ثقافيةعراقية

المجتمع وبناء السلطة

م.م هاني مالك العسكري - مركز تبيين للتخطيط والدراسات الستراتيجية

يجب علينا ان نفهم وبشكل واعي حقيقة السلطة وعلاقتها بالمجتمع فالأساس الاخلاقي والعقلي للسلطة يقوم على فلسفتين .

الفلسفة الاولى: ان تكون وظيفة السلطة خدمة الشخص المتسلط ومصالحه وتحقيق حضوره في المجتمع ,وتأكيد وجوده السلطوي بما له من قدرة على الامر والنهي والزجر والارغام وكل مظاهر التسلط , ويصبح الحاكم يغذي نفسه بالإذعان والخضوع والطاعة من قبل المجتمع . وهذا بالتأكيد يؤدي الى اختزال المجتمع وعليه تكون وضيفة السلطة الاساسية هي تغذية نفسها وتدعيم مراكزها . اما وضيفة المجتمع فهي ان تجعل سلطة الحاكم حقيقة راسخة وصلبة غير قابلة للكسر والتغيير وبهذا المفهوم تصبح السلطة اقوى من المجتمع وقابضة على زمام حياته في جميع وجوهها ويصبح المجتمع مرتهن لإرادة السلطة ومرتهنا لها ولفهمها للأمور ونزواتها وهذا المفهوم يساوق الطغيان .وهنا يصبح المجتمع غائبا عن التاريخ غير قادر على مواجهة عواصف التغير وتجعله ينسلخ عن وضيفته الاساسية.

الفلسفة الثانية : وهي الفلسفة التي تقتضي ان تكون وضيفة السلطة هي رعاية المجتمع الذي هو موضوع السلطة بما للسلطان او الحاكم من قدرة على الامر والنهي ووفقا لهذه الفلسفة تصبح السلطة وسيلة وليست مطلبا ذاتيا للحاكم وان الطاعة التي يحصل عليها من المجتمع لا تغذي حضوره وسلطته ولا تنميها ولا توسعها وانما هي مظهر للتفاعل بين الحاكم والمجتمع بما يحقق الرعاية وحفاظ المجتمع ويكون الحاكم في هذه الفلسفة حقيقة كبيرة تقاس بمقدار ما يكون امينا لوظيفته باعتباره راعيا للمجتمع. ومهما كان فلا يمكن ان يكون اكبر من المجتمع بل سيبقى المجتمع هو الحقيقة الداعمة له يستمد منها شخصيته وقدرته وارادته على التغير بما يحفظ للمجتمع قوامه وهذا المفهوم يساوق العدالة وهنا يصبح المجتمع حاضرا في التاريخ ويصنعه بتفاعله مع الواقع والاحداث وقدرة الحاكم على صياغة المفاهيم والقيم التكاملية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى