يعيش العراق منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن مرحلة حرجة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ففي كل يوم يمر علينا نؤشر فيه نقطة سلبية جديدة ، وهذه النقطة نجدها تبعد العراق عن تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وآخرها كان عدم استقرار سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي !!!
وهذا إن دل ، فإنما يدل على عدم وعي وادراك الطبقة السياسية الحاكمة لأهمية التنمية الاقتصادية المستدامة التي تخرج العراق من سيطرة الدول الاقليمية والدولية المتحكمة به .
فاستقرار العراق مرهونٌ بتخليه التام عن جميع الدول التي تتدخل بشؤونه الداخلية والاعتماد على نفسه بإدارة المرحلة المستقبلية .
يتمتع العراق بوفرة كبيرة نسبياً بالموارد البشرية والاقتصادية والتي تؤهله للاعتماد على نفسه بشكل كامل ، علماً أن هذه الموارد تفتقر لها العديد من الدول الأوربية المتطورة ، ولتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة يجب أن يتم التركيز على العديد من القطاعات الاقتصادية ، منها:
- تحسين البنية التحتية: يجب تحسين بنية التحتية في العراق بما في ذلك شبكات الطرق والجسور والموانئ والمطارات والتجهيزات الأخرى التي من خلالها يتم جذب الاستثمارات المباشرة والتي توفر فرص عمل جديدة بعيدة عن القطاع العام ، ومن خلال مراكز التدريب المهني المتخصصة نجعل الأيدي العاملة تكون فنية و مؤهلة للتعامل مع مشاريع البنية التحتية وتعزيز التطوير الاقتصادي.
- تنمية الصناعات التحويلية: يجب تنمية الصناعات التحويلية في العراق لزيادة الصادرات عبر توفير مناخ استثماري يحفز المستثمرين المحليين والأجانب لتأسيس المصانع والشركات الصناعية في العراق ، وذلك من خلال توفير بيئة آمنة للاستثمار و تطوير القطاع المصرفي.
وإن تنمية الصناعات التحويلية يتطلب اتخاذ عدة إجراءات وسياسات لتعزيز هذا القطاع. فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتنمية الصناعات التحويلية:
أ. توفير بيئة قانونية وتنظيمية ملائمة: يجب أن تكون هناك قوانين وقواعد واضحة وعادلة لتشجيع الاستثمار في الصناعات التحويلية. يجب تطبيق حقوق الملكية الفكرية بشكل صارم لحماية المبتكرين والنوع الابتكاري في هذا القطاع.
ب. توفير التمويل والدعم المالي: يجب توفير التمويل الملائم والدعم المالي المناسب للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في صناعات التحويل. يمكن توفير الدعم من خلال تقديم قروض ميسرة ومرنة وتشجيع استثمارات رأس المال الاستثماري.
ج. تطوير المهارات والتدريب: يجب أن يتوفر التدريب والتطوير المهني للعمال في صناعات التحويل لتعزيز الكفاءة وتحسين الجودة. يمكن تنظيم برامج التدريب الفني والتأهيل المهني لتطوير المهارات اللازمة لهذا القطاع.
د. تعزيز البحث والتطوير: يجب أن يتم دعم البحث والتطوير لتطوير منتجات وتقنيات جديدة في صناعات التحويل. يمكن تأسيس حوافز وبرامج لتشجيع الابتكار وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص.
هـ. تطوير البنية التحتية: يجب أن تكون هناك بنية تحتية ملائمة وفعالة لتدعيم صناعات التحويل. يجب أن توفر البنية التحتية اللازمة مثل الطرق والموانئ والمطارات والاتصالات والتكنولوجيا.
و. الترويج والتسويق: يجب أن يتم الترويج والتسويق للصناعات التحويلية على المستوى المحلي والدولي لجذب المزيد من العملاء والشركاء التجاريين. يمكن تنظيم معارض ومؤتمرات وورش عمل لتعريف الناس بالمنتجات والخدمات التي تقدمها هذه الصناعات.
ز. تعزيز التعاون الحكومي والصناعي: يجب أن يتم تعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية والبحثية لتطوير صناعات التحويل. يمكن تنظيم شراكات وبرامج للتعاون وتبادل المعرفة والخبرات.
ح. توفير الخدمات اللوجستية: يجب أن تتوفر الخدمات اللوجستية الملائمة مثل خدمات الشحن والتخزين والتوزيع لدعم صناعات التحويل. يمكن تطوير المناطق الصناعية والمناطق اللوجستية الخاصة لتقديم هذه الخدمات بكفاءة.
باستخدام هذه الإجراءات والسياسات، يمكن تنمية الصناعات التحويلية وتعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة.
- دعم القطاع الزراعي: يجب تعزيز القطاع الزراعي في العراق فالقطاع الزراعي يعد من أكثر القطاعات الذي يعتمد على الجهد البشري . ولذلك يجب تدريب وتخريج المزارعين وزيادة الاستثمار والتكنولوجيا وتحديث التسويق الزراعي، وهذا يمكن أن يحسن إنتاجيتهم ويوفر الكثير من فرص العمل ، فضلاً عن استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة التي تستهلك كمية أقل من المياه ومساحة أرض أقل وزيادة في الانتاج تصل الى أكثر من ثلاث أضعاف باستخدام الأساليب القديمة.
- تعزيز السياحة: يمكن تعزيز السياحة في العراق بتنمية وتطوير القطاع التجاري وزيادة الاستثمار في الفنادق والمنتجعات السياحية، لجذب السياح المحليين والأجانب ، فمثلاً لدينا في محافظة البصرة ساحل بحري غير مستثمر يمتد من نهاية ميناء الفاو الكبير وحتى جزيرة (حجام أو أبو الحجام) مقابل ميناء أم قصر وبطول أكثر من (60كم) ، فضلاً عن ساحل شط العرب ، فضلاً عن المناطق الأثرية في محافظة البصرة والمحافظات الأخرى التي يجب على القطاع الفندقي التركيز عليها من خلال وضع جدولاً خاصاً لتسيير رحلات سياحية لهذه المناطق مع خدمات فندقية ممتازة والاعلان عنها في البرامج الاذاعية وبرامج التواصل الاجتماعي ، وللسياحة أثر كبير على زيادة الطلب على المنتوج الوطني وعلى النقل ، فضلاً عن توفير فرص عمل كبيرة .
- التعليم والتدريب: يجب توفير العلم والتدريب والتنمية البشرية اللازمة لتعزيز القدرات الهندسية والادارية والفنية للجميع، وذلك لتحسين إنتاجية العمل وزيادة فرص العمل في القطاع الخاص .
- تحسين مناخ الأعمال: يجب ان يكون هناك التجاوب مع مستثمري القطاع الخاص لزيادة الاستثمار وخلق بيئة تشجع المبادرات وتمنح الأفراد حرية العمل والابتكار.
هذه بعض الخطوات المهمة التي يمكن اتخاذها لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في العراق، ومن الممكن تعزيز الجهود المشتركة بين القطاع الحكومي والخاص لخلق المنافسة من جانب ومن جانب آخر تطوير قدرات القطاع العام ، واعتقد قد ركزت على هذا الموضوع في موضوعات أخرى منشورة سابقاً .
وعند تحقق النقاط المذكورة في أعلاه فبالتأكيد سوف يكون بإمكاننا الخروج من السيطرة الأمريكية وغيرها ويعود العراق لسابق عهده ويكون من الدول المتقدمة والمتطورة والتي يحسب لها ألف حساب .