شؤون اقليمية

البرنامج النووي السعودي

  متابعات / مركز تبيين للدراسات

في ظل المتغيرات الكبرى التي يشهدها النظام الدولي والإقليمي، تسعى السعودية إلى تطوير برنامجها النووي للأغراض “السلمية” بحسب ما تُعلن.

وزعمت وجود أكثر من 90 ألف طن من اليورانيوم على أراضيها، رغم وجود تقارير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفيد بأن الكميات التي تم تحديدها كاحتياط لا تكفي للتعدين اللازم لإنتاج الطاقة النووية.

من هنا يطرح العديد من الباحثين وصنّاع القرار في الولايات المتحدة وحتى الدول الحليفة عن الأسباب التي تدفع السعودية وراء امتلاك برنامج نووي “سلمي”، لذا سنحاول رصد بعض الآراء حول قضية امتلاك السعودية للبرنامج النووي هذا. وسنطرح استنتاج في بعد عرض الآراء نبين فيها الموقف العام وأسبابه الواقعية.

الولايات المتحدة تدرس ما إذا كان البرنامج النووي السعودي يمكن أن يؤدي إلى جهود صنع قنبلة

قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها، أن الولايات المتحدة تدرس ما إذا كان البرنامج النووي السعودي يمكن أن يؤدي إلى جهود صنع قنبلة، وأن وكالة الاستخبارات الأمريكية تراقب ما إذا كان عمل السعودية مع الصين لتطوير الخبرة النووية هو غطاء لمعالجة اليورانيوم والتحرك نحو تطوير سلاح.

السعودية طلبت موافقة الولايات المتحدة على برنامج نووي مقابل التطبيع

قال دبلوماسي لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في الشرق الأوسط أنه بالنظر إلى مخاوف إدارة بايدن من أن برنامجا نوويا سعوديا يمكن أن يزيد من تسريع سباق التسلح النووي في المنطقة، فقد اقترحت الرياض تطويره بالتعاون الكامل مع الولايات المتحدة والموافقة على المراقبة والتفتيش الأمريكية، مع الاعتراف بأن واشنطن لم تقتنع بالفكرة بعد.

ومما يزيد من تعقيد الجهود، أن السعودية تشترط أيضا اتفاقية تطبيع مع الكيان الصهيوني بتوسيع كبير للعلاقات الدفاعية مع الولايات المتحدة، بما في ذلك نظام ضمانات لمنع الإدارات المستقبلية من الانسحاب من صفقات الأسلحة التي يتم التوقيع عليها بالفعل، على حد قول الدبلوماسي.

رفض إسرائيلي لمطالبة السعودية بمنشأة نووية مقابل التطبيع

صرّح وزير الطاقة في الحكومة الإسرائيلية لصحيفة يديعوت أحرونوت أن “الكيان الصهيوني لا يشجع على تفعيل البرنامج النووي السعودي كشرط مقابل التطبيع بين البلدين” وأشار إلى أن “الكيان الصهيوني يخشى احتمال قيام السعودية، أو أحد جيرانها الآخرين في الشرق الأوسط، بتطوير قنبلة نووية تحت غطاء البرنامج المدني”.

ثمن التطبيع مع إسرائيل

يقول الباحث في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) يوئيل جوزانسكي أن للكيان الصهيوني مصلحة واضحة في ضمان تعاون السعوديين مع الولايات المتحدة في الأمور النووية، وليس مع الصين أو روسيا.

ويضيف “الكيان الصهيوني لا يحتاج إلى الاعتراض من حيث المبدأ على البرنامج النووي المدني في السعودية”.

وأكد جوزانسكي بأن “التطبيع مع السعودية هدف مهم، وعلى الكيان الصهيوني أن ينظر في التنازلات من أجل تحقيقه”.

ولفت الباحث معهد دراسات الأمن القومي بأن على “الكيان الصهيوني أن يزن بعناية ثمن اتفاقية سلام محتملة مع السعودية، إذا كانت تتضمن نشاطًا نوويًا سعوديًا يتجاهل المعيار الذهبي” حسب تعبيره.

وشدد على أنه على الكيان الصهيوني “أن يعطي الأولوية لتنظيم علاقاته مع السعودية وأن يكون مستعد لتقديم تنازلات، ولكن ليس في القضايا النووية”.

 

تحليل:

في متابعة المصادر الرسمية وغير الرسمية حول الملف النووي السعودي، يظهر أن لا رأي واضح ومباشر للإدارة الأمريكية سواء لرفض المقترح السعودي أو القبول به، وهذا ما يحسب على موقف الكيان المؤقت كذلك. غير أن التصريحات غير المباشرة والتقارير الصحفية قد تأتي ضمن سياق ضغط المفاوضات بين الأطراف المعنية أو توجيه رسائل.

من هنا يمكن تلخيص أهم الأسباب التي قد تحول دون القبول الأمريكي أو الإسرائيلي بتفعيل المسار النووي السعودي:

1: التفوق النوعي الاستراتيجي الذي يحاول الكيان المؤقت أن يحافظ عليه حتى مع الدول المطبعة معه، وذلك بسبب مخاوفه من التغيرات والتحولات المستقبلية في المنطقة وفي هذه الأنظمة بالذات.

2: إن تفعيل البرنامج النووي السعودي سيزيد لا محال من سباق التسلح النووي في المنطقة، وسيُعقّد من مسار المفاوضات في الملف النووي الإيراني.

3: الضغط العربي خصوصًا من بعض الأطراف الخليجية التي لن تقبل بخيار تطوير الملف النووي في المملكة العربية السعودية.

غير أن الأسباب التي قد تدفع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان المؤقت إلى القبول بالملف النووي السعودي هي:

1: قد يؤدي عدم تفعيل البرنامج من قبل الولايات المتحدة الأمريكية إلى زيادة الاستثمارات الصينية في السعودية، خصوصًا بعد إشارة البيان المشترك بين الرئيس الصيني والملك سلمان بـ “التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية”. وهو ما عبر عنه الباحث يوئيل جوزانسكي في مقال له في معهد INSS بقوله “لإسرائيل مصلحة واضحة في ضمان تعاون السعوديين مع الولايات المتحدة في الأمور النووية، وليس مع الصين أو روسيا”.

2: حاجة الكيان المؤقت إلى التطبيع مع السعودية، خصوصًا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، وما يمكن أن يعكس هذا التطبيع على توازنات المنطقة. إضافةً إلى الحاجة الأمريكية إلى احتواء تزعزع العلاقات بينها وبين المملكة العربية السعودية في الفترة الماضية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى