توقع العالم انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي وامريكا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في 26 ديسمبر 1991 حتى كتب فوكوياما كتاب سماه نهاية العالم وتفرد الرأسمالية بزعامة أمريكا التي أسست حلف الناتو من حلفائها الذي هو حلف سياسي عسكري اقتصادي. حتى ان الغرب بحث عن منافس له كي يوجه الاعلام ضده باعتباره منافس وتهديد لهم فاختلقوا من تنظيم القاعدة الذي هو صنيعتهم وافتعلوا احداث 11 أيلول سبتمبر وتوجيه بوصلة التهديد نحو الإسلام.
بعد افول الاتحاد السوفييتي بدا بالضهور التنين النائم الصيني، وبدا شيئا فشيئا بالتضخم حتى اقترب الناتج القومي الاجمالي الصيني (14.14 تريليون دولار) لعام 2021 من الناتج القومي الإجمالي الأمريكي البالغ (21.44 تريليون دولار) اما الميزان التجاري بين البلدين فكان قد بلغ 586 مليار دولار أميركي لعام 2020، حيث ان صادرات الصين إلى الولايات المتحدة خلال هذه العام المذكور انفا إلى 354.15 مليار دولار، في حين صدرت الولايات المتحدة إلى الصين بضائع قيمتها 16ر116 دولار مليار.
ان القيادة الصينية كان لها راي حول تفرد أمريكا وأذرعها العسكرية كالناتو او اقتصادية كصندوق النقد والبنك الدولي او سياسي كمجلس الامن والأمم المتحدة، خصوصا بعد مجيء الرئيس بوتين في قيادة روسيا عام 2000، بدأت تحركات للمعسكر الشرقي بلملمة أطرافها وبدات بالتحرك الجدي لإنهاء حالة الفردية من قبل أمريكا في زعامة العالم والتوجه الى عالم متعدد الأطراف كما كان قبل انهيار الاتحاد السوفييتي.
بدا هذا الشيء في 15 حزيران/يونيه 2001 في اجتماع في مدينة شنغهاي من قبل ثماني دول أعضاء (أوزبكستان، وباكستان، وروسيا، والصين، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، والهند)، وأربعة دول مراقبة أبدت الرغبة في الحصول على العضوية الكاملة (أفغانستان، وإيران (سابقا، الان هي عضو)، وبيلاروس، ومنغوليا)، وستة” شركاء حوار“(أرمينيا، وأذربيجان، وتركيا، وسريلانكا، وكمبوديا، ونيبال).
هذا الحلف الذي سمي بمنظمة لتقليل مخاوف الغرب رغم انه جاء ليكون رديف لحلف الشمال الأطلسي والجبهة الغربية.
وكما قامت بخطوة أخرى أي الصين وهي بإنشاء البنك الاسيوي للاستثمار بالبنى التحتية، تأسس عام 2014، الذي يتعامل باليوان وهو يقرض دولة الأعضاء بمبالغ كبيرة جدا تصل حتى الى 20 مليار دولار، ويضم أكثر من 35 دولة مساهمة ليس من بينها الولايات المتحدة التي تخشى أن ينافس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي. يقع مقر البنك في بكين. انضمت روسيا بصفة عضو مؤسس في البنك في 14 أبريل 2015. للعلم ان أمريكا قدمت طلب بالانضمام الى عضوية البنك لكن طلبها تم رفضه.
الغريب بالموضوع ان بريطانيا وفرنسا وألمانيا هم اعضاء في هذا البنك، اما الدول العربية فعلى راسها الكويت وعمان اللتان هما عضو مؤسس تمتلك قرار في البنك وكذلك الأردن والمملكة العربية السعودية هما أعضاء أيضا.
من الخطوات التي قام بها المحور الشرقي هو تأسيس سوق وبورصة تتعامل باليوان بدل الدولار الأمريكي، وهي بورصة شنغهاي وتقع في مدينة شنغهاي، الصين.
اما المشروع الأخير الذي تبنته الصين هو طريق الحزام والطريق الذي يهدف الى انشاء حلف اقتصادي يرعاه البنك الاسيوي للاستثمار بالبنى التحتية.
اين العراق من ذلك
العراق لا يملك رؤيا استراتيجية ابدا، لأنه لا يملك قرارة الداخلي والخارجي، تمر الاحداث العالمية المصيرية الكبيرة وكان العراق لا يعلم بها، بينما نرى دول الجوار تتحرك بشكل ممتاز كي تكون مواكبة للتطورات العالمية، ومن تلك الأمثلة هي قمة سمرقند لمنظمة شنغهاي برئاسة الصين التي أصبحت ايران فيها عضو وكما رئينا أيضا طلب من ثلاث دول عربية وهي مصر السعودية وقطر بالانضمام الى ذلك المؤتمر، وكما قلنا سابقا، هو حلف وليس منظمة، وبين تسابق دول العالم لكسب الحلفاء وضمان بيئة دائمة وامنة لاقتصادها مستقبلا، لكن العراق لم يفكر بالموضوع ناهيك على ان يكون له قرار ويشترك معهم.
اما في مجال البنك الاسيوي الذي اهتمت جميع دول العالم بالانضمام اليه لكن العراق لم يطلب الانضمام او لم يفكر أصلا بالانضمام اليه رغم وجود الوفرة المالية الكبيرة التي يعيشها العراق الان حتى وصل الامر ان رصيد العراق من العملة الصعبة الان هي 82 مليار دولار وحجم الذهب هو 130 طن وحجم السندات المالية وصلت لأكثر من 30 مليار دولار، وكان الأفضل ان يستثمر تلك الأموال في البنك الاسيوي بدل من استثماره في جهة واحده هي أمريكا.
نلاحظ ان الدول العربية ومنها السعودية التي تصنف من اهم الحلفاء لأمريكا، هي اتخذت خطوات صحيحة في طلبها لعضوية منظمة شانغهاي وعضوية البنك الاسيوي ومفاوضاتها مع الصين للتعامل باليوان وتوقيع عقود مع الصين تصل لأكثر من أربعة مليارات دولار.
الغريب بسياسة العراق هي لم تتعلم من خطوات الدول المجاورة لها وتضع كل اوراقها وعنبها في سلة واحدة هي السلة الامريكية رغم ان العالم متوجه وبقوة الى ضهور قطب ثاني للعالم حيث قال «نحن ندافع بشكل مشترك عن تشكيل عالم عادل وديمقراطي ومتعدد الأقطاب على أساس القانون الدولي والدور المركزي للأمم المتحدة، وليس على بعض القواعد التي توصل إليها طرف ما ويحاول فرضها على الآخرين من دون توضيح ماهيتها».
في مقال لمايكل نايتس يصف العراق جزء لا يتجزأ من خطة الامن القومي الأمريكي وهذا ما لاحظناه من المواقف التي سبق وان ذكرناها، ان الدول المعروفة بحلفها مع أمريكا كان لها راي خلاف أمريكا الا العراق فهو خاضع تماما وبنسبة مئة بالمئة للسياسة الامريكية بالابتعاد عن كل شي يخص المحور الشرقي وان أمريكا غضت النظر عن حلفائها مثل السعودية ومصر وقطر لكن بنفس الوقت لم ولن تسمح للعراق بأخذ أي خطوه نحو الشرق.
وبالتالي على الحكومة المقبلة ان تصحح مسار العملية الاقتصادية والتحالفات الاستراتيجية وتذهب بنفس خطوات دول الجوار بان يكون لها مقعد وعضوية في البنك الاسيوي ومنظمة شانغهاي وطريق الحرير.