الشيخ حسن مرعب بين تقلبات مواقفهِ السياسية وخطر إشعاله فتنة مذهبية في لبنان!.
كتب إسماعيل النجار

يشهد لبنان منذ سنوات محاولات متكررة لضرب وحدته الداخلية وإثارة الفتن المذهبية، وذلك في إطار مخططات خارجية تقودها قوى إقليمية ودولية تسعى إلى إضعاف المقاومة الإسلامية واستنزافها من الداخل. وفي هذا السياق، برزت تصريحات شيخ من دار الفتوى في بيروت يدعى حسن مرعب هاجم فيها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في محاولة منه لوضع دار الفتوى والطائفة السنيّة الكريمة في مواجهة مباشرة مع الطائفة الشيعية في لبنان، وهو أمر في غاية الخطورة ويخدم من دون شك المشروع الإسرائيلي ـ السعودي ـ الأميركي القائم على تأجيج الصراع السني الشيعي في المنطقة.
تقلبات المواقف للشيخ حسن مرعب مقلقه واللافت أنه لم يحافظ على ثبات في خطابه السياسي والديني، بل أظهر تناقضات واضحة تثير الريبة حول حقيقة توجهاته وأهدافه منها!.
في معركة الإسناد لغزة، أشاد مرعب بالمقاومة الإسلامية وبما قدمته من تضحيات دفاعاً عن لبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وهو موقف أثار حينها غضب دار الفتوى وبعض المرجعيات الدينية التي هددته بالطرد من صفوفها. واليوم، انقلب مرعب على موقفه السابق تماماً، فاندفع في هجومه على أحد أبرز رموز المقاومة الشيخ نعيم قاسم، متهماً حزب الله بإثارة الانقسام! والمفارقة أن دار الفتوى صمتت أمام هذا الانقلاب، رغم أن خطابه الحالي يفتح أبواب الفتنة الطائفية على مصراعيها.
هذا التناقض يعكس، بحسب متابعين، انجرار الشيخ مرعب خلف أجندات سياسية وإعلامية مدفوعة من الخارج، لا سيما أن مواقفه الأخيرة تتماهى مع خطاب التحريض الذي تبثه بعض العواصم الإقليمية، وفي مقدمتها الرياض وتل أبيب، واللتان تعملان على استغلال الساحة اللبنانية لتصفية حساباتهما مع إيران وحلفائها.
خطورة الخطاب التحريضي للشيخ مرعب إنه وضع الطائفة السنيّة الكريمة في مواجهة الطائفة الشيعية، عبر المنابر الدينية والإعلامية، ما يعني رغبته في تفجير صراع مذهبي يهدد السلم الأهلي الهش في لبنان. والطائفة السنيّة في لبنان أثبتت عبر عقود أنها شريك أساسي في بناء الدولة والمقاومة، وليست في وارد الدخول في حرب عبثية ضد إخوتها الشيعة. والطائفة الشيعية بدورها أكدت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تعرضت لهجوم ممنهج يستهدف وجودها أو رموزها.
وبالتالي، فإن ما يفعله الشيخ مرعب هو لعب بالنار ولا يمكن وصفه إلا بمحاولة إشعال نار فتنة مذهبية ستكون عواقبها وخيمة على الجميع، قد تفتح الباب أمام تدخلات إسرائيلية وأميركية مباشرة لتدمير ما تبقى من وحدة داخلية.
صمت دار الفتوى المريب نضع حوله علامات استفهام كثيرة!. والمثير للاستغراب أن دار الفتوى، التي سارعت سابقاً إلى تهديد مرعب بالطرد عندما أثنى على المقاومة، صمتت اليوم أمام هجومه التحريضي الخطير. وهذا الصمت يطرح أكثر من علامة استفهام؟؟؟؟؟؟ فهل تقبل الدار أن يُستخدم مرعب منبرها لتأجيج الفتنة بين المسلمين؟ ولماذا لم تتحرك لوقف خطاب التحريض الخطير الذي يتبناه مرعب رغم معرفتها المسبقة بخطورته؟
لذلك إن مسؤولية دار الفتوى الوطنية تفرض عليها أن تنأى بالطائفة السنيّة عن الانجرار خلف مشاريع خارجية مشبوهة، وأن تعمل على تعزيز وحدة الصف الإسلامي والوطني بدلاً من تغذية الانقسام. فالمؤامرة المرسومة تستهدف الجميع ولا تستثني أي أحد من الطوائف اللبنانية كافة. ولا يمكن فصل تصريحات مرعب الأخيرة عن المشروع الإقليمي والدولي القائم على استهداف لبنان من الداخل.
إسرائيل بدورها تعتبر أن أي صراع سني شيعي هدية ثمينة لمشروعها وتصرف أنظار المقاومة عن مواجهتها.
والسعودية تسعى إلى تصدير صراعها مع إيران إلى الساحة اللبنانية عبر تحريك بعض الأصوات الدينية والإعلامية. والولايات المتحدة الأميركية تراهن على إشعال الفتن الداخلية كوسيلة للضغط على المقاومة وحلفائها. لذلك إن ما يقوم به الشيخ حسن مرعب من تقلبات في المواقف لا يعكس حرصاً على الطائفة السنيّة ولا على وحدة المسلمين، بل يظهر كأداة ضمن مشروع خارجي هدفه تفجير الساحة اللبنانية من الداخل. المطلوب اليوم من دار الفتوى ومن كافة المرجعيات الدينية والوطنية التصدي بحزم لأي خطاب تحريضي، والتأكيد أن لبنان لا يحتمل فتنة مذهبية جديدة، وأن الوحدة الإسلامية والعيش المشترك هما السلاح الحقيقي في مواجهة إسرائيل وكل المتربصين بالوطن.
رسالة إلى أصحاب الدين والضمائر الحَيَّة إن بقي ضمير حي.
بيروت في،، 17/8/2025