أعلن جيك سوليفان (مستشار الأمن القومي الأميركي)، أنه يزور السعودية يوم السبت: 6-أيار-2023، بعد أن أعلن كلمته التي نشرها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في: 4-أيار-2023، من أجل ذلك، نعرض قراءتنا وتحليلنا.
1- قال سوليفان في كلمته:
أولًا: «إنَّ إطار العمل الجديد لمشاركة أميركا في غرب آسيا؛ مبني على خمسة عناصر أساس، هي: الشراكات، الردع، الدبلوماسية وخفض التصعيد، التكامل، القيم»
وقال: «نعمل على تمكين ربطٍ جديد لشبكة الطاقة والكهرباء من العراق والخليج والأردن، ونشجع أكبر استثمار دولي في البنية التحتية للطاقة في العراق منذ سنين، وندعم الصفقات التجارية الجديدة بين إسرائيل والإمارات والبحرين، وبين الإمارات والهند.»
ثانيًا: «نحن نحاول الانخراط مع إيران دبلوماسيًا بشأن برنامجها النووي، ونعتقد أنه كان من الخطأ الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران؛ دون بديل عنه، لكننا بيَّنا لإيران أنه لا يمكن أبدًا السماح لها بامتلاك سلاح نووي، وكما أكد الرئيس بايدن مرارًا وتكرارًا؛ الخيارات جميعها متاحة لمواجهة ذلك، بما فيها منح إسرائيل حرية التصرف.»
2- التحليل:
أولًا: حاول سوليفان هنا، تقديم (البعبع الإيراني)، بصفته عدوًا للخليج ودول غرب آسيا عمومًا، لكن! يعلم سوليفان جيدًا، أنَّ هذه اللعبة لم تعد مجدية بعد (الاتفاق الثلاثي: الصيني، السعودي، الإيراني)؛ لذلك دعم اللعبة بعامل جديد، وهو المتمثل بعبارة سوليفان في كلمته: (منح إسرائيل حرية التصرف)، أي: السماح لإسرائيل بافتعال حرب إقليمية كبرى في غرب آسيا، أول المتضررين منها هم الخليجيون! وهي حركة ابتزاز أميركية موجهة إلى السعودية.
ثانيًا: أكثرَ سوليفان من ذكر الربط الاقتصادي والتجاري وربط الطاقة بين غرب آسيا ومنها الخليج وبين (الهند)، لأنَّ الهند عضو دائم في اتحاد دول (بريكس – BRICS)، وكذلك في منظمة شنغهاي. دول بريكس هي: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا؛ هنا تحاول أميركا إحداث خرق في منظومة بريكس، لأنَّ بريكس مقبلة على عقد مؤتمر تعلن به إنشاء عملة احتياط عالمية جديدة، وهذا يعني بالضرورة: نظام مصرفي جديد، مصرف دولي جديد؛ ومِنْ ثَمَّ تكون ضربة مؤلمة للدولار والاقتصاد الأميركي.
ثالثًا: تحاول أميركا فرض طوق من الخناق الجيوإستراتيجي على الصين وروسيا، فالهند تقع في جنوب آسيا بمساحة أكثر من (3.2) مليون كيلومتر مربع، وهي سوق جديدة للنفط الروسي. الطوق الأميركي يتكون من:
أ- حرب بين: (الكوريتين)، (أستراليا واليابان على الصين)، (الصين على تايوان)… دول غيرها مرشحة.
ب- الاقتصاد: عرقلة الاتفاق التجاري بين السعودية والصين، الذي بدأ في القمة (السعودية – الصينية) التي عُقِدَت في (الرياض) وحضرها الرئيس الصيني (شي جين بينغ)، في: 7-9/كانون الأول-2022؛ وتحاول أميركا تحويل التجارة من الصين إلى ضفة الهند؛ بديلًا مناسبًا في نسبة مقبولة.
رابعًا: أميركا تريد زج إسرائيل في حضن خليجي دافئ، لذلك ما زالت تتكلم عن (اتفاقات إبراهام)، لربط مصير إسرائيل بمصير دول الخليج، وهذا يعني حماية إسرائيل من محور المقاومة والهجوم، الذي عقَّدَ عليها قواعد الاشتباك.
3- النتائج:
أولًا: سبق أن حاول الرئيس الأميركي بايدن، الخروج باتفاقات محترمة مع السعودية في أكثر من مناسبة، منها:
أ- (قمة جدة/ السعودية في: 16-تموز-2022) برئاسة بايدن؛ كانت قد سقطت على رأسها مكسورة الرقبة مفتوحة الساقين.
ب- على هامش اجتماع ما يسمى (الدول السبع الكبار – G7) في ألمانيا يوم الاثنين الموافق: 27-حزيران-2022؛ طلب الرئيس الفرنسي (ماكرون)، والأميركي (جو بايدن) من السعودية والإمارات، زيادة إنتاج النفط وتصديره، لكنِ الدولتان الخليجيتان رفضتا.
لذلك لا نجد فرصة لسوليفان، أو لوزير الخارجية الأميركي (أنتوني بلينكن)، الذي سيزور السعودية بعد سوليفان؛ من تحقيق قيمة إستراتيجية.
ثانيًا: لا تستطيع أميركا، أن تضع نفط الخليج: السعودية، العراق، الإمارات، الكويت؛ على طاولة المفاوضات مع الهند للاستغناء عن النفط الروسي، ولا تسمح منظمة (أوبك+) لأميركا والغرب، بالتحكم في أسعار الطاقة. هذا هدف أميركي، لكن المتغيرات العالمية لا تساعده أن يتحقق.