يعرف الوعي بأنه الحالة العقلية التي يتم من خلالها ادراك الواقع، والحقائق التي تجري من حولنا، وذلك عن طريق اتصال الانسان مع المحيط الذي يعيش فيه ،واحتكاكه به مما يسهم في خلق حالة من الوعي لديه بكل الامور التي تحدث مما يجعله اي الانسان على اجراء المقاربات والمقارنات والتمييز بين الامور صحيحها وخطأها ، حقها وباطلها، مما يجعله اكثر قدرة على اتخاذ القرارات التي تخص المجالات والقضايا المختلفة التي تطرأ من حوله ،من امور حياتيه ومعاشية ودينية واخلاقية ، واجتماعية وسياسية ، وغيرها،واحيانا يكون وعيا مضللا زائفا اي عدم ادراك الامور على حقيقتها مما يجعل حكمه عليها خاطئا ، والفرد المسلم مطالب في ان يكون صاحب وعي وبصيرة تمكنه من اداء تكليفه في كل الميادين، من خلال وعيا صحيحا يستمده من القنوات الصحيحة والموثقة ،وترشيد الوعي السياسي في وقتنا الحاضر اكثر خطورة من اي وقت مضى ، لان معركة الاسلام مع الجبهة المقابلة هي معركة سياسية بامتياز، حيث طور الاعداء معركتهم من قتال مسلح تستخدم فيه الاسلحة التقليدية ( الحرب الصلبة)، لتحل محلها الحرب الناعمة التي تبقى الانسان على قيد الحياة لكنه عديم البصيرة ،مما يؤدي الى سهولة قيادته وتوجيهه الوجهة التي يشاءها الاعداء، وجنود هذه المعركة هم ابناءنا من خلال استخدام برامج وممارسات تضليلية تصور الحق باطلا والباطل حقا ! ، من هنا تأتي ضرورة التسلح بالوعي الايماني الحقيقي من خلال تثقيف الشباب وتحصينهم ضد الغزو الفكري المعادي ، ولو القينا نظرة على كل النكسات التي حصلت في غابر السنين ، سنجد ان السبب هو انعدام الوعي الكامل بحقيقة الصراع ، فأبتداء من واقعة السقيفة مروا بشهادة امير المؤمنين واضطرار الامام الحسن للصلح وشهادة الامام الحسين ع وتقييد حركة الائمة الباقر والصادق وسجن الامام الكاظم ومحنة الامام الرضا وسجن الاخرين من الائمة ووضعهم تحت الاقامة الجبرية وغيبة الامام المنتظر ،نظرة تأملية فاحصة تدلنا على ان تخلف الامة في الالمام بالوعي الديني والسياسي الدقيق وتثاقل الامة عن نصرة الحق، مرده الاصلي هو عدم الوعي الكامل لحقيقة الصراع بين جبهة الحق التي يمثلها ائمة الهدى عليهم السلام وبين ائمة الشرك والانحراف التي تمثلت في حكام بني امية وبعدهم بني العباس والعثمانيين ودول الاستكبار في كل عصر ، كل هذه الانكسارات والمآسي مردها الاصلي هو تقاعس الامة عن نصر الحق رغم الكثرة العددية لكنها تعاني من وعي متدني لدرجة الجلوس على التل في وقت كان الموقف والحق يتطلب موقفا دفاعيا واعيا لردع هجمات اهل الباطل ، ان الاعلام الذي اقنع اهل الشام ان علي امير المؤمنين الذي قام الاسلام بسيفه لايصلي ، ويستغرب الناس عند سماع شهادته في المسجد بقولهم ( ماذا يصنع علي في المسجد وهل علي يصلي ) ! ووصف ريحانة رسول الله الحسين الشهيد بانه خارجي ويزيد الحاكم الحق ، كل هذا مرده وسببه القريب هو انعدام الوعي او الوعي الخطأ، وكل هذه كانت ولاتزال مسؤولية طلائع الامة متمثلة بالعلماء والمثقفين الرساليين ! ولو قام الكل بواجبه لم يحصل الذي كل الذي حصل بهذه الجسامة التي خسرت فيه امتنا موقعها المتقدم في قيادة الامم ،واذا بقيت الامة على ماهي عليه ستكون الخسارة اكبر ، الواجب يتطلب من الامة وطلائعها ان تعلن النفير العام لبلورة وعي اسلامي ثوري في كل مجال وليس في مجال مقاومة المحتلين فقط وانما مقاومة محتلي عقول الناس وانقاذ عبادالله من قبضة خونة امانة الله ، ان اخطر شعار بثه الاعداء وتلقفه الجهلاء هو شعار ( بأسم الدين باكونه الحرامية) لكي يجعلوا الناس وجها لوجه ضد الدين وضد العلماء جميعا ، مع فرض ان بعض الذين يدعون العلم او هم من رجالاته سارقين! فهذا لايبرر ان يتهم الدين وكل رجالاته بالسارقين لانه تعميم ظالم لايصح بأي شكل من الاشكال ، اذن المعركة اصبحت في عقر دارنا وعلينا الرد بما ينسجم مع طبيعة هكذا تحدي مصيري !
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق
-
الذكاء الاصطناعي أبعد من كونه مجرد أعجوبة تكنولوجيةمارس 12, 2024