ثقافية

يقمعون الآراء الحرة ويتظاهرون بالمظلومية

نعيم الهاشمي الخفاجي

‏شيء طبيعي يتم قمع المواطنين بدول الشرق الأوسط ذات الانظمة القمعية، بالدول التي حكمها العسكر، أو الدول العربية التي صنعت انظمتها دول الاستعمار، لا يحق للمواطن أن يبدي أي رأي يخالف رأي الزعيم الأوحد، بحقبة نظام البعث، كنا لا نجرأ  أن نذكر قصة عادية تتكلم عن الظلم ربما تفسر انها ضد نظام صدام جرذ العوجة.

قبل هروبي من العراق ومعارضتي  لنظام البعث، كنت في وادي حفر الباطن، الحظ السيء جمعني مع ضابط من صنف المخابرات السيئة الصيت،  اسمه عماد  الجنابي من قرى شمال قضاء المسيب، طائفي، يشتم الشيعة وعلينا عدم الرد، كان بيومها نستمع إلى إذاعة مونتكارلو، بغزو صدام الجرذ للكويت، حافظ الأسد ارسل ثلاثين الف جندي سوري إلى حفر الباطن السعودية، وسمحوا له في تصفية معارضيه في لبنان، الطيران السوري دك قصر بعبدا، وهرب الجنرال عون الذي كان مدعوماً من صدام جرذ العوجة، إلى السفارة الفرنسية، هذا الضابط المخابرات والذي يشغل منصب ضمن سرية أو كتيبة اسمها كتيبة الاستطلاع العميق، مرتبط مع جهاز الاستخبارات، قال لي ماهو رأيك، قلت له هذا مصير  الذي يتحدى العالم، قال لي قصدك على السيد الرئيس، انا صمتت لم اجبه على سؤاله، تصوروا مدى الخسة والنذالة، يريدون حتى لو ابتسم حتى يقوم في كتابة تقرير ضدي يتم إعدامي، معظم من تم اعدامهم من أبناء شيعة العراق، كانوا ضحايا كتابة تقارير من هذا النوع الحقير، وبما انهم شيعة يتم تعذيبهم ليجبروهم أن يوقعوا على أوراق بيضاء، يقرون  القول انهم قادة أو أعضاء في حزب الدعوة أو الحزب الشيوعي، أو مع البعث السوري، النتيجة يتم اعدامهم، لأن الأوامر من صدام تأمرهم في إعدام نسبة ٥٠% من السجناء، مسلم الجبوري كان يصدر احكامه بمحكمة الثورة السيئة الصيت، من العمود وعلى اليمين براءة ومن العمود وإلى اليسار إعدام.

بعد سقوط نظام البعث ودخول الانترنت، نفس حثالات البعث باتوا يستعملون أقذر العمليات  الإرهابية سواء في تفجير المفخخات، أو في قتل الناس بطرق الانبار وتكريت والموصل على الهوية المذهبية والدينية والقومية، بل ولديهم فيالق إعلامية واجبهم متخصص في  الإرهاب الإعلامي، سواء من خلال القنوات الفضائية العراقية المرتبطة بفلول البعث، أو من خلال قنوات عمقهم الإرهابي المذهبي مثل قناة الجزيرة والعربية والصحف السعودية والقطرية والإماراتية، أو من خلال  مواقع التواصل.

مضاف لذلك البيئة المجتمعية العربية بما فيها حتى العراقية رغم أن مجال إبداء الرأي بعراق ما بعد نظام صدام الجرذ، يوجد هامش كبير لحرية إبداء الرأي، لكن ساحتنا ساحة لصراعات الدول الكبرى بأدوات عراقية محلية، ورغم ذلك إبداء الرأي بالعراق موجود ولايمكن لأي مواطن عربي خليجي أن يكتب تغريدة ضد أنظمة حكم البداوة، المنشار يكون بانتظاره.

خلال تجربتي الصحفية والتي دخلت في العقد الثالث، لم أجد صحفي عربي شريف إلا ما ندر، وبساحتنا العراقية، هناك قوى تحاول خنق أي صوت أو رأي يخالف ارائهم، مدير صحيفة صوت العراق تعرض لضغوطات كثيرة لمنعي من الكتابة، والرجل وقف معي، والمشكلة من وقف ضدك ليس فلول البعث وهابي فقط، وقف معهم فئات عراقية من مختلف الاتجاهات السياسية العلمانية واليسارية والإسلامية، انا اخترت طريق أن أكون مستقل، ومن المؤسف رأيت  أطراف تحاول أن توجهك  للكتابة في اتجاه معين او مجاراة وجهة نظرها وروايتها رغماً عنك، او تحاول منعك من الكتابة في اتجاه معين.

مرت بي ذكريات مريرة، بعد سقوط نظام البعث القمعي، كانت الفيالق الإعلامية البعثية ومحيطهم المؤيد والمساند لهم، يفبركون اخبار ويختلقون قصص من صنع الخيال، في استهداف شخصيات سياسية معينة،  مثل أكاذيب الخائن فيصل القاسم ضد المرحوم الدكتور أحمد الجلبي،  بل الاستهداف طال أشخاص عاديين من كتاب ومثقفين شرفاء، لاذنب لهم سوى انهم شرفاء، أحدهم كتب قصة مختلقة عني وأن اسمي فلان بن فلان وكان يعيش في إيران…..الخ من الأكاذيب، رغم أنني لم اعيش ولايوم في الجمهورية الاسلامية، بل طريق هروبي من العراق الكثير من الناس يعرفني من العراق ومن وادي حفر الباطن إلى السعودية،  حتى اتذكر صادفني اصدقاء شيوعيين يعرفوني قالوا لي أسوأ بالإنسان عندما يكتب ويفتري على شخص وهو لايعرفه،  قالوا لي نحن نعرفك عن قرب.

لذلك ما نراه  على السوشيال ميديا، يتم مهاجمة ناس شرفاء بطرق دنيئة، ومنحطة …..الخ تكشف سوء معادن هؤلاء البشر الذين يفترون على الشرفاء،  ولاتحكمهم اخلاق ولا دين ولا قيم.

الغريب أن مصادر المفترين الكذابين يكون دائماً، من نشر خبر أو تغريدة من  أحد الحسابات البعثية والطائفية أو من بعض حسابات عناصر جاهلة غبية، هنا المصيبة يتبعهم  القطيع من الاتباع يقومون  بإضافة المؤثرات وإظهار القدرات الفردية في الابتذال.

وتنظم لهم  حسابات من  دول البداوة بل هناك حسابات تقف خلفها مخابرات دولية يدعون انهم مسلمون وهم في الحقيقة ليسوا عرب ولا مسلمين سنة ولاشيعة، عبثوا بساحتنا العراقية بشكل كبير، حسابات تدار من تركيا والأردن والخليج، تكون مهمتهم  توّجيه  الرأي العام لدى الناس السذج في تأجيج الصراعات المذهبية والقومية بل تاجيج الصراعات على مستوى المذهب الواحد والقبيلة والعشيرة الواحدة، مثل مانراه من صراعات غير مبررة في بعض المناطق، وحتى وإن ادعى مثيري الفتن في إبداء مواقف ظاهرها الرحمة لكن باطنها النفاق والكذب والخداع.

أغرب نكتة أن الكذاب فيصل القاسم كتب تغريدة يشكو من المفترين وعدم نشر الحقيقة، أقول إلى هذا الكذاب و هل الجزيرة و العربية يتبعان الحيادية  ام  يتبعان  سياسة وتوجه ملاكتاهما الإعلامية من مذيعين ومقدمي برامج واعلاميين في محاربة خصوم حكوماتهم  اعلاميا، و كذلك الحال في بقية وسائل  الإعلام العالمية،  الإعلام أصبح سلاح لتنفيذ و تسويق توجه  سياسة صاحب أو مالك  القناة والصحف  او تلك القناة او الصحيفة.

في مملكة البحرين، تم اعتقال زعيم سياسي شيعي اسمه الشيخ علي السلمان بسبب ارائه، لم يحمل سلاح ضد نظام الحكم في مملكة البحرين، طالب بتحويل نظام الحكم إلى ملكي دستوري ويبقى الملك حمد هو وأبنائه واحفاده ملوك على شعب البحرين، النتيجة تم اعتقاله ووضعه في سجون، بعد ‏٢٨ يوماً ويكمل معتقل الرأي المغيب بالسجن المؤبد ‎الشيخ علي سلمان تسع سنوات عجاف خلف القضبان وهو الداعي إلى السلمية والتعايش والوحدة و أسمى معاني الإنسانية في ‎ البحرين.

ومن أسوأ أنواع العمالة والتفاهة توجيه التهم والأكاذيب، الذي يتابع قناة الجزيرة ويتابع برنامج الكذاب فيصل القاسم، ويقرأ تغريداته، فهو بوق مأجور محرض على الكراهية، بل متورط في سفك دماء آلاف المواطنين العراقيين والسوريين واللبنانيين، نعم لك  الحرية في التعبير عن رأيك لكن ليس لك الحق في اتهام الآخرين وتفتري عليهم وتحرض على قتلهم، بحقبة تسعينات القرن الماضي ولعام ٢٠٠٣ كنت اتابع برنامج فيصل القاسم، كان يتبع أسلوب قذر عندما يقوم في افتتاح حلقة الحوار، من خلال طرح التساؤلات الخبيثة في بداية الحوار، والهدف  تحويل  حلقة الحوار باتجاه ما هو يريده، ويطرح سؤال للتصويت عليه بعد دخول الانترنت، واضع النعم لصالح ماهو يريده، وكلا لصالح الطرف الذي يخالفه، أتذكر طرح تساؤل يكون جواب الكلا لصالحه والنعم لصالح الطرف الذي يخالف فيصل قاسم، نتيجة التصويت بنعم كانت ساحقة ههههه لان جمهوره بهائم لايعرفون سوى لغة نعم.

بالحقيقة جمعتني الظروف مع رفاق درب بحقبة النضال والجهاد ضد نظام البعث الساقط، وللأسف هناك من استشهد، وهناك من مات، ولم يشاهد ساعة سقوط نظام البعث وهروب صدام إلى حفرة الجرذان، نحن توفقنا أن رأينا تلك اللحظات، وكيف خلع ضباط وجنود الحرس الجمهوري في يوم الرابع من نيسان عام ٢٠٠٣ ملابسهم وهربوا من قصر صدام الجمهوري أمام دبابتين أمريكيتين استقرت على جسر السنك في منتصف العاصمة العراقية بغداد.

هذه سنن الحياة، لم يشاهد الشهيدين الصدرين الصدر الاول والصدر الثاني رضوان الله عليهم ساعة سقوط نظام صدام الجرذ وساعة اعدامه، لن يشهدَ الجميعُ النّصر، استشهِدَ ياسر وسُميّة قبل الهجرة، واستُشهِدَ الحمزة  قبل الفتح،

ثمّة دمٌ يجب أن يُعبّدَ الطريق نحو تحقيق النصر،  رغم ما عشناه من ظلم وفي اعتقال بسجون البداوة،  لكن كنت واثق ان النّصرُ فهو وعد الله آتٍ لامحالة

وكل من مات على الطريق معارضة نظام صدام الجرذ فقد  فاز وحتى لو لم يشاهد نهاية نظام صدام جرذ العوجة.

‏مشكلة العالم العربي، من صنع حدود الدول العربية دول الاستعمار، من دعم ومكن أشخاص ليكونوا ملوك ورؤساء وامراء وحكام على العرب هي دول الاستعمار، من لم يقوم في إيجاد دساتير حاكمة بالدول العربية هي دول الاستعمار، فكيف تكون لدى الشعوب العربية  أنظمة وطنية ولا يوجد حكام وطنيون، والأغلبية من أنظمة الحكم العربية معينة من صنع  دول الاستعمار،  فالحاكم الوطني يختاره الشعب لخدمة الشعب والوطن، بينما غالبية الأنظمة والحكام العرب انتخبتهم قوى خارجية وسلطتهم على البلدان والشعوب لتحقيق أهداف الخارج وليس الداخل،  وإذا كان معظم الحكام العرب لا يستطيعون تنفيذ مشاريع داخلية إلا بمباركة من مشغليهم في الخارج، فكيف تتوقعون منهم أن يدافعوا عن قضايا عربية كبرى خارج بلدانهم، بل هم وصلوا لتولي مناصبهم كملوك ورؤساء وأمراء وحكام بفضل متاجرتهم بقضايا العرب والمسلمين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى