إيران وقفت دائماً إلى جانب الشعب الفلسطيني ولاحاجة إلى إستنصار التاريخ في توضيح هذه المسألة .
إنّ الجمهورية الإسلامية تعتبر القضية الفلسطينية قضية المسلمين الأولى،ولابد أن تسترد الأراضي المغتصبة سلماً من خلال القبول بإستفتاء يقوم به الشعب الفلسطيني على أرضه،أو حرباً فيما لو تعذر ذلك :
ولما رأيت الود ليس بنافعي ***عمدت إلى الأمر الذي كان أحزما
في مؤتمر قمة عدم الإنحياز الذي عقد في طهران عام 2014م كان السيد الخامنئي قد طرح رؤية الجمهورية الإسلامية في مسألة إستفتاء الشعب الفلسطيني في تأليف دولته وحكومته ـ بغض النظر عن هويتهم الدينية (مسلم ـ يهودي ـ مسيحي).
وكرر السيد الخامنئي هذه الرؤية في أكثر من مناسبة تالية،وجدد الرئيس الإيراني أثناء كلمته في مؤتمر القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الرياض؛جدد تأكيده على ماذكره السيد الخامنئي ،وقال : (أن الحل المستدام هو ما أكد عليه سماحة الإمام الخامنئي ـ والذي تم تسجيله وتثبيته في الأمم المتحدة ـ وهو إقامة الدولة الفلسطينية من البحر إلى النهر وفقاً للأسس الديمقراطية في أن يكون لكل فلسطيني صوت واحد (مسلم ،أو مسيحي ،أو يهودي).لقد شهدنا خلال أكثر من سبعين عاماً الماضية كثيراً من الوصفات والحلول ،ولم يستفد منها سوى الخدع والمراوغات من قبل الصهاينة ).نعم لم تقدم المفاوضات والمساومات سوى الوهم للشعب الفلسطيني المظلوم ،وكما قال الشاعرالراحل نزار قباني :
(بعد خمسين سنة..
نجلس الآن, على الأرض الخراب..
ما لنا مأوى
كآلاف الكلاب!!.
بعد خمسين سنة
ما وجدنا وطناً نسكنه إلا السراب..
ليس صلحاً,
ذلك الصلح الذي أدخل كالخنجر فينا..
إنه فعل إغتصاب!!..)
يوم أمس الأربعاء الموافق 29 / 11 / 2023م أشار السيد الخامنئي إلى موقف الجمهورية الإسلامية من حل القضية الفلسطينية بعد أن انتشرت الإفتراءات في القنوات الإعلامية والفضاء المجازي في أن إيران ترى الحل في القضاء على اليهود من خلال رميهم في البحر!!!
السيد الخامنئي كرر موقف الجمهورية الإسلامية ،وقال : ( إن بعض الناس في العالم يتحدثون عن آراء الجمهورية الإسلامية بشأن المنطقة ويقولون زوراً، أن إيران تعتقد أنه يجب رمي اليهود والصهاينة في البحر. إننا نقول: إن الرأي هو رأي الشعب الفلسطيني والحكومة التي تشكل بأصوات الشعب الفلسطيني، هي ستتخذ قراراتها بشأن الذين يتواجدون هناك؛ ویمکن أن تقول هذه الحكومة: إن كل من جاء من بلدان أخرى يمكنهم البقاء في فلسطين. بعض الدول الأفريقية التي زرتها خلال فترة رئاستي كافحت وانتصرت، وتمكن السكان الأصليون من هزيمة البريطانيين، لكنهم سمحوا للبريطانيين بالبقاء بناءً على مصالحهم.
ان الفلسطينيين يمكن أن يفعلوا الشيء نفسه؛ وقد يسمحون للبعض بالبقاء في أرضهم ،وقد يقولون للبعض الآخر :يتعين عليکم المغادرة. الفلسطينيون هم أصحاب القرار، ونحن لا نعلق على هذا ..إنتهى .
إنّ هذا الحل الذي يطرحه السيد الخامنئي لايعني ان على الفلسطينيين إحراق مراكب الحرب والذهاب للإستفتاء ؛بل يعني ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين من البحر إلى النهر من خلال الإستفتاء للسكان الفلسطينيين الأصليين، ولو رفض الكيان الصهيوني ذلك ـ وهو قطعاً لايقبل بهذا الحل ـ فإنّ ما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة :
إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً *** فما حيلة المضطر إلا ركوبها
هذا الحل الذي قدمته الجمهورية الإسلامية لايفرط بشبر واحد من أرض فلسطين،ولايقبل بالحل الذي يقوم بتقطيع الأراضي الفلسطينية إلى أجزاء مثل (حل الدولتين ).
إنّ هذا لايعني أبداً ان الجمهورية الإسلامية تخلت عن شعار (الموت لإسرائيل)،وإنّما هذا الحل لو تحقق يعني بالضرورة ان ما تقترحه إيران هو نهاية الدولة المصطنعة التي زرعها الغرب الإستعماري على أرض فلسطين،ومعها نهاية المشاريع الغربية بزعامة أمريكا في الإستيلاء والسيطرة على البلدان الإسلامية والإستحواذ على خيراتها .
إيران تعرف مسبقاً ان الصهاينة ومعهم القوى الغربية لايقبلون بهذا الحل أبداً،لكن من باب (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ) في إدعائهم للديمقراطية أو مبدأ الإرادة الشعبية الحرة فإنّها إقترحت ذلك ،وقد أماطت اللثام عن وجه الحقيقة ،وكما قال أحد السياسيين 🙁 أقنعة الغرب قد سقطت،ولم تعد الإبتسامة الغربية الفاتنة تغري أحداً).