شؤون اقليمية

العنصرية التركية الحقيرة ومعاداة العروبة

بقلم : رياض سعد

بدأ الضعف والانهيار التدريجي يطال مفاصل الدولة العثمانية شئيا فشيئا بمرور الوقت ؛ حتى اسماها الاوربيون :  ( بالرجل المريض ) ؛ واصبحت الدول الاوربية تقتطع منها الاراضي بل وتتدخل في شؤونها الداخلية بطرق ملتوية ؛ وذلك من خلال اللوبي اليهودي , واثارة النعرات الطائفية والدينية , والدعوات القومية والعرقية …  ؛ و قد نشأت  النّزعة القومية لدى الأتراك , ومارس الاتراك سياسة التتريك العنصرية في البلدان العربية  ؛ فحينما استلمت القومية التركية السلطنة أدارت ظهرها لكل ما هو عربي ، وقد فرضت إسطنبول اللغة التركية في المعاملات الحكومية التابعة لها في العالم العربي ، كما فرضتها في التعليم بجميع المناطق التابعة لها دون مراعاة لخصوصيات القوميات الأخرى، ودون اعتبار للغة القرآن الكريم ، حتى وصل الأمر إلى فرضها على الرعايا العرب في التخاطب مع سفاراتهم بالرغم من أن الطرفين يتحدثان اللغة العربية، وأصبح المسؤولون في الولايات العربية لا يتفاهمون مع الناس إلا بمترجمين ، في حادثة غريبة لا تنم إلا عن التعصب والعنصرية … ؛ بل طال التتريك حتى الاسماء العربية من محمد إلى تيمورلنك وجنكيز … الخ , وارتفعت وتيرة الجرائم التركية بحق الشعوب العربية , وارتكبت العديد من المجازر بحق الارمن وغيرهم .

وقد تشكلت جمعية “الاتحاد والترقي في 2 يونيو/حزيران 1889؛  باسم : ( جمعية الاتحاد العثماني ) اولا    ثم غيرت اسمها عام  1915، الى ( جمعية الاتحاد والترقي )  وسعت إلى تغيير نظام الحكم  العثماني بدعوى إقامة “دولة ديمقراطية حديثة”… ؛ واستطاعت الجمعية عزل السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909 والوصول إلى الحكم، وتبنت الفكر القومي وسارت وفق المذهب العلماني في سن التشريعات والقوانين… , وشكلت حكومة الحزب الواحد، وقمعت المعارضة منذ العام 1913 حتى حلت نفسها بعد الهزيمة في الحرب العالمية الأولى عام 1918 ؛ وكان أعضاء الجمعية قد تأثروا بالأفكار الغربية والقومية ؛ جدير بالذكر أن هذا الحزب القومي باتجاهاته الفكرية دعا الأتراك إلى عدم التحدث أو الكتابة بالأبجدية العربية .

مال الاتحاديون في بداية نشأتهم إلى “العثمنة” والتي كانت تهدف إلى إقامة إمبراطورية عثمانية متطورة، تستند إلى مؤسسات ليبرالية بإمكانها ضمان ولاء كل الفئات الدينية والعرقية التابعة للدولة … ؛ ثم بدأت الجمعية بالانزلاق نحو النزعة القومية، بل ونحو الطورانية الهادفة إلى توحيد ذوي الأصل التركي، ومحاولة فرض التتريك على رعايا الدولة من قوميات أخرى، والمطالبة بتنقية اللغة التركية من الشوائب التي أدخلتها القوميات غير التركية، وخاصة العرب والفرس … , ولعبت الماسونية واليهود دورا كبيرا في ظهور التيار القومي التركي، وتأجيجه في صفوف الاتحاديين، حيث زادت حدة النزعة التركية القومية بعد الاندماج مع “جمعية الحرية العثمانية” عام 1907 ومقرها سالونيك ، معقل اليهود والماسونية آنذاك.

وتنامت هذه النزعة منذ قيام حكومة الحزب الواحد عام 1914، وكان مؤتمر الجمعية المنعقد عام 1916 نقطة تحول أيديولوجي في تاريخها، إذ أعلنت الجمعية عن تبنيها للفكر القومي التركي، وقررت تبني مبدأ العلمانية وفصل الدين عن الدولة  … ؛ وكان لجمعية “الحرية العثمانية” اتصال وثيق بالماسونية ويهود “الدونمة” وكان العديد من أعضائها ينتسبون إلى الماسونية، كما كانت بعض اجتماعاتهم تعقد في المحافل الماسونية، ويتلقون دعما كبيرا من اليهود … ؛ وهذا التعاون والعلاقة الوطيدة مع الماسونية واليهود استمر بعد الاندماج، وأصبح سمة بارزة في جمعية “الاتحاد والترقي” وبدا ذلك واضحاً في التعاطف الكبير الذي أبدته الجمعية تجاه الحركة الصهيونية، والإجراءات التي وضعتها منذ وصولها إلى السلطة لتسهيل هجرة اليهود واستيطانهم في فلسطين … ؛ واستمر تدهور  الدولة العثمانية حتى  مرضها و أفول نجمها  عام 1923م ؛ ثم ظهور مصطفى كمال أتاتورك ، الذي ألغي الخلافة العثمانية، ليؤسس مكانها الجمهورية التركية الحالية في أكتوبر من العام نفسه الذي أفل فيه نجم إمبراطورية آل عثمان ، ويتخذ أنقرة عاصمة لها  ؛ و مع قيام الجمهورية وفي سنواتها الأولى ، شهدت تركيا انقلابات عدة على اللباس الديني والتعليم الديني “الكتّاب” والأذان العربي ، ونشأت فكرة أن جميع هذه المظاهر إنما هي عربية لا تركية أناضولية، ونما هذا التفكير لا سيما عند الشريحة اللادينية أو حتى القومية المتصالحة مع الدين لكنها متعصبة لقوميتها …  ، وصولاً إلى العهد الحالي بقيادة العنصري الارهابي رجب طيب أردوغان ، تلميذ أتاتورك ، الذي لم يكن له من اسمه أدنى نصيب … ؛  ومن ثمَّ تحويل البلاد إلى أداة طيعة يستغلها الاستعمار للهيمنة على دول المنطقة ، إذ أصبحت تركيا منذ عام 1952م ، القاعدة العسكرية الأساسية التي تُحَاك فيها كل المؤامرات ، وتُحَدَّد فيها الاستراتيجيات الغربية كلها بليل لإحكام القبضة على العالمين العربي والإسلامي، ومن ثمَّ استسلام تركيا للقوى الاستعمارية … ؛ وكل معركة تحصل ضد العرب والمسلمين، يكون للأتراك موقف سلبي وغير مشرف على مر التاريخ المعاصر  , فهم أول من اعترفوا بإسرائيل وأرسلوا سفيرا تركياً معتمداً، وأشاعوا الاستيطان بالقدس وبيع الأراضي العربية لليهود، وهم من سرقوا آثار العرب وتاريخهم ولم يقدموا للعرب شيئا إيجابيا يذكر أو أي إنجازات ، إلا فنون أدوات التعذيب بالمعتقلات السرية كالخازوق ، وتكريس الديكتاتوريات العسكرية المتسلطة القمعية على رقاب الشعوب العربية .

و خلال  الحرب العالمية الاولى ، أعدم حاكم سوريا آنذاك ، جمال باشا الملقب بالسفاح والذي كان عضوًا في حزب الاتحاد والترقي ، عددًا من القوميين والمثقفين العرب في لبنان بتهمة الأنشطة القومية ( الدعوة للقومية العربية )  ؛ وبعضهم :  يرى أن القومية العربية في المجمل كانت ردة فعل على القومية التركية  ؛  وهذا رغم صدور حكم عفو عام بقضيتهم إضافة إلى عدم وجود دليل على تورطهم بهذه النشاطات ، وبسبب هذا الأمر، كتب شريف مكة الحسين بن علي ، مذكرة دبلوماسية للإمبراطورية العثمانية مستنكرًا هذه الأفعال الظالمة ، ونتيجة لهذه المذكرة، أرسلت الدولة العثمانية جنودها إلى المنطقة على اعتبارها أن هذا المرسال عبارة عن تمرد عليها …!! . ،

كل هذه الاسباب وغيرها دفعت بعض عرب الجزيرة والبلدان العربية للانتفاض ضد الأتراك القوميين العنصريين ؛ ومنهم شريف مكة الذي  طلب من العرب الانضمام إليه لتكوين مملكة عربية مستقلة عن الحكم العثماني ،  وطلب بعض العرب النجدة من البريطانيين فيما بعد  … ؛ و استغلت بريطانيا هذه التوترات لصالحها ودعمت هذه الانتفاضة العربية ضد الدولة العثمانية المريضة والمتهالكة بقيادة الشريف حسين , وذهب الكثير من الباحثين الى  ان هذه الانتفاضة لم يكن لها اي ثقل لولا الدعم البريطاني , فطالما ثارت عشائر وقبائل العراق والجزيرة ضد الاتراك العثمانيين الا انهم قمعوا ولم ينجحوا  .

ولو سلمنا جدلا بأن الشريف حسين وانصاره العرب قد خرجوا ضد الاتراك بطرا واستهتارا ؛ وغضضنا الطرف عن كل الاسباب المنطقية التي دفعتهم للثورة العربية … ؛ فالشريف حسين لم يكن يمثل العربَ جميعَهم ، بل بالعكس من ذلك كان نشازًا واستثناء … ؛ لان الاغلبية جاهلة ومؤمنة بوجوب طاعة الاتراك العثمانيين حتى وان تحولوا الى العنصرية والقومية الطورانية والماسونية …!!  .

