في كل مساء تمد جسدا متعبا ليرتاح، ويبدأ عقلك جولته في عالم الفكر ريثما يأتي النوم المريح لتنسى ما قاسيته في يومك، ومن العجيب أن الأمر يتكرر كل مرة في إنجذاب غير مفهوم نحو حالة يطلق الحكماء عليها “الموت الأصغر”؛ فكيف يفر المرء إلى شيء يهابه منذ عرف معناه.. الموت؟!
إلا أن الحالة تلك بما فيها من لذة، وأقصد النوم، والتي نقضي فيها ثلث أعمارنا، وأنا هنا لا أتحدث عن الكسالى الذين قد يقضون نصف اعمارهم فيها.. هذه الحالة قد تتحول لكابوس بشع لو كنت تشك بأنك لو نمت فقد لا تصحو مرة أخرى! عندها يتحول الإسترخاء إلى عدو مضني تحاول جاهدا أن تقاوم سطوته، ولا يأتيك النوم إلا بعد أن يكون التعب هد قواك، وأنهك عقلك. فإذا بنعمة الراحة تتحول إلى عذاب قاسي بسبب فكرة الموت الذي يحيط بك!
فكرة مرعبة قد تستحوذ عليك، ولكنك – لحسن حظك – بعيد عنها، ولكنها واقع يعيشه أكثر من مليون فلسطيني، معظمهم من الصغار والنساء والشيوخ، شاءت الأقدار أن يكونوا من سكان قطاع غزة، والذين يتعرضون للقصف الإجرامي غير المسبوق ليلا ونهارا! والمؤلم أن تفكر بأنك وأنت في فراشك وتبعد عنهم آلاف الكيلومترات، وتسطيع بكل أريحية أن تنام، بينما هؤلاء المساكين تحاصرهم فكرة أنهم قد ينامون ولا يصحون مرة أخرى بسبب آلاف الأطنان من المتفجرات التي يلقيها عليهم الصهاينة صباحا ومساء منذ مدة.
كم شيخا وطفلا وامرأة ناموا في غزة ولم يطلع عليهم صباح؟ هناك من من صحا مرعوبا على أصوات الإنفجارات ليعرف بعدها أن جيرانه قد رحلوا، وهناك من لم يجد وقتا ليصحو أبدا؛ فالرصاصة الوحيدة التي لا تسمع صوتها هي تلك التي قتلتك! وفي الحالتين هذا هو الواقع المؤلم الذي يعيشه أهل غزة الطيبين، بينما ملايين العرب والمسلمين ينامون مطمئنين وهم يحلمون بعيدا عن فلسطين المفجوعة!
من العبقري الذي وصف هذا الواقع المر بأنه “موت الأحلام”؟! لا أذكر، ولكن هذا الوصف هو فعلا ما يعانيه أطفال ونساء وشيوخ غزة.. تموت الأحلام في حياة تشبه الكابوس بعد أن قتل الصهاينة الأوغاد أحلام الفلسطينيين، وبعد أن أشعلوا النار في أجساد أهل فلسطين المساكين، وبعد أن أفقدوهم الأمن وحق النوم بطمأنينة..
ويل للمجرمين قتلة الأطفال، وويل لكل من يرى ويرضى بما يحدث، بل والويل لنا إذا أتينا على الله ونحن لم نفعل أي شيء من أجل أهلنا المستضعفين المظلومين في فلسطين والذين صادروا كل حقوقهم، حتى حقهم في الأحلام! علينا أن نفعل شيئا.. أي شيء.
🛏 رابط المقال على منصة التليجرام:
🗝 https://t.me/abdullmalek_sam/1862