حزب الله في خطر هو مقال قديم، للمرة 6845 اقول واردد هذا المقال نشر منذ 7 سنوات ويتم تداوله اليوم على انه نشر جديد لشدة مطابقته للواقع، اكرر الرجاء هيدا المقال نشر قبل سنوات يمكنكم مراجعة الانترنت، المقال قديم قبل سنوات.
نعم إن حزب الله في خطر، فهو يمر بأدق مرحلة سياسية محلية إقليمية ودولية قد ترسم علامة استفهام حول أدائه السياسي كلاعب أساسي في رسم خطوط الطول والعرض بالإضافة إلى الخطوط الحمراء بالمنطقة.
وكنت قد حذرت في مقالات سابقة من خطورة العماد ميشال عون وطريقة تفكيره السياسي على حزب الله، ولكن للأسف لم ينصت إلينا أو يستمع إلى ما طرحناه، مع العلم أن ما اطرحه هو بسبب خوفي من الوضع المتفجر بالمنطقة طائفيا وإقليميا وهشاشة الكيان اللبناني الذي لا يستطيع أن يتحمل تبعات ما يجري، حتى وإن عملت أمريكا مع بعض دول القرار السياسي في العالم على تحييد لبنان المتغيرات الحاصلة بالشرق الأوسط. فإن المتغير حاصل بسبب مشاركة حزب الله الفعالة في الحرب الدائرة داخل الأراضي السورية، وكما أكسبته هذه الحرب بعدا إقليميا أيضا أكسبته عداوة طائفية وعرقية تضاف إلى لائحة أعدائه السابقين عسكريا (إسرائيل + الطائفية + التطرف والإرهاب) سياسيا (معاركه الداخلية نيابيا وتحالفات + بالإضافة إلى إلغاء بعض دور العائلات والزعامات التقليدية)
أن العاملين العارفين بالسياسة يعلمون علم اليقين بأن الجنرال عون بحال وصوله إلى سدة الرئاسة لن يكون قادرا على خدمة حزب الله سياسي أو طرح أية حلول تنطوي على معادلة عربية أو إقليمية بحال حدوث متغير إقليمي، فإن الجنرال عون المحسوب مسبقا على قوى الثامن من آذار عموما وحزب الله خصوصا تعتبر طروحاته منحازة ومرفوضة بحكم انتمائه السياسي وولائه لمن أوصله لسدة الرئاسة ناهيك عن تداعيات سنوات عمره التي تجاوزت 83.
كما أن الجنرال عون الذي استطاع وبشكل ملحوظ أن يلف شباكه حول حزب الله بطريقة أصبحت واضحة للجميع من خلال فتح عدة جبهات أوصلت حزب الله إلى نقطة إلا عودة إن كان أمام الرأي العام أو أمام وضوح خيارات حزب الله التاريخية (الوفاء بالعهد والوعد)، وأول هذه الجبهات التي فتحها الجنرال عون هي مع الحليف الأخوي لحزب الله وهو دولة الرئيس نبيه بري حيث شاهد الجميع عون وهو يخوض معركتين شرستين ضد الرئيس بري في عقر داره بالجنوب وقد استطاع أن ينتزع منه أكثر من مقعد نيابي بطريقة كسر العظم وبخطاب أقل ما يقال عنه بأنه خطاب طائفي تحريضي ضد الرئيس بري وخصوصا في منطقة جزين، مع العلم بان الرئيس بري لم يفرض يوما على مسيحيي الجنوب أو يلزمهم بأي قرار سياسي، مما خلق أزمة وان بقيت جمرا تحت الرماد مع مناصري الرئيس بري الذي يحاول أن يتجاوز الأزمة بحنكته السياسية المعهودة مع الحفاظ على ماء وجهه والإيحاء بأنه ما زال مسيطرا بالجنوب وعراب التعايش الإسلامي المسيحي الممسك بالقرار السياسي الشيعي بالاتفاق والتراضي مع حزب الله تزامنا مع دوره الوطني من خلال رئاسة المجلس النيابي، دون التنازل عن رفضه المطلق لانتخاب الجنرال عون رئيسا للجمهورية وهو لا يخفي أو يبطن هذا الكلام ومع ذلك يصر حزب الله على توضيح هذه النقطة بان مرشحه الوحيد للرئاسة هو الجنرال عون، وعلى الرغم من خطورة المعادلتين إعلاميا ضمن البيت الواحد أي حزب الله وحركة امل الا ان الجنرال عون مصر على اشهار عداوته للرئيس بري والنيل منه بكافة السبل المتاحة واخرها تعطيل الحوار دون ان يأخذ بالحسبان دعوة حليفه حزب الله الى ضرورة هذا الحوار مما سمح له بضرب عصفورين بحجر واحد والايحاء للرأي العام بان حزب الله يواجه الرئيس بري من خلال إصراره على ترشيحه، وان كان هذا الكلام لا يقال بالسياسة الا انه حديث العوام، وهنا علينا ان نلحظ موقفا مؤيدو الجنرال عون الذين يتهجمون على الرئيس بري وانصاره وهم شيعة كما علينا ان نسمع ما يردده انصار بري اتجاه حزب الله وهم أيضا شيعة مختلفة بالرأي مع فريق شيعي اخر، والسؤال الكبير هل يستطيع حزب الله ان يتحمل تبعات هذا الاختلاف في الوقت الراهن.
كما استطاع الجنرال عون وبنفس الوتيرة أن ينال من حليف حزب الله المسيحي والممسك بالخاصرة الشمالية سياسيا وعسكريا وأعني به هنا الوزير سليمان بيك فرنجية من خلال تهميشه ومحاولة إضعاف شخصيته وتحويله إلى أقلية مسيحية مع العلم أن الوضع المتفجر في تلك الخاصرة الرخوة يتطلب من الجنرال عون الذي يعتبر نفسه زعيما مسيحيا أن يعمل على تعزيز دور مسيحيي الشمال وخلق المناخ الأمن سياسيا ليثبتهم بأرضهم، ناهيك عن دوره كحليف لحزب الله فهو ملزم بان يقدم بعض التنازلات حفاظا على دور سليمان بيك فرنجية لا أن يرسل الوزير باسيل ليقزم ألبيك أمام الرأي العام بمحاولة لخلق صراع مسيحي مسيحي يكون الخاسر الأكبر منه هو حزب الله.
ومن يعتقد بان الجنرال عون توقف عند هذا الحد فهو مخطئ بل عمل الجنرال عون جاهدا على خلق بيئة مسيحية مناهضة لحزب الله في المرحلة اللاحقة من خلال تحالفه مع القوات اللبنانية حيث يعلم ويدرك الجنرال عون خطورة تحالفه مع القوات اللبنانية وخصوصا وهو في العقد الثامن وبأنه في حال رحل عن هذه الدنيا وهنا نقول الأعمار بيد الله وبعد عمر طويل فأنا لا أضمر شرا لأحد بانت غالبية من هم في التيار الوطني الحر أو من أنصاره سوف يلتحقون بالقوات اللبنانية اقله سياسيا لسببي الأول وهو أن الجنرال عون الذي قام بالتحالف مع القوات قد أعطاهم صك براءة لا لبث فيه بانت القوات اللبنانية كانت على حق بقرارها السياسي كما أنه ومن خلال التحالف يكون قد اعترف بان وريثه الشرعي هو الدكتور جعجع وبانت القوات اللبنانية هي العمود الفقري للمسيحيين، وجميعا نعرف موقف القوات اللبنانية من حزب الله، أما السبب الثاني فيتعلق بانت قيادة التيار الوطني الحر برئاسة الوزير جبران باسيل لا تمتلك تلك الكاريزما التي تسد الفراغ الذي سيتركه الجنرال عون مما يعني بان الطريق سالكة ومعبدة باتجاه القوات اللبنانية.
ولا تنته فصول ترشيح الجنرال عون هنا بل تتعداه إلى أبعد من ذلك بكثير، فإن إصرار حزب الله على ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، رغم الاعتراض السني في لبنان وعلي رأسهم تيار المستقبل جعل من حزب الله خاسرا في كلتا الحالتين، في الحالة الأولى فإن وصلا عون سوف يعتبر الرأي العام السني بأن حزب الله هزمه سياسيا وفرض عليه مرشح هو لا يريده بسبب مواقفه اتجاه قياداته ولا سيما كلام الجنرال عون عن الشيخ سعد الحريري وسابقا ما قاله بحق الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبقية القيادات ومنها اتهامهم بالسرقة والرشوة وتعميم الفساد وكتاب الإبراء المستحيل خير دليل، وهذا الأمر ندرك مخاطره في ظل الأجواء الطائفية المشحونة عربيا وإقليميا، والحالة الثانية هي أن القيادات السنية لا تأمن للجنرال عون الذي خذلها حين أقال رئيس الحكومة السني الشيخ سعد الحريري عند باب البيت الأبيض مما شكل نكسة لا قيامة بعدها لابن الشهيد رفيق الحريري.
وفي ختام هذا المقال هل يستطيع حزب الله أن يقدم على ترشيح الجنرال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية على الرغم من كل ما ورد وتداعيات وصوله إلى بعبدا، مع التأكيد والسؤال هل هناك من يضمن الجنرال عون بحال وصوله إلى بعبدا ان لا يتخذ مواقف قد تتعارض مع سياسة حزب الله وهو المعروف عنه كما أن تاريخه يشهد بأن لا ثوابت يتوقف عندها أو يلتزم بها وخصوصا بظل قراراته التي اتخذها في أكثر من مكان وزمان، كما أن انقلابه على الكثير من الأفكار التي طالما نادى بها، حتى القرار 1559 الذي تفاخر مرارا وتكرارا بأنه أمة وأبوه وعرابة.
حزب الله في خطر حقيقي وقد لا يكون هذا الخطر عسكريا ولكن اقله هو خطر سياسي تكتيكي استراتيجي، فالتاريخ سوف يسجل كيف غفل حزب الله عن كل هذه النقاط وهي نقاط لا تليق بحزب يعتبر نفسه حزبا إقليميا وبأنه أحد صناع القرار بالشرق الأوسط.