شؤون اقليميةمقالات

طوفان الاقصى يُطمسُ حوافر امريكا ؛ زيلينسكي و نتنياهو .

السفير الدكتور جواد الهنداوي -رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات

كلاهما ( زيلينسكي و نتنياهو ) إطاران أمامِيّان لعجلة الصهيونية و الامبريالية ،العابثة في مصائر الشعوب ، و الحاضنة الواسعة لكمائن الفساد و التآمر على أمن و استقرار و مستقبل شعوب العالم .

كلاهما حوافر لاقدام الغول الاكبر ( امريكا ) ، والذي يقود بقيّة الغيلان (الدول الغربية والناتو ) ، في طريق استعباد الشعوب و مصادرة حقوقهم وفرض هيمنة وجبروت الظالم و ارتكاب المجازر و الجرائم .

كلاهما من اتباع و مرتزقة ومجرمي بني صهيون . الاول ( زيلينسكي ) بُعِثَ ليدّمر بلداً ( اوكرانيا ) وليبني  جسرا تعبرهُ قطيع الغيلان للعبثِ في امن و استقرار روسيّا . والثاني ( نتنياهو ) سليل بن غوريون و شامير وشارون ،ارباب الغدر واصحاب المجازر و المَنون ، يقودُ كياناً غاصباً ، عُهِدَ له ( للكيان ) العبثَ في منطقة حيويّة اخرى من آسيا( الشرق الاوسط ) ،ليس فقط لثرواتها ،و انما ايضاً لحضاراتها و دياناتها و قيمها .

من أُولى بشائر الطوفان ، وقبل أنْ ينضبُ سيلهُ ، هو سقوط سياسي و اخلاقي مُدوي لنتنياهو ، بعد حصاده و الكيان ، لهزيمة تاريخية في ٧ تشرين الاول . يليه سقوط زيلينسكي ( حارس البوابة الشرقية لاوربا ) ، بعد تسليمه امر ومصير اوكرانيا لروسيا ، و استسلامه و الغرب لما تريدهُ روسيا . هذه هي النتائج السياسية الاستراتيجية الاولية لمنازلة طوفان الاقصى ، والتي تُعتبر ،بحق ، صفعة موجعة و عميقة لامريكا و حلفائها و داعمي سياستها الصهيونية .

يخطأ مَنْ يعتقد بغياب دور لروسيا في ما جرى و يجري في غزّة و في المنطقة ،  وبين دعامات محور المقاومة ،في مفهومه الميداني و السياسي الواسع ، والذي يضّمُ ( روسيا والصين وايران ودول وحركات عربية و اسلامية ) . لا اتوقف طويلاً عند استقبال الخارجية الروسية لوفد من حركة المقاومة حماس في يوم ٢٠٢٣/١٠/٢٦ ، وردود فعل اسرائيل المستنكرة و الغاضبة ، و لا اتوقفْ عند هبوط طائرة ايرانية ( و ربما اكثر ) في مطار حميميم العسكري في سوريّة ، في القاعدة العسكرية الروسيّة ، و لا عند الدور السياسي الروسي المساند لحماس و للمقاومة ،في مجلس الامن وفي الامم المتحدة ، ادعو للتفكير في دلالات  مواقف روسيا على الصعيديّن السياسي ،الدبلوماسي و العسكري !

من اهم الدلالات هو شروع ميداني لمسعى محور المقاومة ( روسيا ،الصين ،ايران وغيرهم ) في الغاء الوجود الامريكي في غرب آسيا ، وبشكل تدريجي ،  وتحقيق الهدف يتطلب ،بطبيعة الحال زعزعة القواعد السياسية و العسكرية للوجود الامريكي في المنطقة ،و اهم تلك القواعد اسرائيل و اوكرانيا زيلينسكي .

بين روسيا و فصائل المقاومة ( وحتى الصين ) في المنطقة منفعة و مصلحة متبادلة ،تتجسّد في محاربة الوجود العسكري البحري والبري والجوي في المنطقة ، وعلى حدود روسيا ( اوكرانيا ) او اضعاف هذا الوجود ، وكذلك محاربة النفوذ السياسي و الاقتصادي الامريكي .

مصلحة روسيا و ايران في المنطقة ، وفي محاربة الدور او النفوذ الامريكي ، تلتقي مع حركات و فصائل المقاومة الفاعلة ، وليس مع دول المنطقة . و الملفتْ بأنَّ امريكا و   ذبابها الالكتروني يصفون حركات و فصائل المقاومة ” بأذرع ايران فقط ” ، ولا ينسبون هذه الاذرع لروسيا ايضاً ! الامر الذي يدّلُ على رغبة امريكا في ادراج موضوع فصائل المقاومة في سيمفونية العزف على الوتر الطائفي .

هذه حقائق نعرضها للقارئ كي يكون على بيّنة ، ويتفاعل مع فواعل المشهد السياسي بما يخدمُ وعيّهُ و مصلحته و كرامته و مستقبله .

فلا عجب أنْ قرأنا او سمعنا بموقفٍ خجول من بعض الدول العربية ازاء ما يجري من جرائم ابادة ،  الآن ، وعلى مرآى و مسمع الجميع ، و مشاريع تطهير عرقي وتهجير قسري لاهل الارض ، في المستقبل . لماذا ؟ لأنَّ هذه الدول ترى في انتصار المقاومة ،ليس انتصاراً للحق ،ليس انتصاراً للمظلوم ،ليس انتصاراً ضّدَ كيان توسعي يقضمُ اوطانهم رويداً رويدا .. و انما انتصار لحركات و فصائل مقاومة هي في الضّدْ من المشاريع الصهيونية الامبريالية الرجعية لامريكا و لاسرائيل في المنطقة .

سقطَ نتنياهو قبل ان تنتهي المعركة ، وسقطَ زيلينسكي بانتهاء تاريخ استعماله و توظيفه . الادارة الامريكية ، ومن خلفها ( الدولة العميقة ) تجتهد اليوم لايجاد حوافر اخرى بديلة لحوافرها الغارقة في وحل الطوفان .

امريكا الآن على استعداد لركل زيلينسكي ، وعلى استعداد لان تكون جغرافية اوكرانيا بعد زيلينسكي غيرها من قبله ، و أظّنُ ايضاً على استعداد في قبول مشاركة سيد الكرملين في اختيار البديل ل زيلينسكي .

هل سيفكّر قادة العرب بأغتنام فرصة طوفان الاقصى ( هذا الحدث الاستراتيجي الكبير ) ،كي يكون لهم دور في اختيار خليفة نتنياهو ،كي يكون هذا الخلف ،على استعداد لحل سياسي شامل ،يرتكز على الشرعية الدولية ؟

هكذا ينبغي ان يكون الموقف الرسمي العربي إنْ ارادوا فعلاً مصالح شعوبهم و اجيالهم ، و إنْ ارادوا طريق الحق و نصرة المضلوم و مقارعة الظالم ، و إنْ ارادوا فعلاً ان يكون لهم نفوذ سياسي و ميداني في المنطقة اكبر من نفوذ ايران .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى