شؤون اقليميةمقالات

الكرامة والدفاع المشروع عن النفس قراءة شرعية وأخلاقية لقضية تدفعك إلى النفاذ نحو المقاومة.

كتب إسماعيل النجار،،

تصاعدت الأسئلة لدى قطاعات واسعة من المجتمع المتحضر إسلامياً وعربياً يسأل ماذا يريد منا المطبعون؟ هل يطلبون منا أن نتخلى عن كرامتنا وحقوقنا لمجرّد رغيف خبز؟
في قلب هذا الجدل يقف مطلبٌ واحد لا يزول هو حقُّ الأفراد والأمم في الدفاع عن أنفسهم، عن أرزاقهم وأعراضهم. لكن كيف يقرأ الإسلام هذا الحقّ؟ وهل يبيح النصّ الديني العنف بلا قيود؟ هذه قراءة إسلامية ووطنية تجمع بين نصوص القرآن، ومقاصدها الأخلاقية، والضوابط الشرعية التي تؤطّر مفهوم الدفاع والمقاومة.
في القرآن الكريم جواز الدفاعٍ عن النفس مشروط، ونهي عن الاعتداء
الكتاب الكريم لم يترك مجالاً للتأويل الخاطئ؟ القتال مُسنَد إلى من يُقاتَلون، ولكنه مقرون بشرطِ عدم الاعتداء. قوله تعالى «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا» (سورة البقرة) هذا يؤكد مبدأً أساسياً أن القتال هو رُدٌّ على العدوان الذي يتعرض له المسلم وغير المسلم، ولا وسيلةً للتوسع أو الظلم. كما جاء في سياقٍ آخر: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» (سورة الحج)، ما يجعل الجواز مرتبطًا بحالة الظلم والاعتداء الواقعي كما حصل مع الفلسطينيين ومحوَر المقاومة المساند لهم نُصرةً لقضيتهم العادلة،
لا بالتحريض أو المزاعم المجردة التي تطلقها أميركا وإسرائيل والغرب ضدهم وضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
إلى جانب ذلك، تحمّل آياتٌ مثل: «وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ…» (سورة النساء) الأمة مسؤوليةً أخلاقية لنصرة المظلوم. لكن هذه المسؤولية محكومة بآليات مشروعة ومحدّدة تحفظ المجتمع من الفوضى وتحمي المدنيين. والضوابط الشرعية والأخلاقية واضحة
النصّ القرآني وقراءة الفقهاء عبر التاريخ ترسّخان بعض القواعد التي لا يجوز تجاوزها.
* الشرعية في القرار لتحرير الساحة من الفوضى يمرّ عبر جهاتٍ ومرجعياتٍ مؤهلة قانونياً وسياسياً؛ ليس لأي فرد أو جماعة أن تُعلن حالة حرب من دون أسباب ككا تفعل أميركا ومَن يقف ورائها!. إن منع الاعتداء والتمييز هو الأصل في الشريعة وهو حفظ النفس والأعراض والمال؛ ولذلك يُحرم تعمّد إيذاء المدنيين والعزل كما تفعل قوى الإستكبار العالمي ضد الضعفاء.
إن أي فعل عسكري يجب أن يكون متناسباً ومبرَّراً بالضرورة فقط، لا بهدف الانتقام الأعمى أو الإضرار بالبنية الاجتماعية للآخرين لغايات إنتقامية أو لأهداف السيطرة على الثروات والمقدرات والنهب.
إن قبول السلام حين يُعرض لا يكون على الطريقه الإسرائيلية! فإن النصوص تدعو إلى قبول الصلح إذا توفّرت شروطه العادلة وليس كما يحصل الآن في قطاع غزة مع الفلسطينيين، لأنّ السلم أصلاً واحداً من مقاصد الشريعة.
هذه الضوابط ليست ترفاً نظرياً، بل حماية عملية للمجتمع من الانهيار وللأجيال القادمة من تبعات العنف اللآ مبني على قانون أو أخلاق.
إن إتباع منهج المقاومة المنضبطة؛ هو البديل الواقعي لحفظ الكرامة؟
المواجهة يجب أن لا تقتصر على السلاح وحده. إن الحفاظ على الكرامة والحقوق يمرّ عبر مزيج من السبل المشروعة مثل؛
الدفاع المشروع عندما يواجه الناس اعتداءً مباشراً بالسلاح، فحقّ الدفاع مشروع بشروط الشريعة والقانون الدولي أن يكون الرد بالسلاح.
السياسة والقانون البناء المؤسساتي، والقضاء المستقل، والمؤسسات الأمنية مسؤولة، والدبلوماسية يجب أن تكون فعّالة عندها تعتبر خط الدفاع الأول عن المواطنين.
المقاومة المدنية مشروعه ضمن إطار حملات توعية، والضغط الشعبي، والمقاطعة السياسية أو الإقتصادية، وفضح الانتهاكات في المحافل الدولية؛ كلها أدوات فعالة تُضعِف مشروع المعتدي بلا تجاوزات إذا كان هناك عدالة دوليه وإلا فالسلاح سيبقى متصدراً كل الوسائل والإحتمالات.
الاعتماد الاقتصادي والتضامن تأتي من خلال تقوية الاقتصاد المحلي وتقوية شبكة الضمان الاجتماعي لتُقلّل من قدرة الطرف الآخر أي العدو على ابتزاز الشعوب.
الأخلاق والدعوة إلى خطابٌ ينبني على العقل والحقّ والموعظة الحسنة يقطع الطريق على الأساليب الدعائية التي تهوّن أو تبرر الظلم. النصرةٌ يجب أن تكون بلا فوضى، وحفظ الكرامةٌ بلا استباحة من القوى الكبرى للضعيف!.
المقاربة الشرعية تؤكد أن نصرة المظلوم واجبة، والدفاع عن الكرامة مشروعة، بشرط أن لا يسمح بالانزلاق نحو الاعتداء أو الفوضى كما تفعل إسرائيلوأمريكا وبعض الأنظمة ضد بلاد المسلمين.
الأمة مطالبة بأن تحمي نفسها بوسائلٍ تراعي الضوابط الشرعية والقانونية والأخلاقية، وتعمل على توحيد القوى السياسية والاجتماعية لبناء أدوات حماية حقيقية مثل مؤسسات قانونية، واقتصاد مرن، ضغط حقوقي ودبلوماسي، وحملة إعلامية فاعلة تكشف الوجه الحقيقي للعدوان والهيمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى