 2016 بلغ معدل احتياطي العراق الى الانتاج السنوي 93.6عاما,وهذا ضعف المتوسط العالمي البالغ 50.6عاما.هذه الامكانيات تتيح للعراق ان ينتج اكثر من ثمانية ملاين برميل من النفط الخام وفي مجال احتياطيات الغاز الطبيعي يقدر الاحتياطي بحوالي 112تريليون قدم مكعب قياسي , لكنه بالمرتبة 65 عالميا من حيث الانتاج , اذ مازالت مناطق كثيرة غير مكتشفة , لذا يتعين استكشاف العديد من حقول الغاز في اعماق اكبر, وبلغ انتاج الغاز الطبيعي حوالي 2.8 مليار قدم مكعب قياسي في اليوم عام 2016 وهو معدل منخفض قياسا بحجم الاحتياطي, وقد ادى نقص الغاز الطبيعي المنتج محليا الى الاعتماد على الخارج لتشغيل المحطات الكهربائية الغازية , لذا فان استبدال الغاز بالنفط سيسمح للعراق بتقليل الاستيرادات وزيادة الصادرات النفطية وتوفير مبلغ اجمالي يقدر بحوالي 5.1 مليار دولار سنويا, لذا لا يمكن اغفال اهمية الدور الكبير الذي يلعبه القطاع النفطي في توفير التمويل وتحريك قاطرة التنمية وتحفيز القطاعات الاخرى بما يوفره من موارد ومدخلات وطاقة وعليه يبرز في هذا الاطار القيام بمضاعفة الانتاج النفطي وزيادة الصادرات, وخدمات النقل والتوزيع , مضاعفة طاقات التصفية والتكرير من اجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية وتوفير التمويل لاتجاهات اخرى تساعد على تحفيز النمو في قطاعات اخرى ( وزارة التخطيط , 2019, 34).

ثامناً: تهيئة بيئة مناسبة لقطاع خاص قوي وتنموي.

لا يمكن تنويع الاقتصاد العراقي في ظل هيمنة القطاع العام على القطاع النفطي , ان التوسع في القطاعات الاخرى غير النفطية في النشاط الاقتصادي انما يقوم على توسيع نشاط القطاع الخاص , وهذا يتطلب معالجة القيود الكثيرة التي تعيق تطوير القطاع الخاص بما في ذلك حوكمة الشركات والهيئات المملوكة للدولة وتوفير اطار جديد للسياسات والتنظيم لأستثمارات القطاع الخاص وسياسة تحديد الاسعار , وستمكن اصلاحات القطاع المالي والبنية التحتية المالية ايضا من دعم الانشطة الاقتصادية الخاصة  وهذا يتطلب القيام بالاتي

اولا: دعم القدرات الاستثمارية للقطاع الخاص.

ان قرارات الاستثمار يجب ان تبنى بحسابات وامزجة اقتصادية ومالية مدروسة كونها جزء لا يتجزأ من حركة المتغيرات الاقتصادية وهذه الالية مفقودة لدى متخذي ومنفذي المشاريع الاستثمارية التي قامت بها مؤسسات الدولة العراقية (الهيئة الوطنية للاستثمار, 2010).  ويمكن متابعة ذلك من خلال التمعن بالموارد المالية التي وجهتها الدولة من خلال الموازنات المالية منذ عام 2003 ولغاية الان نحو القنوات الاستثمارية على مستوى القطاعات الاقتصادية والتي لم يتحقق منها شيء ينعكس على واقع الاقتصاد العراقي , اذ انها لم تتم بطرق ووسائل علمية مدروسة حيث ان الالية المعتمدة في قرارات الاستثمار لأغلب المشاريع الاستثمارية كانت تعتمد فقط على تهيئة استمارة معينة تظم معاير او مؤشرات شكلية في تحديد نسب الانجاز او التنفيذ وهو ما اكدته وزارت التخطيط في احدى الراسات من ان 30 وزارة في ضوء اعتماد هذه الالية لم تنفذ مشاريعها الاستثمارية . في حين ان الية تنفيذ المشاريع الاستثمارية على مستوى القطاع الخاص تختلف عن القطاع العام , لأن القطاع الخاص يأخذ بنظر الاعتبار مبدا الكفاءة الاقتصادية والحسابات الاقتصادية الفنية الدقيقة المبنية اساسا على تحقيق العوائد المالية الكبيرة والسريعة . وفي الحقيقة فان هناك انشطة استثمارية كثيرة في الاقتصاد العراقي على مستوى القطاع الخاص في مجال الصناعة والزراعة وهي انشطة مجدية تساهم في حل الازمة المالية الحالية ويمكن ان تكون اداة فاعلة في طريق الاصلاح الاقتصادي فيما اذا حصلت على الدعم والمساندة من قبل الدولة متمثلة بسن القوانين والتشريعات الضرورية لحماية المستثمر الخاص (حسين عجلان حسن, 2017, 17).

ان تنمية القطاع الخاص ينبغي منحها الاولوية فهناك عدد من المجالات الرئيسية التي يمكن ان تخلق قطاع خاص قوي وتنموي تتمثل بالاتي (نشأت مجيد حسن, 2019, 244).

  • اشراك القطاع الخاص في جهود اعادة البناء والاعمار وتكوين شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص في جميع المجالات ولاسيما تقديم السلع العامة
  • دعم القطاعات ذات الاولوية في النمو والتي تشمل البناء والاشغال العامة والزراعة والاعمال التجارية والسياحة .
  • وضع مجموعة مستهدفة من الاصلاحات لتنمية القطاع الخاص تشمل تعزيز المشتريات الحكومية وحماية المستثمرين والحد من انتشار الفساد من خلال زيادة مستوى الشفافية في بيئة الاعمال وتشديد عمليات الرقابة وحوكمة الشركات واصلاح الشركات المملوكة للدولة والتي من شأنها تعزيز مشاركة القطاع الخاص .
  • تحسين التكامل التجاري من خلال الاتفاقيات التجارية وتطوير سياسة تجارية اكثر شمولا للعراق وذات اهداف استراتيجية واضحة بما في ذلك ابرام اتفاقيات الاستثمار الثنائية واتفاقيات التجارة التفضيلية واتفاقيات الاستثمار الدولية فضلا عن تحسين بيئة الاعمال والاستثمار وتوفير بيئة مناسبة وجاذبة للاستثمار الاجنبي.

ثانياً: وضع برنامج لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: ويتم عن طريق الانشطة التالية.

  1. تكوين صندوق لتوفير راس مال اولي من اجل ايجاد مصادر تمويل ميسرة وضمانات قروض للقطاع الخاص تعمل على توسعة انشطته وزيادة القدرة التنافسية وتدعيم عمليات الابتكار والعمل على اقامة مؤسسات جديدة .
  2. اعداد برنامج خاص لإتاحة الفرص للقطاع الخاص بما فيها الشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة للعمل مع الشركات العامة الحكومية وتطوير المراكز الصناعية والتكنلوجية ومراكز الاعمال التجارية وحاضنات الاعمال انشاء وحدة متخصصة الهدف منها تعزيز الوعي بالمساوة بين الجنسين في القطاع الخاص وزيادة فرصة العمل للنساء في هذا القطاع , فضلا عن القيام بحملة توعوية شاملة وتقديم الخدمات الاستشارية وخدمات التوجيه وتخطيط الاعمال والتدريبات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
  3. يجب ان تقوم السلطات التشريعية والتنفيذية بفتح حوار مع القطاع الخاص عند الشروع بقوانين او تشريعات تخص القطاع الخاص عبر لقاءات او ندوات لمراجعة وتبسيط الاطر القانونية والتنظيمية التي تتعلق بنشاط القطاع الخاص واصدار قوانين جديدة تنصب في مصلحة هذا القطاع وتوفير الحوافز للاستثمارات الجديدة والابتكارات وتسجيل الاعمال ولابد من ان تقوم السلطتين التشريعية والتنفيذية بالعمل على اقتراح وتطوير خطط استراتيجية وسياسات حديثة تتوجه نحو المجالات ذات الاسبقية التي تدعم القطاع الخاص (سالم عبد الحسين ومصعب عبد العالي, 2017, 154).
  4. توفير التمويل الكافي للقطاع الخاص عبر اصدار قوانين جديد وازالة العوائق الروتينية وتحسين فرص هذا القطاع في الحصول على التمويل اللازم الذي يتناسب والفرص الاستثمارية في البلد والعمل على استحداث اليات تمويل جديدة تكون متاحة لكل مؤسسات القطاع الخاص لاسيما المتوسطة والصغيرة
  5. تبني برامج متقدمة للتدريب والتأهيل تساهم في تمكين قوة العمل العراقية من رفع مهاراتهم بحث تكون هذه البرامج متناغمة مع متطلبات سوق العمل لأجل رفد القطاع الخاص بما يحتاجه من مهارات تتلاءم ومتطلبات عمله
  6. العمل على تذليل العقبات التي تقف بوحه منح اجازات الاستثمار وتخصص الاراضي للازمة لأقامه المشاريع الاستثمارية ومنح الاعفاءات الضريبية وحماية كمركية للسلع المماثلة لأجل تمكين القطاع الخاص من النفاذ الى السوق المحلية ومنافسة المستورد الأجنبي ((نشأت مجيد حسن, 2019, 245).
  7. بسبب انحسار الايرادات النفطية وما ترتب عليه من ضعف المركز المالي للدولة اصبحت في وضع صعب ان تدعم او تعيل مؤسسات القطاع العام التي هي بالغلب مؤسسات تعاني من تراجع ادائها الاقتصاد ومثقلة بالديون والخسائر . وهذا يترتب عليه الترتيب لمحركات جديدة لتنمية هذه القطاعات او الصناعات ويعد البدء بالقطاع الصناعي الحكومي خطوة باتجاه مشروع الشراكة بين القطاع العام والخاص حيث تعاني المنشئات الحكومية من انعدام الجدوى الاقتصادية والتوقف والاهمال وضعف الانتاجية وعليه لابد من توفر الاطر والصيغ المناسبة لإدخال القطاع الخاص كشريك في ادارة واستغلال هذه المشاريع مع وضع هذه العملية تحت رقابة صارمة وشفافية كبيرة توخيا من تسلل مافيات الفساد الحكومي لهذه المشاريع واجهاضها ((حسين عجلان حسن, 2017, 19).

 

الخلاصة والاستنتاجات :

يلزم الواقع الجديد الذي تشهده اسواق النفط العالمية الحكومة العراقية واصحاب القرار الى ضرورة تبني استراتيجية اقتصادية واضحة المعالم تحاكي بيئة الاقتصاد العراقي  تهدف الى تصحيح الانحراف التنموي الذي خلفه الاتكال المفرط على النفط وحماية الاقتصاد والموازنة من التقلبات الكبيرة  والمفاجئة في اسعار النفط والتأكد من استخدام الايرادات النفطية بكفاءة لأغراض التنمية  اي ان تقلبات الايرادات النفطية لا ينبغي ان تنتقل الى الاقتصاد المحلي من خلال قرارات الانفاق المسايرة للاتجاهات الدورية فهذا الاتكال عمق الاختلالات الهيكلية وعزز من احادية الاقتصاد وتبعيته للخارج اذ زاحم الاتكال المفرط على النفط مصادر الايرادات الخرى كالضرائب والرسوم وعوائد المؤسسات الاقتصادية العامة واضعف من نسب مساهمتها في تمويل الموازنة العامة وبالتالي افضى الى عدم استقرار مصادر التمويل وهو الامر الذي نتج عنه نموذج نمو فريد اذا يكون الايراد النفطي محركا لمعظم القطاعات الحكومية. الاعتماد على نمو القطاع القائم على الايرادات النفطية في تنمية الاقتصاد الوطني غير مجدية وقائمة على قواعد وركائز هشة فارتباط التنمية الاقتصادية بما يتحقق من الايرادات النفطية المرتبطة بالأسعار العالمية للنفط الخام لا يمكن ان يخلق نمو اقتصادي مستدام لأن الاقتصاد يتحرك ولكن ليس نتيجة سياسات تابعة للاقتصاد المحلي وانما نتيجة او انعكاس لعوامل خارجية تؤثر وتتحكم فيه اسعار النفط والصادرات النفطية . ان اعادة هيكلة الاقتصاد العراقي من خلال اصلاح كافة القطاعات المالية والنقدية وتنويع القطاعات المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي وادامة النمو الاقتصادي بعيدا عن النفط وتقلباته المستمرة هو ضرورة استراتيجية وليس خيارا للحكومات ان تنتهجه. الاعتماد المفرط على النفط في تمويل الموازنة والاقتصاد ادى الى ظهور العديد من السلبيات في الاقتصاد العراقي ابرزها.

  1. الاختلال الهيكلي , اذ تبين من تحليل الاهمية النسبية للقطاعات الاقتصادية المكونة للنتاج المحلي انخفاض مساهمة القطاعات الانتاجية الاخرى لصالح مساهمة القطاع النفطي , وهذا يؤشر الى العلاقة العكسية بين تطور قطاع التصدير المزدهر وقطاعات التصدير التقليدية .
  2. هناك مظهران مهمان لأحادية الاقتصاد , الاول يتمثل بهيمنة القطاع النفطي على الانشطة الاقتصادية , وبخاصة قطاعي الصناعة والزراعة , والثاني هيمنة القطاع العام على توليد الدخل الوطني , بوصفه المصدر الرئيس للدخل والمستوعب الاكبر لقوة العمل .
  3. التذبذب الشديد في معدل النمو الاقتصادي نتيجة الاعتماد المفرط على النفط , وزيادة حساسية الناتج المحلي للتقلبات في اسعار النفط ومعدل الصادرات النفطية , واصبح الاقتصاد اكثر عرضة لهذه التقلبات مع مرور الزمن في ضل عدم اعتماد سياسة تستهدف فك الارتباط بنموذج النمو القائم على النفط , وتخفيف اثار الصدمات النفطية وغير النفطية .
  4. ان الاقتصاد العراقي يتعرض للازمات والصدمات بسهولة , وذلك بسبب وجود سعلة وحيدة في جانب الصادرات , وقد ادت الصدمات المزدوجة للمدة ( 2014- 2020 ) الى توليد عجز مالي كبير وزيادة حدة الدين العام واثارت مخاوف كبيرة بشأن عملية استحصال الايرادات النفطية .

التوصيات :لم يتعرض البحث الى ذكر التوصيات , حيث ان ما جاء في المبحث الثالث هي بمثابة توصيات فعلية تتناسب وواقع الاقتصاد العراقي ولها علاقة مباشرة بإعادة هيكلته .

قائمة المصادر:

  1. حسين عجلان حسن , تنويع قدرات الاقتصاد العراقي في ظل الهيمنة الريعية , الواقع الراهن والحسابات المستقبلية , مجلة المنصور , كلية المنصور الاهلية مجلد , العدد 27 , 2017 .
  2. سالم عبد الحسين ومصعب عبد العالي , الاقتصاد العراقي في ضل الهيمنة الريعية ومتطلبات التنويع الاقتصادي للمدة (2003- 2015) , مجلة الاقتصاد الخليجي , جامعة البصرة , المجلد 33 العدد 34, 2017, ص154
  3. سلام عبد الرحمن عبد العباس , مستقبل القطاع النفطي في العراق في ظل الازمات العالمية , مجلة كلية الادارة والاقتصاد للدراسات الاقتصادية والادارية والمالية , جامعة بابل , مجلد (9) العدد (3) , 2017 , ص46.
  4. صندوق النقد الدولي , تقرير المراجعة الاولى لتنفيذ اتفاق الاستعداد الائتماني في العراق , التقرير القطري رقم (17\251) اغسطس 2017.ص15.
  5. صندوق النقد الدولي , تقرير المراجعة الاولى لتنفيذ اتفاق الاستعداد الائتماني في العراق , التقرير القطري رقم (16\379) ديسمبر 2016.ص1-2.
  6. صندوق النقد الدولي , تقرير المراجعة الاولى لتنفيذ اتفاق الاستعداد الائتماني في العراق , التقرير القطري رقم (16\255) 2016.ص7.
  7. علي المولوي واخرون , نحو استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في العراق , سلسلة اصدارات مركز البيان للدراسات والتخطيط , 2018, ص23.
  8. علي محسن اسماعيل , السياسة النقدية : التحديات وسبل مواجهتها , البنك المركزي العراقي , تموز , 2017, ص6-7
  9. غزوان رفيق عويد , اليات عملية لمكافحة الفساد في العراق , سلسلة اصدارات مركز البيان للدراسات والتخطيط , 2018, ص3.
  10. كمال البصري , شفافية الموازنة الاتحادية , جريدة الصباح 16/ 2/ 2015.
  11. محمود محمد داغر , شاكر حمود صلال ,تأثير قواعد السياسة المالية على فاعلية السياسة النقدية في العراق للمدة (1990-2015), مجلة جامعة الانبار للعلوم الاقتصادية والادارية , مجلد 9, العدد 18, 2018, ص2.
  12. مظهر محمد صالح التعزيز المالي للعراق : رؤية للأعوام (2018- 2022) , شبكة الاقتصادين العراقين .
  13. نشأت مجيد حسن , مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي العراقي وسبل النهوض بواقعه الحالي , مجلة تكريت للعلوم الادارية والاقتصادية , كلية الادارة والاقتصاد , جامعة تكريت , مجلد 15 العدد, 46, 2019 , ص244.
  14. هيثم عبد الله سلمان ,الاصلاح الاقتصادي والفساد في العراق, سلسلة اصدارات مركز البيان للدراسات والتخطيط , 2018, ص13
  15. الهيئة الوطنية للاستثمار , جريدة المدى اليومية , في 2/ 8/ 2010. شبكة الانترنت العالمية
  16. البنك المركزي العراقي , التقرير الاقتصادي السنوي ,2014.
  17. وزارة التخطيط , المستقبل الذي نصبو اليه رؤية العراق للتنمية المستدامة 2030, ص34.
  18. وزارة التخطيط , خطة التنمية الوطنية للسنوات ( 2018- 2022) , ص12.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى