العباس (عليه السلام) قبسٌ من والده، وثمرة تخطيطه، فأصبح منارةً تعانقُ سماء الوفاء، ببصيرة نافذة، فلم تغره طليقة أباه، ولم ينصت لوعود أعداء الله، لقد ذاب عشقاً بسيده الإمام الحسين (عليه السلام) حتى قدم روحه الطاهره قرباناً بين يديه.
فداء العباس للإمام الحسين (عليه السلام) ليس من أجل الأخوة، إنما لان الإمام الحسين (عليه السلام) إمام معصوم مفترض الطاعة، فقد كان العباس الجندي بين يدي سيده، لا يعصي ولا يقدم على شيء إلا بأمر الإمام الحسين.
تتضح عظمة العباس (عليه السلام) من إهتمام الائمة (عليهم السلام) به، وتعظيمهم له، لأن حركات وسكنات الإمام حجة، إن الإمام علي بن أبي طالب والإمام الحسين والإمام علي بن الحسين (عليهم السلام) قبلوا كف العباس، فأي عظمة؟ وأي مكانه حازها هذا السيد، كذلك الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) يقول “رحم الله عمنا العباس كان والله نافذ البصيرة، صلب الإيمان” هكذا كان العباس في عيون الائمة.
أما في عيون اخته زينب (عليها السلام) كان الأخ والكفيل، الذي تندبه لمصائب الدنيا، وطوارق الدهر، لقد أوثق الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) رابطة وثيقة بين الإثنين، فكفالة العقلية مهمة قد أوكلها أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي الفضل، فأهل البيت وحدة هدف وتعدد أدوار، لقد صنعوا طفاً لن يكتب لها النسيان، ولن ينتهي تأثيرها، وتبقى ثمارها تقتطفها الأجيال حريةً ومقاومة.
ابو الفضل عبدٌ صالح، وجندي مطيع لأبي عبدالله، وكوسج لا تحيده أمواج الفتنة، وهزبر لا ترده جموع الجيوش، فقد قدم نفسة في سبيل الله ودفاعاً عن إمام زمانه، سلامٌ عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.