ثقافية

(النوع الاجتماعي).. الخروج عن الفطرة الانسانية

بقلم : د . سعد ابراهيم

يعد الامريكي جون ماني (1921-2006) وهو عالم متخصص في علمي النفس والجنس، أول من أوجد مفهوم (النوع الإجتماعي) او ما يعرف بالجندر، بديلا عن الفهم المعروف الذي يعتمد الفارق البايلوجي لتصنيف رجل – إمرأة  وذلك في سلسلة دراسات ومقالات نشرها في خمسينات القرن الماضي، وكرس حياته العلمية لترويج فهمه هذا وهو اول من قال ان الهوية الجنسية للأنسان تحددها الظروف الاجتماعية وان الجنس تعلّم وليس فطرة. هذه الاراء الغريبة ساعد على انتشارها تقبل المجتمع الامريكي المنفلت من قيم ماقبل الحرب العالمية الثانية، وهو يعيش اجواء نوع موسيقي جديد يعرف بالسولو وهو مزيج من موسيقى الجاز والبلوز والاغاني الكنسية السوداء  وهو طراز موسيقي انتشر بسرعة في الولايات المتحدة وحول العالم يضاف الى ذلك الموجة القوية من المطالبات بالحقوق المدنية مدعومة بثورة الازياء التي احدثها الشاب ايف سان لوران بتصاميم  لفساتين قصيرة وهو ما لقي اقبالا من الفتيات في اوربا والولايات المتحدة بعد ان اعادت هوليوود تسويقها من خلال نجمات تلك الحقبة امثال اليزابيث تايلور واودري هيبورن وغيرهن من نجمات الشاشة ممن ينظر اليهم على انهن شعار للتحرر من القيود الاجتماعية والاقتصادية وحتى القيمية.

والغريب ان طرح ماني القائم على اساس ان الجنس تعلم وليس فطرة وان الهوية الجنسية هي ليست الا ما يقوله الانسان عن نفسه والتي تضمنها كتاب (التحول الجنسي وتحديد الهوية الجنسية) شجع كثيرا على انتشار الجراحات الجنسية ولم يترك ماني هذه الفرصة اذ كان من بين اوائل من افتتح عيادة (جون هوبكنز) للجراحات الجنسية منتصف الخمسينات بالتعاون مع احد الجراحين. ولعل واحدة من فضائح ماني (توفي عام 2006 عن 75 عاما بعد اصابته بمرض الشلل الرعاش) التي كشفت زيف مفاهيمه النظرية وبطلانها هو تجربته التي اجراها على الطفل بروس ديفيد بريمر  فقد اقنع ماني عائلة بروس ،احد الاطفال الرضع الذي فقد جزءً من عضوه التناسلي  اثناء عملية ختان باجراء عملية جراحية لتحويله الى انثى وقام فعلا باجرائها،  بدأ ماني يعامل الطفل بروس كفأر مختبر وتمت معاملته على انه انثى وتم تغيير اسمه من بروس الى بريندا في اطار فهم ماني (نموذج تربية الجنس الامثل) وعاش الطفل تحت تجارب ماني حتى اصبح مراهقا، واجبر ماني بقسوة ووحشية -بحسب جون كولابينتو – الذي كتب سيرة الطفل بروس- كلا من بروس وتوأمه براين على مشاهدة مواد اباحية واجبارهما على الاتيان بافعال جنسية بالقوة غير ان حياة بروس انتهت بالانتحار  وهو في سن 38 عاما فيما انهى توأمه براين حياته باطلاق النار على نفسه.

في هذه البيئات اللاهثة خلف كل ما هو غريب تلقف منظرّوا ومنظرّات الحركة النسوية (Feminist) هذا المصطلح لنجد انفسنا امام تقسيم (رجل-إمرأة- نوع ثالث-نوع رابع.. الخ) وللاسف فان المنظمات الدولية والكثير من منظمات المجتمع المدني وحتى الحكومات العربية في برامجها الاجتماعية ذات الصلة تبنت مفهوم النوع الاجتماعي والاغرب ان الباحثين العرب عموما تبنوا مصطلح (النوع الاجتماعي) في ابحاثهم بدلا عن مصطلح الجنس الذي يحدد بدقة مفهوم الرجل والمرأة.. دون ادراك منهم ان مفهوم (النوع الاجتماعي) هو الاساس النظري الذي قامت عليه حركات الشواذ المعروفة بمجتمعات الميم او المثلية.

ان فكرة التمييز بين الرجل والمرأة في الاسلام لا تقوم على اساس النشأة الاجتماعية بالتأكيد، بل لا تقوم حتى على اساس الفارق البايلوجي، بل ان نقطة الانطلاق في ذلك هي النفس كما قال جل شأنه في مفتتح سورة النساء ((يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا)). سورة النساء الاية 1.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى