تختلف طبيعة الاحلام من شخص لاخر ومن امة لاخرى ومن شعب لاخر ‘ مثلا الاحلام في بلداننا تدور حول الحرية والبحث عن السعادة ‘ والذكريات القديمة . وهي عادة احلام مركبة من عناصر مختلفة تدخل فيها الاساطير والقصص . تساهم الثقافة المحلية في عناصر اي حلم من حيث البنية السياسية والاجتماعية وما ينقله الاهل والاقرباء من احداث قديمة ومواقف تتحول في لاوعي الاجيال الجديدة الى احلام هي نسخ اخرى من احلام ابائهم وامهاتهم.في زمن صدام لم يكن من حق الانسان ان يحلم لحسابه لان السلطة كانت تلاحق الناس حتى في احلامهم . وهناك من دفع حياته ثمنا لحلم بريء . مع ذلك لم ينفك العراقي عن حلمه وليس امامه الا ان يحلم كي يتعرف على نفسه من جديد . ربما واحدة من اهم الاخطاء التي وقع فيها العقل الغربي انه عجز عن فهم عقولنا وكيف نفكر ونحلم . تشكل الاحلام عناصر مهمة في مفاهيمنا الثقافية والاجتماعية والسياسية والنفسية حيث تتداخل الرغبات والهواجس مع الصدف لتشكيل عناصر علاقتنا مع الواقع . في حين لا توجد مثل هذه المفاهيم في العقل الغربي الذي هو عقل تحليلي ( علمي ) . كثيرة هي احلامنا وقد يصلح بعضها ان يكون مسلسلات تلفزيونية ‘ وقد اختلطت بعض الاحلام مع حدود الواقع . احيانا نقع ضحايا احلامنا المفرطة لان الواقع لا يخضع للاحلام والمشاعر والاحاسيس في كثير من الاحيان . في غياب سلطة الثقافة والمعرفة التي تحمي التفكير والاختلاف والابتكار والخيال سيكون من الصعوبة بمكان ان نحلم بولادة جيل جديد او امل جديد . يذهب بعض الفلاسفة للقول ان الحلم يتناقض مع السلطة لان الحلم حالة فردية منفصلة والسلطة عملية احتواء ودمج والذي يحلم ان يصبح نابليون ويتحدث عن المجتمع العصري والدولة الحضارية والقضاء على الفساد عليه ان يتحمل الرذاذ المتطاير من افواه بعض الناس . لكننا لو تعودنا على الاحلام هل سندمنها هل سنكون بحاجة الى بدائل عملية . ما هو شكل الدولة الكريمة التي نحلم بها ؟ جل ما نفتقده هي الحكمة لان وجودها يجعل الناس تعيش في سعادة من دون ان نكون مرة ضحايا واخرى جلادين وفي كل حقبة تتكرر الدوامة. مما جعل البلاد مزروعة بالموت بدل الحب وبالقسوة بدل التسامح وبالكذب والصلافة بل الوضوح والعفوية والصدق . ولان الوطن يتسع للجميع حيث تتشابك فيه الروابط الاجتماعية والانسانية فضلا عن العقائد والاديان والارض والمستقبل والذاكرة والبيئة ‘ لابد ان تكون احلامنا بمستوى هذه الاواصر القوية والمتينة ‘ حيث الحب ممكن والسلام ممكن والخير ممكن . نتعلم من بعضنا كيف نبني وكيف نترك مسافة مع الاخر المختلف وكيف نرى ونحلم بصورة عراقنا المستقبلي . في دولتنا المتخيلة الكريمة سيشعر الجميع انهم في حالة من الطمأنينة والسعادة والنقاء والامان والاخوة والتضامن وراحة البال. ومن يريد ان يتعلم ‘ كل ما عليه هو ان يأتي الينا ليرى ان الحلم قد تحقق . لست بحاجة الى ان تذهب الى الجامعات او المعاهد . في دولتنا الكريمة تسمع المؤذن وهو ينادي للخير والمحبة ‘ واجراس الكنائس تدعو للسلام .الكل شركاء في الاحتفالات والمناسبات العامة والخاصة ( من دون هويات فرعية ). ممكن ان نخرج من الحلم الى الحياة مع الرهان على الامل في بناء الدولة الكريمة التي يعز فيها الانسان المخلص والشريف ويذل فيها المنافق والمختلس والسارق ويكون فيها المخلصون قادة وفرسان نبلاء .