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بُذلت لترسيخ هذه الأفكار التضليلية  والقناعات  العنصرية الباطلة والقصص المفبركة ؛ فقد نشأ جيل جديد من المؤرخين الذين احترموا قواعد البحث العلمي ونظروا في الحقائق التاريخية بعيدا عن الأهواء والإيديولوجيات وبعيدا عن التأثيرات السياسية ليخلصوا أخيرا إلى أن ما زُعم من “الخيانة العربية الكُبـرى” لا تعدو أن تكون حركة منفصلة قام بها عدد قليل جدّا من العرب ، ولذلك تعدّ استثناء قياسا إلى مواقف الجماهير العريضة.

وفي هذا السّياق يقول الباحث والمتخصص في شؤون الشّرق الأوسط جنكيز جاندار مبيّنا الفرق بين الحقائق التاريخيّة ومزاعم “خيانة العرب” : “صحيح أن الشّريف حسين أمير مكّة حرّض بعض القبائل البدوية العربية على العصيان والتمرّد في الحجاز وتحالف مع الانكليز سنة 1916م ، لكن في ما يتعلّق بالحرب العالمية الأولى ، فإنّ كل دارس وصاحب علم يعرف أن ما قام به لم تكن له أية قيمة من النّاحية العسكرية … ؛  ومعلوم أن الانكليز أخلّوا فيما بعد بوعد الاستقلال الذي منحوه للشّريف حسين وتبين أنه خُدع بكلامهم … ,  أما في فلسطين فلم نرى عربيا واحدًا يُعلن العصيان ، كما أنه لم تُلاحظ ولو حادثة واحدة يُطعن فيها تُركي من الظّهر من بين أفراد القوات المتمركزة سواء في سوريا أو في العراق أو في لبنان … ,  والأغلبية الكبيرة من العرب بقيت مخلصة لاسطنبول ولتركيا ، وباستثناء الجبهة الممتدة من منطقة الحجاز بالجزيرة العربية إلى العقبة لم يحدث أن تعرّضت القوات التركية لأي أذًى من قبل العرب، ولا يُوجد أيّ دليل تاريخي على ذلك”.

والحقيقة نفسها يؤكدها الخبير الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط ميشال ج. بارد فيقول: “بعكس ما يروج فإن العرب في تلك الفترة (الحرب العالمية الأولى) لم يقاتلوا ضدّ الأتراك”. ومن بين المؤرخين الأتراك المتخصّصين الذين تحدثوا في هذه المسألة البروفيسور الدكتور زكريا قورشون ، فقد ألف كتبا قيمة في العلاقات العربية التركية ، ومن أهمها كتاب “العلاقات العربية التركية في مفترق طرق” … ؛  وقد أوضح فيه الكثير من المسائل وفند فيه الكثير من الأمور التي اعتبرت إلى وقت قريب من المسلّمات، واعتمد في أبحاثه على المصادر الأرشيفية الموثوقة… ؛ اذ يقول الدكتور قورشون في معرض حديثه عن التعاون العربي التركي في مواجهة الهجمات الغربية ” في الحرب العالمية الأولى. ” : لقد أظهر العرب شجاعة فائقة في قتالهم جنبًا إلى جنب مع الجيش التّركي في جبهات مختلفة”.

و في مقابلة تليفزيونية على قناة “تي ري تي” قال البروفيسور التركي في جامعة مرمرة أحمد شيمشيرجيل : “لا يتم السؤال إن قام اليونانيون بخيانتنا أو البلغاريون أو الإنجليز وهذا لأنه لا يتم ذكر الخيانة سوى بجانب اسم العرب، ولتوضيح هذه النقطة الجدلية، يمكن أن نقول إن العرب لم يخونوا العثمانيون، بل كانت خيانتهم لأنفسهم من الصفوف الداخلية في منطقتهم.

والحقيقة أن العرب وقفوا بجانب الدولة العثمانية لمدة 400 سنة وكانوا من أكبر وأوائل المساندين للإمبراطورية العثمانية، وعند ذكر الشريف حسين نجد أن هذا الاسم أصبح رمزًا للخيانة التاريخية، رغم أنه عاش 20 سنة في إسطنبول قبل أن يعينه عبد الحميد الثاني أميرًا على مكة المكرمة”.

و في حديث آخر مع الكاتب والمؤرخ التركي، قادر مصر أوغلو، قال: “لا وجود للادعاءات التي تقول إن العرب قاموا بخيانتنا، ولا تعتبر ثورة الشريف حسين خيانة، لأن بريطانيا استغلتها واستخدمتها كأداة لتفكيك العلاقات التركية العربية وبسبب تهديدها للشريف الحسين بضرب مكة بالقنابل إن تراجع عن الخطة المتفقة عليها وهذا الخلاف بسبب مكر بريطانيا لا غير”.

وبسبب هذه الحقائق التاريخية والتي كشفت الزيف والتدليس التركي ؛ اضطر المخادع المراوغ طيب رجب اردوغان  ؛ للتصريح بهذه الحقيقة التاريخية , والحق ما شهدت به الاعداء : (( ان ما يقال عن خيانة العرب للعثمانيين في الحرب العالمية الأولى، والتي وصفها بأنها  : “كذبة تاريخية دُرست في المدارس التركية بشكل مقصود”، مصوبًا هذا الخطأ التاريخي قائلًا: “من الخطأ اتهام كل العرب بالغدر بسبب بعض الأخطاء التي حدثت خلال الحرب العالمية الأولى”… , ويكمل : “قيل لنا لسنوات طويلة أن العرب طعنوا ظهورنا من الخلف وخانوا أجدادنا العثمانيين، عبروا عن هذه الحادثة بأقبح الأوصاف التي يمكن استخدامها، وبالمقابل تعلم العرب أن الدولة العثمانية استعمرتهم لمئات السنين، كما أنه تم تفريق الشعبين بالحدود الجغرافية المصطنعة وتم تدريسهم و تدريسنا حوادث تاريخية خاطئة لنصبح أعداءً وفي خصام دائم بسبب هذه الأكاذيب التي تحاول أن تقطع الأواصر بين تركيا والعالم العربي من خلال إثارة بعض الاضطرابات التاريخية”… ))

وقد جاء هذا التصريح بعد سلسلة من التوترات التي تواجهها تركيا مع العالم الأوروبي والغربي ، في محاولة منه لتوثيق علاقاتها بالعرب والمسلمين ودول الشرق الاوسط ؛ فهو كلما ضاق الخناق عليه ؛ التجأ للعرب والمسلمين , لتحقيق اكبر قدر من المكاسب المادية , ويعتقد انه بهذه التصريحات الاعلامية والمسرحيات السياسية  قد يغير من النظرة العامة للعرب من قبل الأتراك وبالعكس , او يغطي على الحقائق التاريخية الدامغة .

وان اردت ان تعرف حقيقة اردوغان واطماعه التوسعية ؛ فاسمعوا يا رعاكم الله، كلام تلميذ أتاتورك  وهو يخاطب نوابه مؤكدا: (إن تركيا هي أكبر من تركيا الحالية، يجب أن تعلموا هذا جيداً، لا يمكن أن نكون محاصرين في 780 كيلومتراً مربعاً، هي مساحة تركيا الفعلية، لأن حدودنا الجسدية والقلبية مختلفة.. وصحيح، قد يكون إخواننا في الموصل، كركوك، الحسكة، حلب، حمص، مصراتة، سكوبي وأرض جزيرة القرم كلها، قد تكون خارج حدودنا الفعلية، إلا أنهم ضمن حدودنا العاطفية، وفي قلوبنا. وعليه سنتخذ كل التدابير اللازمة ضد أولئك الذين يحاولون تحديد تاريخ تركيا وأمتنا بتسعين عاماً -أي ما بعد الدولة العثمانية- كما أننا سنعيد النظر في الكتب المدرسية بداية من التعليم الابتدائي. نعم، ينبغي علينا اتخاذ كل التدابير الضرورية لكي نربط أمتنا بثقافتها وحضارتها وتاريخها- أي العثماني).

أجل، هذا هو الوجه الحقيقي لأردوغان الذي طالما حاول جاهداً إخفاءه خلف قناعه الزائف بدغدغة مشاعر السُّذج وتوظيف الجهلاء الخونة لتنفيذ أجندته الخبيثة وتحقيق أوهامه باستعادة مجد أجداده الغابر … ؛ ومن مهازل الدهر ان يطالب الاتراك الذين كانوا يساقون الى بلاد الرافدين ك سبايا وعبيد وغلمان للمتعة   ؛ بالموصل وكركوك العراقية  ؛ الاتراك الذين سكنوا الاناضول قبل بضعة قرون يطالبون ببلاد الرافدين التي وجدت قبل ان يخلق الاتراك الرحل …!! .

……………………………………………………..

1-         ماذا درس الأتراك عن العرب في حصة التاريخ؟ / نور علوان .

2-         تركيـا وإيران.. أضغاث الأحلام / اللواء الركن م. د. بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود .

3-         الأتراك وقصة “خيانة العرب” في الحرب العالميّة الأولى / د مصطفى الستيتي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى