الوهن السياسي الأمريكي وظهور بوادر عزلتها عالميا !
غيث العبيدي ! ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الستراتيجية في البصرة

اغلب المتفائلين من العرب وما فوقهم أو دونهم، ينساقون خلف رواية «أمريكا هي القوة العظمى الوحيدة في العالم» وهي البلاد الوحيدة التي رامت ووصلت الشمس وحاكت خيوطها!! وستبقى كذلك لعقود اخرى من الزمن، فيما يذهب بعض المتشائمين، لينساق خلف رواية، وأن حدث عكس ذلك، فأنها ”لن تسقط بل ستتوقف“ وفي كلا الحالتين ستبقى تتربع على عروش العوالم، أولها وثانيها واسفلها، فالمكان مكانهم والأرض تحت أقدامهم ثابتة، فيما ينساق الاشد تشاؤما خلف رواية، وأن حدث لها وهن فسيكون ”وهن سلحفاتي“ تدريجي لن يراه أو يشهده احد !!
اعتمدت الفرق الثلاثة اعلاه في تقييمها للوضع الامريكي، على عنصر ”تقافة الشعب الأمريكي“ ومراقبته ومتابعته، بالسبل والامكانيات المتاحة، ونقده الذاتي البناء، لعمل الزعماء السياسيين، والقادة الأمنيين، والثقات، ورؤساء الأحزاب والتكتلات والجماعات، وأصحاب الشأن و المؤثرين والفاعلين، في كل المجالات وعلى جميع الأصعدة، لذلك لايمكن لهم أن يسمحوا بان توهن بلادهم باي طريقة كانت !! وبما أن الجيش متماسك، والشرطة على احسن مايرام، والوضع الاقتصادي بأفضل حالاته، وقوتها الناعمة نشطة وتعمل بأنتظام، فأمريكا بعيدة كل البعد عن اللين والضعف والوهن و الأفول •
لاينفك هذا الوضع هو السائد ولهذه اللحظة، ومن يقول غير ذلك يصبح في نظر هؤلاء كمعتوه هارب من مشفى المجانين، لكن بعد طوفان الأقصى وما رافقها من أحداث، جعلت اغلب القرارات الأمريكية، والتى كانت سابقا تجنح لها جميع الدول، بالتأييد و الانصياع وحرارة التصفيق، ليثبت بها الامريكيون، بأنهم الشرطي الذي يضبط ايقاع العالم، باتت اليوم نفس القرارات تحديدا الأممية منها، تتأرجح بين ”النفور منها أو التصويت ضدها“ بالإضافة إلى أنها غيرت سياستها تجاه الدولة الصديقة، أو تلك المتحالفة معها، وعدم اكتراثها لهم وتتجاهل وجودهم، مما جعل بعض تلك الدول، تفكر قبل أن تقدم على اي عمل يربطها بأمريكا وتحت أي مسمى كان، فقد يكون مجازفة هم في غنى عنها، مما جعل حضورها في مؤسسات النظام الدولي، أقل من المستوى المطلوب قياسا بما قبل الطوفان •
امريكا تملصت من كل القيم الأخلاقية والاعتبارات الانسانية، التي كانت تتبجح بها كثيرا أمام العالم، وسوقت نفسها على أنها كورقة التوت، كل من يأكل منها بستلذ طعمها، فيخرج منه ما تطيب به نفسة ! اليوم سقطت تلك الورقة أمام الشعب الأمريكي قبل غيره من شعوب وأمم الكرة الارضية، وفشلت في أن تبقى بنظر الامريكين ببرجها العاجي وهيلمانها المعهود، وها قد بدأت أخطائها التاريخية تلوح بالأفق، وبات الجميع الا اولئك المرجفين والخائفين، يسخرون منها ومن تصرفاتها وقراراتها وتحالفتها، فإن كانت اليوم في عزلة بسيطة غدا ستصبح في عزلة مشددة وغدا لناظره قريب •