شكلت الأزمات تهديداً للاستقرار البشري وفرضت نفسها كأحد التحديات التي يواجهها صناع القرار وذلك بسبب الأضرار التي تسببها الأزمة على كافة الأصعدة والمستويات، فضلا عن النتائج المترتبة عليها ايجابية كانت ام سلبية، ولمواجهة الأزمات يتوجب على صناع القرار اتباع مجموعة من الاجراءات للتعامل مع الأزمة وادارتها بطريقة علمية, وان النجاح في عملية ادارة الازمات يتوقف على العديد من العوامل من أهمها المعلومات التي تشغل حجر الزاوية للنجاح في كافة الاجراءات المتخذة في كل مراحل ادارة الازمة, فتوظيف المعلومات لصنع السياسة العامة لإدارة الأزمات وإنهاءها ساهم بشكل فاعل في معرفة أهمية المعلومات، ومن هنا تبرز عدة تساؤلات:
ما هي المعلومات؟ وماهو دور المعلومات في إدارة الأزمات الأمنية؟
تعرف المعلومات على أنها: البيانات التي عولجت لتصبح ذات معنى ومغزى معين لإستعمال مُحدد، لأغراض إتخاذ القرارات، وبذلك يمكن تداولها وتسجيلها ونشرها في صورة رسمية وغير رسمية وفي أي شكل، وتتكون المعلومات من عدة أشكال مختلفة الإستخدام كالمعلومات (الإنجازية، التعليمية، الفكرية، السياسية، التوجيهية، الأمنية).
وقبل التطرق إلى الدور الذي تلعبه المعلومات في عملية ادارة الازمات الامنية, يجب التعرف على مفهوم الازمة وادارة الازمة واستراتيجياتها.
حيث تعني الأزمة: بأنها موقف أو حدث مفاجئ تواجه المؤسسة سواء كانت (أسرة، منشأة، دولة) وتتطلب اتخاذ عدة إجراءات ومسؤوليات تختلف على حسب درجة وشدة الحدث ومدى تأثيره ومستوى التحكم والإستجابة المطلوبة وهي كذلك نقطة تحول ينتج عنها تغيرات أما الى الأفضل أو الى الأسوء وهي لحظة حاسمة ووقت عصيب, وتقسم الأزمات إلى أنواع متعددة منها (السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية)، فعلى المستوى الامني فتعرف الأزمة الامنية بأنها حدث مفاجئ يهدد حالة الأمن والمصلحة القومية وتتم مواجهتها في عدة ظروف كضيق الوقت وقلة الامكانات و يترتب على تطورها نتائج خطيرة, وهي كذلك مجموعة الأحداث التي تخل بالأمن الوطني والسلم المجتمعي، حيث تتسارع الأحداث مما يهدد بتزايد الخسائر المادية والمعنوية، الفعلية أو المحتملة، ومما يستدعي إستنفار كافة الأجهزة والسلطات والجهود والإمكانات خصوصاً المؤسسات السياسية والأجهزة الأمنية للسيطرة على الوضع وإنهاء المشكلة في أسرع وقت وبأقل تكاليف وخسائر.
أما بالنسبة إلى مفهوم إدارة الأزمات فهي تعني الاستجابة للتحديات والأوضاع والأحداث التي تعصف بالكيانات الإدارية والإجتماعية والسياسية في مرحلة من مراحل تطورها، من خلال إستخدام كافة الإمكانيات المتاحة لاكتشاف الأزمات وأسبابها والسيطرة عليها قبل إستفحالها وانفجارها أو مواجهتها والتعامل معها بعد انفجارها بهدف استعادة السيطرة على الأحداث والأوضاع, اما بالنسبة لاستراتيجية إدارة الأزمات فهي:
1ـ تحديد ماهية الأزمة من أجل التعرف عليها.
2ـ تشكيل فريق ادارة الازمة والعمل على ضمان احتواءه على أشخاص متخصصين في هذا المجال ذوي صفات مميزة في الادارة.
3ـ خلق قنوات ادارة والسيطرة التي تعمل على احتواء عناصر القوة في الازمة.
4ـ توفير البيانات و المعلومات الضرورية عن الازمة في الماضي والحاضر.
5ـ تحديد الاهداف والاوليات.
7ـ حشد الطاقات والامكانيات وجمع الحلفاء.
8ـ التنبؤ و وضع السيناريوهات المستقبلية لتتبع الأزمة مستقبلا.
9ـ البدء بمجابهة الأزمة.
10ـ متابعة النتائج للاستفادة في حالة تكرار الازمة نفسها أو حالة شبيهة لها مستقبلا.
تعتبر المعلومات هي المصدر الرئيسي للركن الإستخباري بأزمة معينة، والذي يحدد واجباته كونه ركيزة أساسية في عملية إدارة الأزمات الأمنية حيث تساعده المعلومات وبدوره يقوم برفعها إلى القيادة السياسية والأمنية العليا، وسوف يتم بيان دوريهما لاحقا في الاستفادة من المعلومات في تكوين القرار الإستراتيجي في إدارة الأزمات؛ يكلف الركن الإستخباري مجموعة الاستطلاع وبالاستناد على المعلومات يقوم بإستقطاب من هم في محيط المعلومة وتجنيدهم كمصادر بغية تحضير أكبر قدر من المعلومات مهما كانت بعيدة أو قريبة عند الأزمة، والتي يمكن من خلالها متابعة تطورات الأزمة وتوثيقها ورفع الإيجاز الأمني ومتابعة ردود الفعل المحلية والدولية حول الأزمة وما ان كانت قد ساهمت في نشوء “فوضى خلاقة” وتقديم الرأي حول التعامل مع الأبعاد السياسية والاعلامية التي تنتج عن نشوء الأزمات وتطورها.
بعد انتقال المعلومات من موردها الأصلي في إدارة الأزمات الأمنية، فهي تنتقل بعد التأكد من قنوات ونظم المعلومات والاتصالات على انها تعمل حسب الخطة بدقة وأمان بالأضافة إلى السرية التامة، إلى مايعرف بـ “منظومة المعلومات والدراسات والتحليل” وهي منظومة واسعة تشمل مؤسسات جمع وتحليل المعلومات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي بدورها تقوم بتحليل المعلومات وبعد عملية التحليل تصدر المنظومة جملة من القرارات والدراسات النابعة من مخرجات المعلومة والتي تعتمد عليها القيادة السياسية والأمنية العليا في اتخاذ القرارات على مستوى إدارة الأزمات الأمنية.
وصلنا إلى المحطة الأخيرة قبيل إستثمار المعلومات في عملية صنع السياسة العامة لإدارة الأزمة الأمنية التي تطرأ على النظام السياسي، هي وصول المعلومات إلى القيادة السياسية والامنية العليا صاحبة الدور الأساس في عملية إدارة الأزمات الأمنية، لأن عملية الإدارة تعتمد بالمرتبة الأولى على القرار الإستراتيجي التي تتخذه القيادة السياسية والامنية العليا في مواجهة وإدارة الأزمات بالإستناد إلى المعلومات الواردة بعد مرورها بجملة من مراحل المعالجة من قبل الأجهزة المختصة الرسمية وغير الرسمية.
الخلاصة: نظرا للدور الذي تلعبه المعلومات في عملية ادارة الأزمات والحد من آثارها والتنبؤ بحدوثها وتجاوز العديد من انعكاساتها السلبية ذات التأثير المتعدد الأوجه, وكذلك دعم القرارات التي يتخذها صناع القرار أثناء الأزمات فأن نجاح عملية ادارة الأزمات يتوقف على فاعلية نظم المعلومات باعتبارها احد السبل الناجحة والفاعلة في عون صانع القرار وان أي خلل قد يحدث كنقص المعلومات او عدم دقتها قد يؤدي إلى فشل العملية الادارية و السياسية للازمة, وفيما يخص الأزمات الأمنية، فتوظيف المعلومات لصنع السياسة العامة لإدارة الأزمات وإنهاءها ساهم بشكل فاعل في معرفة أهمية المعلومات والتي تعتبر المصدر الرئيسي للركن الإستخباري بأزمة معينة حيث تمرر المعلومات بمجموعة من العمليات والتي تنتقل بعدها إلى منظومة متخصصة بالتحليل ثم إلى القيادة السياسية والأمنية العليا لكي تجعلها قرار استراتيجي تتخذه في إدارة الأزمات الأمنية.