
إخبارية ثقافية عن الميادين نت: يتفاعل الشره الإسرائيلي للتطبيع، في وقت يحمل في أحشائه النقيض، بما يعيد عمليات التطبيع نحو مربّعها الأول، فالتمسّح بنبيّ الله إبراهيم، لتجاوز الإنكار اليهودي لنبوّة عيسى ومحمد عليهما السلام، يصعب تمريره على دور الفتوى.
عربة مع “تل أبيب” سنة 1994، وقد اعتبرها سلاماً بين أبناء العمومة من لدن نبيّ الله إبراهيم، فهل هذا اللجوء الذي تطوّر للدمج في بيت واحد مع اليهود والنصارى، مجرّد ساتر ومبرّر للتطبيع، أو يحمل في طيّاته مشروعاً يستهدف عموم الأمة؟
“مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”، فما بين الإسلام وغيره مطلق التوحيد أو هو الشرك الذي يمنع وحدة الدين بين هؤلاء الثلاثة، لما هو حرية الاعتقاد وفق التصوّر القرآني، وهي حرية قائمة على الضمير الإنساني في اختبار الحياة الدنيا “فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”. فحرية الاعتقاد مكفولة، لكنها ليست وحدة اعتقاد بحال، ما دام الخلاف الجذري قائماً في ذات الله، وهو خلاف لا يمنع التعايش الإنساني والتراحم الاجتماعي، مع ضرورة المجادلة بالتي هي أحسن بما يفتح آفاق الروح والعقل والقلب.
تجاوزت اتفاقات أبراهام البعد السياسي الصرف، الذي قدّمت له اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر، وأوسلو مع منظمة التحرير، ووادي عربة مع الأردن، وهو تجاوز يراد منه عبور قنطرة الصلح مع المحتل الإسرائيلي، على خطورته، لما هو التزييف الديني والتمييع العقائدي، بما لا يطال اليهودي بحال، وهو يتربّع على عرش أسطورته، يفتّش تحت المسجد الأقصى عن هيكل سليمان، لتثبيت دعائم روايته الدينية/التاريخية.
يأتي التمييع والتزييف العقائدي بالضرورة، كأثر لاتفاقات أبراهام، باعتبار الإسلام ضامناً وحدوياً للأمة، وكل عبور على حساب الأمة يتطلب إضعاف اعتزازها بدينها كضامن لوحدتها، بما يساعد على بسط تل أبيب لكامل أسطورتها التوراتية لما بعد خيبر أو هي “دولتك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات”، خاصة في ظل صعود غلاة الصهيونية الدينية. ولعل ما يفسّر هذه الضرورة؛ إلحاح نتنياهو على ضم السعودية لهذه الاتفاقيات، بما تمثله من مظلة إسلامية دينية، والتعاطي السعودي المبدئي مع تل أبيب، عبر مقدمات عديدة، كالسماح لطيرانها باستخدام الفضاء السعودي، والتلميح الدائم لإمكان التحالف معها ضد إيران.
يتفاعل الشره الإسرائيلي للتطبيع، في وقت يحمل في أحشائه النقيض، بما يعيد عمليات التطبيع نحو مربّعها الأول، فالتمسّح بنبيّ الله إبراهيم، لتجاوز الإنكار اليهودي لنبوّة عيسى ومحمد عليهما السلام، يصعب تمريره على دور الفتوى، لهذا أدان الأزهر في القاهرة، كما لجنة الإفتاء في مكة، وحدة الأديان أو الديانة الإبراهيمية، وهو ما صدر أيضاً عن الكثير من المرجعيات الإسلامية في طهران ومسقط والدوحة والدار البيضاء، وشتى البلدان الإسلامية.
جاء الافتتاح الإماراتي للبيت الإبراهيمي يتيماً مكشوفاً، كحال الوفد الإسرائيلي في مونديال قطر، ولعل تصاعد الوحشية الإسرائيلية في القدس وجنين ونابلس، مع بروز الشعار التوراتي اليهودي في التوسّع الاستيطاني، أو محاولة ضم الضفة الغربية في ظل هيمنة اليمين الديني، وتوالي الاعتداءات الإسرائيلية ضد أكثر من بلد عربي وإسلامي، ستؤدي إلى تقليص فرص هكذا خديعة، حتى لو تبوّأ الحبكة فيها أساطين الخبث العالمي في واشنطن ولندن وتل أبيب
@akhb_thaq مركز الإسلام الأصيل