ان أمريكا بعد عام 1991 وتفكك الاتحاد السوفييتي انفرد في الهيمنة على العالم وأصبحت تتصرف بعيدا عن الأنظمة العالمية فقد اتاحت لنفسها ان تقصف وتحتل أي دولة دون الرجوع الى مجلس الامن الدولي او الأمم المتحدة. وقرار (AUMF) هو أحد تلك القرارات ويعني إجازة استخدام القوة العسكرية، (Authorization for Use of Military Force) ما زال فاعلا.
كانت تستخدم الولايات المتحدة الامريكية المادة الأولى / الفقرة الثامنة السلطات الممنوحة للكونغرس/ النقطة 11/ من الدستور الأمريكي والتي نصت (إعلان الحرب، والتفويض برد الاعتداء والاستيلاء على السفن والبضائع، ووضع قواعد تتعلق بالاستيلاء على غنائم في البر والبحر) في استخدامها لإعلان الحروب والتدخلات الخارجية وكان اخرها “إعلان للحرب”، عام 1942، ضد رومانيا خلال الحرب العالمية الثانية. اما ما تلاها من حروب فكانت بتفويض من الكونكرس.
الأمثلة كثيرة على تلك القرارات منها:
1 – في عام 1991، تم تشريع قانون أجاز لأمريكا استخدام القوة العسكرية في العراق خلال حرب الخليج الاولى خلال عهد جورج بوش الاب وفي العراق كان صدام حسين موجود في السلطة، وكانت اليافطة المرفوعة هي “الحرب على الإرهاب”، دون الحاجة لأخذ موافقة مسبقة. للعلم ان هذه الصياغة لهذا التفويض، لم تسمي أي حدود جغرافية، وبالتالي سمح لأمريكا بأخذ إجراءات ضد كل من “خططوا أو أذنوا أو ارتكبوا أو ساعدوا” تنظيم القاعدة في شن الهجمات الإرهابية وأولئك الذين “آووا” المهاجمين، وبالتالي مهد لشن الحرب الأميركية على أفغانستان التي احتضنت مقاتلي القاعدة. وكانت النتيجة لهذا التفويض هو 41 عملية في 19 دولة دون الرجوع لمجلس الامن.
2 – التفويض الثاني الذي منح هو في عام 2001 فيما بعد هجمات 11 سبتمبر الارهابية، واستهداف أبراج التجارة العالمية وكان هذا التفويض اعطى مساحة أكبر للقوات الامريكية حيث فوضها بإمكانية التعامل العسكري مع أي مجموعة إرهابية وفي أي مكان واينما وجدت.
3 – عام 2002، أعطيت القوات العسكرية الامريكية تفويض خاص بالعراق، وكان ذلك خلال عهد الرئيس الاسبق جورج بوش الابن، وهو التفويض لشن حرب ضد نظام صدام حسين. وكما استخدم هذا التفويض مؤخرا في يناير عام 2020، عندما أمر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بشن غارة بطائرة مسيرة في بغداد، أدت إلى مقتل القائد في الحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني.
ومن الأهم تبرير هذا القرار هو من أجل “الدفاع عن الأمن القومي للولايات المتحدة ضد التهديد المستمر الذي يشكله العراق” و”تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالعراق”. للعلم ان مايكل نايتس يعتبر العراق جزء من مهم من الامن القومي الأمريكي.
قبل يومين تم تجديد هذا القرار أي قرار التفويض باستخدام القوة العسكرية في العراق بعد عمليات شد وجذب بين الجمهوريين والديمقراطيين بين مؤيد له وبين مطالب بإلغائه، حيث كان المفروض ان القرار الانف الذكر ينتهي في هذا العام أي عام 2022، لكن للأسف تم تجديده، ويعني ان العراق أصبح مستباح لأي عمليه عسكرية تشنها أمريكا في العراق وبالتالي لا وجود لأي سيادة للعراق ولا راي لحكومته.
حيث صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أصبح مفوضا باستخدام القوة العسكرية (بان العقبات التي تعترض إعادة الاعمار المنظم في العراق واستعادة الامن والسلام في البلاد والحفاظ عليهما وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية هناك لا تزال تشكل تهديدا غير مألوفا وغير عادي للأمن القومي وللسياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية)، أي أكد ما قاله مايكل نايتس بان العراق جزء مهم من استراتيجية الأمن القومي الأمريكي،
مجلس النواب الأمريكي عمل على انهاء هذا القرار في العام الماضي أي 2021، لأنها أصبحت قديمة وعفى عليها الزمن وأصبحت مبرراتها غير موجودة وان من تبنى ذلك هم أعضاء الحزب الديمقراطي الأمريكي، فقد صوت 219 نائبا ديمقراطيا و49 نائبا جمهوريا لصالح القرار، بينما عارضه 160 جمهوريا وديمقراطيا واحدا، حيث برر المعترضون على الغاء القرار بعدم وجود بديل عن هذا القرار، ومن ثم انتقل قرار الغاء التفويض لمجلس الشيوخ الأمريكي وللجنة العلاقات الخارجية وكان التصويت هو 14 صوت للإلغاء مقابل 8 أصوات ضد الإلغاء، في حينها كان الحزب الجمهوري رافض وبشده لإلغاء القرار رغم انه اقلية في مجلس الشيوخ الأمريكي وبالتالي بقي قرار التفويض.
الخلاصة
1 – ان الولايات المتحدة الامريكية لا تعترف بل لا ترى سيادة لا للعراق ولا لأي دولة أخرى في العالم حيث استخدمت نفس القرار في استخدام القوة العسكرية في سوريا.
2 – ان وزارة الخارجية العراقية والحكومات السابقة فشلت في الغاء هكذا قرارات تمس امن وسيادة العراق.
3 – هذا القرار يجعل العراق ساحة مفتوحة لأي عمليه عسكرية مباشرة او غير مباشرة للقوات الامريكية وخير دليل اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد المهندس والجنرال سليماني في مطار بغداد، وكان المفروض استخدام تلك الفرصة لإدانة تلك العملية والعمل على الغاء هذا القرار وفرض سيادة العراق.
4 – ان أمريكا سمحت لنفسها بتنفيذ أي عمليه عسكرية بالعالم لحماية امنها القومي وتعترض على استخدام نفس المبد الاي دولة أخرى وعلى سبيل المثال العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا والذي كان لنفس المبدا وهو حماية الامن القومي الروسي.
5 – ام أمريكا ترى العراق جزء مهم من امنها القومي الأمريكي وهذا ما صرح به الرئيس بايدن وكذلك صرح به اخرون مثل نايتس.
6 – هذا القرار هو صفعة للذين يرون ان الجيش الأمريكي في العراق هو لحماية امن وسيادة العراق فالقرار بين انه لحماية امن وسيادة أمريكا، ومن المضحك المبكي ان أمريكا تبعد عنا الاف الكيلومترات وبالتالي الامن يعني امن إسرائيل.
6 – على الحكومات القادمة ان تعمل لالغاء هذا القرار وفرض سيادة العراق امام أمريكا او أي اعتداء اخر.